اللواحق في زكاة الأنعام الثلاثة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهي التي تتعلق بمسائل زكاة الأنعام الثلاثة من
البقر والإبل والغنم.
(الأولى الشاة المأخوذة في
الزكاة أقلّها
الجذع) مطلقاً، أي في
الإبل والغنم (أقلّها) الذي لا يجزي دونه (الجَذَع) بفتحتين (من
الضأن ، أو
الثنِيّ من المعز) على الأظهر الأشهر، بل لا خلاف فيه يعرف، ولا ينقل إلاّ في الشرائع، فقد حكى فيه القول بكفاية ما يسمّى شاة،
والقائل به غير معروف ولا منقول، فهو نادر، بل على خلافه
الإجماع في الغنية والخلاف؛
وهو الحجة.
مضافاً إلى النبوية المنجبرة سنداً ودلالةً بالشهرة، وفيها : «نُهينا أن نأخذ المراضع، وأُمِرنا أن نأخذ الجَذَعة والثنِيّة».
خلافاً لجماعة من أفاضل متأخّري المتأخرين،
كالأردبيلي في
مجمع الفائدة ،
والسبزواري في الذخيرة، وصاحب الحدائق
فوافقوا القائل المزبور؛
لإطلاق النصوص وضعف الرواية والإجماع المنقول.
وهما كما ترى : أمّا الثاني فلما مضى. وأمّا الأوّل فلعدم معلوميّة انصرافه إلى خلاف ما عليه المشهور، لو لم نقل بتعيّن انصرافه إليه، بل فصاعداً لحكم التبادر وغيره مما دلّ على تعلّق
الزكاة في العين ووجوب حول الحول عليها، فلا يكون بعد ذلك إلاّ وجوب شاة يكون سنّها سنة لا أقلّ منها، ولكن لما كان لا تجب هذه بخصوصها في الجملة إجماعاً فتوًى ونصّاً تعيّن ما يقرب منها سنّاً.
واعلم : أنّه قد اختلف كلمة أهل اللغة في بيان سنّ الفريضتين على أقوال في الأُولى، ومنها أنّها ما له سنة كاملة، ومنها ستّة أشهر، ومنها سبعة، ومنها ثمانية، ومنها عشرة.
وعلى قولين في الثانية:
أنَّها ما دخلت في السّنة الثالثة.
أنها ما دخلت في الثانية.
لكن التفسير الأوّل في الفريضتين أشهر بينهم، كما صرّح به في الثانية جماعة،
وفي الاولى صاحب مجمع البحرين، بل ذكر أنّه الصحيح بين أصحابنا أيضاً.
أقول : بل المستفاد من كلمات مَن وقفت على كلماته في المسألة، كالشيخ في
المبسوط ، والفاضل في التحرير والمنتهى والتذكرة،
والشهيد الثاني في الروضة،
وغيرهم، كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع،
وهو المفهوم من الحلّي
: أنّها ماله سبعة، وربما يُحكى عن بعضهم أنّها ستة، كما في مفاتيح الشرائع،
وظاهر هؤلاء التفسير الثاني في الفريضة الثانية، وادّعى الشهرة عليه جماعة.
وما اختاروه رضوان الله عليهم في المقامين أوفق بأصالة
البراءة ، ولكن الأحوط ما عليه جمهور أهل اللغة تحصيلاً للبراءة اليقينية.
(ويجزي الذكر والأُنثى) سواءً كان النصاب كلّه ذكراً أو أنثى أو ملفقاً منهما، إبلاً كان أو غنماً، كان الذكر حيثما ما يدفع في نصاب الغنم الإناث بجميعها بقيمة واحدة منها أم لا، وفاقاً لجماعة ومنهم : الشيخ في المبسوط والفاضل في جملة من كتبه؛
للإطلاقات.
خلافاً للأوّل في الخلاف، فعيّن الأُنثى في الإناث من الغنم مطلقاً.
وللثاني في المختلف، ففصّل فيها فجوّز الذكر إذا كان بقيمة واحدة منها، ومنع في غيره.
ولعلّ وجهه تعلّق الزكاة بالعين، فلا بُدّ في دفعها منها أو من غيرها مع اعتبار القيمة.
