تطبيقات اخرى لصيغة الإقرار
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تطبيقات اخرى لصيغة الإقرار: وهناك وجوه اخرى لصيغة
الإقرار لا تندرج في العناوين السابقة لا بأس بذكرها، وهي:
لو قال: (ملِكت هذه الدار من فلان) كان إقراراً له بالدار،
وقد ادّعي نفي وجدان الخلاف في ذلك؛
نظراً إلى ظهور قوله: (ملكت) في
انتقال الملك إليه،
بخلاف قوله: (تملّكتها على يده)؛
لأنّه يحتمل المعونة بكونه
وكيلًا أو دلّالًا أو نحو ذلك.
لو قال: (كان لفلان عليّ ألف) لزمه الإقرار بها،
وقد ذهب إليه
الشيخ الطوسي وجماعة،
بل ادّعي نفي وجدان الخلاف فيه،
خلافاً
لابن سعيد الحلّي فلم يجعله إقراراً.
وقد استدلّ على كونه إقراراً بأنّ (كان) دلّت على ثبوت الحقّ في ذمّته؛ لأنّه إخبار عن تقدّم
الاستحقاق ، فلا تقبل دعواه في السقوط لو صرّح بها ولو متّصلة بذلك- فضلًا عن عدم التصريح به- إلّامع
الإثبات .
لو قال مالك العبد لابنه مخبراً لا منشِئاً: (بعتك أباك) انعتق المملوك بإقرار سيّده على أنّه باعه من ابنه وإن لم يحلف الولد، فيلزم حينئذٍ على
الابن ردّ الثمن إلى المولى أيضاً مع تصديق الشراء. وأمّا لو أنكر الشراء حلف ولم يلزمه الثمن ولا غيره ممّا يترتّب على المشتري.
ولو قال: (له عليّ درهم فوق درهم) أو: (تحت درهم) أو: (فوقه درهم) أو: (تحته درهم) أو: (مع درهم) أو: (معه درهم) أو: (قبل درهم) أو: (بعده)، لزمه درهم واحد؛
لاحتمال
إرادة الاتّصاف في الجميع. ولكنّ
العلّامة الحلّي فصّل بين قوله: (له عليّ درهم قبله درهم) أو: (بعده درهم) أو: (قبل درهم) أو: (بعد درهم)، فيلزمه درهمان، ولو قال: (قبله وبعده) لزمه ثلاثة دراهم؛ نظراً إلى أنّ القبلية والبعدية لا تحتمل إلّا الوجوب. وبين قوله: (له درهم مع درهم) أو: (فوق درهم) أو: (تحت درهم) أو: (معه) أو: (فوقه) أو: (تحته) لزمه واحد؛
لاحتمال فوق درهم لي أو في الجودة.
وقد أوضح ذلك
المحقّق النجفي بأنّ القبلية والبعدية يرجعان إلى الزمان ولا يتّصف بهما نفس الدرهم، فلابدّ من رجوع التقدّم والتأخّر إلى المقرّ، وليس ذلك إلّا الوجوب عليه.
واجيب عنه بما نسبه العلّامة الحلّي إلى
الشافعية من أنّ القبلية والبعدية كما يكونان بالزمان يكونان بالمزية والرتبة ونحوهما، بل لو سلّم
اختصاصهما بالزمان جاز رجوعهما إلى غير الوجوب بأن يريد درهم مضروب قبل درهم، بل لو سلّم إرادة الوجوب فيهما جاز إرادته بالنسبة إلى غير المقرّ بأن يريد لزيد درهم قبل وجوب درهم لعمرو ونحوه، فلا يلزمه إلّا درهم واحد كالشقّ الثاني.
ثمّ أورد العلّامة نفسه على ما حكاه عن الشافعيّة بأنّه لو سمع مثل هذه الاحتمالات لسمعت في نحو: (له عندي درهم ودرهم)، مع اتّفاقهم على لزوم درهمين.
وأورد عليه
المحقّق الكركي بوجود الفرق الواضح بين المقام ومورد النقض؛ لظهور قوله: (درهم ودرهم) في الجمع بخلاف المقام.
لكن قال المحقّق النجفي بعد الجميع: «لكنّ
الإنصاف ظهور شغل الذمّة بدرهمين لو قال: (له عليّ درهم قبله درهم أو بعده درهم)، والثلاثة لو قال: (قبله درهم وبعده درهم). بل قد يقال بلزوم الدرهمين في نحو: (فوقه درهم) أو: (مع درهم) أو: (معه درهم) - وإن قلنا: لا خلاف بينهم في لزوم درهم واحد- إذ لعلّه
لاختلاف عرف وقتهم وما نحن فيه من العرف؛ ضرورة دوران المسألة على ذلك؛ إذ لا نصيب فيها للتعبّد».
لو قال: (له عليّ درهم في عشرة) فله ثلاث صور:
أن يريد بالعشرة- تصريحاً أو بالقرينة- الظرفية للدرهم الواحد، فلم يختلفوا في أنّه يلزمه درهم واحد.
أن يريد بقوله: درهم في عشرة- تصريحاً أو بالقرينة- ضرب الواحد في العشرة (۱۰• ۱)، فلا خلاف- أيضاً- في أنّه يلزمه العشرة.
أن يكون الكلام مطلقاً بأن لا يصرّح فيه لا بالظرفية ولا بإرادة الضرب، فالظاهر من كلامهم لزوم درهم واحد هنا أيضاً؛
للإجمال ، فيؤخذ فيه بالقدر المتيقّن.
صرّح بعض الفقهاء بأنّ
الإقرار بالمظروف ليس إقراراً بالظرف،
إلّاأن يفهم العرف من
صيغة الإقرار ذلك؛ أخذاً بالمتيقّن، و
براءة لذمّة المقرّ من الزائد.
فلو قال: (غصبته ثوباً في منديل، أو حنطة في سفينة، أو ثياباً في عيبة، أو زيتاً في جرّة، أو تمراً في جراب) لم يدخل الظرف في الإقرار؛ لاحتمال إرادة (لي) في الجميع، فيصحّ
استثناؤه منفصلًا.
وكذلك الإقرار بالظرف لا يقتضي الإقرار بالمظروف، فلو قال: (له عندي غمد فيه سيف، أو جرّة فيها زيت، أو جراب فيه تمر، أو سفينة فيها طعام) لم يكن إقراراً بالمظروف؛
لاحتمال (لي) أيضاً.
وكذا لو قال: (غصبته فرساً عليها سرج، أو حماراً على ظهره أكاف، (
الأكاف من المراكب: شبه الرحال والأقتاب.)
أو له زمام، أو دابّة مسرجة، أو داراً مفروشة، أو نحو ذلك).
لكنّ العلّامة الحلّي تردّد في
القواعد في قوله: (دابّة مسرجة، أو دار مفروشة) في دخول السرج والفراش.
ولو قال: (غصبته فصّاً في خاتم) كان إقراراً بالفصّ ولم يدخل فيه الخاتم.
أمّا لو قال: (خاتم فيه فصّ) فهل هو إقرار بالخاتم فقط دون الفصّ، أو أنّه إقرار بكليهما؟ فيه وجهان، جعل بعضهم أظهرهما عدم دخول الفصّ في الإقرار؛ لاحتمال أن يريد: فيه فصّ لي.
ونوقش فيه بأنّ المنساق عرفاً دخوله؛ على أنّه كالجزء منه؛ لأنّه لو باعه دخل فيه، فهو حينئذٍ كما لو قال: (له هذا الخاتم) وكان فيه فصّ.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۱۱۲- ۱۱۵.