• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإجازة بمعنى الإذن أو النصب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



قد يستعمل لفظ الإجازة ويقصد به معنى الإذن ، أي منح المجاز إذناً في العمل بأمر ما.




وهذا قد يأتي في باب العقود والمعاملات، كما في باب النكاح حيث يقال مثلًا: يصح نكاح البكر مع إجازة أبيها، وكذلك ما يقال في اعتبار إجازة العمة أو الخالة في نكاح زوجها بنت أخيها أو بنت اختها. نعم تعرض الفقهاء أيضاً لما إذا عُقد النكاح مثلًا بغير إذن من اعتبر إذنه فيه ثمّ أجازه بعده، فهل يصحّ العقد به أم لا؟
ذهب جملة من الفقهاء إلى بطلان ذلك العقد بتقريب: أنّ هذا الرضا المتأخر لا يؤثر في البطلان الثابت للعقد في حينه. ولا يقاس ما نحن فيه بالعقد الفضولي حيث يحكم بصحته في ما إذا لحقته الإجازة بعد ذلك؛ إذ الفرق بينهما واضح؛ فإنّ العقد الفضولي حين استناده إلى من له الأمر وانتسابه إليه مستكمل لجميع الشرائط، وحين فقدانه للشرائط لم يكن مستنداً إليه، وهذا بخلاف ما نحن فيه؛ فإنّ العقد حين استناده إلى من له الأمر و انتسابه إليه فاقد لشرط إذن الأب أو إذن العمة والخالة، فهو في هذا الحال محكوم بالبطلان، فلا يكون لاستكمال الشرائط بعد ذلك أثر ؛ لأنّ انقلاب العقد من البطلان إلى الصحة يحتاج إلى الدليل وهو مفقود.

۱.۱ - رواية الإمام الباقر عليه السلام


وهذا يجري في جملة من الفروع المتقدمة المشابهة والتي لا تكون الاجازة محققة للانتساب إلى المجيز، بل كاشفاً عن الرضا لمن يشترط رضاه أو اذنه في تصرف الغير كتصرفات المفلّس أو الراهن، أو يمين الولد والزوجة والمملوك أو نذرهم. ورُدَّ بأنّه لا محيص عن الالتزام بالصحة- كما هو مختار المتأخرين من فقهائنا
[۵] مستند العروة (النكاح)، ج۱، ص۳۶۸.
- نظراً للتعليل الوارد في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام : «قال سألته عن مملوك تزوّج بغير إذن سيّده، قال: ذاك إلى سيّده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما...، أنّه لم يعص اللَّه وإنّما عصى سيّده، فاذا أجازه فهو له جائز»، فإنّ مقتضى هذا التعليل هو الالتزام بالصحة في كل مورد كان العقد حلالًا في نفسه ومرخصاً فيه شرعاً، غاية الأمر كان العقد فاقداً لإذن من يعتبر إذنه في صحته شرعاً ثمّ لحقه الرضا بعد ذلك.
[۹] مستند العروة (كتاب النكاح)، ج۱، ص۳۶۸.
بل ادّعي أنّه يمكن استفادة الصحة بعد لحوق الرضا على القاعدة أيضاً، وهي العمومات بعد أن كان الخارج منها خصوص حالة عدم رضا من يشترط رضاه أو يفوت حقه لا أكثر.



قد تستعمل الإجازة في الامور المنوطة بالولاية كما في إجازة المتصدي للُامور الحسبية أو إجازة القضاء ونحوهما، ويراد بها هنا النصب.

۲.۱ - اجازة التصدي للامور الحسبية


الامور الحسبية- وهي: الامور التي علم بعدم رضا الشارع باهمالها وتعطيلها؛ لاستلزام تعطيلها اختلال النظام أو العسر والحرج، كإدارة بعض شئون الأيتام، والتصرف في أموالهم، والولاية على الأوقاف التي لا متولي لها، والوصايا التي لا وصي لها، وحفظ أموال الغائبين والقاصرين وغير ذلك من الامور التي جعلت في الزمن المعاصر في القوانين الوضعية من وظائف مدّعي العموم- يكون التصدي لها من وظائف الفقيه الجامع للشرائط في حال تمكنه من ذلك، أو نائبه العام أو الخاص؛ لكونه وليّاً عامّاً في عصر الغيبة، أو لكون جواز تصديه متيقناً لدوران الأمر بين التعيين والتخيير، حيث يحتمل تعيّن تصدي الفقيه لاحتمال أن يكون منصوباً لوظائف الولاة، فجواز تصديه حينئذ قطعي، إمّا لأجل تعيّنه عليه، أو لأجل كونه من آحاد عدول الناس الذين يجوز لهم التصدي. وأمّا تصدي غيره من أفراد الناس مع تمكن تصدي الفقيه له فهو مشكوك الجواز، فيكون المرجع هو أصالة العدم.
وقد أجاز الشارع تصدي عدول المؤمنين لادارة هذه الامور عند تعذر الرجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط وعدم تمكنه من التصدي لها. وقد صرّح بهذا مشهور الفقهاء
[۱۵] كشف اللثام، ج۲، ص۲۸۲.
[۱۷] كشف الغطاء، ج۲، ص۲۴۵.
كما أنّه هو المستفاد من بعض الروايات:

