• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

زوال الحجر بالرشد

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



(الثاني : الرشد، وهو) كما ذكره الأصحاب من غير خلاف يعرف، وساعده العادة والعرف (أن يكون مصلحاً لماله) بحيث يكون له ملكة نفسانية تقتضي إصلاحه، وتمنع إفساده وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء، لا مطلق الإصلاح، لاجتماعه مع السفه المقابل للرشد جدّاً،مع عدم صدق الرشد بمجرّده عرفاً وعادة.




(وفي اعتبار العدالة ) في الرشد (تردّد) ينشأ من عموم أدلّة ثبوت السلطنة لأرباب الأموال، وإطلاق الأدلّة كتاباً وسنة بدفع أموال اليتامى بإيناس الرشد من غير اعتبار أمر آخر، والمفهوم من الرشد في العرف كما عرفت هو مجرّد إصلاح المال على الوجه المتقدم وإن كان فاسقاً، وليس لعدمه مدخلية في مفهومه عرفاً، كيف لا وهو أمر شرعي مغاير له من حيث هو هو قطعاً، فكيف يعتبر ما لا مدخلية لهم في فهمه فيما هو متداول بينهم ومتعارف عندهم تعارفاً شائعاً.
ومن النهي عن إيتاء السفهاء المال، مع ما روي أن شارب الخمر سفيه، ولا قائل بالفرق. وعن ابن عباس أن الرشد هو الوقار والحلم والعقل.
[۹] الدر المنثور، ج۲، ص۱۲۱.
[۱۰] المجموع (للنووي)، ج۱۳، ص۳۶۸.

والأوّل أظهر، وفاقاً للأكثر، بل عليه عامة من تأخّر؛ لما مرّ، وضعف الدليل الآخر، فإن إطلاق السفيه على الشارب في الرواية بعد الإغماض عن سندها أعمّ من كونه على الحقيقة التي عليها المدار في جميع الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، والمحاورات اللغوية والعرفية، فيحتمل المجاز، بل ويتعين، لعدم التبادر ، وصحة السلب عنه في العادة بعد استجماعه شرائط الرشد ما عدا العدالة. والرواية عن ابن عباس غير ثابتة، وعلى تقديرها فهي مقطوعة للحجيّة غير صالحه، إلاّ أن يقال بكونه من أهل اللغة والخبرة فيعتبر كلامه من هذه الجهة.
ولكن المناقشة فيه بعد معلومية مخالفته للعرف واختيارنا لزوم تقديمه على اللغة عند المعارضة واضحة، فالقول باعتبارها كما عن المبسوط والخلاف وفي الغنية
[۱۳] الغنية، ص۵۹۴.
ضعيف غايته، وإن ادّعى في الأخير عليه إجماع الإمامية ؛ لوهنه في المسألة بمصير الأكثر إلى خلافه، مع عدم ظهور مخالف لهم سوى الطوسي في الكتابين خاصّة، ومع ذلك فعبارته بالاعتبار المحكية غير صريحة فيه، بل ولا ظاهرة، من حيث التعبير عنه بالاحتياط الظاهر في الاستحباب ، فلم يبق قائل به صريحاً، بل ولا ظاهراً إلاّ مدّعي الإجماع ، فكيف يصلح مثله دليلاً؟
والاستصحاب لو تمسّك به مندفع بالإطلاقات. وربما أيّد المختار جماعة
[۱۴] المسالك، ج۱، ص۲۴۸.
بأن مع اعتبار العدالة لم يقم للمسلمين سوق بالمرّة ولم ينتظم للعالم حالة؛ لأن الناس إلاّ النادر منهم إما فاسق أو محتملة، والجهل بالشرط يقتضي الجهل بالمشروط بالضرورة، وأنه ما نقل في الروايات وأقوال العلماء المعاصرين للأئمّة : مع عموم البلوى بالأيتام وأموالهم المنع عن معاملتهم ومناكحتهم وغير ذلك بدون العدالة.
وقد ورد في النصوص الأمر بالمعاملة والمناكحة من غير تقييد بالعدالة، وفي كثير من المعتبرة دلالة على جواز معاملة الفسّاق وأهل السرقة‌ وأخذ جواز العمّال والظلمة، وعلى جواز بيع الخشب لمن يعمل صنماً والعنب لمن يعمل خمراً. وفيه مناقشة؛ لعدم تماميّته إلاّ على تقدير اشتراطها على الإطلاق ، وليست كذلك بمشترطة، فقد صرّح الأصحاب بأن اعتبارها على القول به إنما هو في الابتداء لا في الاستدامة ، وعليه حكي الإجماع في التذكرة، وبذلك صرّح القائلان في الكتب المزبورة، وإن احتاطوا باعتبارها أيضاً في الاستدامة.
فعلى هذا يمكن أن يمنع ما ذكر من المؤيّدات في المسألة؛ لاحتمال ابتنائها على وجه الصحّة وهو حصول العدالة ابتداءً وإن طرأ بعدها وصف الضدّ، ومرجعه إلى حمل أفعال المسلمين على الصحة، وهو شي‌ء متّفق عليه بين العلماء كافّة، مستفاد من النصوص المعتبرة، وسيرة المسلمين في جميع الأمصار والأزمنة.
ولا يضرّ معه الجهل بالشرط في المسألة، كما لا يضرّ معه الجهل بكثير من الشروط المعتبرة في الأموال المبتاعة في أسواق المسلمين، كالجلود المشترطة فيها التذكية ومطلق الأموال المشترطة في المعاملة بها وابتياعها الملكيّة، وعدم كونها سرقة، وغير ذلك مما لا يعدّ كثرةً، ومنه مفروض المسألة بالإضافة إلى شرط أصل الرشد الذي هو إصلاح المال.
فلو صحّ التمسك بالمؤيّدات المزبورة لنفي اعتبار العدالة لصحّ التمسك بها لنفي اعتبار أصل الرشد؛ لتساوي نسبتها إليهما بالضرورة، فكما لا يضرّ الجهل بالشروط فيما عدا المسألة بناءً على حمل أفعال‌ وغيرهما.
[۱۹] المسالك، ج۱، ص۲۴۸.
خلافاً للحنفية، فمنعوا عن حجره بعد بلوغه إلى المدة المذكورة،
[۲۱] التفسير الكبير، ج۹، ص۱۸۹.
[۲۲] أحكام القرآن، ج۱، ص۴۸۹.
وعموم الأدلّة عليه حجة. ويعود الحجر بعد عود السبب إلاّ الفسق فلا يعود بعوده، إجماعاً، كما مرّ عن التذكرة، وبه صرّح القائلان باشتراط العدالة كما تقدّم إليه الإشارة .



