• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

القرض

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



هو ما تعطيه غيرَك من مالٍ على أَن يرُدَّه إِليك، ويأتي شرائط القرض وصحته.




(وفيه أجر ) عظيم وثواب جسيم (ينشأ من معونة المحتاج تطوّعاً) وتقرّباً إليه سبحانه. ففي النبوي : «من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة».
[۱] مسند أحمد، ج۲، ص۲۵۲.
[۲] صحيح مسلم، ج۴، ص۲۰۷۴، ح۳۸.
[۳] سنن ابن ماجة، ج۱، ص۸۲، ح ۲۲۵.
والنصوص بفضله وذمّ منعه من المحتاج إليه مستفيضة.
وهو أفضل من الصدقة ، كما رواه الشيخ وجملة ممن تأخّر عنه في الكتب الفقهية من أن القرض أفضل من الصدقة بمثله من الثواب،
[۷] التحرير، ج۱، ص۱۹۹.
ومعناه كما فهمه جماعة
[۱۰] المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
أنّ ثواب القرض ضعف ثواب الصدقة. وربما أشكل الجمع بينه وبين غيره من المعتبرة المروية في الكافي وعن هداية الصدوق ونوادر الراوندي
[۱۴] نوادر الراوندي، ص۶.
: من أنّ الصدقة الواحدة بعشرة والقرض بثمانية عشر، حيث إنّ ظاهر الخبر أنّ درهم الصدقة بعشرة، ودرهم القرض بعشرين.
وربما يدفع بأنّ المفاضلة والمضاعفة إنما هي في الثواب، ولا ريب أنّه إذا تصدّق بدرهم فإنّه إنما يصير عشرة باعتبار ضمّ الدرهم المتصدّق به‌ حيث إنه لا يرجع، والحاصل من الثواب الذي اكتسبه بالصدقة في الحقيقة مع قطع النظر عن ذلك الدرهم إنما هو تسعة، وعلى هذا فثواب القرض وهو ثمانية عشر ضعف التسعة، لأن المفاضلة إنما هي في الثواب المكتسب خاصّة.
قيل : والسرّ في المضاعفة أنّ الصدقة تقع في يد المحتاج وغيره والقرض لا يقع إلاّ في يد المحتاج غالباً، وأنّ درهم القرض يعود فيقرض ودرهم الصدقة لا يعود. وإلى الأوّل أُشير في الخبر المروي عن الهداية : «وإنّما صار القرض أفضل من الصدقة لأنّ المستقرض لا يستقرض إلاّ من حاجة».
ثم إنّ ترتّب الثواب عليه فضلاً عن زيادته على ثواب الصدقة فرع التقرّب به إلى الله تعالى، فلو خلا عنه لم يترتّب عليه الثواب فضلاً عن فرعه وهو الزيادة ووجهه واضح.مضافاً إلى الخبرين المروي أحدهما في الكافي والثاني عن تفسير علي بن إبراهيم، ففيهما : « الرباء رباءان، أحدهما حلال والآخر حرام، فأمّا الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضاً طمعاً أن يزيده ويعوّضه أكثر مما يأخذه من غير شرط بينهما.. فهو مباح له، وليس له عند الله تعالى ثواب فيما أقرضه، وهو قوله تعالى (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) وأمّا الحرام فالرجل يقرض قرضاً بشرط أن يردّ أكثر ممّا أخذه، فهذا هو الحرام».
وحيث إنّه لا خلاف نصّاً وفتوى في إفادته انتقال الملك بمجرّد الدالّ عليه أو مع ضميمة التصرّف، على الخلاف الآتي، لا جرم وجب الاقتصار فيه لمخالفته الأصل على ما يتحقّق به الانتقال بالإجماع والضرورة، وهو ما إذا كان بعقد يتضمّن الإيجاب والقبول، فلا يكفي المعاطاة فيه وإن اكتفى بها في حصول إباحة التصرّف، مع أنّه لا خلاف في الأمرين، بل ظاهرهم الإجماع عليه وعلى كونه من العقود الجائزة.
