• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الانقلاب

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



هو تحوُّلُ الشيءِ عن وجهه والأصل في هذه المادّة هو التحوّل المطلق في أمر مادي أو معنوي.




الانقلاب: من قلبت الشي‌ء فانقلب، أي انكبّ وتحوّل. ويأتي بمعنى الرجوع، والانصراف .
[۳] المفردات، ج۱، ص۶۸۱.
والأصل في هذه المادّة هو التحوّل المطلق في أمر مادي أو معنوي، فالقلب المادي كما في قوله تعالى: «وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ»، والمعنوي كما في قوله تعالى: «وَإِنَّا إِلَى‌ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ»
[۶] التحقيق في كلمات القرآن، ج۹، ص۳۰۳- ۳۰۴.
أي راجعون.



يستعمل الفقهاء هذا اللفظ في نفس المعنى اللغوي كما في قولهم: انقلاب العقد اللازم إلى جائز، وانقلاب النكاح المنقطع إلى الدائم ونحو ذلك، فإنّه في مثل هذه الموارد مجرد استعمال؛ إذ قد يعبّر عن ذلك بالتبدّل والتحوّل والصيرورة وغير ذلك. نعم، لديهم في باب الطهارة والأطعمة والأشربة استعمال خاص لهذه اللفظة يعنون به تحوّل الخمر إلى الخلّ، وهذا وإن كان راجعاً إلى المعنى اللغوي إلّا أنّهم استعملوه في البابين المذكورين بحيث صار كأنّه اصطلاح خاص، وعدّوه من المطهّرات مستقلّاً أو من أفراد ومصاديق الاستحالة - على الخلاف في المسألة- كما سيأتي آنفاً.




۳.۱ - الاستحالة


وهي- لغةً- تغيّر الشي‌ء عن طبعه ووصفه، وخروجه عن حالة إلى حالة أخرى.
[۷] المصباح المنير، ج۱، ص۱۵۷.
وفي الاصطلاح أيضاً تحوّل جسم إلى جسم آخر.
[۹] القاموس المحيط، ج۱، ص۲۷۶.
والفرق بينهما أنّ الاستحالة عبارة عن‌ تبدّل الحقيقة النوعية كتبدّل الكلب ملحاً مثلًا، والانقلاب هو تبدّل الوصف وإن بقي ذات الجسم على حقيقته كتبدّل الخمر خلّاً.
[۱۱] مشارق الأحكام، ج۱، ص۲۵۹.
كما أنّ ما يدلّ على الانقلاب من الأدلّة غير ما يدلّ على مطهّرية الاستحالة.
[۱۳] مصباح الهدى، ج۲، ص۳۱۳.
ومن هنا أفرد جماعة من الفقهاء الانقلاب بالذكر،
[۱۷] كشف الالتباس، ج۱، ص۴۳۰.
[۲۱] مفتاح الكرامة، ج۱، ص۱۸۹.
وقالوا في افتراقهما:
إنّ الاستحالة تكون مطهّرة للمتنجّسات والنجاسات، دون الانقلاب فإنّه لا يكون مطهّراً إلّاللنجاسات.
[۲۷] فقه الشيعة، ج۵، ص۳۲۸.
وجعل بعضهم الانقلاب من الاستحالة،
[۲۸] مجمع الفائدة، ج۱، ص۳۵۴.
أو قسماً منها،
[۲۹] الذخيرة، ج۱، ص۱۷۲.
[۳۰] تحرير الوسيلة، ج۱، ص۱۱۷.
أو من صغرياتها، ولم يفرّق بينهما.قال السيّد الخوئي - في مقام إثبات أنّ الانقلاب فرد من الاستحالة-: «إنّ تبدّل الخمر خلّاً وإن لم يكن من التبدّل في الصورة النوعيّة لدى العقل؛ لوحدة حقيقتهما- بل التبدّل تبدّل في الأوصاف كالإسكار وعدمه- إلّاأنّه من التبدّل في الصورة النوعية عرفاً». ثمّ صرّح بأنّه لا منافاة بين اتّحادهما وإفراد بعضهم الانقلاب بالذكر؛ لأنّ ذلك بسبب وجود بعض الخصوصيات التي تختلف فيها مطهّرية الاستحالة عن مطهّرية الانقلاب، وهي كون الاستحالة إنّما تطهّر نفس المستحال أو المنقلب إلى الخلّ، وأمّا الانقلاب فهو زوال عنوان النجاسة والحرمة في الخمر والإناء معاً. ومن جهة اخرى: الاستحالة تقتضي الطهارة والحلية مطلقاً، سواء حصلت بنفسها أو بالعلاج، مع أنّ الانقلاب بعلاج مع بقاء المعالج به في الخلّ لا يوجب‌ الحكم بالطهارة والحلّية؛ لتنجّسها بعد استحالتها بنجاسة ما عولج به الذي تنجّس قبل الاستحالة، والاستحالة هنا إنّما هي في الخمر خاصة لا فيما عولجت به، فلا تحصل الطهارة والحلّية.



