الاحتشاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
امتلاء الشيء بشيء آخر.
احتشاء وزان افتعال من الحشو بمعنى الامتلاء،
تقول: حشوت
الوسادة وغيرها حشواً إذا أدخلت الحشو فيها،
وسمّي
القطن حشواً لأنّه يُحشى به.
وفي
حديث المستحاضة: «أَمرها أن تغتسل، فإن رأت شيئاً احتشت» أي استدخلت شيئاً يمنع
الدم من
القطر.
ولا يخلو استعمال
الفقهاء له عن
معناه اللغوي، نعم أكثر استعماله عندهم في المستحاضة
والحائض.
وهو وضع
التكة والعصابة على الحشو عند
سيلان الدّم، ففي حديث المستحاضة: «استثفري وتلجّمي» أي اجعلي موضع خروج الدّم عصابة تمنع الدّم تشبيهاً
باللّجام في
فم الدّابة.
قال
الطريحي: «
الاستثفار أن تأخذ
خرقة طويلة عريضة تشدّ أحد طرفيها من قدّام وتخرجها من بين
فخذيها وتشدّ طرفها الآخر من وراء بعد أن تحتشي بشيء من القطن تمنع من سيلان الدّم» وبمثل ذلك فسّرت اللّجمة.
وهو مطلق التحفّظ من تعدّي الدّم سواء كان باحتشاء أو زيادة
التلجم.
يختلف
حكم الاحتشاء باختلاف الحالات والموارد التي نشير إلى أهمها فيما يلي:
يجب على المستحاضة منع الدّم من التعدّي بقدر الإمكان بحشو
فرجها بقطن أو غيره- مع أمن الضرر-
لصلاتها،
وقيل: لصومها أيضاً،
وهو المنسوب إلى صريح جماعة وظاهر آخرين،
بل ادعي عدم الخلاف فيه.
واعتبر بعضهم عدم
صلابة القطنة لئلّا يمنع من
نفوذ الدّم بأن تكون مندوفة.
وتدلّ على الحكم
طائفة من
الأخبار كصحيحة
معاوية بن عمار وصحيحة الحلبي
وموثّقة
زرارة ففيها: «ثمّ هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلّي كلّ صلاة
بوضوء»
وغيرها.
يستحب الاحتشاء للحائض عند
إرادتها الجلوس في
مصلّاها للذكر
أوقات الصلاة،
وظاهر عبارة
النهاية والمحكي عن
ابن بابويه الوجوب عند ذلك،
بل ظاهر
ابن حمزة الوجوب مطلقاً حيث قال: «الفعل الواجب (للحائض) ثلاثة:
احتشاء الموضع
بالكرسف والاستثفار ومنع
الزوج من
الوطء».
وعطف الأخير شاهد على أنّه ليس بصدد بيان ما يجب للصلاة.
وأمّا الاحتشاء عند
الإحرام فإنّه واجب عليها كما في
التذكرة حيث قال: «والحائض تحرم
كالرجل إلّا أنّها تحتشي وتستثفر وتتوضأ وضوء الصلاة، ولا تصلّي
للحيض».؛
لورود الأخبار به كصحيحة
معاوية بن عمّار قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الحائض تحرم وهي حائض؟ قال: «نعم، تغتسل وتحتشي وتصنع كما يصنع المحرم ولا تصلي».
أو لاشتراط
ثوبي الإحرام بما يشترط به
ثوب المصلي من
الطهارة و... ومانعية غير المعفو من
النجاسة كما صرح به غير واحد
فوجوب الاحتشاء والاستثفار عندئذ إنّما هو للتحفّظ من تعدّي الدّم
وتلوّث الثوب.
يجب على
المسلوس والمبطون والمجروح التوقّي من خروج
البول والغائط والدّم بقدر الإمكان عند الصلاة، بربط
خرقة محشوّة بالقطن أو بربط
كيس يجعل فيه القطن في البول؛
لرواية حريز عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «إذا كان الرجل يقطر منه البول والدّم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيساً وجعل فيه قطناً ثمّ علّقه عليه وأدخل ذكره فيه ثمّ صلّى ويجمع بين الصلاتين...».
وأيضاً عن منصور بن حازم عنه عليه السلام قال: «إذا لم يقدر على حبسه فاللَّه أولى
بالعذر يجعل خريطة»؛
ولأنّ كلّ واحد ممّا ذكر نجاسة فيجب الاحتراز منها بقدر الإمكان.
يستحب حشو
دبر الميت وقُبله، بل كلّ موضع يخاف خروج شيء منه حين
الغسل أو بعده تحفّظاً من تلوّث
بدنه وكفنه،
وادّعي عليه إجماع الفرقة.
ولكن اختلفوا في كيفيته، فالظاهر من كثير منهم لزوم إدخال القطن في الموضع،
ومن بعضهم كفاية وضعه عليه.
لو حشت
المرأة أو الرجل
رأسهما بحشوٍ فإن كان الحشو رقيقاً لا يمنع من وصول
الماء إلى الرأس فلا يجب إزالته للغسل، وإن كان
ثخيناً يمنع منه يجب إزالته، وكذلك
الدهن ومثله.
اختلف الفقهاء في جواز لبس الثوب المحشوّ
بالإبريسم والصلاة فيه للرجل، فذهب بعضهم إلى
الجواز؛
لعدم صدق لبس الإبريسم، وبعضهم إلى المنع؛
للصدق، وفي
الحدائق: «فالمسألة لا تخلو من
شوب الإشكال»،
وفي
جواهر الكلام: «
الأحوط التجنّب».
وتفصيله في فروع
لباس المصلي.
لو حشى
المحرم جرحه بالطيب فعليه
كفارة استعمال الطيب.
من جملة
النفقة الواجبة
للزوجة على الزوج الثياب المحشوّة
واللّحاف عند شدة
البرد ونحوه.
إذا اختلف الزوجان فقال الزوج أصبتها وأنكرت هي:
تُؤمر بأن تحشو قبلها
خلوقاً وامر بوطئها فيُصدّق مع ظهور الخلوق على
العضو؛ لرواية
عبد اللَّه بن فضل الهاشمي عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام: في رجل تدّعي عليه امرأته أنّه
عنين وينكر الرجل، قال: «تحشوها
القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل... فإن خرج وعلى
ذكره خلوق صُدّق وكذبت، وإلّا صُدّقت».
وقال الشيخ: «هذا هو المعمول عليه».
«متى ثبت اعتبار حشو الخلوق
شرعاً كان ذلك طريقاً رابعاً يستعمل به ثبوت
العنة وانتفاؤها»،
ولكن جعله الشيخ نفسه في
النهاية رواية وحكم بتصديق الرجل مع يمينه،
وكأنّه
لضعف الرواية كما صرّح به بعض المتأخّرين،
وكلّ ذلك في
الثيب دون
البكر كما هو واضح، وظاهر تقييد المحقّق عبارته به أيضاً ذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۵۹-۶۳.