أقل الجمع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي صيغة تفضيل من القليل أي الذي هو ضد الكثير.
أقلّ : صيغة تفضيل من القليل الذي هو ضدّ الكثير ، والجمع هو : ضمّ الشيء بعضه إلى بعض ، يقال : جمع المتفرّق جمعاً ، إذا ضمّ بعضه إلى بعض
.
قال في
الفروق اللغوية : « أقلّ الجمع ثلاثة ، والشاهد تفرقة أهل اللغة بين التثنية والجمع كتفرقتهم بين الواحد والتثنية ، فالاثنان ليس بجمع ، كما أنّ الواحد ليس باثنين »
.
استعمل
الفقهاء والاُصوليون أقلّ الجمع بمعناه اللغوي من حيث أصل
المفهوم ، لكن اختلفوا فيما يفيده
مصداقاً ومن حيث العدد ، هل هو ثلاثة أو اثنان ؟
وقد تعارف بحث علماء
الاُصول لهذه المسألة ضمن بحوث
العام والخاص من
مباحث الألفاظ وإن قلّ بحثها عند المتأخّرين . والمعروف بينهم أنّ أقلّ الجمع ثلاثة إلاّ إذا قام دليل على خلاف ذلك كما في الإرث في مسألة الحجب .
قال
الشيخ الطوسي: « إنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، وذهب قوم إلى أنّ أقلّ الجمع اثنان ، والأوّل هو مذهب أكثر الفقهاء »
.
وقال
المحقّق الحلّي: « لفظ الجمع كقولنا: رجال ، يفيد الثلاثة فما زاد . وقيل : يقع على الاثنين أيضا . لنا : فرّق أهل اللغة بين ألفاظ التثنية والجمع »
.
وقال
الشيخ البهائي: « أقلّ مراتب الجمع ثلاثة لا اثنان ؛ لتبادر الزائد عليهما ، وحجب الأخوين للإجماع لا للآية . وقوله تعالى :{ إِنَّا مَعَكُمْ }لهما مع فرعون . وظاهر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الاثنان فما فوقهما جماعة »
لانعقادها ، لا لتعليم اللغة »
.
وقد ذكر
المحقّق الثاني أنّ
الأظهر بين المحقّقين أنّ أقلّ الجمع ثلاثة ، فإذا اُطلق الجمع حمل على المتيقّن وهو أقلّ محتملاته ، أي الثلاثة ؛ لأنّ صدقه على ما دونها إنّما هو بالمجاز
.
والمصرّح به في بعض كلماتهم: أنّ
المشهور في أقلّ الجمع ثلاثة ، فلا يصدق على أقلّ من ذلك
.
هذا ، ولكنّ
السيّد الخوئي عقّب على كلمة ( الأقراء ) الواردة في بعض أخبار
الحيض مضيفاً إليها كلمة ( أيّام ) بقوله : « وهي جمع لا يصدق على الفرد الواحد ، بل ولا على الاثنين ، فإنّ أقلّ الجمع اثنان فما فوقهما ، وأمّا الاثنان مجرّداً فلم نرَ إطلاق الجمع عليهما في اللغة ، بل لعلّه يعدّ من الأغلاط وإن حكي عن المنطقيين أنّ أقلّ الجمع اثنان .
وأمّا الاثنان فما فوق فقد ورد إطلاق الجمع عليه في
القرآن الكريم ـ الذي هو في أعلى مراتب الفصاحة ـ كما في قوله تعالى :{ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ }؛ لأنّه وإن صرّح بإرادة فوق الاثنتين إلاّ أنّ إطلاق فوق الاثنتين وإرادة الاثنتين فما فوقهما أيضا أمر دارج شائع ، كما أشار إليه صاحب الجواهر أيضا ، وكما في إطلاق الإخوة على الاثنين فما فوقه في الكلالة وإن كان ذا إخوة ، وكذا في الأخوين فما فوق »
انطلاقاً من اشتهار اعتبار أقلّ الجمع هو الثلاثة، رتّب
الفقهاء آثاراً وأحكاماً على ذلك في جملة من الأبواب الفقهية التي نذكر أهمّها إجمالًا كالتالي:
حكم جمع من الفقهاء
باستحباب مراعاة الجماعة التي أقلّها ثلاثة في البسط على مستحقّي
الزكاة من الأصناف، عدا سبيل اللَّه
وابن السبيل ، بل حتى فيهما على قول.
وتفصيله في محلّه.
جوّز
الفقهاء الصرف على بعض
الفقراء في مسألة الوقف على فقراء البلد وعدم وجوب استيعابهم، واختلفوا في وجوب استيعاب ثلاثة مراعاةً لأقلّ الجمع أو جواز الاقتصار على اثنين، بناءً على أنّه أقلّ الجمع.
والتفصيل في محلّه.
ظاهر الفقهاء عدم الخلاف في وجوب الحمل على أقلّ الجمع- وهو الثلاثة- فيما لو أوصى
لمساكين ، وكذا فيما إذا أوصى بعتق رقاب من ثلثه، وأنّه لا يجوز أن يقصر عن الثلاثة في ذلك كلّه.
قال
السيّد العاملي : «قد أطلقوا الكلمة في باب الوصايا بأنّ الجمع يحمل على أقلّه- وهو الثلاثة- وظاهرهم أنّه
مسلّم مفروغ منه».
وتفصيل ذلك في محلّه.
ذكر بعض الفقهاء أنّه إذا قال المقرّ: (له عليّ دراهم)، فإنّه يلزمه ثلاثة دراهم؛ لأنّ أقلّ الجمع ثلاثة.
واحتمل
العلّامة الحلّي في التذكرة قبول تفسير المقرّ الجمع باثنين؛ لاستعماله في
الكتاب والسنّة .
والتفصيل في محلّه.
أجمع
الفقهاء على أنّ
الأخوين فصاعداً يحجبان
الامّ عن الثلث إلى السدس.
وردّ قول
ابن عباس - فيما روي عنه من اشتراط كونهم ثلاثة فصاعداً،
نظراً لقوله تعالى: «فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ»،
بناءً على أنّ أقلّ الجمع ثلاثة- بانعقاد الإجماع على خلافه،
بل إجماع الامّة، حيث لم يخالف في المسألة سواه كما قيل.
ولفظ (إخوة) في الآية الكريمة وإن كان جمعاً فإنّه محمول على الاثنين بدلالة الإجماع المذكور والأخبار المستفيضة.
فهذه المسألة تعدّ استثناءً من أقلّ الجمع لغةً
وعرفاً واصطلاحاً ؛ لقيام الدليل الخاص عليها في موردها.
نعم، وفقاً لنظرية
السيّد الخوئي المتقدّمة في أقلّ الجمع لا يكون الحجب في الإرث استثناءً من القاعدة، وإنّما جريانها وفق القاعدة؛ لصحّة إطلاق الجمع عنده على الاثنين فما فوق.
هذا، وهناك موارد تطبيقية عديدة لأقلّ الجمع في الفقه كما في بحث
النذر والطلاق والعتق وغير ذلك ممّا يراجع في محالّه.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۱۸۲-۱۸۵.