• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

الإباحة

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



وهي في الشرع بمعنى التخيير بين الفعل والترك ويستعمل هذا المعنى أكثر من المعاني الأخرى التي تستعمل للإباحة.




إباحة: وزان إفعال، من باح الشي‏ء- نحو قال- يبوح بَوْحاً وبؤوحاً وبؤوحة: ظهرَ.
[۱] لسان العرب، ج۱، ص۵۳۴.
[۲] المصباح المنير، ص۶۵.
[۳] المحكم، ج۴، ص۲۳.
قال الخليل: «البَوْح: ظهور الشي‏ء».
[۴] ترتيب العين، ص۹۸.
وقال ابن فارس: «الباء والواو والحاء أصل واحد، وهو سعة الشي‏ء وبروزه وظهوره».
[۵] معجم مقاييس اللغة، ج۱، ص۳۱۵.
ويتعدّى الفعل {باح} بالحرف فيقال: باح بسرّه أي أظهره، وبالهمزة فيقال: أباحه
[۶] المصباح المنير، ص۶۵.
[۹] الكلّيات، ص۳۴.
إباحة.
[۱۰] المجمل، ص۸۸.
وقد ذكروا للإباحة عدّة معانٍ، منها: الإحلال والإطلاق والسعة والإظهار، كما فسّرت من خلال ذكر ما يضادّها كالحظر.
قال الفيروزآبادي: «أبحتك الشي‏ء: أحللته لك».
[۱۲] الكلّيات، ص۳۴.
وشرحه الزبيدي بقوله: «أي أجزت لك تناوله أو فعله أو تملّكه».
[۱۳] تاج العروس، ج۲، ص۱۳۶.
وأباح الشي‏ء: أطلقه.
[۱۴] المحكم، ج۴، ص۲۳.
وأبحت الشي‏ء إباحة: خلاف حظرته.
[۱۵] المجمل، ص۸۸.
وأباح الرجل ماله: أذن في الأخذ والترك وجعله مطلق الطرفين.
[۱۶] المصباح المنير، ص۶۵.
وقال الخليل: «الإباحة شبه النُّهبى».
[۱۷] ترتيب العين، ص۹۸.

وهذه المعاني وإن أمكن- بالنظر الدقيق- الفرق بينها لكن يبدو أنّ ذلك ليس مراداً لأهل اللغة؛ فمن هنا يمكن إرجاع تلك المعاني أو أكثرها إلى معنى واحد وهو السعة؛ لأنّ إباحة الشي‏ء للغير تعني جعله في سعة ومطلقاً من دون تقييد.قال ابن فارس: «ومن هذا الباب: إباحة الشي‏ء؛ وذلك أنّه ليس بمحظور عليه، فأمره واسع غير مضيّق».
[۱۸] معجم مقاييس اللغة، ج۱، ص۳۱۵.
وقال البستاني: «أباح الشي‏ء إباحة: وسّعه وأطلقه. ومنه أبحتك الشي‏ء، أي أحللته لك».
[۱۹] محيط المحيط، ص۶۰.
إلّا أنّه حكي عن بعضهم: أنّ الأصل في الإباحة إظهار الشي‏ء للناظر ليتناوله من شاء، ومنه باح بسرّه.
[۲۰] تاج العروس، ج۲، ص۱۲۷.
وصرّح بعضهم بالفرق بين الحلال والمباح؛ بأنّ الحلال من حلّ العقد في التحريم، والمباح من التوسعة في الفعل.
[۲۱] فروق اللغات (مخطوط مع كتاب السامي في الأسامي)، ص۱۳۸.




تطلق الإباحة عند الفقهاء على معانٍ عديدة:

