سنن الطواف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وسننه) أُمور منها: الوقوف عند الحجر، والدعاء، واستلامه، وتقبيله، الاقتصاد في المشي،
(الوقوف عند الحجر) الأسود كما في الخبر : «إذا دخلت
المسجد الحرام فامش حتى تدنو من
الحجر الأسود ، فتستقبله وتقول : الحمد لله» الحديث.
(والدعاء) بعد الحمد و
الصلاة رافعاً يديه كما في الصحيح : «إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه وصلِّ على
النبي صلي الله عليه وآله وسلم ، واسأل الله تعالى أن يتقبل منك، ثم استلم الحجر وقبِّله، فإن لم تستطع أن تقبّله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل : اللهم أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، اللهم تصديقاً بكتابك وعلى سنّة نبيك، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزّى وعبادة
الشيطان وعبادة كلّ ندّ يُدعى من دون الله، فإن لم تستطع أن تقول هذا كلّه فبعضه، وقل : اللهم إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل سحتي ، واغفر لي وارحمني، اللهم إني أعوذ بك من الكفر -والفقر - ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة».
وفي الخبر السابق بعد ما مرّ : «الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر من خلقه، وأكبر مما أخشى وأحذر، ولا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، بيده الخير، وهو علي كلّ شيء قدير؛ وتصلّي على النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم وتسلّم على المرسلين كما فعلت حين دخلت المسجد». قيل : وزاد الحلبيّان بعد شهادة
الرسالة : وأن
الأئمة من ذريّة ويسمّيهم حججه في أرضه وشهداؤه على عباده صلّى الله عليه وعليهم.
ولا بأس به.
•
استلام الحجر ، من سنن الطواف
استلام الحجر الأسود .
•
مشي الطواف ، من سنن الطواف أن لا يسرع ولا يبطئ مطلقاً.
(و) أن (يذكر الله سبحانه) ويدعوه بالمأثور وغيره ويقرأ
القرآن (في) حال (طوافه) كلّ ذلك للنصوص بالعموم والخصوص :
وفي المرسل كالصحيح : «ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس، حاسراً عن رأسه، حافياً، يقارب خطاه، ويغضّ بصره، ويستلم
الحجر الأسود في كلّ طواف من غير أن يؤذي أحداً، فلا يقطع ذكر الله تعالى عن لسانه، إلاّ كتب الله له بكل خطوة سبعين ألف حسنة، ومَحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وأعتق عنه سبعين ألف رقبة، ثمن كلّ رقبة عشرة آلاف درهم، وشفّع في سبعين من أهل بيته، وقضيت له سبعون ألف حاجة، إن شاء فعاجلة وإن شاء فآجلة».
وفي الخبر : دخلت الطواف فلم يفتح لي شيء من الدعاء إلاّ
الصلاة على محمّد و
آل محمّد صلي الله عليه و آله وسلم ، وسعيت فكان ذلك، فقال عليه السلام: «ما اعطي أحد ممّن سأل أفضل ممّا أُعطيت».
وفي ثالث :
القراءة وأنا أطوف أفضل أو أذكر الله تبارك وتعالى؟ قال : «القراءة أفضل».
قيل : والقراءة مكروهة عند مالك.
•
التزام المستجار ، ويستحب التزام المستجار في الشوط السابع وهو
بسط اليد على حايطه وإلصاق
البطن به والخد والدعاء .
•
استلام الأركان الأربعة ، ومن سنن الطواف أن يستلم الأركان كلها، وأشدها تأكيدا الركن الذي فيه الحجر.
(و) أن (يتطوّع بثلاثمائة وستّين طوافاً) كلّ طواف سبعة أشواط، فيكون مجموعها ألفين وخمسمائة وعشرين شوطاً، بلا خلاف؛ للصحيح : «يستحب أن يطوف ثلاثمائة وستّين أُسبوعاً عدد أيام السنة، فإن لم يستطع فثلاثمائة وستّين شوطاً، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من
الطواف ».
وهو كعبارات الأصحاب مطلق، لكن في الرضوي : «ويستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة وستّين أُسبوعاً بعدد أيام السنة، فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستّين شوطاً».
وظاهره التقييد بمدة مقامه بمكة، ولعلّه المتبادر من إطلاق الرواية السابقة.
قيل : والظاهر استحبابها لمن أراد الخروج في عامة أو في كلّ عام، وما في الأخبار من كونها بعدد أيام السنة قرينة عليه.
ومن الخبرين يظهر المستند في قوله كباقي الأصحاب : (فإن لم يتمكّن جعل العدّة أشواطاً) فيكون جميع الأشواط أحداً وخمسين طوافاً وثلاثة أشواط، وينوي بكل سبعة أشواط طوافاً، فإذا طاف خمسين طوافاً حصل ثلاثمائة وخمسين شوطاً يبقى عليه عشرة.
