شرائط الإرث بولاء العتق
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يشترط في
الإرث بولاء العتق عدّة شروط لا بدّ من توفّرها لكي يرث المولى عتيقه، وهي كما يلي:
أن يكون العتق تبرّعيّاً، فلو كان واجباً كالعتق لأجل الكفّارة أو النذر، أو كان لأجل انعتاقه عليه بالقرابة فلا ولاء عند المشهور، بل نفى عنه الخلاف بعضهم،
وادّعى عليه
الإجماع آخرون.
وكذلك حكموا بعدم ثبوت الولاء في موارد انعتاق العبد على مولاه قهراً،
كموارد
التنكيل أو
إقعاد العبد أو عماه أو ابتلائه بالجذام؛ لعدم
اندراج الانعتاق في
إطلاق الإعتاق .
وقد وردت في نفي الولاء في موارد
الانعتاق روايات:
منها: ما عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كلّ عبد مُثّل به فهو حرّ».
ومنها: رواية
حمّاد بن عثمان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا عمي المملوك فقد عتق».
ومنها: رواية
السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :... والعبد إذا جذم فلا رقّ عليه».
ولو تبرّع بالعتق عن ميّت أو عن حيّ من غير مسألة فولاؤه للمعتق لا المعتق عنه.
ولو أمره بالعتق عنه فعتق فالولاء للمعتق عنه.
وكذا لو أمره بالعتق عنه بعوض، وكذا لو قال: أعتق عبدك عنّي وعليّ ثمنه. ولو قال: أعتق عبدك والثمن عليّ فالولاء للمعتِق.
ولو تبرّع بالعتق عن غيره ممّن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.
وولاء
المسلم على الكافر مبنيّ على تسويغ عتقه.
ويثبت الولاء للكافر على المسلم؛ لإطلاق الأدلّة، ولكن إرثه مشروط بإسلامه أو
إسلام من ينتقل إليه. ولو مات عتيق الكافر وهو حيّ والعتيق مسلم كان ولاؤه للإمام.
أن لا يتبرّأ من
ضمان الجريرة ، فلو تبرّع بالعتق لكن اشترط سقوط ضمان الجريرة لم يضمنها ولم يرثه،
وهذا الشرط ممّا أجمع عليه الفقهاء.
واستدلّ
عليه بما ورد من النصوص البالغة حدّ
الاستفاضة :
منها: رواية
أبي الربيع قال: سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام عن
السائبة ، فقال: «الرجل يعتق غلامه ويقول له: اذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شيء، ولا عليّ من جريرتك شيء، ويشهد على ذلك شاهدين».
ومنها: رواية ابن سنان عن الصادق عليه السلام: «من أعتق رجلًا سائبة فليس عليه من جريرته شيء، وليس له من الميراث شيء، وليشهد على ذلك».
هذا، ولم يشترط أكثر الفقهاء في سقوط الضمان
الإشهاد عند التبرّي؛ للأصل.
إلّا أنّ الشيخين الصدوق والطوسي وجماعة ذهبوا إلى
الاشتراط ؛
للأمر به في النصوص المتقدّمة. لكن حمل من ذهب إلى عدم الاشتراط
الأمر في هذه الروايات على
الإرشاد إلى ثبوته عند الحاكم.
قال: «إنّه لا دلالة للأمر على الاشتراط أصلًا؛ فإنّ هذا الأمر ليس للوجوب الشرعي قطعاً؛ لانتفائه، فهو إمّا للإرشاد أو للوجوب الشرطي، فكما يمكن أن يكون لإرشاد طريقة السقوط أو اشتراط حصول السقوط يمكن أن يكون لإرشاد طريقة الثبوت عند الحاكم أو اشتراط ثبوته عنده بذلك».
قال: «... الوجه أنّه لا يشترط الإشهاد بالبراءة وفاقاً للمحكيّ عن الأكثر؛ للأصل بعد
انسياق الإرشاد من الأمر بالإشهاد في الخبر المزبور أي خبر ابن سنان وغيره، بملاحظة نظائره».
وهل يكفي التبرّي بعد العتق أو لا بدّ من أن يكون حال العتق؟ صرّح العلّامة الحلّي والشهيد وغيرهما بأنّه لا بدّ أن يكون حال العتق؛
لأنّه يقتصر في الخروج عن عموم: «الولاء لمن أعتق» بالمتيقّن، وهو حال الإعتاق لا بعده.
ويظهر من
السيد الطباطبائي الميل إلى كفاية التبرّي بعد العتق؛ لأنّ النصّ مطلق يشمل الصورتين،
كقوله عليه السلام في رواية أبي الربيع المتقدّمة.
أن لا يكون للعتيق وارث مناسب، قريباً كان أو بعيداً؛ لأنّ
الإرث بالولاء بعد النسب،
وهو مجمع عليه» كالشرطين السابقين؛ لقوله تعالى: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ»،
مضافاً إلى الأخبار البالغة حدّ التواتر
:
منها: رواية
محمّد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال: «قضى
أمير المؤمنين عليه السلام في خالة جاءت تخاصم في مولى رجل مات، فقرأ هذه الآية: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ»،
فدفع الميراث إلى الخالة، ولم يعط المولى».
ومنها: ما عن جابر عن الباقر عليه السلام: «أنّ عليّاً عليه السلام كان يعطي اولي
الأرحام دون الموالي».
نعم، لا يمنع المعتق أحد الزوجين، فلو كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى والباقي للمعتق؛
لأنّ عموم «الولاء لمن أعتق» شامل للمورد،
بالإضافة إلى أنّ المسألة ممّا لا خلاف فيها، إلّا من
الحلبي فمنع إرثه مع الزوج خاصّة وجعل المال كلّه له نصفه فرضاً والباقي ردّاً.
وهذا القول شاذّ، ومستنده غير واضح، ومع ذلك يردّه عموم «
الولاء لمن أعتق»، وأنّه «لحمة كلحمة النسب».
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۲۹۳- ۲۹۷.