والصيغة : أقرضتك، أو انتفع به، أو تصرف فيه، أو ملّكتك، أو خذ هذا، أو اصرفه وعليك عوضه، وما أدّى هذا المعنى؛ لأنّه كما عرفت من العقود الجائزة، وهي لا تنحصر في لفظ بل تتأدّى بما أفاد معناها. وإنّما يحتاج إلى ضميمة «وعليك عوضه» ما عدا الصيغة الأُولى، فإنّها صريحة في معناه لا يفتقر إلى ضميمة، فيقول المقترض : قبلت، وشبهه ممّا دلّ على الرضا بالإيجاب.واستقرب في الدروس الاكتفاء بالقبض؛ لأنّ مرجعه إلى الإذن في التصرّف.
وهو حسن إن أُريد إفادته إباحة التصرّف، وفيه نظر إن أُريد إفادته الملك المترتّب على صحة القرض، إذ لا دليل عليه، وما استدلّ به لا يؤدّي إليه؛ فإن الإذن في التصرّف لا يؤدّي إلاّ إباحته.



شرائط القرض وصيغته ،(ويجب الاقتصار على) أخذ (العوض) مثلاً أو قيمة، من دون زيادة، عيناً كانت أو صفة، ربوية كانت العين المستقرضة أم غيرها، إجماعاً.



(و) اعلم أنّ ما يصحّ إقراضه هو كلّ ما صحّ إحصاء قدره ووصفه، فيجوز أن (يقترض الذهب والفضّة وزناً، والحبوب كالحنطة والشعير) والتمر والزبيب (كيلاً ووزناً، والخبز وزناً) بلا خلاف، كما في المسالك‌ وغيره
[۲۲] المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
(وعدداً) على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع في المختلف والتذكرة والمسالك وعن السرائر والمبسوط؛
[۲۴] المختلف، ص۴۱۵.
[۲۶] المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
وهو الحجة.
مضافاً إلى الأصل، والعمومات، والنصوص المنجبر قصور أسانيدها بالشهرة العظيمة، منها : «لا بأس باستقراض الخبز». ومنها : إنّا نستقرض الخبز من الجيران، فنردّ أصغر منه أو أكبر؟ فقال عليه السلام : «إنّا نستقرض الجوز الستّين والسبعين عدداً فيه الصغير والكبير، فلا بأس» ونحوه غيره.
وهما صريحان في جواز الاقتراض والردّ مع التفاوت . خلافاً للدروس، فاشترط فيه عدم العلم به، ولعلّ المراد التفاوت الذي لا يتسامح به عادةً. وكلّ ما يتساوى أجزاؤه قيمة ومنفعة ويتقارب صفاته ويعبّر عنه بالمثلي يثبت في الذمّة مثله كالحبوب، بلا خلاف، كما في المسالك وغيره،
[۳۶] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
بل عليه الإجماع في الغنية،
[۳۸] الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۹۱.
وشرح الشرائع للمفلح الصيمري. وربما ألحق به العين المستقرضة جماعة،
[۴۰] التنقيح الرائع، ج۲، ص۱۵۶.
فيجب قبولها؛ للأولويّة.
وإذا تعذّر ينتقل إلى قيمته وقت المطالبة والتسليم؛ لأنّ الثابت في الذمّة إنما هو المثل إلى أن يطالب به، وبه أفتى شيخنا في المسالك وتبعه جماعة.
[۴۲] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
[۴۵] الكفاية، ص۱۰۳.
وقيل : وقت القرض؛ لسبق علم الله تعالى بتعذّر المثل وقت الأداء . ويضعّف بأنّه لا منافاة بين وجوب المثل وقت القرض طرداً للقاعدة الإجماعية والانتقال إلى القيمة عند المطالبة لتعذّره.
وقيل : وقت التعذّر؛ لأنّ وقت الانتقال إلى البدل الذي هو القيمة. ويضعّف بأن تعذّره بمجرّده لا يوجب الانتقال إلى القيمة؛ لعدم وجوب الدفع حينئذٍ، فيستصحب الواجب إلى أن يجب دفعه بالمطالبة ، فحيث لم يوجد الآن ينتقل إلى القيمة. ولا ريب أنّ العمل بأعلى القيم أحوط.
وما ليس كذلك ويعبّر عنه بالقيمي يثبت في الذمّة قيمته، وفاقاً للمشهور، كما في المسالك وغيره؛
[۴۹] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
[۵۰] التنقيح الرائع، ج۲، ص۱۵۶.
[۵۱] الكفاية، ص۱۰۳.
لاختلاف الصفات، فالقيمة أعدل.وقيل : بل يثبت مثله أيضاً؛
[۵۲] الشرائع، ج۲، ص۶۸.
