• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

دور استقلال الفقه الاجتهادي

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ويبدأ هذا الدور من منتصف القرن السابع أي من عصر المحقق الحلّي  (ت/ ۶۷۶ ه) ويستمر باستمرار النشاط الفقهي لأعلام هذا الدور حتى نهاية القرن العاشر، أي زمن الشهيد الثاني  (ت/ ۹۶۶ ه).




المحقق الحلّي نجم الدين جعفر بن الحسن  (ت/ ۶۷۶ ه)، والعلّامة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهر  (ت/ ۷۲۶ ه)، وابنه فخر المحققين محمّد بن الحسن الحلّي (ت/ ۷۷۱ ه)، والشهيد الأوّل محمّد بن مكي العاملي (ت/ ۷۸۶ ه)، والفاضل المقداد جمال الدين المقداد بن عبد اللَّه السيوري (ت/ ۸۲۶ ه)، وابن فهد أحمد بن محمّد الأسدي الحلّي (ت/ ۸۴۱ ه)، و المحقق علي بن الحسين العاملي الكركي  (ت/ ۹۴۰ ه)، والشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي  (ت/ ۹۶۶ ه)، وغيرهم (رضوان اللَّه تعالى عليهم).




۲.۱ - استقلالية الفقه الامامي


يتميّز هذا الدور بظاهرة استقلالية الفقه الامامي عن مجاراة المذاهب الاخرى في المادة أو المنهج و اعتماد  التراث الشيعي خاصة من دون نظر إلى فقه العامّة ومناهجهم في الاستدلال إلّا في كتب الفقه المقارن وهذا ما يظهر بالمقارنة بين المصنفات الفقهية لهؤلاء الفقهاء مع المصنفات الفقهية السابقة.

۲.۲ - مؤلفات في علم اصول الفقه


دوّنت مؤلفات من قبيل: معارج الآصول للمحقق و نهاية الوصول إلى علم الاصول للعلّامة (ت/ ۷۲۶ ه) تتميز بالأصالة والعمق واعتماد الاصول والقواعد المستفادة من نصوص أهل البيت عليهم السلام  كأصل الاستصحاب المستفاد من النصوص، وقد جعل المحقق الحلّي قاعدة الاستصحاب هذه دليلًا خامساً من أدلّة الفقه في عرض الأدلّة الأربعة الاخرى، كما انّه بُحثت المسائل الاصولية الأساسية كحجية خبر الثقة في هذه الكتب الاصولية بصورة أكثر استيعاباً وشمولًا وتنقيحاً.

۲.۳ - مؤلفات في علم الدراية


انتهى الفكر الفقهي في هذا الدور إلى نظريات جديدة قُسّم على أساسها الحديث بتقسيم رباعي إلى: صحيح وحسن وموثّق وضعيف، بعد أن كان يقسّم قبل ذلك إلى الصحيح والضعيف، وذلك نتيجة تطوّر البحث عن حجّية خبر الواحد ومبناه، وانّه هل الحجة خصوص خبر الامامي العادل، أو مطلق الامامي، أو مطلق الثقة ولو كان غير امامي أو غير عادل.

۲.۴ - مؤلفات في علم الرجال


دونت مجاميع رجالية جديدة تجمع تراجم طبقات الرجال وحالاتهم بشكل أدقّ كرجال العلّامة (ت/ ۷۲۶ ه) و رجال ابن داود  (ت/ ۷۴۷ ه). كما ظهرت دراسات رجالية لتمييز الأسماء المشتركة في أسانيد الروايات ورفع الالتباس فيها.

۲.۵ - استقلالية الفقه الامامي عن فقه العامة


كما انّ استقلالية الفقه في هذا العصر عن فقه العامّة أوجب ترتيب مسائله على أساس تقسيم وحصر عقلي جديد وضعه المحقق الحلّي قدس سره (ت/ ۶۷۶ ه)، وهو تقسيمه الأحكام الفقهية إلى الأقسام الأربعة التالية: أ- العبادات. ب- العقود. ج- الايقاعات. د- الأحكام. وأساس هذا التقسيم الرباعي: انّ الحكم الشرعي إمّا أن يتقوّم بقصد القربة أو لا، والأوّل العبادات، والثاني إمّا أن يحتاج إلى اللفظ و الإنشاء  من طرف أو طرفين أو لا يحتاج. والأوّل العقود والثاني الايقاعات والثالث الأحكام، وبذلك يكون التقسيم حصراً عقلياً لجميع أبواب الفقه. ولا يزال هذا التقسيم الرباعي البديع هو الرائج والمعروف في أكثر كتبنا الفقهية إلى عصرنا الحاضر.