البحث الفقهي في مطهرية الانقلاب يكون في عدّة جهات، فتارة يكون في أصل مطهّريته، واخرى في دائرة هذه المطهّرية، وثالثة في شروطها، والتفصيل كما يلي:

۴.۱ - أصل مطهّرية الانقلاب


لا إشكال في مطهّرية الانقلاب بنفسه من دون علاج ،
[۴۱] تحرير الوسيلة، ج۲، ص۱۶۶.
[۴۲] مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۶.
بل هو المتّفق عليه بين المسلمين،
[۴۴] مصباح الهدى، ج۲، ص۳۱۴.
كما أنّه مطهّر لو كان بفعل الإنسان على المشهور بينهم.
[۴۶] مفتاح الكرامة، ج۱، ص۱۸۹.
قال العلّامة الحلّي : «الخمر إذا انقلب بنفسه طهر، وهو قول علماء الإسلام ؛ لأنّ المقتضي للتحريم والنجاسة صفة الخمرية وقد زالت. وأمّا إذا طرح فيها شي‌ء طاهر فانقلب خلّاً طهر عند علمائنا». نعم، توقّف الشهيد الثاني في أصل العلاج بالأجسام، وهو مسبوق بالإجماع المدّعى وملحوق به.
ودليل المطهّريّة روايات مستفيضة:
منها: ما هو مطلق يشمل بإطلاقه ما تبدّل بنفسه وما تبدّل بعلاج، مثل:موثّق عبيد بن زرارة ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلّاً، قال: «لا بأس».
وموثّقته الاخرى عنه عليه السلام أيضاً في الرجل إذا باع عصيراً فحبسه السلطان حتى صار خمراً فجعله صاحبه خلّاً، فقال: «إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس به».
ومنها: ما هو مصرّح فيه بحلّية وطهارة ما انقلبت بعلاج، مثل: رواية عبد العزيز ابن المهتدي ، قال: كتبت إلى الإمام الرضا عليه السلام : جعلت فداك، العصير يصير خمراً فيصبّ عليه الخلّ وشي‌ء يغيّره حتى يصير خلّاً، قال: «لا بأس به».
كما أنّ هذه الروايات تدلّ بإطلاقها على عدم الفرق بين ما كان المعالج به مائعاً أو جامداً أو باقياً أو هالكاً. نعم، وردت روايات ظاهرها تخصيص الحكم بما إذا انقلبت بنفسها، مثل: رواية أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سئل عن الخمر يجعل فيها الخلّ، فقال: «لا، إلّاما جاء من قبل نفسه». وهي ظاهرة في نجاسة الخمر المنقلب بالعلاج، لكن رواية ابن المهتدي المتقدّم صريح في الجواز، فيتصرّف في ظاهر هذا الخبر ونحوه بحمله على الكراهة ؛ ولذا قال بعضهم: يستحبّ أن لا يغيّر بشي‌ء يطرح فيه بل يترك حتى يصير خلّاً من قبل نفسه.
[۶۲] مجمع الفائدة، ج۱، ص۳۵۵.
وفي الأخير أفضلية الاجتناب عمّا صار خلّاً بعلاج؛ للخبر الصحيح الدالّ على المنع حينئذٍ.