لأنّه أقرب إلى الحقيقة، ولخبرين عاميين
[۵۳] سنن البيهقي، ج۶، ص۹۶.
واردين في مطلق الضمان.
وعورضا بآخر،
[۵۴] سنن البيهقي، ج۶، ص۹۶.
مع أنّه لا قائل به عدا الماتن في الشرائع، ونسب إلى ظاهر الاخلاف. وقيل بضمان المثل الصوري فيما يضبطه الوصف وهو ما يصحّ السلم فيه، وضمان ما ليس كذلك بالقيمة كالجوهر، وهو مختار التذكرة؛ لخبرين عاميين
[۵۷] سنن البيهقي، ج۶، ص۲۱.
في الأوّل، ظاهرهما الوقوع مع التراضي، ولا شبهة في جواز دفع المثل معه مطلقا.
وعلى اعتبار القيمة مطلقاً أو على بعض الوجوه، فهل المعتبر قيمة وقت التسليم، أو وقت القرض، أو وقت التصرف؟ فيه أقوال.
[۵۸] الشرائع، ج۲، ص۱۸.
[۶۰] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
قيل : ولا اعتبار لقيمة يوم المطالبة هنا قولاً واحداً، إلاّ على القول بضمانه بالمثل، فيتعذّر، فيعتبر يوم المطالبة كالمثل، على أصحّ الأقوال.
[۶۱] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.




(ويملك الشي‌ء) المستقرض (المقترض) أي يملكه المقترض (بالقبض) لا بالتصرّف، على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، وفي ظاهر السرائر والتذكرة دعوى إجماعنا عليه؛ لأنّ التصرّف فرع الملك فيمتنع كونه شرطاً فيه، وإلاّ دار. قيل : وفيه نظر؛ لمنع تبعيّته للملك مطلقاً، إذ يكفي فيه إذن المالك، وهو هنا حاصل بالعقد، بل بالإيجاب.
[۶۴] المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
ويضعّف أوّلاً : بأنّ الإذن إنّما حصل من المالك بأن يكون المقترض مالكاً ويكون عليه العوض، لا مطلقاً، كما في سائر المعاوضات، فإنّها على‌ تقدير بطلانها لا يجوز التصرف بالإذن الحاصل بتوهّم الصحة.
وثانياً : بعدم كفاية الإذن في كثير من التصرّفات المجمع عليها هنا المتوقّفة على الملك، كالوطء المتوقف عليه، أو على التحليل المتيقّن فقده في المقام، فانحصر الوجه في إباحته في الأوّل، وكالبيع ونحوه، فإنّه لا يجوز لغير مالكه إلاّ بالوكالة أو فضولاً، ومعلوم انتفاؤهما.
ومن هنا ظهر ضعف القول بعدم حصول الملك إلاّ بالتصرف، كما عن ظاهر الخلاف، مع احتمال مخالفته الآن للإجماع، كما يستفاد من بعض الأصحاب،
[۶۶] المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
ومع ذلك المعتبرة بردّه صريحة، منها الصحيح : رجل دفع إلى رجل مالاً قرضاً، على من زكاته، على المقرض أو المقترض؟ قال : «لا، بل زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولاً على المقترض» قال : قلت : فليس على المقرض زكاتها؟ قال : «لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد، وليس على الدافع شي‌ء، لأنّه ليس في يده شي‌ء إنّما المال في يد الآخذ، فمن كان المال في يده زكّاه» قال : قلت : أفيزكّي مال غيره من ماله؟ قال : «إنّه ماله ما دام في يده، وليس ذلك المال لأحدٍ غيره» ثم قال : «يا زرارة، أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو؟ وعلى من هو؟» قلت : للمقترض، قال : «فله الفضل وعليه النقصان، وله أن ينكح ويلبس منه ويأكل» الحديث.
وقريب منه الموثق : عن رجل استودع رجلاً ألف درهم فضاعت، فقال الرجل : كانت عندي وديعة، وقال الآخر : إنّما كانت عليك قرضاً، قال : «المال لازم له إلاّ أن يقيم البينة أنّها كانت وديعة» فتأمّل. وقالوا : وتظهر ثمرة الخلاف في جواز رجوع المقرض في العين ما دامت باقية، ووجوب قبولها لو دفعها المقترض، وفي النماء قبل التصرّف، إن قلنا بكون التصرّف ناقلاً للملك حقيقة أو ضمناً، يعني : قبل التصرّف بلحظة يسيرة، كما في العبد المأمور بعتقه عن الآمر غير المالك، فإنّه للمقترض على المختار، وللمقرض على القول الآخر، ولو قيل فيه بالكشف ففيه احتمالان.
