أحكام العيوب في البيع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الخامس : في العيوب) المجوّزة للردّ.
(وضابطها ما كان زائداً عن الخلقة الأصلية) وهي خلقة أكثر النوع الذي يعتبر فيه ذلك ذاتاً وصفة (أو ناقصاً) عنها، عيناً كان الزائد والناقص كالإصبع زائدة على الخمس أو ناقصة عنها، أو صفة كالحمى ولو يوماً، بأن يشتريه فيجده محموماً أو يحمّ قبل القبض وإن برئ ليومه، كما قيل.
والأصل في هذا الضابط بعد
الاتّفاق عليه في الظاهر حكم العرف بذلك.مضافاً إلى الخبر : «كلّ ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب».
وهل يعتبر مع ذلك كون الزيادة والنقصان موجبين لنقص المالية أم لا؟ قولان، من
إطلاق النص، والاتفاق على أن الخصاء عيب مع
إيجابه زيادة المالية، وكذا عدم الشعر على الركب والعانة، كما يدلّ عليه بعض المعتبرة، المنجبر قصور سنده بعمل الطائفة.ومن وجوب
الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقّن، مع الشك في تسمية مثل ذلك عيباً عرفاً، فلا يدخل في إطلاق النصوص.وعلى تقدير الدخول بها فالدليل فيها على العدم موجود، وهو الحكم فيها بالرجوع إلى الأرض الملازم لنقص القيمة في الأغلب.والاتّفاق على ما مرّ مع ما ظهر من ظاهر الخبر لم ينقدح به ضرر.
(وإطلاق العقد يقتضي السلامة) من العيوب في العوضين (فلو ظهر عيب) في المبيع (سابق) على العقد (تخيّر المشتري بين الردّ)
واسترداد الثمن (و)
الإمضاء مع أخذ (
الأرش ).وهذا هو السابع من أقسام الخيار المطوي ذكره مفصّلاً سابقاً، والأصل فيه بعد خبر نفي الضرر
والإجماع القطعي، والمحكي في الغنية
النصوص المعتبرة الآتي إلى جملة منها
الإشارة ، ففي المرسل كالصحيح بجميل : في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيباً، قال : «إن كان الثوب قائماً بعينه ردّه على صاحبه وأخذ الثمن، وإن كان قد قطع أو خيط أو صبغ رجع بنقصان العيب».
وليس فيه كالباقي ذكر الإمضاء مع الأرض، بل ظاهرها الردّ خاصّة، ولكن الإجماع ولو في الجملة كافٍ في التعدية.
مضافاً إلى الرضوي : «إن خرج في السلعة عيب وعلم المشتري فالخيار إليه إن شاء ردّ وإن شاء أخذ أو ردّ عليه بالقيمة أرش العيب» والظاهر كون همزة أو زائدة، كما صرّح به بعض الأجلة.
(ولا خير للبائع) في هذه الصورة، وإن كان له الخيار لو انعكست، كما لو خرج الثمن معيباً؛ استناداً في الأوّل إلى الأصل،
واختصاص العيب الموجب للخيار بغيره، وفي الثاني ببعض ما مرّ من خبر نفي الضرر.
•
مسقطات خيار العيب، (ويسقط الردّ) بأُمور خمسة : (
بالبراءة من العيب) مطلقاً (ولو
إجمالاً ).
(ويجوز بيع المعيب وإن لم يذكر عيبه) مع عدم الغش، بلا خلاف في الظاهر؛ للأصل، وفقد المانع،
لاندفاع الضرر
بالخيار والأرش.(و) لكن (ذكره مفصّلاً أفضل) تبعيداً عن احتمال الغشّ المنهي عنه، واحتمال الضرر بغفلة المشتري عن العيب حال البيع أو بعده.
(ولو ابتاع شيئين فصاعداً صفقة) واحدة (فظهر العيب في البعض فليس له ردّ المعيب منفرداً و) لكن (له ردّ الجميع، أو) أخذ (الأرش) خاصّة، بلا خلاف يظهر، بل عليه الإجماع في الخلاف والغنية؛
لما مرّ، ومنه حصول الضرر بتبعيض الصفقة الذي يُعدّ ضرراً عرفاً وعادةً.