۴.۲ - دائرة مطهّرية الانقلاب


وقع البحث لدى الفقهاء في أنّه هل تختصّ مطهّرية الانقلاب بانقلاب الخمر خلّاً أو تعمّ ما إذا انقلبت شيئاً آخر كالماء أو مائع طاهر آخر؟وكذا في أنّها هل تختصّ بانقلاب الخمر أم تعمّ كلّ مسكر آخر؟صرّح السيّد الخوئي بالتعميم؛ لانقلابها إلى كلّ سائل طاهر؛ لأنّ المناط هو زوال سكرها وتحوّل الخمر عن اسمها؛ وذلك لموثّقة عبيد بن زرارة المتقدّمة، سواء استند ذلك إلى انقلابها خلّاً، أم استند إلى انقلابها شيئاً آخر. وكذا صرّح بعض الفقهاء بأنّ مطهّرية الانقلاب لا تختصّ بانقلاب الخمر خلّاً؛ لورود ما في الخبر على جهة التمثيل، بل يعمّ كلّ مسكر مائع، فالعصير والفقّاع‌ إذا انقلب خلّاً يطهر.
[۶۴] مصابيح الظلام، ج۵، ص۲۴۲.
[۶۵] مصباح الهدى، ج۲، ص۳۲۰.
وممّن صرّح بذلك السيّد الخوئي حيث اعتبر أنّ ذكرهم الانقلاب في عداد المطهّرات ثمّ تمثيلهم له بانقلاب الخمر خلّاً قرينة على عدم الاختصاص ؛ لأنّ ذلك منهم من باب التمثيل تبعاً للروايات من جهة الغلبة.

۴.۳ - ما يشترط في مطهّريّة الانقلاب


اشترط الفقهاء في مطهّريّة الانقلاب أن لا تصيب الخمر قبل انقلابها خلّاً نجاسة أخرى. قال العلّامة الحلّي: «ولو لاقتها نجاسة اخرى لم تطهر بالانقلاب». وحينئذٍ فلو تقاطر في الخمر بول أو دم ثمّ انقلبت خلّاً لم تطهر بالانقلاب؛ لأنّه لا يطهّر الأعيان النجسة، فالأدلّة قاصرة عن إثبات الطهارة، سواء قلنا بأنّ النجس ينفعل بملاقاة نجس آخر أم لا.أمّا على الأوّل فلأنّ دليل الطهارة بالانقلاب يدلّ على طهارة الخمر بالانقلاب فقط، فتصير خلّاً متنجّساً بالنجاسة الخارجية.وأمّا على الثاني فلأنّ عدم نجاسة الخمر بنجاسة نجس آخر القي فيه لا يلازم زوال نجاسة ذلك النجس الآخر، فتستصحب نجاسته إلى أن تثبت الطهارة، ودليل مطهّرية الانقلاب لا يثبت الطهارة لا بالملازمة العرفية ولا الشرعية.
[۷۳] مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۸.

