• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

ميقات المكي والمجاور

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



من كان من أهل مكّة ففرضه حجّ الإفراد لا التمتع إلّا أنّه قد يريد التمتّع استحباباً لا بعنوان حجة الإسلام فإنّه يصحّ منه كما هو مقرر في محلّه، وقد يجب عليه بالنذر وشبهه و المجاور إذا بقي سنتين فأكثر انقلب فرضه إلى الإفراد أيضاً، وإلّا كان فرضه التمتع. وكل ذلك يأتي في محلّه. فإذا أراد المكي أو المجاور الساكن في مكة- سواء انقلب فرضه أم لا- الحجّ- أي الإفراد أو القران - فالمشهور أنّ ميقات إحرامه منزله تمسكاً باطلاق الروايات المتقدمة فيمن منزله دون الميقات إلى مكة، وأنّ ميقاته دويرة أهله.




قال سلّار : «المحرم... على ضربين: محرم من أهل الحرم ومحرم ليس من أهل الحرم، فالمحرم من أهل الحرم ومن في حكمه بالمجاورة إحرامه من بيته».
وقال السيد اليزدي : «السابع: دويرة الأهل - أي المنزل - وهي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة، بل لأهل مكّة أيضاً على المشهور الأقوى ، وإن استشكل فيه بعضهم، فإنّهم يحرمون لحجّ القران والإفراد من مكّة، بل وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة، وإن كان الأحوط إحرامه من الجعرانة ، وهي أحد مواضع أدنى الحلّ ».
وقال أيضاً: «ميقات حجّ القران والإفراد أحد تلك المواقيت مطلقاً أيضاً، إلّا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة، فميقاته منزله، ويجوز من‌ أحد تلك المواقيت أيضاً، بل هو أفضل».
وخالف في ذلك بعض الفقهاء المعاصرين
[۴] المعتمد في شرح المناسك، ج۳، ص۲۹۹.
مدعياً أنّ تلك الروايات لا تشمل من يكون منزله في مكة، بل بين مكة والميقات، فلا يمكن استفادة حكم من منزله في مكة منها، على أنّ هناك روايتين معتبرتين تدلّان على أنّ ميقات المجاور بمكة لحجّ الإفراد إنّما هو جعرانة:
أحدهما: صحيح ابن الفضل - وهو سالم الحناط - قال: كنت مجاوراً بمكة فسألت أبا عبد اللَّه عليه السلام من أين أحرم بالحجّ؟ فقال: «من حيث أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الجعرانة أتاه في ذلك المكان فتوح، فتح الطائف وفتح خيبر و الفتح ».
ثانيهما: صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: إنّي اريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟ فقال: «إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فاخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحجّ...». وقال: إنّهما وإن كانا واردين في المجاور بمكة إلّا أنّ هذا العنوان يشمل المجاور المتوطن و المقيم ، فيلحق بهما من هو من أهل مكة أيضاً، بل يظهر من ذيل الخبر الثاني أنّ حكم أهالي مكة كذلك، وإنّما المجاور يلحق بهم.
ويمكن المناقشة في القسم الأوّل من كلامه بأنّ عنوان من كان منزله دون الميقات إلى مكة حتى إذا فرض عدم شموله لفظاً لمن يكون منزله بمكة، إلّا أنّه شامل له عرفاً وبحسب مناسبات الحكم والموضوع القاضية بأنّ ملاك هذا الحكم هو أقربية المنزل إلى مكة من الميقات، فلا يكلّف بالرجوع إلى الخلف، خصوصاً مع ملاحظة أنّ هذا العنوان شامل لفظاً لمن يكون منزله في الحرم قبل مكة، وبه ينفى احتمال وجود خصوصية لدخول الحرم محرماً.
هذا مضافاً إلى وجود بعض الروايات المطلقة لفظاً، كرواية مهران بن أبي نصر عن أخيه رباح قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إنّا نروي بالكوفة أنّ عليّاً عليه السلام قال: إنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحرم الرجل من دويرة أهله فهل قال هذا علي عليه السلام ؟ فقال: «قد قال ذلك أمير المؤمنين عليه السلام لمن كان منزله خلف المواقيت، ولو كان كما يقولون ما كان يمنع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أن لا يخرج بثيابه إلى الشجرة ».
وفي القسم الثاني من كلامه بأنّه لو اريد لزوم إحرام أهل مكة والمجاورين جميعاً من خصوص جعرانة، ولا يجوز من موضع آخر من أدنى الحلّ كالتنعيم و الحديبية فهذا مقطوع العدم، كيف؟! ولو كان اللازم على كافة أهل مكة والمجاورين فيها ذلك لأصبحت جعرانة من المواقيت المعروفة والشائعة في التاريخ ، وإن كان المقصود الخروج إلى أدنى الحلّ فهذا معناه عدم الأخذ بظاهر الصحيحين من تعيّن جعرانة للإحرام، وأنّ ذلك من باب الاستحباب، والفضل تأسياً برسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم حيث أحرم منها، بل في الحديث قرينة على إرادة الاستحباب و البركة في التأسي بما صنعه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن هو مجاوراً بمكة.