(ويعلم رشد الصبي باختباره بما يلائمه من التصرفات) والأعمال ليظهر اتّصافه بالملكة وعدمه، فمن كان من أولاد التجار فوّض إليه البيع والشراء بمعنى مماكسته فيهما على وجههما ويراعى إلى أن يتمّ مساومته ثم يتولاّه الولي إن شاء، فإذا تكرّر ذلك منه وسلم من الغبن والتضييع في غير وجهه فهو رشيد.
وإن كان من أولاد من يصان عن ذلك اختبر بما يناسب حال أهله، إمّا بأن يسلّم إليه نفقة مدّة لينفقها في مصالحه أو مواضعها التي عُيّنت له، أو بأن يستوفي الحساب على معامليهم، أو نحو ذلك، فإن وفى بالأفعال الملائمة فهو رشيد. ومن تضييعه إنفاقه في المحرّمات، إجماعاً، كما في التذكرة، أو في الأطعمة التي لا تليق بحاله بحسب وقته وبلده وشرفه وصنعته، والأمتعة واللباس كذلك.
وإن كان أنثى اختبرت بما يناسبها من الأعمال، كالغزل والخياطة وشراء آلاتهما المعتادة لأمثالها بغير غبن، وحفظ ما يحصل في يدها من ذلك، والمحافظة على أجرة مثلها إن عملت للغير، وحفظ ما تليه من أسباب البيت ووضعه على وجهه، وصون الأطعمة التي تحت يدها عن مثل الهرة والفأرة ونحو ذلك، فإذا تكرّر ذلك منها على وجه الملكة ثبت رشدها، وإلاّ فلا.
ولا يقدح فيها وقوع ما ينافيها نادراً من الغلط والانخداع في بعض الأحيان؛ لوقوعه من الكاملين كثيراً. قيل : ووقت الاختبار قبل البلوغ، عملاً بظاهر الآية . وهو كذلك إن أُريد به جوازه قبله، لا انحصار وقته فيه. بل يمكن أن يراد وجوبه؛ حذراً من منع ربّ المال من التصرف فيه بعد بلوغه.



