البرات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو من
البراءة بمعنى عدم
اشتغال الذمّة و
الضمان عند عروض
التلف .
البرات- لغةً-: من
البراءة بمعنى
التخلّص وعدم
اشتغال الذمّة .
وفي
الاصطلاح - أي
النظام القانوني
للتجارة -: هي
ورقة من الأوراق التجارية ثلاثية
الأطراف بموجبها يأمر
شخص شخصاً آخر أن يؤدّي
مبلغاً معيّناً في موعده المعيّن لشخص ثالث أو من يحيله.
ولها شرائط خاصّة لابدّ من
مراعاتها، وإلّا لم تؤثّر ولم تعتبر وتخرج من
عنوانها كما ستأتي.
وهي من العناوين
المستحدثة التي قد ورد
استعمالها بهذا المعنى في كلمات
الفقهاء المعاصرين.
وهي ورقة تجاريّة تثبت أنّ
المبلغ المذكور فيها دين لحامل
الكمبيالة على
موقّعها ، فإنّها تتضمّن بحسب
المعتاد اعتراف المدين للدائن بالمبلغ المعيّن فيها، وأنّه ملزم
بوفائه بعد
المدّة المعيّنة، وقد تتضمّن
بالإضافة إلى ذلك كيفيّة
استيفائها أيضاً.
فالفرق بينها وبين البرات واضح يظهر من
التعريف حيث إنّ للبرات ثلاثة
أطراف وللكمبيالة طرفين، مضافاً إلى
اختلافهما في الشرائط
المقرّرة في
إنشائهما كما ستأتي.
وهو- في
القانون التجاري- ورقة من الأوراق التجاريّة التي بموجبها يستردّ صاحبها مبلغاً كان له عند
المحال عليه كلّاً أو بعضاً،
بخلاف البرات فإنّها ثلاثية الأطراف كما تقدّم.
وهي
تحويل المدين ما في
ذمّته من
الدين إلى ذمّة غيره
بإحالة الدائن عليه، فهي تشبه البرات، حيث إنّها أيضاً
متقوّمة بأشخاص ثلاثة:
المحيل - وهو المديون- و
المحتال - وهو الدائن- والمحال عليه،
إلّاأنّها تختلف عن البرات بأنّ الشرائط الحاكمة في إنشاء البرات
وإصدارها غير
معتبرة فيها، ومنها: الشرائط الشكليّة التي لابدّ من
توفّرها في البرات دون
الحوالة .
ثمّ إنّه ورد في كلمات الفقهاء
المعاصرين عبارة (صرف البرات)
المراد بها أخذ
الزيادة و
إعطائها في الحوالات
المتداولة بين التجّار أو بينهم وبين
البنك ، ويطلقون عليه بيع الحوالة وشرائها،
وهي لا ترتبط بالبرات المصطلح، ولكن سيأتي ذكرها وحكمها من حيث الصحّة وعدمها.
تتعلّق بالبرات أحكام عديدة نشير إلى أهمّها
إجمالًا فيما يلي:
البرات: ورقة تصدر
لتأدية المسحوب عليه مبلغاً معيّناً في
ميعاد معيّن لآخر لديه البرات، وبعد
تسليم المبلغ
المزبور يرتفع
التعهّد الأصلي وسائر التعهّدات
المتدرّجة فيها
بالتظهير والتسليم، وتسليمها إلى الغير بالتظهير يدلّ على
أداء الدين الذي كان على
المسلِّم للمسلَّم إليه.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى: كلّ من وقّع على
سند البرات
توقيعاً كان متعهّداً لصاحب البرات على
أساس إنشاء البرات، وعليه فلو لم يؤدّ المسحوب عليه المبلغ المندرج في البرات كان جميع الموقّعين
ملزمين بدفع المبلغ لحامل البرات.
هذا، ولكن وقع
الكلام بين الخبراء
الحقوقيين في أنّ تعهّدات الموقّعين على البرات التي كانت
منفصلة عن التعهّد الأصلي على أساس أيّ نظرية حقوقيّة
مدنيّة توجّه؟ وقد أجابوا عن هذه
المسألة بطرق متعدّدة متضمّنة لنظريات مختلفة:
منها: نظرية
انتقال الحقّ أو انتقال
الطلب .
ومنها: نظرية
تبديل التعهّد.
ومنها: نظرية
التوكيل الناقص.
ومنها:
النظرية المبتنية على الأخذ بظاهر متن البرات.
ومنها: نظريّة التعهّد من طرف واحد.
والتفصيل في كلّ واحد منها يحال إلى القوانين الموضوعة في
علم التجارة .
تقع البرات التي تتعارف بين
الناس ويتداولون
التنزيل بها على قسمين
:
وهي التي تعبّر عن وجود دين حقيقي ثابت
لحامل البرات على موقّعها، وفي هذه الحالة يأخذ الدائن من المديون البرات التي تثبت هذا الدين عليه، وتعيّن
مقداره، ومواعيد استحقاقه على المسحوب عليه.