وأمّا إذا أراد المكي أو المجاور التمتّع بالعمرة للحج- واجباً كان أو مستحباً- فقد اختلفوا في ميقاته على أقوال أربعة:

۲.۱ - القول الأول


 ميقاته منزله، وهذا ما استظهره السيد الحكيم قدس سره من كلمات الأصحاب ؛ لأنّهم ذكروا أنّ من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله، ولم يخصّصوا ذلك بالحجّ أو العمرة، مستشهداً بكلام صاحب الجواهر حيث قال: «قد عرفت أنّ ميقات الإحرام لمن كان منزله أقرب من الميقات منزله، سواء كان بعمرة تمتّع أو إفراد أو حجّ لإطلاق الأدلّة» معقّباً عليه بأنّه ظاهر عبارات غيره، وأنّه في محله.

۲.۲ - القول الثاني


ميقاته أحد المواقيت الخمسة أو محاذيها، فيخرج إليه مع الإمكان ، وإلّا فمن أدنى الحلّ، والأحوط الخروج إلى ما يتمكّن. اختاره السيد اليزدي قدس سره وجعلها أقوى الأقوال ونقله عن جماعة.

۲.۳ - القول الثالث


إذا كان مجاوراً وفرضه التمتّع فميقاته مهلّ أرضه، ذهب إليه الشيخ الطوسي و أبي الصلاح الحلبي وابن سعيد والمحقق في النافع والعلّامة في جملة من كتبه.

۲.۴ - القول الرابع


ميقاته أدنى الحلّ، ذهب إليه العلّامة والأردبيلي وصاحب المدارك .
ومنشأ اختلاف الأقوال اختلاف الروايات وكيفية الاستفادة منها، فمن استفاد من أخبار التوقيت أنّها لمطلق حجّ التمتّع حكم به في حق المكي والمجاور أيضاً إذا أراداه مستحباً أو من باب النذر ونحوه، وهو القول الثاني. ومن استظهر منها زائداً على ذلك لزوم رجوع الآفاقي إلى مهلّ أرضه، ذهب إلى القول به في حق المجاور خاصة وهو القول الثالث. ومن استفاد اختصاص أخبار التوقيت بمن يمرّ عليها أو يخصّصها بما دلّ على أنّ من كان منزله دون الميقات إلى مكة فميقاته دويرة أهله مطلقاً، أي من غير فرق بين من منزله داخل مكة أو خارجها يختار القول الأوّل.
ومن لا يقبل ذلك بل يرى أنّ أهل مكة والمجاورين لها أيضاً يحرمون للحجّ والعمرة من خارج الحرم مطلقاً اختار القول الرابع.