۲.۱ - بمعنى التخيير الشرعي


الخطاب الشرعي بالتخيير بين الفعل والترك وتساويهما لدى الشرع كإباحة طعام أهل الكتاب، قال تعالى: «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ». وتسمّى الإباحة بالمعنى الأخصّ حيث تكون بهذا المعنى أحد الأحكام التكليفية الخمسة، وهي: الوجوب، الاستحباب، الإباحة، الكراهة، الحرمة.قال الشهيد الأول: «والمباح ما خلا عن وجه رجحان بالمعنى الأخصّ». وقال الشهيد الثاني في شرحها: « {والمباح ما خلا عن وجه رجحان} من الطرفين بأن لا يكون راجحاً ولا مرجوحاً لتتحقّق الإباحة {بالمعنى الأخصّ}».
وقال الفاضل السيوري في تعريف الحكم: «الحكم خطاب الشرع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، والتخيير الإباحة». وقال المحقق النراقي: «إنّ الأحكام‏ الشرعية خمسة: الإيجاب وهو عبارة عن طلب الفعل حتماً، والندب وهو عبارة عن طلبه من غير حتم، والتحريم وهو عبارة عن طلب الترك حتماً، والكراهة وهي عبارة عن طلب الترك لا على سبيل الحتم، والإباحة وهي عبارة عن جعل الطرفين متساويين أي الحكم بتساويهما». وعرِّفت بتعاريف اخر، فقد قال فخر المحققين: «الفعل المباح هو ما للقادر عليه أن يفعله ولا يترجّح فعله على تركه، ولا تركه على فعله شرعاً». وعرّف السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الإباحة بأنّها: «فسح المجال أمام المكلّف لكي يختار الموقف الذي يريده، ويترتّب عليه تمتّع المكلّف بالحرّية لأن يفعل أو يترك». وقد تطلق على مطلق الجواز فيشمل الاستحباب والكراهة أيضاً، وتسمّى بالإباحة بالمعنى الأعمّ، قال السيّد الشهيد الصدر قدس سره: «وأمّا الإباحة فهي بمعنيين:
أحدهما: الإباحة بالمعنى الأخصّ التي تعتبر نوعاً خامساً من الأحكام التكليفية، وهي تعبّر عن مساواة الفعل والترك في نظر المولى.
والآخر: الإباحة بالمعنى الأعمّ، وقد يطلق عليها اسم الترخيص في مقابل الوجوب والحرمة، فتشمل المستحبّات والمكروهات مضافاً إلى المباحات بالمعنى الأخصّ؛ لاشتراكها جميعاً في عدم الالزام». وقد تطلق على مطلق عدم الحظر الشامل للوجوب أيضاً. كما أنّها قد تطلق على عدم جعل حكم أصلًا كالإباحة قبل الشرع. وقد تطلق على الأعمّ من هذه الأقسام أو بعضها، وهذه تسمّى بالإباحة بالمعنى الأعمّ أيضاً، لكن على اختلاف في الأعمّية.
قال المحقق ضياء الدين العراقي في الأمر الوارد عقيب الحظر أو عند توهّمه: «يستفاد من هذا الأمر عدم الجمع في‏ الفعل وإباحته بالمعنى الأعمّ الذي هو جامع بين الوجوب والندب والإباحة بالمعنى الأخصّ».

۲.۲ - بمعنى الجواز الوضعي الانتزاعي


الجواز الوضعي الانتزاعي بمعنى الصحة والمشروعية وعدم البطلان، كإباحة الصلاة مع الطهور، وإباحة التيمم مع خوف الضرر من استعمال الماء، وإباحة البيع وقت النداء لصلاة الجمعة.

۲.۳ - بمعنى الإباحة العقلية


الحكم العقلي بالإباحة العقليّة، أي عدم القبح والذمّ في فعله أو المعذوريّة وعدم استحقاق العقوبة عليه في قبال ما يحكم العقل بقبحه أو استحقاق اللوم والعقوبة عليه، فهذه إباحة عقليّة، وقد تسمّى بالإباحة أو البراءة العقلية.قال المحقق النراقي: «إنّ التخيير على قسمين: أحدهما ما ثبت لأجل حكم الشارع بالتخيير. وثانيهما: ما كان بحكم العقل، لا بمعنى أن يحكم العقل بأنّ الشارع حكم بالتخيير، بل لمّا لم يحكم الشارع فيه بحكم يكون المكلّف فيه مطلق العنان. وهذا غير الحكم الشرعي.والملخّص: أنّ تخيير المكلّف ناشئ تارة عن حكم الشارع بالإباحة، وهو من الأحكام الشرعية، واخرى عن عدم الحكم وفقدانه، وهذا حكم العقل دون الشرع، وهذا أحد معنيي الإباحة العقلية. ومعناه الآخر حكمه بالاختيار شرعاً، وهذا حكم شرعي ثابت بالعقل».
وأمّا إدراك العقل عدم تعلّق غرض المولى بالفعل أو الترك أو تساوي المصلحة والمفسدة المترتّبة عليهما عنده أو تعلّق مصلحة المولى الشديدة بأن يكون المكلّف في بعض الأفعال مطلق العنان فيستنتج من ذلك إباحة الفعل وجوازه للمكلّف، فدور العقل في الحقيقة دور الكاشف فيه عن الحكم عند الشارع لا دور المؤسّس والحاكم، كما ستأتي رده:الإشارة إليه.

