الأجرة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو ما يعطي
للأجير في مقابل عمله.
الأجرة هو ما
أعطيت من أجر في عمل،
والجمع اجَر مثل
غرفة وغُرَف.
وقد تسمّى الأجرة
الكراء،
والعمالة، والكِروة (بكسر الكاف).
ولا يختلف
المعنى الاصطلاحي عن
المعنى اللغوي، فهو ما يعطى للأجير في مقابل عمله، أو ما يعطى لصاحب
العين في مقابل
الانتفاع بها.
تقدّم في مصطلح
إجارة البحث مفصّلًا في
أحكام الأجرة وما يتعلّق بها من
مسائل، وما نقصد إليه في
المقام إنّما هو ذكر بعض
الأحكام الكلّية للُاجرة، ويراجع
التفصيل في محلّه.
ذكر
فقهاؤنا في ضابط الأجرة أنّ كل ما يصلح أن يكون
ثمناً في
البيع يصلح أن يكون أجرة في الإجارة،
وعليه يشترط في الأجرة ما يشترط في الثمن في
عقد البيع، من اشتراط
المعلومية والمالية والمملوكية والقدرة على
التسليم، وما اشترطه
البعض في كون الثمن في البيع متمحّضاً في المالية
كالنقود لا يأتي في الأجرة فلا يشترط فيها ذلك، ويمكن أن تكون
متاعاً أو
طعاماً أو غيرهما.ولا بأس في الأجرة أن تكون
عيناً خارجية، أو منفعة عين، أو عملًا.وقد تكون الأجرة
مالًا خارجياً معيّناً أو كلّياً في
الذمّة أو في المعيّن، وقد تكون
مالًا خارجياً مشاعاً،
أو
إسقاط حق.
كما أنّها قد تكون
معجّلة أو
مؤجلة، وقد تكون
مطلقة من دون
اشتراط فيها.
لا خلاف بين فقهائنا في
حرمة أخذ الأجرة على المحرمات، سواء أخذت الأجرة على
العمل المحرم نفسه، كما في
تعليم ما حرّم اللَّه تعالى،
ومعونة الظالمين، وهجاء
المؤمنين،
والغناء- ويستثنى منه أجر المغنّية في
الأعراس- وتدليس الماشطة، وحفظ
كتب الضلال ونسخها،
والسحر والشعبذة ونحوها، أو اخذت على ما يستخدم للغايات المحرّمة، كما في عمل
السلاح لسائر
الكفّار وأعداء الدين، واجرة
المساكن والسفن ونحوها المتّخذة للمحرمات.
نعم، قد يختلف
الحكم في بعض
مسائلها في
الجملة.
ممّا وقع البحث فيه عند فقهائنا هو حكم أخذ الأجرة على
الواجبات، فقد اختلفت كلماتهم في حكم المسألة والتفاصيل التي أوردوها فيه، وهي- باختصار- ما يلي:
۱-
المنع مطلقاً من أخذ الأجرة على الواجبات.
۲- التفصيل بين
الواجب التعبدي والواجب التوصلي، فيجوز الأخذ في الثاني دون الأوّل، حكاه
الشيخ الأنصاري عن
المصابيح عن
فخر الدين.
۳- التفصيل بين
الكفائي التوصلي حيث يجوز أخذ الأجرة عليه، وبين غيره فلا يجوز.
۴- التفصيل بين الواجبات التي تجب على الأجير عيناً أو كفاية
وجوباً ذاتياً فلا يجوز فيها الأخذ، وبين
الواجبات التوصلية الكفائية،
كالصناعات الواجبة كفاية لانتظام
المعاش فيجوز فيها أخذ الأجرة.
۵- التفصيل بين ما كان
الغرض الأهم منه
الآخرة فلا يجوز أخذ الاجرة عليه، وبين ما كان الغرض الأهم منه
الدنيا فيجوز أخذها.
۶- التفصيل بين الواجب التعبدي حيث لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقاً، وبين التوصلي حيث يفصل فيه بين الكفائي والعيني، فيجوز في الأوّل مطلقاً ويفصّل في الثاني بين ما كان وجوبه
للضرورة أو لحفظ النظام وبين غيره، فيجوز في الأوّل ويمنع في الثاني.
