الإعراب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى الرفع والنصب والجرّ والجزم عند
النحويين وبمعنى
الإفصاح عند
اللغويين .
الإعراب عند اللغويين:
الإفصاح والإيضاح والإبانة عن الشيء، وعدم
اللحن في
الكلام .
وعند
النحويين : الرفع والنصب والجرّ والجزم، وصفات البناء، وهي: الضمّ والفتح والكسر والسكون.
ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن المعنى اللغوي.
تعرّض
الفقهاء لأحكام مرتبطة بالإعراب في
الصلاة :
وقراءة القرآن والأدعية والأذكار ، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
هناك جوانب عدّة للإعراب في الصلاة، أهمّها:
أ- يستحبّ
ترك الإعراب في أواخر فصول
الأذان والإقامة ، إلّاأنّه يجعل
الوقوف على آخر الفصول في الإقامة أقصر منه على آخر الأذان،
فقد ورد عن
زرارة ، قال: قال
أبو جعفر عليه السلام: «الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء، والإقامة حدر».
ب- يجب إعراب آخر
تكبيرة الإحرام إذا تمّ وصلها بكلمةٍ بعدها،
وإلّا استحبّ ترك الإعراب.
ج- صرّح كثير من الفقهاء
بوجوب الإتيان بالإعراب المتلقّى عن صاحب
الشرع في قراءة
الحمد والسورة في
الصلاة ، فلو أخلّ به
عامداً بطلت صلاته،
وهو المشهور
بين الفقهاء، بل ادّعي
الإجماع عليه؛
وذلك لأنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلّى بالإعراب وقال: «صلّوا كما رأيتموني اصلّي».
د- يشترط في
إمام الجماعة النطق الفصيح بالقراءة ومعرفة إعراب الكلمات بشكل صحيح.
ه- لم يصرّح الفقهاء بلزوم
مراعاة الإعراب وعدمه في
خطبتي صلاة الجمعة .
نعم، صرّح بعضهم بأنّه ينبغي أن يكون
الإمام فصيحاً
بليغاً ، صادق
اللهجة ، لا يلحن في الخطبة، ولا يأتي بألفاظ غريبة أو وحشية؛ لبعدها عن
الأفهام .
ذكر بعض الفقهاء أنّ المراد بالإعراب في قراءة
القرآن هو ما تواتر نقله منه في القرآن لا ما وافق العربيّة، فإنّ القراءة سنّة متّبعة،
وهو حسن مع عدم
العلم بكون ذلك الإعراب الخاص من قياسات القرّاء
ومقتضيات قواعدهم في العربيّة،
بناءً على ما حكي من أنّ المصاحف كانت في الصدر الأوّل غير معرّبة ولا منقّطة، وأنّ
أبا الأسود الدؤلي أعرب مصحفاً واحداً في زمن
معاوية .
ويؤيّد ذلك ما ذكر في سبب
تدوين النحو من أنّ رجلًا قرأ بمسمع من
أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالى: «أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ»
- بالجرّ- فأمر عليه السلام أبا الأسود بتدوين النحو، ولقّنه بعض قواعده.
نعم، دعوى كون جميع إعرابها موكولًا مفوّضاً إلى ما يقتضيه قواعد العربية خلاف الظاهر، بل
المقطوع ؛ إذ الظاهر أنّ أكثر الإعرابات والنقط كانت محفوظة في الصدور بالقراءة على مشايخها خلفاً عن سلف؛ لأنّ اهتمام
الصحابة والتابعين بالقرآن أشدّ من أن يهملوا الإعرابات والنقط المتلقاة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ
أئمة القراءة لا يعملون بشيء من حروف القرآن على الأفشى في
اللغة والأقيس في
العربية ، بل على الأثبت في الأثر والأصحّ في
النقل ، وإذا ثبتت
الرواية لم يردّها قياس عربية ولا فشو لغة؛ لأنّ القراءة سنّة متّبعة.
وبالجملة، إن علم كون الإعراب الخاص المضبوط في المصاحف مأثوراً عن مهبطه فلا إشكال في
وجوب اتّباعه ، وكذا إن احتمل ذلك؛ لعدم العلم بكون غيره قرآناً بمادّته وصورته،
وادّعي عدم الخلاف
- بل
الإجماع - على وجوب الإعراب في القراءة.
ولكن في التذكرة أنّه أقوى القولين.
والظاهر أنّ ذلك
إشارة إلى ما يحكى عن السيّد من كون
الإخلال بالإعراب غير المغيّر للمعنى
مكروهاً ، حكاه عنه في
الذخيرة .
واقتصر في
المعتبر والمنتهى على نسبة
الجواز إلى بعض الجمهور.
وناقش بعض
الفقهاء القول بالجواز بأنّ
ضعفه ظاهر؛ لأنّ الإخلال بالإعراب مطلقاً إخلال بالجزء الصوري للقراءة المأمور بها، كما صرّح به بعضهم،
فيكون
منهيّاً عنه، فيخرج من القرآن إلى كلام الآدميين.
وأمّا مع العلم بكونه عن قياس عربي في مذهب بعض القرّاء- بل وكلّهم- فالظاهر عدم وجوب متابعتهم، وجواز القراءة بغيره إذا وافق العربية.
والحاصل: أنّ المتّبع من الإعراب الموجود في المصاحف ما لم يعلم
استناده إلى
القياس .
يستحبّ
المحافظة على لفظ
الدعاء وإعرابه بحيث لا يلحن فيه، فإنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى اللَّه، ويتأكّد ذلك في الأدعية المأثورة؛
لرواية
أحمد بن فهد عن
أبي جعفر الجواد عليه السلام قال: «ما استوى رجلان في
حسب ودين قطّ إلّاكان أفضلهما عند اللَّه عزّوجلّ آدبهما» قال: قلت: جعلت فداك، قد عرفت فضله عند الناس في النادي والمجالس، فما فضله عند اللَّه عزّوجلّ؟ قال: «بقراءة القرآن كما انزل، ودعائه اللَّه عزّوجلّ من حيث لا يلحن، وذلك أنّ الدعاء الملحون لا يصعد إلى اللَّه عزّوجلّ».
فيجوز قراءة الدعاء والأذكار
المندوبة بغير الإعراب المأثور إذا وافق العربية؛ لأنّ الإعراب من حيث هو ليس مقوّماً للكلام النوعي وإن كان مقوّماً للشخصي، حيث إنّه من أجزائه الصورية كحركات البنية المقوّمة لهما، ولذا لو قرأ أحد دعاء
الصحيفة بأحد إعرابين صحيحين لغة، مع عدم علمه بموافقة الإعراب الذي أعربه
سيّد الساجدين عليه السلام صدق عليه أنّه قرأ دعاء الصحيفة، ولو سلبه عنه أحد كان
كاذباً في سلبه؛
إذ الظاهر عدم كون محرّفات الأعوام من اللغات والحقائق العرفية؛ لعدم
إرادة الوضع فيها منهم، بل المقصود لهم الجريان على مقتضى الوضع السابق إلّاأنّهم لم يحسنوا
التأدية لآفة في ألسنتهم من ممارسة غير الفصحاء، فهي حينئذٍ من
الأغلاط والمهملات التي لم توضع لمعنى، إلّاأنّه لم يخرج بذلك عن صدق الدعاء عرفاً كغير الموافق للعربية في
الكيفية .
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۴۸-۵۱.