لكن ذهب الفاضل الأصفهاني إلى أنّ عدم الطهارة هنا مبنيّ على مضاعفة النجاسة، فإن منعت طهرت، واحتمل المقدّس الأردبيلي الطهارة؛ للعموم، خصوصاً إذا كان النجس الملاقي نجس بالخمر.
وكذا استشكل السيّد الخوئي في المسألة قائلًا: «وفيه (الحكم بعدم حصول الطهارة في الفرض‌) أنّ الخمر من النجاسات العينية وهي غير قابلة لأن تتنجّس ثانياً بملاقاة الأعيان النجسة أو المتنجسات، كما أنّ نجاستها غير قابلة للاشتداد بالملاقاة... وعليه لو صبّ بول أو نجس آخر على الخمر لم تزد نجاستها عمّا كانت ثابتة عليها قبل الصبّ، وإنّما نجاستها هي النجاسة الخمرية فحسب، ومعه لا مانع من أن تشملها الأخبار... بل الأمر كذلك حتى إذا قلنا بتنجّس الخمر بالملاقاة؛ وذلك لإطلاق الأخبار حيث دلّت على طهارة الخل المنقلب من الخمر مطلقاً، سواء أصابتها نجاسة خارجية أم لم تصبها؛ وذلك لأنّ ما دلّ على جواز أخذ الخمر لتخليلها غير مقيّد بما إذا اخذت من يد المسلم، بل مقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين أن يؤخذ من يد المسلم أو الكافر ، ومن الواضح أنّ الكافر بل مطلق صنّاع الخمر لا يتحفّظ عليها من سائر النجاسات... نعم، هذا فيما إذا لم تصب النجاسة الثانية للإناء وإلّا فالإناء المتنجّس يكفي في تنجّس الخلّ به بعد انقلابه من الخمر...».

۴.۴ - انقلاب الخمر المستهلك في الخلّ


المشهور بين الفقهاء أنّه إذا ألقي في الخلّ خمر قليل فاستهلكت فيه، لا ريب في نجاسته وعدم طهارته بذلك.
[۷۸] المفاتيح، ج۱، ص۸۱.
[۸۳] مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۹.

لكنّ الإشكال فيما لو بقى إلى زمان ينقلب فيه الخمر خلّاً والمشهور عدم التطهير؛ لأنّه لا يبقى حينئذٍ خمر عرفاً حتى يقال: إنّ الخمر انقلب خلّاً، بل ليس هنا إلّاخلّ متنجّس وبقاء الخلّ المتنجّس لا يوجب تطهيره. خلافاً للشيخ الطوسي فيما إذا مضى زمان ينقلب فيه خلّاً فحكم بالطهارة، حيث قال: «إذا وقع شي‌ء من الخمر في الخلّ لم يجز استعماله إلّابعد أن يصير ذلك الخمر خلّاً». وهو المحكي عن ابن الجنيد .
[۸۶] المختلف، ج۸، ص۳۶۴.
وذهب السيّد اليزدي إلى الطهارة إذا علم انقلابها خلّاً بمجرد الوقوع، حيث قال: «إذا وقعت قطرة خمر في حبّ خلّ واستهلكت فيه لم يطهر وتنجّس الخلّ، إلّاإذا علم انقلابها خلّاً بمجرّد الوقوع فيه».
إلّاأنّ السيّد الخوئي ناقش في ذلك بأنّ قطرة الخمر الواقعة في حبّ خلّ لو فرضنا تبدّلها خلّاً قبل ملاقاتهما كما إذا تبدّلت- بفرض غير واقع- بمجرد أن أصابها الهواء فلا ينبغي التردّد في بقاء الخلّ على طهارته؛ لأنّه إنّما لاقى جسماً طاهراً، بل لا يصدق هنا وقوع الخمر في الخل، وأمّا إذا فرضنا انقلابها خلّاً بعد الملاقاة ولو بآن دقّي حكمي فالخلّ محكوم بالانفعال ؛ لأنّه لاقى خمراً، وعليه فلا موقع للاستثناء في كلام السيّد اليزدي. لكن مع ذلك ذهب السيّد السبزواري إلى أنّه يشكل التمسّك بما دلّ على أنّ ملاقاة النجس موجب للانفعال في هذه الصورة؛ لكونه من التمسّك بدليل يشك في موضوعه، كما يشكل التمسّك بما دلّ على مطهّرية الانقلاب أيضاً لذلك، فيرجع إلى استصحاب طهارة الخل بلا دليل حاكم عليها. ثمّ قال: إنّ ما نسب للشيخ إن كان مراده هذه الصورة فهو وإلّا فلم يعلم وجهه.
[۸۹] مهذّب الأحكام، ج۲، ص۹۰.
لكنّ الظاهر أنّ عبارة الشيخ بعيدة عن هذا الفرض؛ لقوله: لم يجز استعماله إلّا بعد أن يصير ذلك الخمر خلّاً، ولم يقل إلّا إذا علم صيرورة الخمر خلّاً، فكلامه ظاهر في الطهارة إذا حصل الانقلاب ولو بعد حين.