وهذا القول حكاه
السيد محمّد بحر العلوم عن جدّه في
المصابيح.
۷- التفصيل بين
الواجب العيني التعييني والكفائي التعبدي، فلا يجوز أخذ الأجرة فيهما، وبين الكفائي التوصلي
والتخييري فيجوز.
۸- جواز أخذ الأجرة على الواجب مطلقاً، ما لم يدل
دليل على عدم جواز الأخذ- كما في بعض الموارد- ولزوم
الإتيان به مجاناً. حيث بحث المقام من جهة
منافاة أخذ الاجرة للوجوب، ومن جهة منافاة الأخذ
للعبادية، سواء أ كان
العمل العبادي واجباً أو
مستحباً، وقد ثبت في محلّه عدم المنافاة بين أخذ الأجرة على الواجب وبين كلتا
الجهتين.
الإفتاء، واختلفت كلماتهم في المقام، ويمكن تصنيفها إلى أقوال ثلاثة:
القول بالحرمة مطلقاً، وهو
القول المشهور،
سواء كان القضاء قد وجب عليه عينياً أو كفائياً أو كان مستحباً، مع
الحاجة وعدمها، من المتحاكمين كان أخذ الأجرة أو من أحدهما أو
أهل البلد أو
بيت المال.
القول
بالكراهة.
التفصيل بين ما إذا تعيّن عليه
القضاء فيحرم أخذ الأجرة مطلقاً، وبين عدم التعيّن فالأولى
المنع،
أو قيل بالكراهة.
وقال
السيد الخوئي: «لا وجه لذكر هذا التفصيل في المقام؛ فإنّ حرمة الأجرة على القضاء لكونه واجباً عينياً أو كفائياً من صغريات البحث عن أخذ الأجرة على الواجب... فمقتضى الاطلاقات الدالة على حرمة أخذ الأجرة على الحكم هو عدم
الفرق بين
صورتي الاحتياج إلى أخذ الأجرة
والانحصار وبين عدمهما».
وللتفصيل يراجع محلّه.
ذهب المشهور من فقهائنا إلى وجوب
الشهادة تحمّلًا وأداءً، كما يظهر من كلماتهم،
وعليه يكون أخذ الأجرة على الشهادة من صغريات أخذ الأجرة على الواجبات أيضاً، وقد تقدّم أيضاً ذهاب المشهور إلى حرمة أخذها عليه.وقد
وافق بعض الفقهاء المشهور في الحكم بخصوص الأداء فقط،
وناقش في اطلاق الحكم وشموله التحمّل.وذهب
البعض الآخر إلى جواز أخذ الأجرة على الشهادة مطلقاً،
منع من
الخارج، فمع عدم وجود ما يمنع من أخذها في أدلّة الشهادة، يجوز أخذ الاجرة على الشهادة.وبناءً على ما تقدّم من الأقوال والمباني يمكن توجيه الحكم في الموارد الاخرى من قبيل: أخذ الأجرة على
الأذان، وأخذها على تجهيز
الميت، وأخذها مقابل
الصلاة بالناس جماعة، وغيرها من الواجبات
والقربات.
قد يتّفق أحياناً أن يتمّ
الاستئجار على عمل أو عين من دون أن يعيّن طرفي الإجارة
مقدار المسمّى من الأجرة، أو قد يتّفق أن يتبيّن بطلان عقد الإجارة وعدم صحّته بعد استيفاء
المنفعة. وحينئذٍ لو لم يلزم شيء للأجير أو مؤجر العين يلزم الظلم، فلا بد من عوض لمنفعته، وهو المراد بأُجرة المثل، وهو ما جرى
العرف بدفعه لمثل الشيء المؤجر في مثل مدته وشروطه، بمعنى أنّه يقدّر عمله عند العرف فما عيّنوه من الأجرة على عمله فهو أجرة المثل.
قال
المحقق النجفي: «كل
موضع يبطل فيه عقد الإجارة يجب فيه
أجرة المثل مع استيفاء المنفعة أو بعضها، سواء زادت عن المسمّى أو نقصت عنه، بلا خلاف أجده فيه في شيءٍ من ذلك».
ونحوه كلام
الشيخ الأنصاري في
المكاسب وغيره.
وفصّل البعض في المقام فأثبت أجرة المثل في حال
الجهل بفساد الإجارة عند الاقدام عليها، دون الاقدام عليها مع العلم بالفساد.
