قيود الرضعات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
و يعتبر في الرضعات العدديّة و الزمانيّة قيود ثلاثة: كمال الرضعة، و امتصاصها من الثدي، أي حتى في إنبات اللحم و اشتداد العظم، و أن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة.
التفاتاً إلى
الأصل، و حملاً لإطلاق
الرضاع في
الآية و
الأخبار عليه؛ للتبادر، مع التصريح به في المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بعمل
الطائفة: كالمرسل كالموثّق لابن أبي عمير: «الرضاع الذي ينبت اللحم و الدم هو الذي يرضع حتى يتضلّع و يتملّى و ينهي نفسه»،
و نحوه آخر.
و بهما فسّر الكمال بعض
الأصحاب،
و اعتمد الباقون فيه على العرف، و لعلّهما متقاربان، فلا عبرة بالناقصة مطلقاً، واحدة كانت أم متعدّدة، إلاّ مع حصول
الإنبات بها، فتعتبر من جهته.
و تحسب الرضعات المتخلّل بينها لفظ الثديين للتنفّس، أو الملاعبة، أو المنع من المرضعة مع المعاودة و حصول الكماليّة بها، رضعة واحدة إن لم يطل الفصل، و إلاّ احتسب الجميع كالآحاد رضعة ناقصة، فلا تنشر حرمة.
و امتصاصها من الثدي لعين ما تقدّم، بل لا يحصل مسمّى الرضاع و الإرضاع و الارتضاع إلاّ بذلك، و اعتباره مطلقاً أي حتى في إنبات اللحم و اشتداد العظم هو المعروف من مذهب الأصحاب.
خلافاً للإسكافي،
فاكتفى بالوَجُور؛
لأنّ الغاية المطلوبة إنّما هو إنبات اللحم و اشتداد العظم، كما هو ظاهر الفحاوى و صريح الخبر: «وَجُور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع».
و فيه: منع كون الغاية هو الإنبات من حيث هو هو خاصّة؛ لاحتمال كون الرضاع و المصّ من الثدي له مدخليّة في نشر الحرمة، كما أنّ للولادة أو الحمل مدخليّة بالإجماع و المعتبرة، و إنكاره مكابرة. و ليست العلّة بنفس الإنبات منصوصة، و غاية ما يستفاد من المعتبرة نشر الإنبات الحاصل من ارتضاع الثدي خاصّة.
نعم، ذلك يناسب القياس المستنبط العلّة، الذي هو حجّة عند
الإسكافي، و فاسد بالضرورة من
مذهب الشيعة.
و الخبر مع ضعفه بالإرسال محمولٌ على
التقيّة؛ لنسبته في
المسالك إلى جماعة من
العامّة،
معارَض بصريح الصحيحة: «لا يحرم من الرضاع إلاّ ما ارتضع من ثدي واحد سنة».
و لا ينافيه التقييد بالسنة، إلاّ بتقدير عدم احتمال جريان ما قيل من التوجيه و إن بَعُدَ من قراءة: «سنّه» بتشديد النون و الإضافة إلى ضمير راجع إلى الإرضاع، و المراد: الحولين.
و نحوه الكلام في الصحيحين،
و نحوهما
: «لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين» بجعل الحولين ظرفاً للرضاع لا المدّة المرعيّة، مع أنّ خروج بعض القيود بالدليل لا يوجب خروج الباقي.
و يعضد ما ذكرنا الحسنان، بل الصحيحان المرويّان في
الكافي.
في أحدهما: «جاء رجل إلى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام)، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ امرأتي حلبت من لبنها في مَكُّوك المَكُّوك: طاسٌ يشرب به؛ و في المحكم: أعلاه ضيّق و وسطه واسع
) فأسقته جاريتي، فقال: أوجِعْ امرأتك، و عليك بجاريتك».
و في الثاني: عن امرأة حلبت من لبنها فأسقت زوجها لتحرم عليه، قال: «أمسَكَها و أوجَع ظهرها».
و هما بترك الاستفصال عامّان للرجل و الجارية الصغيرين دون الحولين. و لو نشر الوَجُور لخصّ بقاء الزوجيّة فيهما بما إذا وقع الوَجُور بعدهما، فتأمّل.
و أن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة و المأكول و المشروب في الزمانية خاصّة،
دون العدديّة، فيمنع فيها الفصل برضاع غير المرضعة خاصّة.
كلّ ذلك للأصل، و
التبادر، مع التصريح بعدم الفصل بالرضاع في العدديّة في الموثّقة المتقدّمة
في رضاع اليوم و الليلة، و إطلاقها يقتضي حصول الفصل بمسمّاه و لو قلّ. إلاّ أنّ حمله على الفرد الأكمل للتبادر و
السياق يقتضي العدم، وفاقاً للتذكرة،
و خلافاً للقواعد و المسالك و
الروضة.
وهل يشترط في التوالي اتّحاد المرضعة أم يكفي اتّحاد الفحل؟
ظاهر الموثّقة و الصحاح المتقدّمة قريباً: الأول، و عليه
الإجماع عن
الغنية و
الخلاف و
التذكرة،
فلو ارتضع من امرأة خمساً كاملة مثلاً ثم ارتضع من الأُخرى، ثم أكمل منها أو من الأُولى أو ثالثة تمام العدد أو الزمان، لم ينشر
الحرمة، خلافاً للعامّة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۱۴۰-۱۵۲.