۴.۵ - الشكّ في الانقلاب


كلّ ما تقدّم فيما إذا علم بالانقلاب، أمّا لو شكّ في حصول الانقلاب فيحكم ببقاء حالة الخمريّة بمقتضى الاستصحاب حتى يحصل العلم بانقلابه من الخمر إلى الخلّ.
[۹۰] كشف الغطاء، ج۲، ص۳۸۵.
[۹۳] فقه الشيعة، ج۵، ص۳۳۴.
[۹۴] مهذّب الأحكام، ج۲، ص۹۴.




لو رهن خلّاً أو عصيراً ثمّ انقلب خمراً بطل الرهن عند عامّة المسلمين؛ للخروج عن الملكيّة التي هي شرط صحّته، عدا ما نسب إلى أبي حنيفة من عدم بطلان‌ الملك والرهانة. نعم، لو عاد خلّاً عاد إلى ملك الراهن بلا خلاف بين الفقهاء، عدا ما ذهب إليه أبو الصلاح حيث أوجب إراقة الخلّ المنقلب إلى الخمر، وأوجب على الغريم أداء الدين.
[۹۷] الكافي في الفقه، ج۱، ص۳۳۶.




من الواضح أنّ الإمساك بالسلطة لتطبيق الشريعة الإسلامية إذا كان عن طريق استخدام الجيش والقوّات المسلّحة ومع تأييد القاعدة الشعبية ومطالبتها، وضمن إذن الفقيه الجامع للشرائط يكون جائزاً لا إشكال فيه في نفسه، بعد الفراغ عن جواز أصل الإمساك بالسلطة في عصر الغيبة . إلّاأنّ الكلام في استخدام الانقلاب العسكري للإمساك بالسلطة وتطبيق الشريعة وإقامة النظام الإسلامي في عصر الغيبة دون تأييد الشعب لذلك، بل تقوم مجموعة من المؤمنين في القوات المسلّحة بإسقاط النظام غير الشرعي دون أن يكونوا مقبولين من طرف الشعب ليفرضوا النظام الإسلامي بعد ذلك.
يفهم من بعضهم القول بالجواز في هذه الصورة أيضاً بشرط أخذ الإذن من الفقيه الجامع للشرائط، والمستند في ذلك- فيما يبدو- أنّ الشريعة لا يؤخذ فيها رأي الناس، بل يجب عليهم الانصياع لها وتطبّق في حقّهم أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوانين العقوبات الجزائية والجنائية؛ لأنّ تطبيق الشرع غير مرهون باعتقاد الناس به، فإنّ أكثر الناس يسيرون على غير الحقّ، كما نطقت بذلك آيات الكتاب، ولم يؤخذ في أدلّة إقامة النظام الإسلامي قيد رأي الناس.في المقابل يفهم من بعض الفقهاء الآخرين أنّ الشرع وإن لم يؤخذ فيه رأي الناس، إلّاأنّ إجراءه على الصعيد الاجتماعي والسياسي مرهون بقبولهم، وإلّا لا تكون للحاكم الشرعي ولاية فعلية وإن كانت له ولاية شأنية.




