حج الإفراد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو أن يحرم بالحج أولا قبل
العمرة من ميقاته الآتي بيانه، ثم يمضي إلى
عرفات فيقف بها، ثم يمضي إلى
المشعر فيقف بها ثم يأتي منى ف يقضي مناسكه ثم يطوف بالبيت ويصلّي ركعتيه وعليه عمرة مفردة إن وجبت عليه بعد ذلك أي بعد الحج و
الإحلال منه.
وهو أن يحرم بالحج أولا قبل
العمرة من ميقاته الآتي بيانه، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم يمضي إلى المشعر فيقف بها ثم يأتي منى ف يقضي مناسكه ثم يطوف بالبيت ويصلّي ركعتيه وعليه عمرة مفردة إن وجبت عليه بعد ذلك أي بعد الحج و
الإحلال منه. بلا خلاف في شيء من هذه الأحكام، بل في المنتهى : إنما مذهب
الإمامية ،
وفي غيره الإجماع على وجوب تأخير العمرة؛
ويدلُّ على جملة منها أخبار صحيحة سيأتي إلى بعضها
الإشارة . (وهذا القسم) يعني
الإفراد (والقِران فرض حاضري مكة) ومَن في حكمهم إجماعاً؛ لما مضى.
(ولو عدل هؤلاء إلى التمتع
اختياراً ففي جوازه قولان) للشيخ، أحدهما الجواز، كما عنه في المبسوط والخلاف،
وحكي عن الجامع أيضاً؛
لوجوه ضعيفة، أجودها الصحيح : عن رجل من
أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار، ثم رجع فمرّ ببعض المواقيت التي وقّت
رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم ، له أن يتمتّع؟ فقال : «ما أزعم أن ذلك ليس له، و
الإهلال بالحج أحبّ إليّ».
وليس نصاً في
حجة الإسلام ، فيحتمل الحمل على التطوع، سيّما مع بُعد بقاء المكي بغيرها إلى أن يخرج من مكة ويرجع إليها عادةً، مع أن له تتمة ربما تشعر بوروده في التطوع دون الفرض، كما أشار إليه بعض.
نعم، ربما كان في قوله : «الإهلال بالحج أحبّ إليّ»
إشعار بإرادة الفرض، بناءً على أفضلية التمتع في
التطوع مطلقاً إجماعاً. ولعلّه لذا أفتى بمضمونه جماعة، كالشيخ في كتابي الحديث والنهاية و
المبسوط ،
والفاضل في
التحرير والمنتهى،
وعنه وعن الماتن في المعتبر والتذكرة
أيضاً، لكن خصّوه بمورده وهو ما إذا خرج أهلها إلى بعض الأمصار ثم رجعوا فمرّوا ببعض
المواقيت ، وحينئذ فليس فيه حجة على الجواز مطلقاً، كما هو المدّعى، هذا. مع أن في موافقة الجماعة إشكالاً؛ لقصور الرواية عن الصراحة في الفريضة، بل ظهور بعض ما فيها على
إرادة النافلة. ويجاب عن القرينة المقابلة : باحتمال أن يكون وجه أحبّية الإهلال بالحج
التقية ، كما أشار إليه بعض الأجلّة، وقال : بل يجوز أن يُهلّ بالحج وينوي العمرة،
كما في الصحيح : «ينوي العمرة ويُهلّ بالحج»
إلى غيره من الأخبار.
أقول : وكيف كان، فلا ريب أن عدم العدول والإهلال بالحج أولى، كما صرّحت به الرواية. وفيه خروج عن شبهة القول بالمنع مطلقاً حتى في الصورة التي وافق فيها الشيخ الجماعة، كما هو صريح العماني كما حكي،
وظاهر الفاضل في
المختلف والمقداد في الشرح،
بل كلّ من جعل (أشبههما المنع) مطلقاً، من غير تفصيل بين الصورة المفروضة وغيرها. وممّا ذكرنا ظهر وجه أشبهية المنع كذلك، وأنه يجب القطع به في غير الصورة المزبورة. ويستظهر فيها أيضاً، بناءً على عدم صراحة الرواية في الفريضة. والقرينة المشعرة بإرادتها مع ضعفها معارضة بمثلها، بل أظهر منها.
وحينئذ فيكون التعارض بينها وبين الأدلة المانعة تعارض العموم والخصوص من وجه، يمكن تخصيص كلّ منهما بالآخرة، والترجيح للمانعة بموافقة الكتاب والكثرة. وعلى تقدير التساوي يجب الرجوع إلى
الأصل ، ومقتضاه وجوب تحصيل البراءة اليقينية، ولا يتحقق أولا بما عدا
المتعة ، للاتفاق على جوازه فتوًى وروايةً دونها، فتركه هنا أولى، وقد صرّحت به الرواية أيضاً كما مضى. وعلم أن شيخنا في
المسالك والروضة
صرّح بأن لمذهب الشيخ رواية، بل روايات. فإن أراد بها نحو الصحيحة، وإلاّ فلم نقف على شيء منها، ولا أشار إليه أحد من الطائفة. نعم، وردت روايات بأن للمفرد بعد دخول مكة العدول إلى المتعة، إلاّ أن ظاهر الأصحاب أنها مسألة على حدة، وفرق بينها وبين هذه المسألة، حيث منعوا عن العدول عنا مطلقاً أو في الجملة، وأباحوه ثمّة من غير خلاف، بل نقل فيها
الإجماع جماعة، كما ستعرفه.