۲.۴ - بمعنى استحقاق التصرف


المأذونيّة واستحقاق التصرف، في قبال الغصب وحرمة التصرّف في مال الغير، كإباحة أكل الضيف ممّا يقدّمه له صاحب المنزل من طعام أو شراب، ومنه أيضاً إباحة أكل المارّة من الثمار أو الانتفاع بالمباحات العامّة.قال المحدث البحراني: «المشهور بين الأصحاب- رضوان اللَّه عليهم- اشتراط الإباحة في المكان {أي مكان المصلي‏}، ونعني به هنا ما قابل الغصب، فيدخل فيه المملوك عيناً ومنفعة والمأذون فيه بجملة أقسامه من الإذن الصريح خصوصاً... أو عموماً... أو بالفحوى... أو بشاهد الحال».



وهذه المعاني والإطلاقات للإباحة عند الفقهاء رغم اشتراكها جميعاً في المناسبة مع المعنى اللغوي حيث إنّ المكلف فيها جميعاً يكون في سعة وإطلاق، إلّا أنّها تختلف فيما بينها من حيث نوع الإطلاق والسعة، وأيضاً من حيث الموضوع الذي تتعلّق به الإباحة والسعة.

۳.۱ - المعنى الأول


فالمعنى الأوّل حكم شرعي تكليفي، أي خطاب شرعي مفاده: أنّ الشارع يرضى بالفعل والترك ولا يُلزم بأحدهما. ومن هنا يمكن أن تتعلّق الإباحة بهذا المعنى بجميع أفعال المكلّفين من حيث الفعل والترك. وتسمّى بالإباحة التكليفية.

۳.۲ - المعنى الثاني


والمعنى الثاني حكم وضعي مفاده الموافقة مع ما هو المقرّر الشرعي التكليفي أو الوضعي. ومن هنا لا تتعلّق الإباحة بهذا المعنى إلّا بما يكون فيه مقرّر شرعي لكي يعقل فيه المشروعية والصحّة والبطلان والمطابقة وعدم المطابقة، وحيث إنّ الموافقة مع المقرّر الشرعي والمشروعية تنتزع عقلًا عن الخطاب الشرعي التكليفي الذي هو الأمر بالمركّبات أو الوضعي الذي هو الخطابات المتعلّقة بالمعاملات وترتيب الأثر عليها، فليست الإباحة بهذا المعنى بالدقّة هي الخطاب الشرعي المجعول حقيقة ودقّة، بل منتزعة بلحاظه؛ ومن هنا كانت حكماً وضعيّاً انتزاعيّاً.

۳.۳ - المعنى الثالث


والمعنى الثالث كالمعنى الأوّل الملحوظ فيه الإطلاق والسعة في نفس الفعل والترك، إلّا أنّه بلحاظ الحكم العقلي بالحسن والقبح أو الذم والمدح أو العقوبة والمثوبة لا بلحاظ الخطاب الشرعي. ومن هنا تكون الإباحة بهذا المعنى عقليّة عمليّة، أي من مدركات العقل العملي لا الأحكام الاعتبارية المجعولة. وهناك بحث في حقيقة الأحكام العقليّة العمليّة {التحسين والتقبيح العقليّين} وأنّها إدراكات واقعيّة نفس أمريّة أو أمور انتزاعية أو اعتبارية، وقد أرجعها بعضهم إلى القضايا المشهورة المجعولة من قبل العقلاء فتكون من سنخ التشريعات والأحكام المجعولة شرعاً أو عرفاً، يراجع تفصيل ذلك في البحث الاصولي {الحسن والقبح}.