ولا يخلو عن مناقشة، فإنّ الزكاة المتعلّقة بالعين ليس إلاّ مقدار ما جعله الشارع فريضة لا بعض آحادها بخصوصها، وإلاّ لما تصوّر تعلّقها ب
الإبل ، بل ولا الغنم، حيث يجوز دفع الجذعة عنها كما مرّ. وحينئذٍ فننقل الكلام في الفريضة، وهي على ما وصلت إلينا من الشرع من جهة
الإطلاق الشاة بقول مطلق، وهو يصدق على الذكر والأُنثى لغةً وعرفاً.
وبالجملة فما ذكره الماتن وغيره أقوى، وإن كان ما في المختلف أحوط وأولى.
(وبنت المخاض هي التي دخلت في) السنة (الثانية، وبنت اللبون هي التي دخلت في الثالثة، والحِقّة هي التي دخلت في الرابعة، والجَذَعة) من الإبل (هي التي دخلت في الخامسة) بلا خلاف في شيء من ذلك أجده بين أصحابنا، ولا بين أهل اللغة.
(والتبيع من البقر هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية، والمسنّة هي التي تدخل في الثالثة) بلا خلاف أجده ولا أحد نقله، بل يفهم الإجماع عليه من جماعة كالعلامة في المنتهى،
ولكن الموجود في اللغة في تفسير الأوّل أنّه ما كان في السنة الأُولى،
وهو أعم من استكمالها، إلاّ أنّه لا إشكال في اعتباره، للإجماع عليه فتوًى ونصّاً، ففي الصحيح : «في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي».
(ولا) يجوز أن (تؤخذ الربّى) بضم الراء وتشديد الباء، في
مجمع البحرين : قيل : هي الشاة التي تربّى في البيت من الغنم لأجل اللبن، وقيل : هي الشاة القريبة العهد بالولادة، وقيل : هي الوالد ما بينها وبين خمسة عشر يوماً، وقيل : ما بينها وبين عشرين يوماً، وقيل : ما بينها وبين شهرين، وخصّها بعضهم بالمعز، وبعضهم بالضأن.
أقول : والمشهور بين الأصحاب من هذه التفاسير هو ما عدا الأوّل، وعلّلوا المنع بعد اتّفاقهم عليه على الظاهر، المصرّح به في بعض العبائر
تارةً بأنّ فيه إضراراً
بولدها، وأُخرى بأنّها مريضة كالنفساء.
والأجود الاستدلال عليه بالموثّق : «ولا تؤخذ الأكولة» والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم «ولا والدة ولا الكبش الفحل».
وقريب منه الصحيح : «ليس في الأكيلة ولا في الرُّبّى التي تربّي اثنين ولا شاة لبن ولا فَحل الغنم صدقة»
بناءً على حمله على عدم الأخذ لا عدم العدّ، للإجماع على عدّ الرُّبّى وشاة اللبن، كما في المدارك
وغيره،
لكن فيه تفسيرها بالتي تربّي اثنين، أو تقييد المنع بها خاصّة، ولا قائل بهما.
وهل يجوز أخذها مع رضا المالك بدفعها كما عليه الفاضلان،
أم لا كما عليه شيخنا الشهيد الثاني
؟ قولان، مبنيّان على
الاختلاف في تعليل المنع بما مرّ، فمن علله بالأوّل قال بالأوّل، ومن علله بالثاني قال بالثاني. ولا ريب أنّ هذا أحوط، سيّما مع تأيّده بظاهر إطلاق النصّ، لكن ربما يستفاد من المنتهى عدم الخلاف في الأوّل.
هذا إذا لم تكن المأخوذة منها جُمَع رُبّى، وإلاّ فلم يكلّف غيرها قولاً واحداً.
(ولا المريضة) كيف كان (ولا الهرمة) المُسّنة عرفاً (ولا ذات العوار) مثلّثة العين، مطلق العيب، إجماعاً على الظاهر المصرّح به في جملة من العبائر مستفيضاً؛
وللصحيح
وغيره
الواردين في الأخيرين، ويلحق بهما الأوّل، لعدم قائل بالفرق.
وفيهما : «إلاّ أن يشاء المصدّق» ولم أَرَ مفتياً بهذا الاستثناء صريحاً.
هذا إذا وُجد في النصاب صحيحٌ في النصاب صحيحٌ مثلاً، فلو كان كلّه مريضاً لم يكلّف شراء صحيحة إجماعاً، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
(ولا تعدّ) في النصاب (
الأكولة) بفتح الهمزة، وهي المعدّة للأكل (ولا
فحل الضراب) وهو المحتاج إليه لضرب الماشية عادة، فلو زاد كان كغيره في العدّ.