۲.۱.۱ - الاستدلال بالروايات الشريفة


منها: صحيحة محمّد بن اسماعيل بن بزيع قال: مات رجل من أصحابنا ولم يوص، فرفع أمره إلى قاضي الكوفة فصيّر عبد الحميد القيّم بماله، وكان الرجل خلّف ورثة صغاراً ومتاعاً وجواري، فباع عبد الحميد المتاع فلمّا أراد بيع الجواري ضعف قلبه في بيعهنّ؛ إذ لم يكن الميت صيّر إليه وصية وكان قيامه بهذا بأمر القاضي؛ لأنّهنّ فروج، قال: فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السلام فقلت‌ له: يموت الرجل من أصحابنا ولم يوص إلى أحد ويخلف جواري فيقيم القاضي رجلًا منا ليبيعهنّ (أو قال: يقوم بذلك رجل منا) فيضعف قلبه؛ لأنّهنّ فروج، فما ترى في ذلك؟ فقال عليه السلام: «إذا كان القيّم مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس».
ومنها: رواية سماعة : سألته عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصية، وله خدم ومماليك وعقد، كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال: «إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس».
ومورد الحاجة إلى إذن الفقيه في تلك الامور الحسبية ما إذا كان الأصل الجاري فيها أصالة الاشتغال ، وذلك كما في التصرّف في الأموال والأنفس والأعراض، وأمّا إذا كان الأصل الجاري في تلك الامور أصالة البراءة - كما في الصلاة على الميت الذي لا ولي له فلا نحتاج إلى الاستئذان من الفقيه؛ لأنّ الصلاة على الميت المسلم من الواجبات الكفائية على كل مسلم، ومع الشك في اشتراطها بإذن الفقيه نتمسك بالبراءة.

۲.۱.۲ - اعتبار العدالة في المتصدين


ولا إشكال في أصل حكم تصدي عدول المؤمنين وتصرفهم في الامور الحسبية مع عدم التمكن من الرجوع إلى الفقيه. وإنّما الكلام في اعتبار العدالة في المتصدين، وقد وقع الخلاف في اعتبارها على ثلاثة أقوال، أحدها: اعتبار العدالة. وثانيهما: كفاية الوثاقة. وثالثها: كفاية كون المتصدين من أهل الحق ولو لم يكونوا موثقين. ومنشأ الاختلاف في ذلك هو الاختلاف في ظواهر الأخبار الواردة في هذا الشأن، إلّا أنّه مع التمعّن في مجموع هذه الأخبار يتحصل منها اعتبار العدالة في المتصدي، وأنّه مع وجود العدل لا يجوز التصدي من غيره ولا يصح. وتفصيل ذلك في مصطلح (حسبة).
وينبغي أن يعلم أنّه فرق بين تصدّي الفقيه لهذه الامور وبين تصدي عدول المؤمنين؛ فإنّ التصدي إذا كان من الفقيه فليس لفقيه آخر أن يقوم بتصدّي ما تصدّاه الفقيه الأوّل قبله، وهذا بخلاف تصدي عدول المؤمنين حيث إنّه لمّا لم يكن بعنوان الولاية بل إنّما يتصدى لأجل احراز كون الواقعة مما لا يجوز تعطيلها، وينحصر القيام بها بالعدول، فلا مانع من دخول عدل آخر مع المتصدي، فيكون حكمهم كحكم ولاية الأب والجد حيث إنّ المعروف أنّ ولايتهما عرضية، فلكل واحد منهما الولاية في عرض الآخر.



من المسلّم في الشريعة أنّه لا بد في كون شخص قاضياً، وجواز القضاء له، ووجوب القبول منه، من دليل مثبت لمنصب القضاء له، وقد اجتمعت كلمات الأصحاب على أنّ من شرائطه إذن الإمام. وقد ثبت بالإجماع وبالروايات المستفيضة ورود الإذن منهم عليهم السلام بالقضاء لطائفة من هذه الامّة، حيث يظهر من الأخبار إجازتهم للفقهاء وللعلماء العارفين بأحكام اللَّه في التصدّي للقضاء في زمن الغيبة وتعذّر الوصول إليهم عليهم السلام. ومن هذه الأدلّة:

۲.۱.۱ - الاستدلال بالروايات الشريفة


صحيحة أبي خديجة : «انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه»، وقوله عليه السلام: «اجعلوا بينكم رجلًا (ممن) قد عرف حلالنا وحرامنا فإنّي قد جعلته عليكم قاضياً»، ومقبولة ابن حنظلة: «ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً. فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما بحكم اللَّه استخف، وعلينا ردّ، والرادّ علينا كالرادّ على اللَّه تعالى، وهو على حدّ الشرك باللَّه».
وكذلك التوقيع المروي في إكمال الدين للشيخ الصدوق و كتاب الغيبة للشيخ الطوسي و الاحتجاج للطبرسي عن الإمام المهدي عجّل اللَّه فرجه : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا؛ فإنّهم حجتي عليكم، وأنا حجّة اللَّه عليهم». وغيرها من الروايات والأخبار المتواترة المتضمنة بأنّ العلماء ورثة الأنبياء، وأنّهم مثلهم، وأنّهم امناء الإسلام ، وامناء الرسل، والمتكلفون لرعيتهم ولأيتامهم وأمثال تلك الأوصاف. ولا يعارض هذه الأخبار الروايات الحاصرة للحكومة في النبي ووصيّه؛ لأنّ الاذن الوارد في هذه الأخبار أيضاً توصية لغة، ومع فرض التعارض فهذه الأخبار كلّها أو أكثرها أخصّ مطلقاً من تلك الحاصرة للحكومة، فيجب تخصيصها بها.
كما أنّه قد ظهر من هذه الأخبار ثبوت الإذن للعلماء العارفين بأحكام اللَّه في القضاء، وكونهم منصوبين من قبل الإمام نواباً له في هذا الزمان. كما أنّه استفاد جملة من الفقهاء من هذه الروايات وغيرها كون الفقهاء في عصر الغيبة نواباً للامام الغائب عجل اللَّه تعالى فرجه وأرواحنا فداه في ولايته العامّة مطلقاً. وهو ما يصطلح عليه بالولاية المطلقة للفقيه. فيكون من صلاحياته وشئونه نصب القضاة والحكّام وغير ذلك. وتمام الكلام وتفصيله يرجع إليه في محله من مصطلح (قضاء)، ومصطلح ( ولاية الفقيه ).


 
۱. الشرائع، ج۲، ص۵۰۴.    
۲. السرائر، ج۲، ص۵۴۵.    
۳. مستند الشيعة، ج۱۶، ص۳۲۱.    
۴. منية الطالب، ج۲، ص۹۱.    
۵. مستند العروة (النكاح)، ج۱، ص۳۶۸.
۶. العروة الوثقى، ج۵، ص۵۳۹.    
۷. مستمسك العروة، ج۱۴، ص۲۰۴.    
۸. الوسائل، ج۲۱، ص۱۱۴، ب ۲۴ من نكاح العبيد والإماء، ح ۱.    
۹. مستند العروة (كتاب النكاح)، ج۱، ص۳۶۸.
۱۰. كتاب المكاسب والبيع (تقرير بحث النائيني للآملي)، ج۲، ص۳۳۸- ۳۳۹.    
۱۱. اللمعة، ج۱، ص۱۵۷.    
۱۲. رسائل الكركي، ج۲، ص۲۶۸.    
۱۳. الروضة، ج۵، ص۷۸.    
۱۴. المسالك، ج۶، ص۲۶۵.    
۱۵. كشف اللثام، ج۲، ص۲۸۲.
۱۶. الحدائق، ج۱۰، ص۷۱.    
۱۷. كشف الغطاء، ج۲، ص۲۴۵.
۱۸. الرياض، ج۹، ص۳۵۲.    
۱۹. جواهر الكلام، ج۲۲، ص۲۷۲- ۲۷۳.    
۲۰. الوسائل، ج۱۷، ص۳۶۳، ب ۱۶ من عقد البيع وشروطه، ح ۲.    
۲۱. الوسائل، ج۲۶، ص۷۰، ب ۴ من موجبات الارث، ح ۱.    
۲۲. التنقيح في شرح العروة (الاجتهاد والتقليد)، ج۱، ص۴۲۴- ۴۲۵.    
۲۳. كتاب المكاسب والبيع للنائيني، ج۲، ص۳۳۹- ۳۴۲.    
۲۴. الوسائل، ج۲۷، ص۱۳، ب ۱ من صفات القاضي، ح ۵.    
۲۵. الوسائل، ج۲۷، ص۱۳۹، ب ۱۱ من صفات القاضي، ح ۶.    
۲۶. التهذيب، ج۶، ص۲۱۸، ب ۸۷ من إليه الحكم وأقسام القضاة، ح ۶.    
۲۷. الوسائل، ج۲۷، ص۱۳۶، ب ۱۱ من صفات القاضي، ح ۱.    
۲۸. كمال الدين وتمام النعمة، ج۱، ص۴۸۴.    
۲۹. كتاب الغيبة (الشيخ الطوسي)، ج۱، ص۱۷۷.    
۳۰. الاحتجاج، ج۲، ص۲۸۳.    
۳۱. الوسائل، ج۲۷، ص۱۴۰، ب ۱۱ من صفات القاضي، ح ۹.    
۳۲. الوسائل، ج۲۷، ص۷۸، ب ۸ من صفات القاضي، ح ۲.    
۳۳. مستدرك الوسائل، ج۱۳، ص۱۲۴، ب ۳ مما يكتسب به، ح ۸.    
۳۴. الوسائل، ج۲۷، ص۱۷، ب ۳ من أبواب صفات القاضي، ح ۲، ۳.    




الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۱۱۸- ۱۲۳.    



جعبه ابزار