النفاس
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو الدم الذي تراه
المرأة حين الولادة أو بعدها ولا حدّ لأقلّه بالنص و
الإجماع ، وفي تحديد أكثره روايات مختلفة لأجلها اختلفت الفتاوى في المسألة أشهرها وأظهرها أنه لا يزيد عن أكثر
الحيض مطلقاً وهو العشرة.
بكسر النون، وهو ـ كما قيل ـ لغة : ولادة
المرأة ،
لاستلزامه خروج الدم غالبا، من النفس يعني الدم، ولذا سمّي
اصطلاحا دم الولادة.
(و) لذا (لا يكون) الولادة (نفاساً إلّا مع) رؤية (الدم) إجماعاً منّا؛ تمسّكا بالأصل ، و
اقتصاراً في الخروج عنه على المتبادر المتيقن من الأخبار، فليس غيره ـ كما نحن فيه ـ نفاساً (ولو ولدت) الولد (تامّاً) وعن الشافعي قولان ، وعن أحمد روايتان.
(ثمَّ) إنه (لا يكون الدم) الخارج حال الطلق (نفاساً) مع رؤيته قبل خروج شيء من الولد، إجماعاً ونصوصاً. ففي
الموثق : في المرأة يصيبها الطلق أياماً أو يوماً أو يومين، فترى الصفرة أو دماً، قال : «تصلّي ما لم تلد» الحديث.
ونحوه غيره.
مضافا إلى
الأصل .
ولا ريب في كونه حينئذ استحاضة مع عدم
إمكان حيضيته برؤيته أقل من ثلاثة إجماعاً ونصوصاً، وكذا معه بشرط عدم تخلل أقلّ الطهر بينه وبين النفاس على الأشهر الأظهر، بل نفي عنه الخلاف في الخلاف.
وهو الحجّة فيه، مضافاً إلى الموثق المزبور ونحوه، وخبر
الخلقاني الآتي، والمعتبرة الدالة على عدم نقص
أقل الطهر عن العشرة مطلقا. وتخصيصها بما بين الحيضتين لا دليل عليه. فاحتمال الحيضية حينئذ ـ كما عن
النهاية والمنتهى وظاهر التذكرة
ـ غير وجيه.
كلّ ذلك على المختار من
اجتماع الحيض مع الحبل، وإلّا فلا يكون هذا الدم حيضا كما لا يكون نفاسا (حتى ترى بعد الولادة أو معها) فيكون نفاساً في الأول إجماعاً، كما عن المنتهى والذكرى و
نهاية الإحكام .
وفي الثاني على قول قوي محكي عن القواعد و
المبسوط والخلاف
صريحاً، وعن النهاية و
الاقتصاد والمصباح ومختصره و
المراسم والسرائر والمهذّب و
الشرائع ظاهراً. ولعلّه المشهور، بل عليه
الإجماع عن الخلاف. وهو الحجة فيه، كالخبر المعتضد به وبالشهرة، المروي في أمالي الشيخ عن
رزيق الخلقاني ، عن
الصادق عليه السلام : عن
امرأة حامل رأت الدم، فقال : «تدع الصلاة» قال : فإنها رأت الدم وقد أصابها الطلق فرأته وهي تمخض، قال : «تصلّي حتى يخرج رأس الصبي، فإذا خرج رأسه لم تجب عليها الصلاة» الخبر.
ونحوه آخر على الظاهر.
خلافاً للمحكي عن جمل العلم والعمل والجمل والعقود و
الكافي والغنية والوسيلة و
الإصباح والجامع،
من اختصاصه بالأوّل؛ للأصل، والموثق المتقدم ذكره كغيره المعلّق ترك الصلاة فيهما على الولادة المتبادر منها خروج الولد بتمامه. ويحتملان ـ كالكتب ـ ما تقدّم. وكيف كان : يتعين حملهما عليه؛ لترجيح النص على الظاهر، والتكافؤ حاصل بما مرّ، فيخصّص به الأصل.
ومظهر الثمرة عدم
بطلان الصوم كعدم وجوب الغسل بالدم الخارج مع الجزء، المفقود -صفة للدم.- بعد التمام، على الثاني، وعدمهما على الأوّل.
ثمَّ إنّ ظاهر الأخبار كمقتضى الأصل حصر النفاس في الدم الخارج مع الولد التام أو الناقص، لا مثل
المضغة والعلقة و
النطفة . فإلحاق الأوّل به ـ كما عن المعتبر و
التحرير والمنتهى والنهاية وفي
الروضة مطلقاً، أو مع العلم بكونه مبدأ نشء آدمي كما عن
الذكرى ،
أو
الاكتفاء بشهادة القوابل أنها لحم ولد كما عن
التذكرة مع دعواه الإجماع على تحقق النفاس حينئذ
ـ غير واضح، إلّا الإجماع المزبور المعتضد بالشهرة. وهو الحجّة فيه، لا صدق الولادة، لعدم كفايته في
الإطلاق مع عدم تبادر مثله منه.
ومثله في ضعف
الإلحاق من غير جهة الإجماع إلحاق الأخيرين به، وحيث لا إجماع محكياً هنا وجب القطع بعدمه مطلقاً كما عن المعتبر والمنتهى،
أو مع عدم العلم بكونه مبدأ نشء آدمي كما عن التذكرة ونهاية الإحكام والذكرى و
الدروس والبيان.
ولا وجه للثاني فتعيّن الأوّل.
وذات التوأمين الوالدة لهما على التعاقب مع رؤية الدم معهما تبتدئ النفاس من الأول وتستوفي عدده من الثاني في المشهور، بل عليه الإجماع عن المنتهى والتذكرة؛
لصدق دم الولادة على كلّ منهما، وثبوت أنّ أكثر النفاس عشرة أو ثمانية عشر، فحكم كلّ منهما ذلك. ولا دليل على
امتناع تعاقب النفاسين وتداخل متمم العدد الأول مع قدره من الثاني.
ومنه يظهر حكم ولادة القطعتين أو القَطع، على المختار من ثبوت النفاس مع الولادة، وعلى
احتمال عن الذكرى والدروس،
فتأمّل.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۳۳۴-۳۳۷.