رُوح (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
رُوح:(وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) «الرّوح» في الأصل اللغوي تعني (النفس) و البعض يرى بأنّ
(الروح) و
(الرّيح) مشتقّتان من معنى واحد، و إذ تمّ تسمية
روح الإنسان- التي هي جوهرة مستقلة- بهذا الاسم فذلك لأنّها تشبه
النفس و
الريح من حيث الحركة و الحياة، و كونها غير مرئية مثل النفس و
الريح.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«رُوح» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: الروح على ما يعرف في اللغة هو مبدأ الحياة الذي به يقوى الحيوان على الإحساس و الحركة الإرادية ولفظه يذكر و يؤنث، و ربما يتجوز فيطلق على الأمور التي يظهر بها آثار حسنة مطلوبة كما يعد العلم حياة للنفوس.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان:
عَنِ اَلرُّوحِ اختلف في الروح المسئول عنه على أقوال (أحدها) أنهم سألوه عن الروح الذي هو في بدن الإنسان ما هو و لم يجبهم و سأله عن ذلك قوم من
اليهود عن
ابن مسعود و
ابن عباس و جماعة و اختاره
الجبائي و على هذا فإنما عدل
النبي (ص) عن جوابهم لعلمه بأن ذلك أدعى لهم إلى الصلاح في الدين و لأنهم كانوا بسؤالهم متعنتين لا مستفيدين فلو صدر الجواب لازدادوا عنادا و قد قيل إن اليهود قالت لكفار
قريش سلوا
محمد(صلیاللهعلیهوآلهوسلم) عن الروح فإن أجابكم فليس بنبي و إن لم يجبكم فهو نبي فإنا نجد في كتبنا ذلك فأمر الله سبحانه بالعدول عن جوابهم و إن يكلهم في معرفة الروح إلى ما في عقولهم ليكون ذلك علما على صدقه و دلالة لنبوته (و ثانيها) أنهم سألوا عن الروح أ هي مخلوقة محدثة أم ليست كذلك فقال سبحانه
(قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) أي من فعله و خلقه و كان هذا جوابا لهم عما سألوه عنه بعينه و على هذا فيجوز أن يكون الروح الذي سألوا عنه هو الذي به قوام الجسد على قول ابن عباس و غيره أم
جبرائيل (ع) على قول
الحسن و قتادة أم ملك من
الملائكة له سبعون ألف وجه لكل وجه سبعون ألف لسان يسبح
الله بجميع ذلك على ما روي عن
علي (ع) أم
عيسى (ع) فإنه قد سمي بالروح (و ثالثها) أن
المشركين سألوه عن الروح الذي هو
القرآن كيف يلقاك به الملك أو كيف صار معجزا و كيف صار نظمه و ترتيبه مخالفا لأنواع كلامنا من الخطب و الأشعار و قد سمى الله تعالى القرآن روحا في قوله
(وَ كَذََلِكَ أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنََا) فقال سبحانه قل يا محمد(صلیاللهعلیهوآلهوسلم) إن الروح الذي هو القرآن من أمر ربي أنزله دلالة علي دلالة نبوتي و ليس من فعل المخلوقين و لا مما يدخل في إمكانهم و على هذا فقد وقع الجواب أيضا موقعه و أما على القول الأول فيكون معنى قوله
(اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) هو من الأمر الذي يعلمه ربي و لم يطلع عليه أحد.
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: المراد بالأنفس الأرواح المتعلقة بالأبدان لا مجموع الأرواح و الأبدان لأن المجموع غير مقبوض عند
الموت و إنما المقبوض هو الروح يقبض من البدن بمعنى قطع تعلقه بالبدن تعلق التصرف و التدبير و المراد بموتها موت أبدانها إما بتقدير المضاف أو بنحو المجاز العقلي، و كذا المراد بمنامها.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(اَللََّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهََا)أي يقبضها إليه وقت موتها و انقضاء آجالها و المعنى حين مرت أبدانها و أجسادها على حذف المضاف
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: و المراد بعروج الملائكة و الروح إليه يومئذ رجوعهم إليه تعالى عند رجوع الكل إليه فإن يوم القيامة يوم بروز سقوط الوسائط و تقطع الأسباب و ارتفاع الروابط بينها وبين مسبباتها و الملائكة وسائط موكلة على أمور العالم و حوادث الكون فإذا تقطعت الأسباب عن مسبباتها و زيل الله بينهم ورجع الكل إلى الله عز اسمه رجعوا إليه و عرجوا معارجهم فحفوا من حول عرش ربهم وصفوا قال تعالى:
(وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) و قال:
(يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) و الظاهر أن المراد بالروح الروح الذي هو من أمره تعالى كما قال:
(قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) و هو غير الملائكة كما هو ظاهر قوله تعالى:
(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ) قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(تَعْرُجُ اَلْمَلاََئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ) أي تصعد الملائكة و يصعد الروح أيضا معهم و هو جبرائيل خصه بالذكر من بين الملائكة تشريفا له.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.