انقلاب النسبة مصطلح اصولي، استخدمه علماء الاصول في باب تعارض الأدلّة ليعالج به ما كان التعارض بين أكثر من دليلين.
والمراد به: تبدّل النسبة الموجودة بين المتعارضين إلى نسبة اخرى بلحاظ ورود المعارض الآخر، كما إذا ورد: (أكرم العلماء)، وورد دليل آخر: (لا تكرم النحويّين)، وورد دليل ثالث: (لا تكرم الفسّاق من العلماء)، فإنّه بعد تخصيص العام بدليل (لا تكرم الفسّاق من العلماء) انقلبت النسبة بين (أكرم العلماء) و (لا تكرم النحويّين) من العموم المطلق إلى العموم من وجه، فلو لوحظت نسبة الأدلّة بينها بهذا الترتيب فلا محالة يحصل التبديل من نسبة إلى اخرى، وهذا التبديل يسمّى بانقلاب النسبة.وقد وقع الكلام بين العلماء في صحّة لحاظ انقلاب النسبة لعلاج التعارض بين الأدلّة وعدم صحّته، ومردّ الخلاف في الحقيقة إلى تشخيص أنّه إذا لوحظت النسبة بين الأدلّة المتعارضة، هل يلاحظ الجمع والعلاج بين كلّ منهما وغيره دفعةً واحدة، أم يصحّ الترتيب في العلاج؟ فلو صحّ الترتيب يلزمه انقلاب نسبة بعض المتعارضات مع الآخر.فالخلاف أنّه مع التعارض بين أكثر من دليلين هل يلزم الترتيب في العلاج أو لا يلاحظ الترتيب بل لابدّ من لحاظهما دفعة واحدة؟المشهور بين العلماء - ومنهم المحقّق الخراساني - أنّه لابدّ من ملاحظة الجمع بين الأدلّة وعدم انقلاب النسبة.
وفصّل الشيخ الأعظم - على ما نسب إليه بعضهم- بين صور المتعارضات، فحكم بعدم صحّة الترتيب وعدم انقلاب النسبة فيما كانت نسبة المتعارضات إلى الدليل نسبةً واحدة، كما لو كانت نسبة الخاص إلى العام، مثل: ما لو ورد: (أكرم العلماء) ثمّ ورد: (لا تكرم النحويّين) و (لا تكرم الصرفيّين).وحكم في البعض الآخر بملاحظة الترتيب في العلاج وانقلاب النسبة، وهو فيما كانت النسبة إلى الدليل مختلفة، كما لو ورد عام، ثمّ ورد عام آخر، ثمّ ورد مخصّص لأحدهما، نظير: (أكرم العلماء)، و (لا تكرم الفسّاق من العلماء)، و (يستحبّ إكرام العدول) فهنا تنقلب النسبة بين (أكرم العلماء) و (يستحبّ إكرام العدول) من العموم من وجه قبل التخصيص إلى العموم المطلق بعد التخصيص.
[۱۰۰] منتقى الاصول، ج۷، ص۳۴۸- ۳۴۹.
وذهبت مدرسة المحقّق النائيني إلى لزوم الترتيب في العلاج وصحّة انقلاب النسبة؛ وبرّروا ذلك بأنّ للكلام ثلاث دلالات: دلالة تصوّرية، ودلالة تصديقية اولى، وهي: أنّ المتكلّم قصد تفهيم المعنى الخاص من مجموع كلامه، والدلالة التصديقية الثانية، وهي: أنّ ما قصده هو المراد الجدّي له.
والمعارضة بين الأدلّة إنّما تقع باعتبار هذه الدلالة ، أي كلّ منهما يعارض الآخر باعتبار الكشف عن المراد الجدّي، ولا يستكشف المراد الجدّي إلّابعد التخصيص، ومعه تنقلب النسبة لا محالة؛ إذ بعد فرض تضييق دائرة الكشف عن المراد الجدّي في العام بعد التخصيص، وكون الملحوظ في باب التعارض هو كشف الدليلين عن المراد الجدّي أصبحت نسبة العام المخصّص إلى العام الآخر نسبة الخاص إلى العام؛ لأنّ ما يلحظ في مقام المعارضة في العام المخصّص أخصّ ممّا لوحظ في العام الآخر.
[۱۰۳] أجود التقريرات، ج۴، ص۳۰۲- ۳۰۴.
[۱۰۴] مصباح الاصول، ج۳، ص۳۸۶- ۳۸۷.
[۱۰۵] منتقى الاصول، ج۷، ص۳۵۳- ۳۵۴.
وبهذا اللحاظ تجد أنّ انقلاب النسبة ضرورية.ولكنّ هذه النظرية لا تزال تتردّد بين الردّ والقبول عند أصحاب الفكر من الاصوليّين.ومن أشهر تطبيقاتها فقهياً هو الجمع بين أدلّة ضمان العارية، والذي تعرّض له الاصوليّون تفصيلًا في باب التعارض.ولانقلاب النسبة صور عديدة، فصّلها الاصوليّون لا سيما السيّد الشهيد الصدر ، تراجع في محلّها من علم الاصول.