والحكم بعدم عدّهما خيرة الماتن هنا، والفاضل في الإرشاد،
والشهيدين في اللمعة وشرحها؛
لظاهر الصحيح الماضي في الرُّبّى.
خلافاً للأكثر، بل المشهور كما قيل،
فيعدّان؛ للإطلاقات، مع قصور الصحيح عن مكافأتها، لقصوره دلالةً بقوة احتمال كون المراد منه عدم الأخذ بقرينة ما مضى، مضافاً إلى التعبير به في الموثق،
فيهما وفي الرُّبّى، وهو متّفق عليه بيننا، إلاّ أن يرضى المالك فيعدّان بلا خلاف، كما في المنتهى.
واستقرب في البيان عدم عدّ الفحل،
إلاّ أن يكون كلها فحولاً أو معظمها، فيعدّ؛ ومستنده غير واضح.
وخير هذه الأقوال أوسطها، مع كونه أحوط وأولى.
(من وجب عليه سنّ من الإبل وليست عنده وعنده أعلى منها بسنّ) واحد (دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهماً، ولو كان عنده الأدون) منها بسنّ (دفعها و) دفع (ومعها شاتين أو عشرين درهماً) بلا خلاف أجده إلاّ من الصدوقين،
فجعلا التفاوت بين بنت المخاض وبنت اللبون شاة يأخذها المصدّق أو يدفعها؛ للرضوي.
وهو نادر، بل على خلافه الإجماع في جملة من العبائر، كالمنتهى والتذكرة وغيرهما من كتب الجماعة،
مضافاً إلى المعتبرة، وفيها الصحيح المروي في الفقيه
وغيره.
وإطلاق النصّ والفتوى يقتضي عدم الفرق بين ما لو كانت قيمة الواجب السوقية مساوية لقيمة المدفوع على الوجه المذكور، أم زائدة عليها، أم ناقصة، عنها.
وهو مشكل في صورة استيعاب قيمة المأخوذ من المصدّق لقيمة المدفوع إليه؛
لاختصاص الإطلاق بحكم التبادر وغيره بغيرها، مع أنّ العمل به فيها يوجب عدم وجوب الزكاة، لأنّ المؤدّي لها على هذا الوجه كأنّه لم يؤدّ شيئاً، فعدم الإجزاء فيها في غاية القوّة، كما عليه جماعة
حاكين له عن التذكرة.
واحترز بالإبل والسنّ الواحد عمّا عدا أسنان الإبل والسنّ والمتعدّد؛ لعدم الإجزاء، ووجوب القيمة السوقية فيهما.
بلا خلاف في الأوّل كما في التذكرة وغيرها؛
اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على لزوم الفريضة بعينها مع الإمكان وبدلها مع العدم وهو القيمة السوقية كائنة ما كانت على مورد النصّ والفتوى، وهو سنّ
الإبل خاصّة.
وعليه أكثر المتأخّرين تبعاً للحلّي
في الثاني؛ لعين الدليل الماضي.
خلافاً للمبسوط والمختلف
والحلبي،
فيجزي؛ لأمر اعتباري لا يكاد يفرّق بينه وبين القياس الخفيّ، وإن زعم كونه من باب تنقيح المناط القطعي. ونحوه في الضعف القول بالاكتفاء بالجبر بشاة وعشرة دراهم، كما عن التذكرة
وشيخنا الشهيد الثاني.
وبالجملة : حيث كان الحكم في المسألة مخالفاً للأُصول لزم الاقتصار فيه على مورد الفتاوى والنصوص.
(ويجزي ابن اللبون الذكر عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر) مطلقاً، أي وإن أمكنه شراؤها، بغير خلاف ظاهر، مصرّح به في بعض العبائر،
وعن التذكرة الإجماع عليه؛
للنصوص المستفيضة وفيها الصحاح وغيرها : «إن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر».
وهل يجزي عنها مع وودها؟ الأظهر لا؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل على مورد النصّ والفتوى، وهو الإجزاء بشرط عدمها، مع أنّه قضيّة الشرط فيها.
مع أنّا لم نقف على مصرّح الإجزاء مطلقاً عدا الفاضل المقداد في التنقيح، فقال : الفتوى على
الإجزاء مطلقاً اختياراً
واضطراراً، لكونه أكبر منها سنّاً.