۳.۴ - المعني الرابع


والمعنى الرابع حكم وضعي مجعول؛ أي حقّ، وليس حكماً تكليفياً، كما أنّه ليس انتزاعاً عقليّاً. ومن هنا يكون متعلّق الإباحة بهذا المعنى الأموال أو الأشخاص والشئون الراجعة إلى الآخرين، لا أفعال المكلَّفين، كما في الإباحة التكليفية. وقد تسمّى بالإباحة الحقّية.
ثمّ إنّ الإباحة بمعنى الجواز الوضعي في العبادات تلازم الإباحة التكليفية، فكلّ عبادة صحيحة تكون جائزة لا محالة تكليفاً أيضاً. وأمّا في المعاملات فلا تلازم الصحّة، بل قد تكون معاملة صحيحة ولكنّها محرّمة كالبيع وقت النداء لصلاة الجمعة بناءً على حرمته تكليفاً لا وضعاً، وقد تكون معاملة محرّمة وضعاً وتكليفاً كالربا وبيع الخمر، وقد تكون غير صحيحة ولكنّها مباحة تكليفاً بمعنى عدم حرمة إنشائها كبيع ما لا ماليّة له كالخنفساء مثلًا. وأمّا الإباحة العقليّة فهي إذا كانت في الفعل بعنوانه الأوّلي فقد تكون سبباً للإباحة التكليفية أيضاً؛ فإنّ الأحكام العقلية الأوّلية قد تكون عللًا للأحكام الشرعية، فكما قد يكون قبح الكذب والظلم سبباً لحرمتهما شرعاً كذلك قد يكون إباحة فعل عقلًا سبباً لإباحته شرعاً.
وأمّا إذا كانت في الفعل بعنوانه الثانوي؛ أي في سلسلة معلولات الأحكام وفي طولها كعنوان المعصية والتجرّي والإطاعة والانقياد أو الاحتياط والبراءة ممّا يكون في طول تعلّق حكم شرعي والعلم أو الجهل به فالإباحة العقلية في هذه المرتبة- وهي التي تسمّى بالبراءة العقلية- لا تكون سبباً للإباحة التكليفية الشرعية بل الأمر بالعكس، بمعنى أنّ الإباحة الشرعية- ولو الظاهرية- بوصولها تكون رافعة للاحتياط العقلي وموجبة للبراءة وعدم استحقاق العقوبة. وسيأتي مزيد توضيح بين القسمين.وأمّا الإباحة الحقّية أو المالكية فهي توجب الإباحة التكليفية بل والعقلية من ناحية حرمة التصرف في مال الغير فحسب لا سائر النواحي، فقد يكون المباح المالكي ممنوعاً شرعاً أو عقلًا لجهة اخرى، كما إذا كان التصرّف مضرّاً بالمتصرّف بدرجة محرّمة شرعاً.




۴.۱ - الجواز


وقد جعله بعضهم مرادفاً للإباحة في معناه التكليفي والوضعي. فقد قال المحقق السبزواري- بعد تعرّضه لبعض الأخبار المصرّح فيه بالجواز-: «المراد من الجواز فيه الإباحة لا المعنى الشامل للكراهة، وإطلاقه عليه شائع مشهور حتى يمكن القول بكونه على سبيل الحقيقة». لكنّ الظاهر أنّ الجواز لا يطلق بمعنى الإباحة بالمعنى الأخصّ أي تساوي الفعل والترك إلّا مع القرينة، فإنّ ظاهره الترخيص وعدم الحظر الذي هو الإباحة بالمعنى الأعمّ، حتى قيل: كلّ مكروه جائز. وللجواز معنى آخر، وهو حق الفسخ حق الرجوع في المعاملات في قبال اللزوم وعدم صحّة الرجوع فيها،كالهبة إلى غير ذي رحم أو البيع الذي جعل فيه حقّ الفسخ. وبهذا اللحاظ قسّموا المعاملات إلى لازمة وجائزة.

۴.۲ - الرخصة


وهي في قبال العزيمة والفرض، أي ما يجوز تركه. ويطلق الترخيص بمعنى الجواز أيضاً. وقد تقدّم تصريح السيد الشهيد الصدر قدس سره بذلك.

۴.۳ - الحلية


وهي في قبال الحرمة والممنوعية كالجواز. وقد يطلق الحلّ بمعنى الصحّة والمشروعية كما في حلّية البيع، كما أنّه قد يطلق التحليل في باب الإماء على أمر إنشائي يترتّب عليه حلّية الأمة.
[۳۴] كشف اللثام، ج۲، ص۶۷، (حجري).