(و) كذا (لو اشترى اثنان) مثلاً (شيئاً) مطلقاً من بائع كذلك في عقد واحد و (صفقة) واحدة (فلهما الردّ) معا (بالعيب، أو) أخذ (الأرش وليس لأحدهما
الانفراد بالردّ) دون الأرش (على الأظهر) الأشهر، وفاقاً للشيخين والحلبي والقاضي والديلمي وابن حمزة؛
لما مرّ إليه الإشارة من الأصل، واختصاص المثبت لهذا الخيار من الإجماع والنص بحكم الخلاف
والتبادر بغير محلّ الفرض، والضرر بتبعيض الصفقة.
مضافاً إلى الضرر بالشركة فيما لو حدث عيب بالبعض بعد الصفقة فإنّه يمنع من الردّ
بالإضافة إليه، فانفراد الآخر بالردّ يوجب الشركة بين البائع والمشتري الآخر.خلافاً للإسكافي والحلّي والقول الثاني للطوسي والقاضي،
فجوّزوا التفريق هنا؛ للعموم، ولجريانه مجرى عقدين بسبب تعدّد المشتري، فإنّ التعدّد في
البيع يتحقّق تارة بتعدّد البائع، وأُخرى بتعدّد المشتري، وثالثاً بتعدّد العقد؛ ولأنّ عيب التبعّض جاء من قبله حيث باع من اثنين، وهذا إنّما يتمّ مع علمه بالتعدّد.وللتحرير وغيره،
فالتفصيل بين العلم به فالثاني، وعدمه فالأوّل؛ جمعاً.وفيهما نظر يظهر وجهه ممّا مرّ.
(والوطء يمنع ردّ الأمّة) المعيبة، بالإجماع، والصحاح المستفيضة الآتية، وغيرها من المعتبرة؛ مضافاً إلى بعض ما مرّ من الأدلّة.(إلاّ من عيب الحبل) فله ردّها، إمّا مطلقاً، كما عليه أكثر أصحابنا، بل في
الانتصار والغنية عليه إجماعنا.
أو بشرط كونه من المولى، كما عن
الإسكافي والنهاية ومحتمل ابن حمزة،
وبه صرّح في المختلف.
ولا يخلو عن قوّة؛ استناداً في جواز الردّ بل وجوبه في الصورة المزبورة إلى الإجماع، والصحاح المستفيضة، في عدّة منها : لا تردّ التي ليست بحبلى إذا وطئها صاحبها، وله أرش العيب، وتردّ الحبلى (ويردّ معها نصف عشر قيمتها).
مضافاً إلى أنّها حينئذٍ أُمّ ولد لمولاها فاسد بيعها.وفي العدم في غيرها إلى أصالة لزوم العقد، والدليل المتقدّم الدالّ على عدم جواز الردّ مع التصرّف، وإطلاق الصحاح المتقدّمة بإسقاط الوطء ردّ
الأمة المعيبة، واختصاص النصوص المتقدّمة بحكم التبادر والغلبة بصورة كون الحبل من المولى خاصّة.
ولا ينافي ذلك اشتراط عدم الردّ فيها بالوطء خاصة؛ لوروده كالحبل مورد الغلبة، فإنّ أظهر تصرّفات المشتري وأغلبها في الأمة الوطء بالضرورة، فسقط بذلك حجج الأكثر.مع منافاة مذهبهم وجوب الردّ كما هو ظاهر النصوص المزبورة، وإلزام نصف العشر، كما في أكثرها، أو العشر، كما في بعضها؛ لمنافاتهما القاعدة، سيّما الثاني، فإنّ المنافع قبل الفسخ للمشتري، وليس كذلك على المختار، فإنّها للبائع، لفساد البيع، فيلزمان المشتري؛ لمكان التصرّف مع عدم المسقط، وعليه يجب الردّ كما مرّ.و
لا فرق في التصرّف بين الوطء وغيره، كما صرّح به في
النهاية وفي المختلف شيخنا العلاّمة.
وتلتئم القواعد والأخبار المختلفة في التقديرين منها، بعضها مع بعض، بحمل ما دلّ منها على الأوّل على الأغلب وهو الثيوبة، والثاني على البكارة. وعليهما يحمل بعض النصوص المجملة في التقدير بشيء، كما في الخبر،
أو بكسوتها، كما في الصحيح،
بإرادة نصف العشر أو العشر منهما فيما يناسبهما من الصورتين، فالتأمت القواعد والنصوص ظاهراً، ولا كذلك على المشهور جدّاً.
رياض المسائل، ج۸، ص۳۷۹-۳۸۸.