والروايات الخاصة الواردة بشأن المجاور والمكي أيضاً مختلفة: ففي مرسلة حريز عمّن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام قال: «من دخل مكة بحجة عن غيره ثمّ أقام سنة فهو مكي، وإن أراد أن يحجّ عن نفسه أو أراد أن يعتمر بعد ما انصرف من عرفة فليس له أن يحرم من مكة، ولكن يخرج إلى الوقت، وكلّما حول رجع إلى الوقت».
وفي موثّق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «... وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله وأقام إلى الحجّ فليس بمتمتّع، وأنّما هو مجاور أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يجاوز عسفان فيدخل متمتّعاً بالعمرة إلى الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة فيلبّي منها». بناءً على أنّ ذات عرق وعسفان من حدود ميقات أهل العراق - العقيق - وجعرانة يراد بها أدنى الحلّ، فيكون ميقاتاً له إذا أراد الإفراد لا التمتّع، فتكون هذه الرواية بنفسها دليلًا على التفصيل بين التمتّع والإفراد وعلى القول الثاني في حق المتمتّع.
وفي قبال ذلك رواية اخرى لسماعة عن أبي الحسن عليه السلام: سألته عن المجاور أله أن يتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال: «نعم، يخرج إلى مهلّ أرضه فيلبّي إن شاء».
وقد استدلّ به على القول الثالث ونوقش فيه بعدم دلالتها لما في ذيلها من تعليق ذلك على المشيّة الظاهر في التخيير ، بناءً على رجوعها إلى الخروج إلى الميقات لا التمتع ولا أقل من الإجمال .
وهناك طائفة ثالثة من الروايات صرّحت بالخروج إلى الحلّ والإحرام منه للتمتّع، كصحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام لأهل مكة أن يتمتّعوا؟ فقال عليه السلام: «لا ليس لأهل مكة أن يتمتّعوا» قال: قلت: فالقاطنين بها؟ قال: «إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة، فإذا أقاموا شهراً فإنّ لهم أن يتمتعوا». قلت: من أين؟ قال: «يخرجون من الحرم» قلت: من أين يهلّون بالحجّ؟ فقال عليه السلام: «من مكة نحواً ممّا يقول الناس».
وهو مدرك القول الرابع، واختاره السيد الخوئي قدس سره أيضاً.



ثمّ إنّ المكي أو المجاور إذا مرّ بأحد المواقيت الخمسة وكان قاصداً للنسك فهل يجب عليه أن يحرم منه ولا يتجاوزه بلا إحرام- كالآفاقي- أم لا يجب عليه ذلك؟
ظاهر بعض الفقهاء الوجوب تمسكاً بعموم ما دلّ على عدم جواز تجاوز المواقيت لمن يمرّ بها وهو قاصد للنسك بلا إحرام؛ تمسّكاً بإطلاق روايات التوقيت المتقدمة الدالّة على أنّ من يمرّ بها لا يتجاوزها بلا إحرام، وفيه تأمّل.


 
۱. المراسم، ج۱، ص۱۰۷.    
۲. العروة الوثقى، ج۴، ص۶۳۴.    
۳. العروة الوثقى، ج۴، ص۶۴۲.    
۴. المعتمد في شرح المناسك، ج۳، ص۲۹۹.
۵. الوسائل، ج۱۱، ص۲۶۸، ب ۹ من أقسام الحجّ، ح ۶.    
۶. الوسائل، ج۱۱، ص۲۶۷، ب ۹ من أقسام الحجّ، ح ۵.    
۷. الوسائل، ج۱۱، ص۳۲۴، ب ۱۱ من المواقيت، ح ۴.    
۸. جواهر الكلام، ج۱۸، ص۱۱۸-۱۱۹.    
۹. مستمسك العروة، ج۱۱، ص۲۹۰.    
۱۰. العروة الوثقى، ج۴، ص۶۰۸، م ۴.    
۱۱. المبسوط، ج۱، ص۳۰۸.    
۱۲. الكافي في الفقه، ج۱، ص۲۰۲.    
۱۳. الجامع للشرائع، ج۱، ص۱۷۸.    
۱۴. المختصر النافع، ج۱، ص۸۰.    
۱۵. المختلف، ج۴، ص۳۲.    
۱۶. الارشاد، ج۱، ص۳۱۵.    
۱۷. القواعد، ج۱، ص۴۱۷.    
۱۸. مجمع الفائدة، ج۶، ص۱۸۰.    
۱۹. المدارك، ج۷، ص۲۲۴.    
۲۰. الوسائل، ج۱۱، ص۲۶۹، ب ۹ من أقسام الحجّ، ح ۹.    
۲۱. الوسائل، ج۱۱، ص۲۷۰، ب ۱۰ من أقسام الحجّ، ح ۲.    
۲۲. الوسائل، ج۱۱، ص۲۶۴، ب ۸ من أقسام الحجّ، ح ۱.    
۲۳. معتمد العروة الوثقى، ج۲، ص۱۷۲.    
۲۴. الوسائل، ج۱۱، ص۲۶۶، ب ۹ من أقسام الحجّ، ح ۳.    
۲۵. معتمد العروة الوثقى، ج۲، ص۱۷۳- ۱۷۴.    
۲۶. مناسك الحجّ (الگلبايگاني)، ج۱، ص۶۵، م ۹.    




الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۴۷۷- ۴۸۲.    



جعبه ابزار