۲.۶ - تهذيب الفقه الامامي عن البحوث الزائدة


وقد أثمرت هذه النظرة المستقلة إلى الفقه الامامي في تهذيبه عن البحوث الزائدة أو الاستدلالات الغريبة غير المنسجمة مع منهج فقه أهل البيت عليهم السلام، و إتقان  صناعة الاستدلال و الاستناد إلى الأدلّة الشرعية المتمثلة في الكتاب والسنة في ثوب علمي ومنهجة فنّية، ومع ذكر أقوال فقهائنا واختلافاتهم ومحاكمة أدلّتهم لا أقوال المذاهب الاخرى وأدلّتها إلّا في كتب الفقه المقارن.
وقد أصبحت الكتب الفقهية المؤلفة من قبل أعلام هذا الدور كالمحقق والعلّامة والشهيدين هي الكتب الفقهية التي استقطبت اهتمام الدارسين والباحثين وأصبحت هي محل الشرح والتعليق عليها والرجوع اليها والاستناد اليها في نسبة قول إلى المشهور أو إلى أصحابها وقد جاوزت الشروح على بعضها العشرات بل قيل في حق كتاب الشرائع للمحقق الحلّي قدس سره انّ شروحه ناهزت أو جاوزت المائة، كل ذلك لتميّز هذه المصنفات بالدقّة والمتانة والشمول و الأصالة  في المادة والمنهج.

۲.۷ - تدوين القواعد الفقهية


وفي هذا الدور بدأ أيضاً تدوين فقه القواعد أو القواعد الفقهية  و إفرادها عن المسائل والتفريعات لما فيها من الكلية والعمومية والاشتراك في أكثر من فرع، فالشهيد الأوّل قدس سره (ت/ ۷۸۶ ه) ألّف كتاب القواعد والفوائد، وألّف بعده الحلّي الأسدي  (ت/ ۸۲۶ ه) نضد القواعد الفقهية، والشهيد الثاني (ت/ ۹۶۶ ه) فوائد القواعد، واستمر من ذلك الحين وإلى عصرنا الحاضر تجميع القواعد الفقهية في مصنفات مستقلة.

۲.۸ - التوسع والدقة في تطبيق القواعد الاصولية أو الفقهية


ومن امتيازات هذا الدور التوسع والدقة في تطبيق القواعد الاصولية أو الفقهية على المسائل والفروع الفقهية وخصوصاً في فقه المعاملات؛ فانّه بمقارنة الكتب الفقهية الاستدلالية للعلّامة وابنه والشهيدين والمحقق الكركي وغيرهم من أعلام هذا الدور مع كتب المفيد والمرتضى و الشيخ الطوسي، يظهر مدى الفرق والتطوّر الذي حصل في صناعة الاستدلال الفقهي على أيدي هؤلاء الأعلام من حيث كثرة القواعد الاصولية والفقهية المستند اليها والدقة في تطبيقها، و إرجاع كل مسألة وتفريع إلى كليتها وقاعدتها العامّة، و إفراز جهات البحث‌ المختلفة فيها، إلى غير ذلك من الامور المنهجية التي أضفت على البحوث الفقهية في هذه المرحلة طابعاً علمياً خاصّاً يميّزها عن سائر علوم الشريعة ومناهجها ومناهج المذاهب الفقهية الاخرى.

۲.۹ - استمرار منهج الدراسات الفقهية


وفي هذا الدور استمرّ أيضاً منهج الدراسات الفقهية المقارنة وبنحو أوسع وأكثر اتقاناً حيث صنّف الفقهاء كتبهم في الفقه المقارن تارة بين المذاهب الفقهية المتعددة، واخرى بين فقهائنا خاصّة، فمن النوع الأوّل كتاب المعتبر في شرح المختصر للمحقق الحلّي (ت/ ۶۷۶ ه) وكتاب تذكرة الفقهاء  وكتاب منتهى المطلب  في تحقيق المذهب للعلّامة الحلّي (ت/ ۷۲۶ ه)، ومن النوع الثاني كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة  للعلّامة الحلّي أيضاً.

۲.۱۰ - تقنين فقه الدولة


ومن مميزات هذا الدور أيضاً اتجاه فقهاء الامامية نحو تدوين وتقنين فقه الدولة والحكم الاسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت عليهم السلام ، والتصدّي لتجسيد دور النيابة العامّة عن الامام المنتظر- عجل اللَّه له الفرج - في عصر الغيبة، سواء من خلال تنظيم جهات المرجعية الدينية الذي بدأه الشهيد الأوّل قدس سره، أو من خلال الإشراف والنظارة على الحكومة وأجهزتها كما وقع للمحقق الكركي (ت/ ۹۴۰ ه) في الدولة الصفوية.
وقد كان هذا عاملًا مهمّاً في اتجاه الفقهاء في هذا العصر نحو الاهتمام بقضايا الدولة والأحكام والنظريات الفقهية المتعلقة بها وخصوصاً نظرية الولاية العامّة ونيابة الفقهاء عن الامام الحجّة- عجّل اللَّه له الفرج-، وقد تجلّى هذا النشاط الفقهي ضمن مجموعة من الرسائل الفقهية  التي دوّنت في فقه الدولة واهتمت به نظرياً وعملياً. وبهذا يكون‌ الفقه الامامي قد اتجه في هذا الدور إلى الاستقلال التام في مجالي النظرية والتطبيق معاً وتطور من فقه الأحوال الشخصيّة إلى فقه المجتمع والدولة، وهي خطوة كبيرة جداً في عصر الغيبة الكبرى وبعد قرون من محاولات الاحتواء والتحجيم لهذه المدرسة الفقهية.



الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۵۶- ۶۰.    



جعبه ابزار