 
۱. لسان العرب، ج۱، ص۶۸۵.    
۲. لسان العرب، ج۱۱، ص۲۷۰.    
۳. المفردات، ج۱، ص۶۸۱.
۴. الكهف/سورة ۱۸، الآية ۱۸.    
۵. الزخرف/سورة ۴۳، الآية ۱۴.    
۶. التحقيق في كلمات القرآن، ج۹، ص۳۰۳- ۳۰۴.
۷. المصباح المنير، ج۱، ص۱۵۷.
۸. القاموس المحيط، ج۳، ص۳۶۴.    
۹. القاموس المحيط، ج۱، ص۲۷۶.
۱۰. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۹۱.    
۱۱. مشارق الأحكام، ج۱، ص۲۵۹.
۱۲. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۹۱.    
۱۳. مصباح الهدى، ج۲، ص۳۱۳.
۱۴. الانتصار، ج۱، ص۴۲۲.    
۱۵. القواعد، ج۱، ص۱۹۵.    
۱۶. المحرّر (الرسائل العشر)، ج۱، ص۱۴۷.    
۱۷. كشف الالتباس، ج۱، ص۴۳۰.
۱۸. جامع المقاصد، ج۱، ص۱۸۰.    
۱۹. الروضة، ج۱، ص۳۱۵.    
۲۰. كشف اللثام، ج۱، ص۴۶۶.    
۲۱. مفتاح الكرامة، ج۱، ص۱۸۹.
۲۲. الغنائم، ج۱، ص۴۹۲.    
۲۳. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۷.    
۲۴. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۰، م۴.    
۲۵. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۱، م ۵.    
۲۶. مستمسك العروة، ج۲، ص۱۰۲.    
۲۷. فقه الشيعة، ج۵، ص۳۲۸.
۲۸. مجمع الفائدة، ج۱، ص۳۵۴.
۲۹. الذخيرة، ج۱، ص۱۷۲.
۳۰. تحرير الوسيلة، ج۱، ص۱۱۷.
۳۱. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۰- ۱۸۱.    
۳۲. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۱.    
۳۳. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۱.    
۳۴. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۲.    
۳۵. السرائر، ج۳، ص۱۳۳.    
۳۶. الجامع للشرائع، ج۱، ص۳۹۵.    
۳۷. نهاية الإحكام، ج۱، ص۲۷۳.    
۳۸. المهذّب البارع، ج۴، ص۲۴۰.    
۳۹. كشف اللثام، ج۱، ص۴۶۶.    
۴۰. مستند الشيعة، ج۱۵، ص۲۲۲.    
۴۱. تحرير الوسيلة، ج۲، ص۱۶۶.
۴۲. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۶.
۴۳. مستند الشيعة، ج۱۵، ص۲۲۳.    
۴۴. مصباح الهدى، ج۲، ص۳۱۴.
۴۵. كفاية الأحكام، ج۲، ص۶۲۲.    
۴۶. مفتاح الكرامة، ج۱، ص۱۸۹.
۴۷. مستند الشيعة، ج۱۵، ص۲۲۷.    
۴۸. المنتهى، ج۳، ص۲۱۹.    
۴۹. الروضة، ج۷، ص۳۴۷- ۳۴۸.    
۵۰. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۸۶.    
۵۱. الوسائل، ج۲۵، ص۳۷۱، ب ۳۱ من الأشربة المحرّمة، ح ۳.    
۵۲. الوسائل، ج۲۵، ص۳۷۱، ب ۳۱ من الأشربة المحرّمة، ح ۵.    
۵۳. الوسائل، ج۲۵، ص۳۷۲، ب ۳۱ من الأشربة المحرّمة، ح ۸.    
۵۴. مستند الشيعة، ج۱، ص۳۳۳.    
۵۵. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۸۵.    