وفيه : أن الأكبرية سنّاً لا دليل على اعتبارها، وإنّما المعتبر الفريضة الشرعية أو ما يقوم مقامها في الشريعة، وهو هنا ابن اللبون مع فقدها خاصّة، أو مع وجودها أيضاً إن ساوى قيمته قيمتها، أو زادت عليها وجوّزنا إخراج القيمة مطلقاً والأوّل خارج عن مفروضنا، والثاني أخصّ من المدّعى، لأنّ المدّعى جواز إخراج ابن اللبون الذكر عن الفريضة مطلقاً ولو كان قيمته أدون من قيمتها ومنعنا عن إخراج القيمة في
الأنعام. منه رحمه الله.
ولو عدمهما معاً تخيّر في شراء أيّهما شاء، كما عليه الشيخ في الخلاف والفاضلان،
معربين عن كونه موضع وفاق بين علمائنا وأكثر العامة العمياء.
خلافاً لبعضهم،
فعيّن شراء بنت مخاض، وربما يظهر من بعضنا وقوع الخلاف فيه بيننا، كالشهيد الثاني في المسالك.
ولا ريب أن شراءها أحوط وأولى، وإن كان التخيير أظهر وأولى فتوًى، لما مضى، ولأنّه بشراء ابن اللبون يكون له واجداً فيكون عنها مجزياً.
(ويجوز أن يدفع عما يجب في النصاب) مطلقاً (من النعم الثلاثة) كان (أو غيرها) من النقدين والغلاّت (من غير الجنس بالقيمة السوقية).
بلا خلاف أجده فيما عدا النعم، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة، ومنهم الفاضل في التذكرة؛
للصحيحين
وغيرهما.
وعلى الأقوى فيها أيضاً، وهو الأشهر بين أصحابنا، حتى أنّ الشيخ (رحمه الله) في الخلاف حكى عليه إجماعنا؛
وهو الحجة المعتضدة بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع، وفتوى من لا يرى العمل إلاّ بالأدلّة القطعيّة، كالمرتضى والحلي
مدّعياً في ظاهر كلامه الإجماع عليه أيضاً؛ وبما استدلّ عليه جماعة من أنّ المقصود من الزكاة دفع الخلّة وسدّ الحاجة، وهو يحصل بالقيمة كما يحصل بالفريضة، وأنّ الزكاة إنّما شرّعت جبراً للفقراء ومعونةً لهم، وربما كانت القيمة أنفع في بعض الأزمنة، فكان التسويغ مقتضى الحكمية.
هذا مضافاً إلى عموم بعض النصوص، كالمروي في
قرب الإسناد : عيال المسلمين أُعطيهم من الزكاة، فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً، وأرى أنّ ذلك خير لهم، فقال : «لا بأس».
والزكاة فيه مطلق يشمل المخرَجة من الأنعام وغيرها، وقد سوّغ (عليه السلام) إخراجها بالقيمة من غير استفصال، وهو يفيد العموم، كما مرّ في غير مقام، وقصور السند منجبر بما مرّ، مع أنّه موثّق، وهو حجّة على الأظهر.
خلافاً للمفيد، فعيّن الفريضة إلاّ مع العجز عنها فالقيمة؛
للأُصول المتقدمة، وهي بما قدّمناه من الأدلّة مخصّصة، هذا.
(و) لا ريب أن إخراج (الجنس أفضل) مطلقاً، كما صرّح به الحلّي وغيره؛
لظاهر بعض الأخبار : قلت : أيشتري الرجل من الزكاة الثياب والسويق والدقيق والبطيخ والعنب فيقسّمه؟ قال : «لا يعطيهم إلاّ الدراهم، كما
أَمَرَ الله تعالى».
وفي قوله : «كما أمَرَ الله تعالى» إشعار بأنّ الزكاة المسئول عن جواز إخراج قيمتها إنّما هو الدراهم، وإلاّ فليس المأمور به من الله سبحانه في كل جنس إلاّ ما يجانسه لا الدراهم مطلقاً، وعليه فقوله ۷ : «لا يعطيهم إلاّ الدراهم» وارد على زكاتها، ويكون قوله : «كما أمر الله تعالى» مشعراً بل ظاهراً في عموم المنع وثبوته مطلقاً، وظاهره وإن أفاد المنع والحرمة لكنّه محمول على الكراهة جمعاً بين الأدلّة.