۴.۴ - الصحة


وهي بمعنى الموافقة والمطابقة مع المقرّر الشرعي التكليفي أو الوضعي كما تقدّم، وهو أحد معاني الإباحة.

۴.۵ - التخيير


وهو بمعنى ترك الأمر إلى اختيار المكلّف ومشيئته، فإذا كان بين الفعل وتركه كان بمعنى الإباحة والجواز، وجعله السيّد الشهيد الصدر ممّا يترتّب على الإباحة كما تقدّم في تعريفه للإباحة. وإذا كان بين فعلين كان أمراً تخييريّاً سواء كان الفعلان واجبين أو مستحبّين، فإطلاق التخيير أوسع وأعمّ من الإباحة.

۴.۶ - الإذن


وهو الرضا المبرز من قبل صاحب الحقّ قبل العمل فيما يرجع إليه، ويترتّب عليه ارتفاع الحظر عن العمل، ولذلك قال الحلبي: «إذن المالك بالقول أو ما يقوم مقامه من العالم بالقصد وجه مبيح للتصرّف».
[۳۵] الكافي في الفقه، ص۳۲۲.
والإجازة أعمّ من ذلك حيث قد تتحقّق بعد العمل كما في إجازة بيع الفضولي.

۴.۷ - براءة الذمة


وهي بمعنى عدم اشتغال ذمّة المكلّف بالتكليف أو بالمسئولية واستحقاق العقوبة أو بالمال والحقّ، وهو في باب التكاليف بمعنى الإباحة وعدم التكليف، وفي باب الأموال والحقوق بمعنى عدم الدَّين والحقّ عليه. وقد ذهب بعض الاصوليّين إلى التفريق بين براءة الذمة والإباحة حيث جعل البراءة نافية للتكليف والإباحة مثبتة لجواز الإقدام.
[۳۶] الحاشية على كفاية الأصول (البروجردي)، ج۱، ص۵۳۱.


۴.۸ - البذل


وهو إعطاء المال سواء كان بنحو التمليك أو إباحة التصرّف.

۴.۹ - التسبيل


وهو إباحة التصرّف في المال للآخرين في سبيل اللَّه أو في سبيل الخير.



من له حق الإباحة،هنا يأتي أسامي الأفراد التي لهم حق الإباحة.



تقسيمات الإباحة،اتّضح ممّا تقدّم أنّ الإباحة تنقسم من حيث معناها ومن حيث مصدرها ومَن يكون له حقّ الإباحة أو غير ذلك من الجهات إلى أقسام عديدة.



وهذه قاعدة مشهورة عند الأصوليّين في الشبهات الحكمية التي يتناولها الفقيه ويراد بها أحد معنيين:
المعنى الأوّل: إثبات الإباحة الظاهرية بمستوى الأصل العملي في موارد الشكّ وعدم وصول الفقيه بعد الفحص والتتبّع إلى دليل يهديه إلى الحظر، فيرجع في تلك المسألة إلى ما تقتضيه الأصول العملية من استصحاب الإباحة الثابتة قبل الشرع أو أصالة البراءة الشرعيّة أو العقليّة.
المعنى الثاني: إثبات الإباحة الواقعية ببعض العمومات الواردة في القرآن الكريم وبعض الروايات من أنّ الأشياء كلّها مباحة ما عدا العناوين التي تثبت حرمتها شرعاً بأدلّة اخرى كالخمر والميتة والدم وغيرها، واستفادة مثل هذا العموم في بعض الأبواب كالمطعومات ونحوها ليس ببعيد، ولعلّ منه قوله تعالى: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى‌ طاعِمٍ يَطْعَمُهُ...» إلّا أنّ استفادته في مطلق أفعال المكلّفين وجميع‌ الأبواب الفقهيّة محلّ إشكال، بل منع؛ لعدم وجود ما يدلّ على إباحة جميع الأشياء والأفعال بهذا العرض العريض.
وما استدلّ أو يمكن أن يستدلّ به عليه من قبيل قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً...» وقوله عليه السلام: «كلّ شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي» ناقش فيه فقهاؤنا في كتبهم.
[۴۲] الحدائق الناضرة، ج۱، ص۴۷.
ولمزيد الاطّلاع يراجع البحث عن ذلك في مظانّه. ثمّ إنّ هناك معنىً آخر لأصالة الإباحة وهو الصحّة والحلّية الوضعيّة في باب المعاملات تسمّى بأصالة الصحّة أو الحلّية في العقود، وهي أصل وقاعدة أخرى فقهيّة. يطلب تفصيلها في مصطلح (عقد).