ثم ليس في كلامهم تصريح ببيان المراد بالتصرّف الموجب للملك، على ما ذكر في المسالك،
[۷۴] المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
ويشعر بعض العبارات
[۷۵] المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
بأنّ المراد التصرّف المتلف للعين أو الناقل، وعن ظاهر الشهيد في بعض التحقيقات أنّ المراد مطلق التصرّف،
[۷۶] المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
كما هو الظاهر، وعليه فيعود الخلاف مع المشهور لفظياً، فإنّ القبض نوع من التصرّف، فتأمّل.
وعلى المختار ليس للمقرض الرجوع في العين، وفاقاً للأكثر، بل عليه عامّة من تأخّر، بل وربما يستشعر من كثير من العبارات الإجماع عليه؛ لأنّ فائدة الملك أن لا يتسلّط عليه غيره إلاّ برضاه، والثابت بالعقد والقبض للمقرض إنّما هو البدل فيستصحب الحكم إلى أن يثبت المزيل،وليس بثابت سوى دعوى الإجماع على جواز العقد ، وهي مع فتوى الأكثر بما ينافيه من عدم جواز الرجوع في العين يتطرّق إليها الوهن. وعلى تقدير صحتها يحتمل أن يكون المراد بالجواز عدم وجوب إمهال المقترض إلى قضاء الوطر من العين، وإن كانت قضيّة العرف ذلك، كما صرّح به في الدروس.
وهذا الجمع أجود ممّا ذكره في المسالك : من أنّ المراد بالجواز تسلّط المقرض على أخذ البدل إذا طالب به متى شاء، وأنّه إذا أرادوا بالجواز هذا المعنى فلا مشاحّة في الاصطلاح ، وإن كان مغايراً لغيره من العقود الجائزة من هذا الوجه.
[۸۰] المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
وذلك فإنّ مظهر الجواز واللزوم إنّما هو بالنسبة إلى مال القرض ، فإن قلنا بجواز العقد ترتّب عليه صحّة الرجوع في العين، كما هو مقتضى العقود الجائزة. وإن قلنا بلزومه فليس له إلاّ العوض المستقرّ في الذمّة وإن كانت العين موجودة، كما هو مقتضى العقود اللازمة.
ومجرّد تسميته جائزاً مع ترتّب ثمرة اللزوم عليه من عدم جواز الرجوع في العين غير مجدٍ، فإنّ ثمرة الجواز بالمعنى الذي ذكره ثابت بأصل العقد، سواء سمّي جائزاً أو لازماً، وليس كذلك لو أُريد بالجواز ما ذكرناه، فإنّه مخالف لمقتضى العقد بحسب العرف، فإنّ مقتضاه بحسبه إنّما هو الرضاء بالإمهال إلى حين قضاء الوطر من العين. وقريب منه في الضعف الوجه الذي ذكره بعض الأفاضل : من أنّه ليس ببعيد ان يكون النزاع فيما قبل الفسخ يعني إذا تحقق العقد مع الشرط‌ وحصل المملّك الناقل، فمع عدم طريان الفسخ عليه بالتقايل من الجانبين أو من جانب واحد هل يجوز الرجوع في العين مع كراهة المقترض أم لا؟
وذلك فإنّ النزاع حينئذٍ يصير قليل الفائدة؛ إذ للمقرض أن يفسخه ويأخذ ماله، وللمقترض أيضاً الفسخ وإعطاء العين، فليس للمقرض عدم القبول، هذا، مع احتمال حصول الفسخ بمجرّد مطالبة العين أو ردّها من دون احتياج إلى عبارة أُخرى.



(ولا يلزم اشتراط الأجل فيه) بلا خلاف يعرف إلاّ ممّن ندر من بعض من تأخّر،
[۸۴] مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
وربما أشعر عبارة الماتن في الشرائع وكذا غيره بالإجماع عليه؛
[۸۵] الشرائع، ج۲، ص۶۸.
[۸۶] مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
وهو الحجة.
