استحلاف المدعي مع البينة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في
الدين على
الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.
واعلم أنّه لا يستحلف المدّعى مع بيّنته المرضية بغير خلاف أجده، وبه صرح في عبائر جماعة
، وعن
الخلاف الإجماع عليه
، والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة، منها زيادة على ما مرّ إليه الإشارة الصحيح
وغيره
: عن الرجل يقيم
البيّنة على حقه، هل عليه أن يستحلف؟ قال: «لا».
ونحوهما
الموثق القريب منه بفضالة عن أبان المجمع على تصحيح ما يصح عنهما
.
وأمّا الخبر المخالف لذلك
فمع قصور سنده وشذوذه محمول: إمّا على ما إذا اشتبه عليه صدق البيّنة كما قيل
، وفيه نظر. أو على
الاستحباب إن بذل المدّعى اليمين، أو مطلقاً.
وكيف كان فلا ريب في الحكم إلاّ في
الشهادة بالدين على الميت فإنّ المدّعى مع بيّنته عليه يستحلف على بقائه في ذمّته استظهاراً بغير خلاف في الظاهر، مصرح به في كثير من العبائر
، وفي
المسالك والروضة وشرح الشرائع للصيمري الإجماع عليه
، وهو الحجة.
مضافاً إلى المعتبرين، أحدهما الصحيح: أو تقبل شهادة
الوصي بدين على
الميت مع شاهد آخر عدل؟ فوقّع (علیهالسّلام): «نعم، من بعد يمين»
.
وفي الثاني المتقدم صدره: «فإن كان المطلوب بالحق قد مات، فأُقيمت عليه البيّنة، فعلى المدّعى
اليمين بالله الذي لا إله إلاّ هو، لقد مات فلان، وأنّ حقّه لعليه، فإن حلف، وإلاّ فلا حق له، لأنّا لا ندري، لعلّه أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو بغير بيّنة قبل
الموت، فمن ثمّ صارت عليه اليمين مع البيّنة، فإن ادّعى ولا بيّنة فلا حقّ له؛ لأنّ المدّعى عليه ليس بحيّ، ولو كان حيّاً لأُلزم اليمين، أو الحقّ، أو يردّ عليه، فمن ثمّ لم يثبت له عليه حق».
وقصور
السند مجبور بالاعتبار والعمل.
وفي تعدّي الحكم إلى ما يشارك مورد
الفتوى والنص، كالدعوى على الطفل والغائب والمجنون قولان، الأوّل مختار الأكثر على الظاهر المصرح به في المسالك وغيره
، وفي شرح الشرائع للصيمري أنّه المشهور
؛ لمشاركتهم للميّت في العلّة المومأ إليها في النص، فيكون من باب اتحاد طريق المسألتين، أو منصوص العلّة.
وفيه: أنّ العلّة المومَأُ إليها احتمال توفية الميت قبل الموت، وهي في محل البحث غير حاصلة، وإن حصل مثلها، والتعدّي بمثله
قياس فاسد في
الشريعة، ومورد الرواية أقوى من الملحق به؛ لليأس منه بالكلية دونه، فإنّ لهم لساناً يرتقب جوابه وهم باقون على حجتهم.
خلافاً
للماتن في
الشرائع فاختار الثاني
، ونقله في
الكفاية عن جماعة
وعدّ منهم
العلاّمة، مع أنّه قد اختار الأوّل في
الإرشاد والقواعد، ووجه لزوم الاقتصار فيما خالف النصوص المتقدمة الدالة على أنّه لا يمين مع البيّنة على المتيقّن من الفتوى والرواية.
ومنه يظهر وجه ما في
التنقيح والمسالك من اختصاص الحكم في الميت بما إذا كان المدّعى عليه ديناً، فلو كانت الدعوى عيناً في يده
بعارية أو
غصب دفعت إليه مع البيّنة من غير يمين
.
وفيه نظر، فإنّ المورد وإن اختص بالدين إلاّ أنّ مقتضى التعليل المنصوص وهو الاستظهار العموم.
وربما وجّه ما فيهما من الفرق وثبوت
اليمين في الدين خاصّة باحتمال الإبراء منه وغيره من غير علم الشهود، بخلاف العين فإنّ ملكها إذا ثبت استصحب.
ويضعف بأنّ احتمال تجدّد نقل الملك ممكن في الحالين، والاستظهار وعدم اللسان آتٍ فيهما، فالأجود اعتبار اليمين مطلقاً، وفاقاً لإطلاق بعض العبائر، وظاهر شيخنا في الروضة
.
قيل
: ومن لم يوجب اليمين فيها أي في الدعوى على الطفل ونحوه أوجب تكفيل القابض استظهاراً، وكذا مع القول باليمين إذا تعذّرت، وفي الخبر الوارد في الحكم على الغائب: «ويكون الغائب على حجته إذا قدم، ولا يدفع المال إلى الذي أقام البيّنة إلاّ بكفلاء إذا لم يكن مليّاً»
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۹۵-۹۸.