ولعلّ وجه الفرق ما أشار إليه
الفاضل المقداد بأن تلك في العدول بعد الشروع، وهذه فيه قبله.
أو ما يظهر من جماعة من أنها فيما إذا لم يتعيّن عليه الإفراد كالتطوّع والمنذور كذلك.
ولعلّ هذا أظهر فتوًى، لما سيأتي إليه الإشارة ثمّة إن شاء الله سبحانه.
(وهو) أي العدول (مع
الاضطرار ) المتحقق بخوف الحيض المتأخر عن النفر مع عدم
إمكان تأخير العمرة إلى أن تطهر، وخوف عدوّ بعده، وفوت الصحبة كذلك (جائز) على المعروف من مذهب الأصحاب من غير ظهور مخالف على الظاهر، المصرَّح به في المدارك،
وفي غيره
الاتفاق عليه.
قيل : للعمومات، وفحوى ما دلّ على جواز العدول عن التمتع إليهما معه فالعدول إلى الأفضل أولى منه إلى المفضول.
ولعلّ المراد بالعمومات
إطلاق نحو الصحيح : عن رجل لبّى بالحج مفرداً، ثم دخل مكة فطاف بالبيت وسعى بين
الصفا والمروة ، قال : «فليحلّ متعة، إلاّ أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحلّ حتى يبلغ
الهدي محلّه».
قيل : وفي الكل نظر، وظاهر التبيان و
الاقتصاد والغنية والسرائر العدم. ولو قيل بتقديم العمرة على الحج للضرورة مع إفرادهما، و
الإحرام بالحج من المنزل، أو الميقات إن تمكّن منه كان أولى؛ إذ لا نعرف دليلاً على وجوب تأخيرهم العمرة. وفي الخبر : عن رجل خرج في
أشهر الحج معتمراً، ثم خرج إلى بلاده، قال : «لا بأس، وإن حج من عامة ذلك وأفراد الحج فليس عليه دم»
وظاهره
الإتيان بعمرة مفردة ثم حج مفرداً.
انتهى. ولعلّ وجه النظر في الصحيح ظهور سياقه في الفرق بين حجّي القران و
الإفراد في جواز العدول وعدمه مع أنهم لم يفرّقوا بينهما. وفي الفحوى بابتنائها على ما هو المعروف بينهم من وجوب تأخير العمرة عن الحج، ولا دليل عليه كما ذكره، وهو حسن. إلاّ أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على وجوب تأخيرها، وقد مضى عن
المنتهى وغيره كونه مجمعاً عليه بيننا،
فيشكل المصير إلى جواز تقديمها وإن أومأت إليه الرواية التي ذكرها، ونحوها اخرى : «أُمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيّهما بدأتم»
لقصورهما سنداً، بل ودلالةً كما لا يخفى.
(وشروطه) أي الإفراد ثلاثة :
(النية) كما مرّ في المتعة.
(وأن يقع في أشهر الحج) بلا خلاف بين الأصحاب أجده، وبه صرّح في
الذخيرة ،
معرباً عن دعوى إجماعهم عليه، كما هو أيضاً ظاهر جماعة، بل فيها وفي
المدارك عن المعتبر أن عليه اتفاق العلماء كافة.
للعمومات كتاباً وسنّةً، وخصوص نحو الصحيح في قول الله عزّ وجلّ : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ)
: «والفرض
التلبية والإشعار و
التقليد ، فأيّ ذلك فعل فقد فرض الحج، ولا يفرض الحج إلاّ في هذه الشهور التي قال الله عزّ وجل : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) وهو شوّال وذو القعدة وذو الحجة» الحديث.
وفي المنتهى وغيره
: خلافاً لأبي حنيفة وأحمد والثوري، فأجازوا الإحرام به قبلها.
وأن يعقد إحرامه (من الميقات) وهو أحد الستّة الآتية وما في حكمها (أو من دويرة أهله إن كانت أقرب) من
الميقات إلى (عرفات) كما هنا وفي
اللمعة وعن المعتبر،
أو إلى مكة كما عليه جماعة،
تبعا لما في النصوص كما سيأتي إليه الإشارة ولا خلاف في هذا الشرط أيضا على الظاهر المصرح به في كلام جماعة وعن التذكرة
الإجماع على أن أهل مكة يحرمون من منزلهم،
وفي الذخيرة : إنه المعروف من مذهب الأصحاب،
وسيأتي من الأخبار ما يدلّ عليه.
رياض المسائل، ج۶، ص۱۲۰- ۱۲۶.