مضافاً إلى الإجماع المدّعى في كلام جماعة على جواز أصله، المستلزم لجواز شرطه بالبديهة، إلاّ أنّ في الاستناد إليه نوع خفاء ومناقشة بعد ما مرّ إليه الإشارة من وهنه بمصير أكثر الأصحاب إلى عدم جواز الرجوع في العين الذي ينافيه، وأنّ المراد بالجواز في كلامهم غير المعنى المعروف بينهم، وهو عدم لزوم الأجل الذي هو مقتضى العقد بحسب العرف.والإجماع على عدم لزومه ثابت إلاّ أنّه لا يدلّ إلاّ على عدم لزومه بمجرّد العقد، وهو لا ينافي لزومه مع الشرط إلاّ أن يجاب بما يأتي. وبالإجماعين يخصّص ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود والشروط كتاباً وسنّة.
وربما يزاد عليهما بدلالة الكتاب والسنة المتواترة على استحباب القرض والمداينة ولا يتعلّق بخصوص إجراء الصيغة، بل بمدلولها وهو تأخير المطالبة للعين المستقرضة إلى مدّة قضاء الوطر منها، كما مرّت إليه الإشارة، واستحباب التأخير هو عين معنى الجواز.
وفيه نظر، أوّلاً : بمنع تعلّق الاستحباب بخصوص المدلول، بل بسببه الذي هو إجراء الصيغة وإن كان الوجه في تعلّقه به هو رجحان العمل بمسبّبه، فيرجع حاصل الأدلّة إلى استحباب الإقدام إلى القرض وإيجاب سببه، ولا ينافيه وجوب المسبّب بعده، وإن هو إلاّ كالتجارة، فقد تظافرت الأدلّة باستحبابها مع وجوب العمل بمقتضيات أسبابها، كصيغ البيوع ونحوها، وككثير من العبادات المستحبة الواجبة بالشروع فيها.وبالجملة استحباب الشي‌ء ابتداءً غير وجوبه استدامةً ، فاستحباب الإقراض ابتداءً لا ينافي وجوب العمل بمقتضى عقده بعد إيجاده.
وثانياً : بأنّ ذلك بعد تسليمه إنّما يتوجّه بالنظر إلى نفس العقد، وأنّه بمجرّده لا يقتضي وجوب التأخير، بل غايته الاستحباب، كما يستفاد من أدلّة استحبابه، ولا كلام فيه، لما مرّ من الإجماع على جواز العقد المستلزم لعدم وجوب التأخير، ولكنّه لا ينافي لزومه بسبب آخر غير نفس العقد المجرّد، وهو العقد المركّب من الشرط، لعموم ما دلّ على لزوم الوفاء بالعقود، مضافاً إلى ما دلّ على لزوم الوفاء بالشروط.وذلك كما لو أوقع عقد البيع حالاّ، فإنّه لا يقتضي وجوب التأخير في أحد العوضين إلى أجل، ولا كذلك لو أوقع مؤجّلاً، فقد يكون عقد القرض بنفسه لا يفيد لزوم أجل، ومع شرطه يفيد لزومه.
وبالجملة لا منافاة بين جواز أجل القرض نظراً إلى نفس العقد ولزومه باشتراطه فيه، لتغاير السببين، كما لو اشترط أجله في عقد آخر لازم، كما عليه الأكثر، وإن خالف فيه بعض من شذّ وندر، فالاستدلال بذلك على المطلوب غير مفهوم.إلاّ أن يقال بالفرق بين القرض والبيع بعدم دلالة عقده على أجل، بخلاف القرض؛ لدلالته عليه بحسب العرف كما مرّ، فإذا لم يجب الوفاء به مع دلالة العقد الذي هو الأصل في لزوم الوفاء به وبالشرط المذكور في ضمنه عليه فعدم وجوب الوفاء به إذا دلّ عليه الشرط أولى، فتأمّل.
وقريب منه استدلال بعض الأفاضل
[۹۳] مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
على ضدّه وهو لزوم الأجل بعد اشتراطه بما مرّ من العمومين، وخصوص قوله سبحانه (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ). والخبرين المروي أحدهما عن ثواب الأعمال : «من أقرض قرضاً وضرب له أجلاً ولم يؤت به عند ذلك الأجل، كان له من الثواب في كلّ يوم يتأخّر عن ذلك الأجل مثل صدقة دينار واحد كلّ يوم».
ونحوه الثاني المروي عن الفقه الرضوي.وذلك فإنّ غاية الأدلّة صحّة التأجيل، ولا كلام فيها، وثمرتها إنّما هو جواز تأخير الدفع إلى الأجل ووجوبه بعده، وهو غير لزومه الذي هو عبارة عن وجوب التأخير إليه، وإنّما الكلام فيه.