واحتمل البعض الآخر لزوم أقل الأمرين من اجرة المثل وأجرة المسمّى عند الاقدام على الإجارة مع العلم بالفساد، وأنّه لا وجه للرجوع إلى أجرة المثل دائماً، قال
المحقق الأردبيلي: «ويجيء هنا أيضاً احتمال أقل الأمرين؛ لأنّا لا نسلّم أنّ كلّما بطلت الاجرة المعيّنة لبطلان العقد ولم يكن العمل تبرعاً يلزم اجرة المثل».
كون
المالك بنفسه مقدماً على
إلغائه واسقاطه وسلب احترامه... أنّه لا يضمن للمالك أو العامل إلّا أقلّ الأجرتين من
المثل أو المسمّاة».
ممّا لا خلاف فيه بين الفقهاء
أنّ الأجرة تضمن
للحرّ لو استخدم، قال المحقق النجفي: «لو استخدم الحرّ فعليه الأجرة، بلا خلاف أجده فيه، بل ولا
إشكال؛ لأنّ منفعته متقومة حينئذ، فهو كمن أخذ مال غيره، ولو لأنّ منفعته
المزبورة تقابل بمال».
ذهب المشهور إلى عدم ضمان الأجرة فيما لو
حبس شخص صانعاً حرّاً مدة ولم يستخدمه فيها؛ نظراً إلى أنّ منافع الحرّ لا تدخل تحت
اليد تبعاً للحرّ.
وقد قوّى البعض احتمال
الضمان في هذه الصورة.
نعم، لو استأجر شخص الحرّ لعمل في مدّة معيّنة فحبسه ولم يستخدمه فيها، فالمشهور هو
استقرار الأجرة عليه، قال المحقق النجفي: «استقرت الأجرة عليه قولًا واحداً، كما عن
المهذب البارع، ولا
نزاع فيه كما في
جامع المقاصد، ولعلّه- بعد ارادة
الإجماع منه-
الحجّة بعد اقتضاء عقد الإجارة ملك الثمن، وعدم الاستيفاء إنّما كان لتقصير من المستأجر، وقد فات
الزمان،
والأصل عدم بطلانها، كما أنّ الأصل عدم قيام غير الزمان الذي هو متعلّق العقد مقامه».
وأمّا لو استأجره على عمل ولم تكن المدّة معيّنة، ثمّ
اعتقله مدّة ليمكن فيها استيفاء العمل ولم يستوفه، وبذل الأجير نفسه للعمل ولم يستوفه منه، فقد
تردد البعض في الحكم بضمان الأجرة،
وحكم بعض بعدم الضمان،
وبنى البعض الآخر
المسألة على أنّ إجارة الحرّ نفسه تمليك للمنافع فيضمن المعتقل اجرته، أو
التزام العمل في ذمّته فلا يضمن،
وأطلق بعض الحكم بالضمان، بلا فرق بين تعيين المدّة وعدمها.
انظر ما تقدّم في أجرة المثل وما يعتبر في لزومها.
ذهب بعض الفقهاء إلى القول بضمان الأجرة للعامل في
المضاربة لو
فسخ العقد ولم يكن ربح بعد، سواء كان الفسخ قهرياً، كما لو مات صاحب المال، أو كان من قبل المالك، وقالوا
باستحقاقه أجرة المثل إلى وقت الفسخ؛ وذلك لأنّ عمله محترم وقد
صدر بإذن المالك لا على وجه
التبرع.
وقال الآخرون بعدم الضمان؛ لأنّه أقدم على العمل بحصة من
الربح على تقدير وجوده، ومع عدم ظهور الربح لا شيء له، والمالك مسلّط على الفسخ حيث شاء.
وكذا (لا يضمن المالك الأجرة) إذا كان الفسخ من قبل العامل، وقد ذهب إليه الكل عدا
العلّامة الحلّي في
التذكرة.
۱-ضمان المرتهن أجرة المنافع التي تصرّف بها من العين المرهونة.
۲-ضمان المستأجر المتعدي أجرة المنافع عما زاد عن الإجارة.
۳-ضمان أجرة المنافع المغصوبة.
الموسوعة الفقهية ج۵، ص۲۴۵-۲۵۱.