وهي التي صدرت لا
لوجود دين على موقّعها، بل لجعل
الاعتبار أو
التضمين لمن لديه البرات، وإنّما كتبت لتنزّل وتقضى بها حاجات مؤقّتة بين حامل البرات والمدين الصوري، والطرف الثالث أو المسحوب عليه الذي يقضي
الحاجة ويستفيد من التنزيل. والتفصيل فيه يحال إلى النظام القانوني للتجارة.
لا خلاف ولا
إشكال في مشروعيّة البرات بإنشائها وتبديل التعهّدات المتدرّجة فيها بالتظهير والتسليم، كما ورد في
الفقه الوضعي والقانون التجاري
للجمهورية الإسلامية في
إيران . ويؤيّدها أنّ الفقهاء
المعاصرين تعرّضوا للبرات وأحكامها إجمالًا من دون أن يظهروا
مخالفة فيها، بل قالوا
بالتزام كلّ واحد من الموقّع (ساحب البرات) والمسحوب له (حاملها) والمسحوب عليه بالتعهّدات الناشئة من البرات على كلّ واحد منهم.
البرات المتداولة بين التجّار في
الأسواق لا تعتبر لها ماليّة وليست جنساً له قيمة كالأوراق
النقدية، بل هي
مجرّد سند و
علامة لإثبات أنّ المبلغ الذي تتضمّنه دين في ذمّة موقّعها لمن يجب أن يدفع إليه، أو جعل اعتبار له أو تضمين له.
فالمعاملات الواقعة بها لم تقع بنفسها، بل بالنقود وغيرها ممّا كانت الأوراق تعبّر عنه،
فدفعها إلى الدائن لا يسقط ذمّة المدين، كما أنّه لو تلف شيء منها في يد غاصب ونحوه أو أتلفها شخص لم يضمنها ضمان التلف أو
الإتلاف .
يجب في تحقّق البرات توفّر الشروط الشكليّة ومراعاتها، فلو أخلّ بها
ترتّب عليه
الجزاء المقرّر في القانون التجاري، فإنّ
المادة (۲۲۳) من
التقنين التجاري للجمهورية
الإسلامية في إيران
تنصّ على أنّ البرات تحتوي على ما يلي:
۱- ذكر كلمة البرات في نصّ السند نفسه باللغة
المستعملة في كتابة هذا السند.
۲- بيان
التاريخ الذي انشئ فيه السند.
۳- اسم الشخص الذي يجب أن يدفع.
۴- تعيين المبلغ
المندرج في السند.
۵- بيان تأريخ
الاستحقاق و
التأدية .
۶- بيان المحلّ الذي يجب أن يجري فيه الدفع.
۷- اسم الشخص الذي يجب الدفع له، أو الذي يجب أن يكون الدفع
بناءً على أمره.
۸-
التصريح بأنّها كانت
النسخة الاولى أو الثانية أو الثالثة...
۹- توقيع منشئ السند.
فلو لم تكن البرات
متضمّنةً لأحد الشروط المتقدّمة لم يشملها القانون الراجع إلى البروات التجاريّة، كما نصّت على ذلك المادة (۲۲۶) من التقنين التجاري.
والتفصيل في ذلك يطلب من القوانين الموضوعة في علم التجارة.
يجوز تنزيل البرات التي تحتوي على دين ثابت لحامل الورقة في ذمّة المدين بأقلّ ممّا فيها إذا اجريت المعاملة بصورة
البيع .
و
الصورة هي: أن يبيع الدائن على
التاجر - مثلًا- المبلغ الذي يملكه في ذمّة المدين قبل أن يحلّ موعد استحقاق
المطالبة به بثمن أقلّ منه نقداً، فإذا كان مبلغ الدين الذي تحتوي عليه البرات مئة
دينار - مثلًا- وهو مؤجّل إلى سنة من تأريخها، فيجوز للدائن أن يبيع هذا المبلغ إلى التاجر- مثلًا- بخمسة وتسعين ديناراً يدفعها التاجر إلى الدائن نقداً، فإذا جرى البيع بينهما كذلك كان
المشتري - وهو التاجر- مالكاً للمبلغ المذكور في البرات، وهو المئة دينار
بالثمن الذي نقده للدائن، وهو الخمسة والتسعون ديناراً، فإذا حلّ موعد الاستحقاق أخذ المبلغ تامّاً من المدين.
لكن لا يجوز
خصم البرات وتنزيلها إذا اجريت المعاملة بين الدائن والطرف الثالث بصورة
القرض ، فلا يجوز للدائن أن يستقرض من البنك أو من التاجر خمسة وتسعين ديناراً
معجّلة، ويحوّله على المدين ليستوفي منه المبلغ المذكور في البرات- وهو المئة دينار- عند حلول موعد الاستحقاق؛ لأنّ ذلك من
الربا المحرّم.