وظاهر الأصحاب إلاّ النادر أنه يجعلها كلّها طوافاً واحداً فينوي : أطوف بالبيت عشرة أشواط لندبه قربةً إلى الله تعالى، قالوا : وهو مستثنى من (كراهة) القِران في النافلة؛ للنصوص المزبورة. خلافاً لابن زهرة فلم يستثن، وقال : يجعل السبعة من العشرة طوافاً، ويضمّ إلى الثلاثة الباقية أربعة أُخرى ليصير طوافاً آخر، والمجموع على هذا اثنان وخمسون طوافاً، وجعله رواية.
قال الشهيد في الدروس : رواه
البزنطي .
قال في حاشية الكتاب : إنّ في جامعه
إشارة إليه؛ لأنه ذكر في سياق أحاديثه عن
الصادق عليه السلام أنّها اثنان وخمسون طوافاً. وزاد الشهيد أنها يوافق أيام السنة الشمسية.
أقول : روى هذه الرواية الشيخ في التهذيب في الصحيح عن البزنطي، عن علي، عن أبي بصير، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال : «يستحب أن يطاف بالبيت عدد أيام السنة، كلّ أُسبوع لسبعة أيام، فذلك اثنان وخمسون أُسبوعاً».
وضعف السند بالبطائني مجبور في المشهور بكونه ممن روى عنه البزنطي الذي نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه من أحاديثه.
ويدفع التدافع بين صدر الخبر بأنه يطاف عدد أيام السنة وذيله المتضمن لأن ذلك اثنان وخمسون أُسبوعاً، مع أنه بمقتضى الصدر أحد وخمسون وثلاثة أشواط كما مرّ بأن المراد عدد السنة الشمسية كما ذكره الشهيد ;. ويجاب عن الرايات السابقة بأن استحباب ما فيها من العدد لا ينفي الزيادة، فيزاد على الثلاثة أربعة؛ ولعلّه لذا نفى عن هذا القول البأس في المختلف،
واستحسنه شيخنا في
الروضة ، لكن لم يأب عمّا عليه الأصحاب فجعله مستحباً أيضاً.
(و) أن (يقرأ في ركعتي الطواف بالحمد والصمد في) الركعة (الأُولى، وبالحمد والجحد في الثانية) على الأظهر الأشهر؛ لصريح الصحيح وغيره،
ويعضده الترتيب الذكري في كثير من الأخبار المرغبة في قراءة السورتين هنا
وفي باقي المواضع السبعة المشهورة.
خلافاً للشيخ في كتاب الصلاة، فقال بالجحد في الأُولى و
التوحيد في الثانية، وجعله الشهيد وجماعة
رواية، ولم أقف عليها، مع أن الشيخ قد رجع عنها في النهاية في المسألة فأتى بعين ما في العبارة،
ومع ذلك فقد نفى البأس عنه أيضاً في كتاب الصلاة من
النهاية .
(ويكره الكلام فيه بغير) الذكر و (الدعاء والقراءة) للخبر : «طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلّم فيه إلاّ بالدعاء وذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، والنافلة يلقى الرجل أخاه فيسلّم عليه ويحدّثه بالشيء من أمر الآخرة والدنيا لا بأس به».
و «لا ينبغي» ليس فيه للتحريم؛ للإجماع على الجواز على الظاهر، المصرَّح به في التحرير والمنتهى؛
مضافاً إلى الصحيح : عن الكلام في الطواف و
إنشاد الشعر والضحك، في
الفريضة أو في غير الفريضة، أيستقيم ذلك؟ قال : «لا بأس به، والشعر ما كان لا بأس به منه».
ونفي البأس فيه محمول على نفي
التحريم جمعاً، فلا ينافي المرجوحية المستفادة من صريح الرواية السابقة، لكن ظاهرها اختصاصها بالفريضة. لكن قيل في توجيه فتوى الأصحاب بالكراهة على الإطلاق : إنّ الخبر وإن اختص بالفريضة لكن العقل يحكم بمساواة النافلة لها في أصل الكراهة وإن كان أخفّ، بل والنهي عن كلام الدنيا في
المسجد معروف.
وهو كما ترى. قال الشهيد ـ ; تتأكد الكراهة في الشعر.
ولعلّه لورود النهي عن إنشاده في المسجد مطلقاً،
ففي الطواف أولى، إلاّ ما كان منه دعاءً أو حمداً أو مدحاً لنبي أو
إمام أو موعظة. وزاد الشهيد كراهية
الأكل ، والشرب، والتثاؤب، والتمطي، والفرقعة، والعبث، ومدافعة الأخبثين، وكلّ ما يكره في الصلاة غالباً. ولعلّه للنبوي المشهور : «الطواف بالبيت صلاة»
ولعلّه المستند في فتوى الأصحاب بكراهية الكلام في الطواف على الإطلاق كما يفهم من المنتهى،
لا التوجيه المتقدم عن بعض الأصحاب.
رياض المسائل، ج۷، ص۵۵- ۷۶.