الاستغاثة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي طلب الغوث عند
الضيق وطلب الإغاثة أو
الإعانة.
الاستغاثة- لغة-: طلب
الغوث الذي هو
العون والنصرة بالنداء والصياح في مورد
البليّة والشدّة.
وليس للفقهاء فيها اصطلاح خاص.
وهي طلب العون،
وهي أعمّ من الاستغاثة؛ لكونها في الشدائد وغيرها، وتكون بالنداء والصياح وغيره.
وهي طلب
الإجارة - من جور- أي إعطاء
الخفرة والأمان ،
وهي غير الاستغاثة وإن صدقا واجتمعا في بعض الحالات.
الاستغاثة تارة تكون باللَّه تعالى، واخرى بغيره، ولكلّ من هذين القسمين
أحكام تتّضح فيما يلي:
هناك
روايات كثيرة ورد
الترغيب فيها بالاستغاثة باللَّه تعالى واللوذ به في الشدائد، نحو ما ورد في
الحديث القدسي :«يا
عيسى ، استغث بي في حالات الشدّة؛ فإنّي اغيث
المكروبين ، واجيب
المضطرّين ، وأنا أرحم الراحمين».
الأصل جواز الاستغاثة بغير اللَّه تعالى في
قضاء الحوائج ورفع الشدائد ما لم تستلزم
محرّماً ،
كاعتقاد استقلال المغيث في
التأثير دونه تعالى.
والاستغاثة بغير اللَّه تعالى لا تنافي
التوكّل عليه تعالى،
كالاستغاثة
بالنبي وآله صلوات اللَّه عليهم أجمعين التي هي جائزة بلا إشكال، فقد كان
المسلمون يقصدون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشدائد والمكاره فيقضي حوائجهم، وممّا يرشد إلى ذلك قوله تعالى: «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً»،
واستشهد بها السيّد الخوئي في صراط النجاة
وقوله تعالى: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ»؛
واستشهد بها الشيخ التبريزي مؤيّداً ما ذكره استاذه السيد الخوئي.
لأنّ مرجع الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم
وبأهل بيته إلى الاستغاثة باللَّه تعالى والتعلّق به، من هنا لا يكون بأس بوقوعه في
الصلاة .
هذا، وقد وردت في الاستغاثة ببعض
المعصومين من خلال الصلاة أو
الكتابة ، إليهم أو نحو ذلك عدّة روايات:
منها: ما روي في الاستغاثة
بالزهراء عليها السلام في الصلاة
ركعتين يسجد المصلّي بعدهما ويقول مئة مرّة: (يا مولاتي يا فاطمة، أغيثيني)، ثمّ يضع خدّه الأيمن على
الأرض ويقول مثل ذلك، ثمّ يضع خدّه الأيسر ويقول مثله، ثمّ يسجد ثانياً ويقول ذلك مئة وعشر دفعات، ثمّ يدعو، ويقول: (يا آمناً من كلّ شيء وكلّ شيء منك خائف حذر...).
ومنها: روايات الاستغاثة
بالحجّة المنتظر عجّل اللَّه تعالى فرجه:فقد روي فيها صلاة ركعتين يصلّيهما المستغيث به تحت
السماء ، ثمّ يتوجّه من مكانه
لزيارته عليه السلام ويقول: (سلام اللَّه الكامل التام...)، ثمّ يطلب حاجته.
وروي أيضاً أنّ الاستغاثة به- صلوات اللَّه عليه- تكون أيضاً بكتابة المستغيث
رقعة يشكو فيها حاجته ثمّ يلقيها في
الماء .
وتفصيل ذلك موكول إلى
كتب الأدعية ، فليراجع.
ومنها: ما روي في الاستغاثة
بالأئمة عليهم السلام جميعاً:فعن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا كانت لأحدكم استغاثة إلى اللَّه تعالى فليصلِّ ركعتين، ثمّ يسجد ويقول:يا
محمّد يا
رسول الله ، يا
علي يا سيّد المؤمنين والمؤمنات، بكما أستغيث إلى اللَّه تعالى. يا اللَّه، يا محمّد، يا عليّ، أستغيث بكما، يا غوثاه، باللَّه وبمحمد وعلي وفاطمة- وتعدّ الأئمة عليهم السلام- بكم أتوسّل إلى اللَّه عزّوجلّ».
ذكر بعض
الفقهاء أنّ من فروض
الكفايات دفع
الضرر عن المؤمنين
وإزالة فاقتهم وإغاثة المستغيثين منهم في النائبات
إن لم يلحق بالمغيث ضرر؛
لرواية
عاصم الكوزي عن
أبي عبد الله عليه السلام: «أنّ
النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:... من سمع رجلًا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم»؛
ولذا يحرم أخذ
الأجرة على إغاثة المستغيث؛ لكونها من فروض الكفايات.
هذا، وقد وردت في إغاثة
الملهوف روايات كثيرة جاء في بعضها: أنّها من «أفضل المعروف»،
وأنّها
كفّارة للذنوب العظام.
وورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من أغاث ملهوفاً كتب اللَّه له ثلاثاً وسبعين
حسنة ، واحدة منها يصلح بها
آخرته ودنياه ، والباقي في
الدرجات ».
بل في بعضها: أنّ تركها من «الذنوب التي تنزل
البلاء ».
ليس هناك صيغة معيّنة للاستغاثة باللَّه تعالى ولا في غيرها، فيمكن الاستغاثة باللَّه تعالى بعبارة (يا غياث المستغيثين) ونحوها، والاستغاثة في غيرها بعبارة (يا نبيّ اللَّه) أو (يا فاطمة أغيثيني) وغير ذلك، كما هو واضح، ويستفاد من الروايات المتقدمة وغيرها.
الموسوعة الفقهية ج۱۲، ص۶۶-۶۸.