۵۶. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۹۱.    
۵۷. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۴.    
۵۸. الوسائل، ج۲۵، ص۳۷۱، ب ۳۱ من الأشربة المحرّمة، ح ۷.    
۵۹. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۳.    
۶۰. النهاية، ج۱، ص۵۹۲.    
۶۱. المنتهى، ج۳، ص۲۲۰.    
۶۲. مجمع الفائدة، ج۱، ص۳۵۵.
۶۳. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۶.    
۶۴. مصابيح الظلام، ج۵، ص۲۴۲.
۶۵. مصباح الهدى، ج۲، ص۳۲۰.
۶۶. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۷.    
۶۷. الدروس، ج۳، ص۱۸.    
۶۸. المهذّب البارع، ج۴، ص۲۴۰.    
۶۹. كشف اللثام، ج۱، ص۴۶۹.    
۷۰. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۹۰.    
۷۱. القواعد، ج۱، ص۱۹۵.    
۷۲. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۵۹.    
۷۳. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۸.
۷۴. كشف اللثام، ج۱، ص۴۶۹.    
۷۵. مجمع الفائدة، ج۱۱، ص۲۹۶.    
۷۶. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۸۴.    
۷۷. مجمع الفائدة، ج۱۱، ص۲۹۶.    
۷۸. المفاتيح، ج۱، ص۸۱.
۷۹. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۸۸.    
۸۰. جواهر الكلام، ج۶، ص۲۸۹.    
۸۱. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۰، م ۴.    
۸۲. مستمسك العروة، ج۲، ص۱۰۱.    
۸۳. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۸۹.
۸۴. الغنائم، ج۱، ص۴۹۴- ۴۹۵.    
۸۵. النهاية، ج۱، ص۵۹۲- ۵۹۳.    
۸۶. المختلف، ج۸، ص۳۶۴.
۸۷. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۰، م ۴.    
۸۸. التنقيح في شرح العروة (الطهارة)، ج۳، ص۱۹۰.    
۸۹. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۹۰.
۹۰. كشف الغطاء، ج۲، ص۳۸۵.
۹۱. العروة الوثقى، ج۱، ص۲۶۳، م ۸.    
۹۲. مستمسك العروة، ج۲، ص۱۰۶.    
۹۳. فقه الشيعة، ج۵، ص۳۳۴.
۹۴. مهذّب الأحكام، ج۲، ص۹۴.
۹۵. جواهر الكلام، ج۲۵، ص۲۴۹.    
۹۶. جواهر الكلام، ج۲۵، ص۲۴۹.    
۹۷. الكافي في الفقه، ج۱، ص۳۳۶.
۹۸. بحوث في علم الأصول، ج۷، ص۲۸۸.    
۹۹. كفاية الأصول، ج۱، ص۴۵۲- ۴۵۳.    
۱۰۰. منتقى الاصول، ج۷، ص۳۴۸- ۳۴۹.
۱۰۱. فرائد الاصول (تراث الشيخ الأعظم)، ج۴، ص۱۰۴- ۱۰۶.    
۱۰۲. فوائد الاصول، ج۴، ص۷۴۵- ۷۴۸.    
۱۰۳. أجود التقريرات، ج۴، ص۳۰۲- ۳۰۴.
۱۰۴. مصباح الاصول، ج۳، ص۳۸۶- ۳۸۷.
۱۰۵. منتقى الاصول، ج۷، ص۳۵۳- ۳۵۴.
۱۰۶. بحوث في علم الاصول، ج۷، ص۲۸۸.    




الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۴۵۷-۴۶۶.    



جعبه ابزار