تعلم السحر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وتعلّم
السحر ) وعرّف تارة : بكلام أو كتابة يحدث بسببه ضرر على من عمل له في بدنه أو عقله، ومنه عقد الرجل عن حليلته،
وإلقاء البغضاء بينهما، فقد قال الله تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ).
وفي المروي عن
الاحتجاج : «ومن أكبر السحر النميمة يفرّق بها بين المتحابّين، ويجلب العداوة بين المتصادقين»
الحديث.
وقيل : ومنه
استخدام الملائكة والجنّ،
واستنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المُصاب،
واستحضارهم وتلبّسهم ببدن صبي أو امرأة وكشف الغائبات على ذلك.
وأُخرى : بأنّه عمل يستفاد منه حصول ملكة نفسانيّة يقتدر بها على أفعال غريبة وأسباب خفيّة.
وأُخرى : بوجه يدخل فيه علم الطلسمات والنيرنجات وغير ذلك، وذلك أن يقال : هو
استحداث الخوارق، إمّا بمجرّد التأثيرات النفسانية وهو السحر، أو
بالاستعانة بالفلكيّات فقط وهو دعوة الكواكب، أو على تمزيج القوى السماوية بالقوى الأرضيّة وهو الطلسمات، أو على سبيل الاستعانة بالأرواح الساذجة وهو العزائم.
قيل : والكلّ حرام في شريعة
الإسلام ،
وظاهره إجماع المسلمين عليه؛ وهو الحجة، كالنصوص المستفيضة، منها ما ورد في حدّ الساحر، ففي الخبر : «ساحر المسلمين يقتل».
وفي آخر : «يضرب الساحر بالسيف ضربة واحدة على أُمّ رأسه».
وفي ثالث : «حلّ دمه».
وفي رابع : «من تعلّم من السحر شيئاً كان آخر عهده بربّه، وحدّه القتل».
وظاهرها التحريم مطلقاً.
وقد استثني منه السحر للتوقّي ودفع المتنبّي. ولا بأس به، بل ربما وجب كفايةً، كما في
الدروس والروضة،
وتبعهما جماعة؛
اقتصاراً فيما خالف
الأصل على المتيقّن، بناءً على ضعف النصوص المثبتة للتحريم على الإطلاق، ولا جابر لها من إجماع أو غيره، مع معارضتها بكثير من النصوص المتضمّنة لجواز تعلّمه للتوقّي والحلّ به، منها : «حلّ ولا تعقد».
ومنها المروي في العلل : «توبة الساحر أن يحلّ ولا يعقد».
ومنها المروي عن العيون في قوله عزّ وجلّ (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ)
قال : «كان بعد نوح عليه السلام قد كثرت السحرة والمموِّهون، فبعث الله تعالى مَلَكين إلى نبيّ ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويردّ به كيدهم، فتلقّاه النبي من المَلَكين وأدّاه إلى عباد الله بأمر الله
[۲۵] أن يقفوا به على السحر وأن يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس»
الحديث.وربما خصّت روايات الحلّ بغير السحر،
كالقرآن والذكر والتعويذ ونحوهما، جمعاً. وهو أحوط.
رياض المسائل، ج۸، ص۱۶۵-۱۶۷.