هذا، وتتوقّف صحّة معاملة البرات وتنزيلها بصورة البيع على شرطين:
الأوّل: أن يكون المبلغ الذي تحتوي عليه ورقة البرات من الأوراق النقدية، فإن كان الدين
مكيلًا أو موزوناً فلا يصحّ بيعه إذا كان الثمن من جنسه مع
التفاضل بين
العوضين؛ لأنّه من الربا المحرّم، وهو
باطل .
الثاني: أن يكون الثمن الذي يدفعه التاجر أو البنك إلى حامل البرات نقداً،
فإنّه إذا كان مؤجّلًا وكان المثمن مؤجّلًا كذلك بحسب القرض بطل البيع؛ لأنّه من بيع الدين بالدين. ثمّ إنّ
التفصيل في أحكام البرات بالنسبة إلى قبول المسحوب عليه أو
نكوله، وكذا
الإيرادات الطارئة عليها والأحكام المتعلّقة بالتظهير والتسليم
وسقوط التعهّدات الناشئة من البرات وغير ذلك يلاحظ في القوانين
الموضوعة للتجارة.
يتداول بين التجّار أو بينهم وبين البنك أخذ الزيادة وإعطائها في الحوالات التي تسمّى عندهم بصرف البرات، ويطلقون عليه بيع الحوالة وشرائها.
وهي على أقسام يختلف حكمها من حيث الصحّة وعدمها نذكرها إجمالًا فيما يلي:
أن يدفع الشخص إلى البنك أو التاجر مبلغاً ويأخذ ذلك المبلغ بعينه من طرفه في بلد آخر.
والظاهر أنّ الحكم فيه خال عن
الإشكال ، سواء كان ذلك بعنوان البيع، بأن يبيع المبلغ المعيّن- مثلًا مئة تومان- بمبلغ يساويه يدفعه في بلد آخر، أو بعنوان القرض بأن يستقرض منه أو يقرضه ذلك المبلغ ليسلّمه في بلد آخر.
ووجه
الصحة أمّا إذا كان بعنوان البيع فواضح، وأمّا إذا كان بعنوان القرض فلعدم الزيادة فيه.
وقد يستشكل في ذلك إذا كان بعنوان القرض و
اشترط البلد الآخر؛ لأنّه جرّ
النفع الباطل فيه.
واستضعف ذلك بأنّ
الممنوع منه الزيادة في القرض
عيناً أو
صفة ، وليس هذا واحد منها،
مع أنّ جملة من
النصوص ،
تدلّ على
جوازه .
أن يدفع شخص إلى البنك أو التاجر مبلغاً معيّناً في بلد، ويحوّله البنك- مثلًا- إلى بنك بلد آخر، ويأخذ البنك منه مبلغاً معيّناً بإزاء تحويله، أو يأخذ الحوالة من المدفوع إليه بالأقلّ منه، فصرّح بعض بأنّه لا إشكال فيه، سواء كان ذلك منزّلًا على البيع أو القرض، أو كان
الأخذ بعنوان حقّ
العمل .
ووجه الصحة أمّا إذا كان بعنوان البيع فلما ثبت في محلّه من أنّ الأوراق النقدية ليست من المكيل والموزون، فلا يتحقّق الربا البيعي في هذه المعاملة.
وأمّا إذا كان بعنوان القرض فلأنّ الربا في القرض هو أن يأخذ الدائن من المدين الزيادة مع الشرط، وأمّا لو كان الشرط نفعاً للمستقرض- كما في الفرض- فإنّ التاجر هو
المقترض والزيادة إنّما تجعل له، فلا يكون رباً.
هذا، ولكن استشكل
السيّد اليزدي في الزيادة إلّاإذا كانت
بإزاء حقّ
المهل في
الإيصال .
أن يدفع البنك أو التاجر مبلغاً معيّناً إلى شخص في بلد ليأخذه في بلد آخر مع الزيادة، فإنّه لو كان ذلك بعنوان البيع صحّ ولا إشكال فيه، بشرط أن لا يكون هذا
وسيلة للفرار من الربا القرضي.
وأمّا لو كان ذلك بعنوان القرض واشترط ذلك في ضمن القرض بطل؛ لأنّه من الربا الممنوع عنه، وأمّا إذا لم يشترط الزيادة، بل أخذها بعنوان حقّ العمل مع عدم كونه
فراراً من الربا، فصحّ ولا إشكال فيه.
هذا، وقد ذهب بعض الفقهاء هنا إلى
إعمال بعض
الحيل الشرعية للفرار من الربا.
وتفصيل البحث في ذلك و
صرف البرات يطلب في محالّه.
الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۲۳۱-۲۳۸.