الميتة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(
الميتة ممّا له نفس سائلة)
آدميا كان أو غيره، إجماعا كما عن
الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة والشهيدين وابن زهرة.
وهو الحجّة فيه والمتمّم لدلالة المستفيضة بل المتواترة في مواضع متفرقة على النجاسة، كالصحاح وغيرها الواردة الآمرة
بإلقاء الفأرة ونحوها وما يليها الميتة في الأشياء الرطبة الجامدة،
والاستصباح بها إذا كانت أدهانا مائعة،
وليس
للأمر بذلك وجه سوى النجاسة بإجماع الطائفة.ونحوها في وجه الدلالة على النجاسة المعتبرة الناهية عن
الأكل من آنية
أهل الذمة إذا كانوا يأكلون فيها الميتة.
والنصوص الواردة بنجاسة القليل بوقوع الجيفة، كالصحيح : «إذا كان الماء أكثر من رواية لم ينجسه شيء، تفسّخ فيه أو لم يتفسخ، إلّا أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء».
وفي آخر : «كلّما غلب الماء ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب، وإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب».
ونحوه الصحيحان، في أحدهما : عن غدير أتوه فيه جيفة، فقال : إذا كان الماء قاهرا ولا يوجد فيه الريح فتوضأ».
وفي الثاني : يمرّ به الرجل وهو نقيع فيه الميتة الجيفة، فقال مولانا
الصادق عليه السلام : «إن كان الماء قد تغير ريحه فلا تشرب ولا تتوضأ منه» الخبر.
والموثق : عن الرجل يمرّ بالماء وفيه دابة ميتة قد أنتنت، قال : «إن كان النتن الغالب على الماء فلا تتوضأ ولا تشرب».
ونحوه آخر : في
الفأرة التي يجدها في إنائه وقد توضأ من ذلك
الإناء مرارا، وغسل ثيابه واغتسل، وقد كانت الفأرة منسلخة، فقال : «إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثمَّ فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء، فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كلّ ما أصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة» الخبر.
مضافا إلى المروي عن الدعائم، عن مولانا الصادق عليه السلام قال، قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : «الميتة نجس ولو دبغت».
والرضوي : «وإن مسست ميتة فاغسل يدك».
وفي الموثق : عن
الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك تموت في البئر والزيت والسمن وشبهه، قال : «كلّ ما ليس له دم فلا بأس».
وفي الخبر : «لا يفسد الماء إلّا ما كانت له نفس سائلة».
وبهما مع
الأصل يستدل على طهارة ميتة غير ذي النفس، مضافا إلى
الإجماع المحكي عن المعتبر والمنتهى صريحا.
وخلاف الشيخ وابن حمزة في
العقرب والوزغة شاذ،
ومستنده قاصر.
فالقول بالطهارة متعيّن.
ثمَّ ما تقدّم من الأخبار وما ضاهاها مختصة بغير
الإنسان ، وأمّا الأخبار فيه فالحسن : عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميّت، قال : «يغسل ما أصاب الثوب».
قيل : ولا دلالة فيه،
لإمكان أن يكون المراد منه
إزالة ما أصاب الثوب ممّا على الميت من رطوبة أو قذر تعدّيا إليه، يدل على ذلك ما في الرواية الأخرى : «إن كان غسّل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه، وإن كان لم يغسّل فاغسل ما أصاب ثوبك منه»
فإنه إن كان نجس العين لم يطهر بالتغسيل.
وفيه نظر؛ لمخالفة
الاحتمال المذكور للظاهر أوّلا، وظهور الدلالة معه ثانيا، بناء على استلزام نجاسة الرطوبة نجاسة الجسد لتفرعها عليها وصدورها منها.
وتقييدها بالرطوبة النجسة (بالذات)-ليست في «ش»- ينافي عطف القذر عليها المقتضى للتغاير والقسيمية، والحال أنه على التقييد نوع منه أو عينه.وتقييد القذر بالنجس العيني وحمل الرطوبة على النجس العارضي بدون الموت وإن أمكن إلّا أن
ارتكاب مثله في النص بعيد جدا، مع أن ظاهره وجوب غسل جميع ما لاقى من جسده الشامل للرطوبة الغير الملاقية للنجاسة الخارجية، وذلك مستلزم للنجاسة كما مرّ، والتخصيص لا بدّ له من دليل، ولم يظهر.ودعوى الملازمة بين النجاسة العينية وعدم حصول التطهير بالطهارة المائية ممنوعة، كيف لا؟! والطهارة والنجاسة من الأمور التعبدية، فلا بعد في حصول الطهارة لها بها بعد ثبوتها من الشريعة، كحصول الطهارة
بالإسلام للكافر بالضرورة.
ثمَّ ليس في الخبرين دلالة على تعدي النجاسة مع اليبوسة، بل ظاهرهما ـ كما ترى ـ
اختصاصه بالرطوبة.نعم : هو ظاهر إطلاق الرضوي : «وإن مسّ ثوبك ميّت فاغسل ما أصاب»
فتأمل.وأظهر منه المروي في
الاحتجاج عن مولانا القائم عليه السلام : «ليس على من مسّه ـ أي الميّت ـ إلّا غسل اليد».
وهو ـ مع قصور السند والمخالفة للأصل المعتمد ـ معارض بالموثق : «كلّ يابس زكي».
والتعارض بينهما وإن كان عموما من وجه لا بدّ من ترجيح أحدهما عليه، إلّا أن المرجح من الأصل وغيره مع الثاني، مع قوة عمومه،
واعتضاده بفحوى الصحيح : «وقع ثوبه على كلب ميت، قال : ينضحه ويصلّي فيه، ولا بأس به».
وبه وبالسابق يستدل على عدم تعدي نجاسة الميتة غير الآدمي مع اليبوسة، مضافا إلى عموم الصحيح الناشئ عن ترك
الاستفصال : «وقع ثوبه على حمار ميت، قال : ليس عليه غسله، وليصلّ فيه، ولا بأس».
وأمّا ما ورد من الأمر بغسل ما لاقى الثعلب وغيره من
السباع حيا أو ميتا
فهو محمول على
الاستحباب قطعا، إذ لم يقل أحد بثبوت الحكم المذكور مع الحياة أيضا جدّاً.فالقول بتعدي النجاسة مع اليبوسة هنا وفي السابق ـ كما عن الروض والمعالم والعلّامة
ـ محل مناقشة. كالقول بعدم تعدي نجاستها مطلقا مع وجوب غسل الملاقي لها خاصة تعبدا كما عن الحلّي. وعبارته المحكية لا تساعد الحكاية.
وعلى تقدير الصحة فهو ضعيف جدّا، للإجماع ظاهرا على نجاسة ملاقي الملاقي للميتة رطبا.
ثمَّ إن مقتضى إطلاق النص وكلام الأصحاب النجاسة بمجرّد الموت وإن لم يبرد، مضافا إلى صريح المروي في الاحتجاج عن مولانا القائم عليه السلام : «إذا مسّ الميت بحرارته لم يكن عليه إلّا غسل يده»
بل عن الخلاف والمعتبر والمنتهى والتذكرة : إجماع الطائفة عليه.
خلافا لبعض المتأخرين، فخصّها ببعد البرد،
لظاهر إطلاق الصحيح : «مسّ الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس به بأس».
وهو ضعيف، لعدم مقاومته لما مرّ. فيحمل نفي البأس على نفيه
بالإضافة إلى لزوم
الاغتسال بمسّه لا الغسل.
رياض المسائل، ج۲، ص۶۸-۷۴.