(ويتأكّد) الإخراج من الجنس (في النعم) خروجاً عن شبهة الخلاف فيه فتوًى ونصّاً، وهي التي أوجبت التأكّد فيها، ولولاها لكان سبيل النعم في مرتبة الفضيلة سبيل غيرها.
(إذا كانت النعم) كلّها (مِراضاً لم يكلّف) المالك بشراء (صحيحة) بإجماعنا الظاهر المحكي في صريح الخلاف وظاهر المنتهى وغيره
وهو الحجّة المعتضدة
بالأصل ، والإطلاقات السليمة عمّا يصلح للمعارضة عدا ما مرّ من إطلاق ما دلّ على المنع عن أخذ نحو العوراء والهرمة،
وهو مخصوص بحكم التبادر والغلبة بغير مفروض المسألة، وهو ما إذا كان كلّها صحاحاً أو ملفقّةً منها ومن المِراض.
(ويجوز أن يدفع) عن الشاة الواجبة في زكاة الإبل والغنم (من غير غنم البلد) الذي وجب فيه الزكاة (ولو كانت) الشاة المدفوعة عن الفريضة (أدون) من غير فرق في ذلك بين زكاة الإبل والغنم، على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع والخلاف وغيرها،
وبه صرّح بعض أصحابنا
ولعله لعموم الأدلّة وإطلاقاتها.
خلافاً للشهيدين وغيرهما،
فقيّدوا ذلك بزكاة الإبل، واشترطوا في غيرها أخذ الأجود أو الأدون بالقيمة، لا فريضة ووجهه غير واضح، وإن كان أحوط وأولى.
(لا يجمع بين متفرّق في الملك) فلا يضمّ مال إنسان بغيره وإن كانا في مكان واحد، بل يعتبر النصاب في مال كلّ واحد.
(ولا يفرّق بين مجتمع فيه) فلا يفرّق بين مالي مالك واحد ولو تباعد مكانهما.
ولا خلاف في الثاني بين العلماء ظاهراً، بل عليه الإجماع في المنتهى، وكذا في الأوّل إن لم يختلط المالان مطلقاً، وأمّا مع
الاختلاط ففيه خلاف بينهم. والذي عليه علماؤنا ظاهراً من غير خلاف بينهم أجده، بل عليه الإجماع في صريح الخلاف وغيره،
وظاهر السرائر والمنتهى
(و) غيرهما
: أنّه (لا اعتبار بالخلطة) مطلقاً سواء كان خلطة أعيان، كأربعين بين شريكين أو ثمانين بينهما مشاعةً، أو خلطة أوصاف، كالاتّحاد في المَرعى والمشرب والمراح مع تميّز المالين؛ للنبوي : «إذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين فليس فيه صدقة».
وفي آخر : «مَن لم يكن له إلاّ أربعة من الإبل فليس فيها صدقة»
ونحوه المرتضوي الخاصّي.
ولا فرق بين مواردها وغيرها إجماعاً على الظاهر المحكي في ظاهر المنتهى.
وللمروي في العلل : قلت له : مأتي درهم بين خمسة أُناس أو عشرة حال عليها الحول وهي عندهم، أتجب عليهم زكاتها؟ قال : «لا، هي بمنزلة تلك» يعني جوابه في الحرث «ليس عليهم شيء حتى يتمّ لكلّ إنسان منهم مائتا درهم» قلت : وكذلك في الشاة والإبل والبقر والذهب والفضة وجميع الأموال؟ قال : «نعم».
وفي جملة من المعتبرة العاميّة والخاصّية وفيها الصحيح وغيره : «لا يفرّق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق».
وظاهرها على ما عقله أصحابنا الدلالة على مطلوبنا، لا ما زعمته هؤلاء، كما صرّح به في
السرائر ،
وكذا في المنتهى، فقال بعد أن احتجّ لهم على اعتبار الخلطة بها ـ : الجواب أنّه حجّة لنا، لأن المراد أن لا يجمع بين متفرّق في الملك ولا يفرّق بين مجتمع فيه، ولا اعتبار بالمكان وإلاّ لزم أن لا يجمع بين مال الواحد إذا تفرّق في الأمكنة، وهو منفيّ إجماعاً،
إلى آخر ما ذكره رحمه الله تعالى.
ولا ضير في قصور
الأسانيد أو ضعفها حيث كان بعد الانجبار بعمل الأصحاب والإجماعات المنقولة في كلمة
الأعيان.
رياض المسائل، ج۵، ص۴۹-۶۳.