الرمي
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
أمّا الرمي فالواجب فيه النية والعدد، وهو سبع حصيات وإلقاؤها بما يسمى رمياً وإصابة الجمرة بفعله، فلو تمّمها حركة غيره لم يجز. يستحب الطهارة من الحدث حال الرمي، ولا تباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعاً وأن يرمي خذفاً والدعاء مع كل حصاة ويستقبل جمرة العقبة ويستدبر القبلة وفي غيرها يستقبل الجمرة والقبلة.
وأما وجوب الأول ففي
التذكرة والمنتهي
: إنه لا نعلم فيه خلافاً، ثم في
المنتهى : وقد يوجد في بعض العبارات أنه سنة، وذلك في بعض أحاديث
الأئمة علیهم السلام ،
وفي لفظ الشيخ في
الجمل والعقود ، وهو محمول على الثابت بالسنّة لا أنه مستحب.
وفي
السرائر : لا خلاف عندنا في وجوبه، ولا أظن أن أحداً من المسلمين يخالف فيه.
ويدلُّ على وجوبه التأسي، و
الأمر به في الأخبار الكثيرة، بل المتواترة كما في السرائر ففي الصحيح : «ثم ائت
الجمرة القصوى التي عند العقبة، فارمها من وجهها».
وفي الذخيرة : الأمر وإن كان دلالته على الوجوب من أخبارنا غير واضح إلاّ أن عمل الأصحاب وفهمهم يعين على فهم الوجوب منه، مضافاً إلى توقف يقين
البراءة من التكليف الثابت عليه.
ويجب عليه في كل من الثلاثة أُمور.
(أمّا الرمي فالواجب فيه النية) وهي قصد الفعل طاعة لله عزّ وجل، والأحوط ملاحظة الوجه وتعيين نوع
الحج والتعرض للأداء وإن كان لزوم التعرض لذلك غير معلوم. ويجب مقارنتها الأول الرمي و
استدامة حكمها إلى الفراغ، كما في نظائره.
(والعدد، وهو سبع حصيات) للتأسي؛ والنصوص، وإجماع علماء
الإسلام ، كما في ظاهر المنتهى وصريح غيره.
(وإلقاؤها بما يسمى رمياً) لوقوع الأمر به، وهو للوجوب، و
الامتثال إنما يتحقق بإيجاد الماهيّة التي تعلّق بها الأمر، فلو وضعها بكفّه لم يجز إجماعاً، وكذا لو طرحها طرحاً لا يصدق عليها اسم الرمي. وحكى في المنتهى خلافاً في الطرح، ثم قال : والحاصل أن الخلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق
الاسم ، فإن سمّي رمياً أجزأ بلا خلاف، وإلاّ لم يجز إجماعاً.
ونحوه عن التذكرة.
ويعتبر تلاحق الحصيات، فلو رمى بها دفعة فالمحسوب واحدة. والمعتبر تلاحق الرمي، لا
الإصابة ، فلو أصابت المتلاحقة دفعة أجزأت، ولو رمى بها دفعة فتلاحقت في الإصابة لم يجز.
(وإصابة الجمرة بفعله) فلا خلاف بين العلماء، كما في صريح
المدارك وغيره؛
للتأسي، والصحيح : «إن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها». (فلو) قصرت عن الإصابة و (تمّمها حركة غيره) أي الرامي من حيوان أو
إنسان (لم يجز) بخلاف ما لو وقعت على شيء وانحدرت على الجمرة فإنها تجزي، والفرق تحقق الإصابة بفعله هنا، دون الأوّل، لتحقّقها فيه بالشركة، وفي الصحيح : «وإن أصابت إنساناً أو جملاً ثم وقعت على الجمار أجزأت».
•
الطهارة حال الرمي، يستحب الطهارة من الحدث حال الرمي،
والدعاء ولا تباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعاً.
•
الخذف، (وأن يرمي خذفاً) على الأشهر الأقوى؛ للصحيح في
قرب الإسناد ، الضعيف في الكافي والتهذيب : «تخذفها خذفاً وتضعها على
الإبهام وتدفعها بظفر السبّابة».
(والدعاء مع كل حصاة) بما مرّ في الصحيح.
(ويستقبل جمرة العقبة) بأن يكون مقابلاً، لا عالياً عليها كما ذكره جماعة، قالوا : إذ ليس لها وجه خاص يتحقّق به
الاستقبال .
وفيه نظر. بل المستفاد من الشيخ في المبسوط، والحلّي في السرائر، والعلاّمة في جملة من كتبه كالتحرير والمنتهى والمختلف
أن المراد بالاستقبال غير ذلك، وذلك فإنهم ذكروا استحباب الرمي من قبل وجهها لا عالياً مسألة، و
استحباب استقبالها و
استدبار القبلة مسألة أُخرى.
ولما ذكرنا تنبّه في
الذخيرة وقال : وكأنّ المراد باستقبالها التوجه إلى وجهها، وهو ما كان إلى جانب القبلة (و) يستلزم الرمي من قبل وجهها حينئذ أن (يستدبر القبلة)
فتلخص في المقام مسألتان : استحباب رميها من قبل وجهها لا من أعلاها، واستحباب استدبار القبلة.
ويدلُّ على الأمرين الصحيح : «ثم ائت الجمرة القصوى التي عند
العقبة ، فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها».
وهو نصّ في الأول وظاهر في الثانية، بناءً على أن المراد بوجهها ما قدّمنا.
ويدلُّ على الحكم فيها صريحاً النبوي الفعلي : صلي الله عليه وآله وسلم رماها مستدبر القبلة لا مستقبلها.
لكن يعارضه عموم ما دلّ على استحباب استقبالها، وخصوص المحكي من الرضوي هنا،
ويحكي قول بهذا أيضاً، إلاّ أن الأول أشهر، فيكون أولى.
(وفي غيرها) أي غير
جمرة العقبة (يستقبل الجمرة والقبلة) معاً كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وإنما ذكره هنا
استطراداً .
رياض المسائل، ج۶، ص۳۸۷- ۳۹۵.