هذا مضافاً إلى قصور سند الخبرين مع عدم معاضد لهما في البين، وضعف دلالة الكتاب من وجه آخر، وهو اختصاصه بالدين، وهو غير القرض بنصّ أهل اللغة، فقد صرّح في القاموس وغيره بأنّه لا أجل فيه، بخلاف الدين، فإنّه الذي فيه الأجل.
[۹۷] القاموس المحيط، ج۴، ص۲۲۶.
[۹۸] لسان العرب، ج۱۳، ص۱۶۷.
فالاستدلال به على لزومه في القرض على تقدير تماميّته بفساد الوجه الأوّل غير تامّ من هذا الوجه.
نعم في المضمر : عن رجل أقرض رجلاً دراهم إلى أجل مسمّى ثم مات المستقرض، أيحلّ مال القارض بعد موت المستقرض منه، أم لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال : «إذا مات فقد حلّ مال القارض». وهو مشعر بلزوم التأجيل في القرض كالدين، من حيث التقرير والمفهوم، إلاّ أنّ قصور السند بالإضمار والمتن للإجماع أوجب هجره في المضمار.
وأمّا القدح فيه بالدلالة بمنع الظهور بالكلّية، بنحو ما أُجيب به عن الخبرين المتقدّم إلى ذكرهما الإشارة ، من أنّ غايته الدلالة على صحّة الأجل لا اللزوم الذي هو مفروض المسألة، لعلّه محلّ مناقشة يستخرج وجهها من النظر إلى لفظة «حلّ» الظاهرة في عدم استحقاق المطالبة قبل انقضاء المدة المضروبة حال حياة المستقرض بالضرورة، فتأمّل.


 
۱. مسند أحمد، ج۲، ص۲۵۲.
۲. صحيح مسلم، ج۴، ص۲۰۷۴، ح۳۸.
۳. سنن ابن ماجة، ج۱، ص۸۲، ح ۲۲۵.
۴. الوسائل، ج۱۸، ص۳۲۹، أبواب الدين والقرض، ب ۶.    
۵. النهاية، ص۳۱۱.    
۶. السرائر، ج۲، ص۵۹.    
۷. التحرير، ج۱، ص۱۹۹.
۸. التذكرة، ج۲، ص۴.    
۹. جامع المقاصد، ج۵، ص۲۰.    
۱۰. المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
۱۱. الحدائق، ج۲۰، ص۱۰۷.    
۱۲. الكافي، ج۴، ص۳۳، ح۱.    
۱۳. الهداية، ج۲، ص۱۸۱.    
۱۴. نوادر الراوندي، ص۶.
۱۵. الروضة، ج۴، ص۱۱.    
۱۶. الهداية، ج۲، ص۱۸۱.    
۱۷. الروم/سورة۳۰، الآية۳۹.    
۱۸. الكافي، ج۵، ص۱۴۵، ح۶.    
۱۹. تفسير القمي، ج۲، ص۱۵۹.    
۲۰. الوسائل، ج۱۸، ص۱۶۰، أبواب الربا، ب۱۸، ح۱.    
۲۱. الدروس، ج۳، ص۳۱۸.    
۲۲. المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
۲۳. الدروس، ج۳، ص۳۲۱.    
۲۴. المختلف، ص۴۱۵.
۲۵. التذكرة، ج۲، ص۵.    
۲۶. المسالك، ج۱، ص۲۱۹.
۲۷. السرائر، ج۲، ص۶۰.    
۲۸. المبسوط، ج۲، ص۱۶۱.    
۲۹. التهذيب، ج۷، ص۲۳۸، ح۱۰۴۱.    
۳۰. الوسائل، ج۱۸، ص۳۶۱، أبواب الدين والقرض، ب۲۱، ح۳.    
۳۱. الفقيه، ج۳، ص۱۱۶، ح۴۹۳.    
۳۲. الوسائل، ج۱۸، ص۳۶۱، أبواب الدين والقرض، ب۲۱، ح۱.    
۳۳. التهذيب، ج۷، ص۱۶۲، ح۷۱۹.    
۳۴. الوسائل، ج۱۸، ص۳۶۱، أبواب الدين والقرض، ب۲۱، ح۲.    
۳۵. الدروس، ج۳، ص۳۲۱.    