(ويثبت) الرشاد (بشهادة رجلين) به (في الرجال) بلا إشكال فيه وفي ثبوت غيره من أمارات البلوغ بهما أيضاً، وإن كان الفرض مع عدالة الشهود نادراً، إجماعاً، وقد حكاه صريحاً بعض أصحابنا؛ وهو الحجّة، مضافاً إلى عموم الأدلّة بقبول شهادتهما، والاستقراء .
(وبشهادة الرجال) منفردين (أو النساء) كذلك، أو ملفّقات منهنّ ومنهم كرجل وامرأتين (في النساء) بلا خلاف في الظاهر، بل عليه الإجماع في كثير من العبارات لم نعثر على غيرها من عبارات الفقهاء ادّعي فيها الإجماع، كما أشار إليه أيضاً في مفتاح الكرامة؛
[۲۹] مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۵۱.
وهو الحجة، مضافاً إلى ما مرّ في الأوّل، والنصوص المستفيضة الدالّة على الاكتفاء بشهادتين منفردات فيما لا يطّلع عليه الرجال غالباً في الثاني، بناءً على كونه منه بلا إشكال، وبفحواها يستدل على الثالث؛ مضافاً إلى لزوم الحرج بالاقتصار على الأوّل.
ويعتبر في الثبوت بالشهادة ما يذكر من الشرائط في بحثها من العدالة وقيامها عند الحاكم وحكمه به. خلافاً لبعض الأجلّة فاكتفى بالعدالة عن الأخيرين؛ نظراً منه إلى الشك في اشتراطهما هنا، بل ومطلق المواضع، وسيأتي الكلام معه في بحثها بعون الله سبحانه.


 
۱. عوالي اللئالي، ج۱، ص۲۲۲، ح۹۹.    
۲. عوالي اللئالي، ج۱، ص۴۵۷، ح۱۹۸.    
۳. عوالي اللئالي، ج ۲، ص۱۳۸، ح۳۸۳.    
۴. النساء/سورة۴، الآية۶.    
۵. الوسائل، ج۱۸، ص۴۱۰، أبواب الحجر ب ۲.    
۶. النساء/سورة۴، الآية۶.    
۷. تفسير العياشي، ج۱، ص۲۲۰، ح۲۲.    
۸. الوسائل، ج۱۹، ص۳۶۸، أبواب الوصايا ب ۴۵، ح ۸.    
۹. الدر المنثور، ج۲، ص۱۲۱.
۱۰. المجموع (للنووي)، ج۱۳، ص۳۶۸.
۱۱. المبسوط، ج۲، ص۲۸۴.    
۱۲. الخلاف، ج۳، ص۲۸۳.    
۱۳. الغنية، ص۵۹۴.
۱۴. المسالك، ج۱، ص۲۴۸.
۱۵. مجمع الفائدة، ج۹، ص۱۹۴.    
۱۶. الحدائق، ج۲۰، ص۳۵۲.    
۱۷. التذكرة، ج۲، ص۷۵.    
۱۸. نهج الحق، ص۴۹۲.    
۱۹. المسالك، ج۱، ص۲۴۸.
۲۰. الروضة، ج۴، ص۱۰۹.    
۲۱. التفسير الكبير، ج۹، ص۱۸۹.
۲۲. أحكام القرآن، ج۱، ص۴۸۹.
۲۳. التذكرة، ج۲، ص۷۵.    
۲۴. التذكرة، ج۲، ص۷۵.    
۲۵. المبسوط، ج۲، ص۲۸۴.    
۲۶. النساء/سورة۴، الآية۶.    
۲۷. مجمع الفائدة، ج۹، ص۲۰۰.    
۲۸. مجمع الفائدة، ج۹، ص۲۰۰.    
۲۹. مفتاح الكرامة، ج۵، ص۲۵۱.
۳۰. الوسائل، ج۲۷، ص۳۵۰، أبواب الشهادات ب ۲۴.    
۳۱. مجمع الفائدة، ج۹، ص۱۹۹.    




رياض المسائل ج۹، ص۲۴۵-۲۵۱.    



جعبه ابزار