۳۶. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۳۷. التذكرة، ج۲، ص۵.    
۳۸. الغنية (الجوامع الفقهية)، ص۵۹۱.
۳۹. الدروس، ج۳، ص۳۲۰.    
۴۰. التنقيح الرائع، ج۲، ص۱۵۶.
۴۱. الحدائق، ج۲۰، ص۱۳۷.    
۴۲. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۴۳. الدروس، ج۳، ص۳۲۱.    
۴۴. مجمع الفائدة، ج۹، ص۶۹.    
۴۵. الكفاية، ص۱۰۳.
۴۶. القواعد، ج۱، ص۱۵۷.    
۴۷. السرائر، ج۲، ص۶۰.    
۴۸. الحدائق، ج۲۰، ص۱۳۶.    
۴۹. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۵۰. التنقيح الرائع، ج۲، ص۱۵۶.
۵۱. الكفاية، ص۱۰۳.
۵۲. الشرائع، ج۲، ص۶۸.
۵۳. سنن البيهقي، ج۶، ص۹۶.
۵۴. سنن البيهقي، ج۶، ص۹۶.
۵۵. الخلاف، ج۳، ص۱۷۵.    
۵۶. التذكرة، ج۲، ص۵.    
۵۷. سنن البيهقي، ج۶، ص۲۱.
۵۸. الشرائع، ج۲، ص۱۸.
۵۹. جامع المقاصد، ج۵، ص۲۴.    
۶۰. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۶۱. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۶۲. السرائر، ج۲، ص۶۰.    
۶۳. التذكرة، ج۲، ص۶.    
۶۴. المسالك، ج۱، ص۲۲۰.
۶۵. الخلاف، ج۳، ص۱۷۷.    
۶۶. المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
۶۷. الكافي، ج۳، ص۵۲۰، ح۶.    
۶۸. التهذيب، ج۴، ص۳۳، ح۸۵.    
۶۹. الوسائل، ج۹، ص۱۰۰، أبواب من تجب عليه الزكاة ومن لا تجب عليه، ب۷، ح۱.    
۷۰. الكافي، ج۵، ص۲۳۹، ح۸.    
۷۱. الفقيه، ج۳، ص۳۰۵، ح۴۰۹۲.    
۷۲. التهذيب، ج۷، ص۱۷۹، ح۷۸۸.    
۷۳. الوسائل، ج۱۹، ص۸۵، أبواب أحكام الوديعة، ب۷، ح۱.    
۷۴. المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
۷۵. المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
۷۶. المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
۷۷. السرائر، ج۲، ص۶۰.    
۷۸. التذكرة، ج۲، ص۶.    
۷۹. الدروس، ج۳، ص۳۲۴.    
۸۰. المسالك، ج۱، ص۲۲۱.
۸۱. مجمع الفائدة، ج۹، ص۷۸.    
۸۲. الحدائق، ج۲۰، ص۱۳۲.    
۸۳. مجمع الفائدة، ج۹، ص۸۰.    
۸۴. مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
۸۵. الشرائع، ج۲، ص۶۸.
۸۶. مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
۸۷. الحدائق، ج۲۰، ص۱۳۲.    
۸۸. المائدة/سورة ۵، الآية ۱.    
۸۹. الوسائل، ج۲۳، ص۳۲۶ أبواب النذر والعهد، ب ۲۵.    
۹۰. الوسائل، ج۱۸، ص۳۲۹، أبواب الدين والقرض، ب۶.    
۹۱. الدروس، ج۳، ص۳۲۴.    
۹۲. الحدائق، ج۲۰، ص۱۳۰.    
۹۳. مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۲۶.
۹۴. البقرة/سورة۲، الآية۲۸۲.    
۹۵. ثواب الأعمال، ص۱۳۸.    
۹۶. الوسائل، ج۱۸، ص۳۲۹، أبواب الدين والقرض، ب۶، ح۱.    
۹۷. القاموس المحيط، ج۴، ص۲۲۶.
۹۸. لسان العرب، ج۱۳، ص۱۶۷.
۹۹. التهذيب، ج۶، ص۱۹۰، ح۴۰۹.    
۱۰۰. الوسائل، ج۱۸، ص۳۴۴، أبواب الدين والقرض، ب۱۲، ح۲.    




رياض المسائل، ج۹، ص۱۵۳-۱۷۱.    



جعبه ابزار