أسباب الإباحة،وللإباحة- سواء التكليفية أو الوضعية- أسباب عديدة ومتنوّعة، ومقصودنا من السبب العناوين والأمور التي توجب فعليّة الإباحة .



حدود الإباحة الثانوية،ذكر فقهاؤنا في ثنايا بحوثهم المتفرّقة على أبواب الفقه بعض الحدود المتعلّقة بالإباحة الثانويّة أي الإباحة الحاصلة بارتفاع التكليف إثر عروض بعض العناوين.



۱- لا إشكال في أنّ إذن المالك أو الولي أو إجازته فيما يرجع إليه لا يكون عقداً وإنّما هو إيقاع، بل قد لا يكون إيقاعاً أيضاً وإنّما مجرّد الرضا وطيب النفس؛ فإنّه قد تقدّم كفايته في جواز التصرّف بلا حاجة إلى إنشاء وإبراز، وقد تسمّى بالإباحة المجرّدة أو الإذن المجرّد. وكما لا يتوقّف هذا النوع من الإباحة على الإيجاب والقبول كذلك لا يبطل بالرد من قبل المباح له. ولذلك صرّح الشهيد الثاني فقال: «إنّ من أذن لغيره في تناول طعامه أو أخذ شي‌ء من ماله فلم يقبل ذلك لا يبطل الإذن له، بل يجوز له التصرّف بعد ذلك؛ لأنّ المسوّغ وهو إذن المالك موجود، والقبول إذا لم يكن شرطاً في الإباحة لم يكن ردّها مانعاً».
[۴۳] مسالك الأفهام، ج۵، ص۲۴۳.

۲- كما لا إشكال في أنّ جملة من موارد الإباحة والإذن يكون عقداً كما في العقود الإذنيّة كالعارية والوديعة والوكالة وجملة من العقود، وقد تسمّى بالإباحة العقدية، فيشترط فيها القبول، كما أنّ الردّ من المباح له يكون مانعاً عنها.
قال الميرزا النائيني: «ما كان (من العقود) قوامه بالإذن ومجرّد رضا وليّ الأمر ومالكه لا يكون فيه عهد والتزام، وهذه كالوديعة والعارية بناءً على أن يكون مفادها الإباحة المجّانية». وقال السيّد الخوئي: «إنّما هي (المضاربة) مجرّد إباحة وإذن في التصرّف من أحدهما وقبول من الآخر كالعارية، وعليه فمتى ما رجع الآذن في إذنه لكونه مسلّطاً على ماله يتصرّف فيه كيف يشاء ارتفع الموضوع، ومعه ينتفي الحكم لا محالة». لكن يظهر من بعض فقهائنا أنّ هذه ليست عقوداً أيضاً.
قال العلّامة الحلّي: «الوجه عندنا أنّه (القبول اللفظي‌) لا يشترط (في الوكالة)؛ لأنّه إباحة ورفع حجر فأشبه إباحة الطعام لا يفتقر إلى القبول اللفظي». وقال الشهيد الثاني: «... المقصود الأصلي من الوكالة الاستنابة والإذن في التصرّف وهو إباحة ورفع حجر، فأشبه إباحة الطعام ووضعه بين يدي الآكل؛ فإنّه لا يفتقر إلى القبول اللفظي... وإنّما رتّب الاكتفاء بهما (الكتابة والرسالة) على عدم اشتراط القبول اللفظي؛ لأنّه لو اشترط كان عقداً محضاً، فلا يكفي فيه الكتابة، أمّا إذا لم يعتبر فهي إباحة يكفي‌ كلّ ما دلّ عليها».
[۴۷] مسالك الافهام، ج۱، ص۲۶۳.

۳- ولكن مع ذلك تبقى موارد من الإباحة المالكية وقع أو يمكن أن يقع البحث في كونها عقداً أو إيقاعاً:
منها- موارد الإباحة والإذن في تملّك المباح له المنفعة أو العين- والتي أشرنا إليها آنفاً- من أنّه لا بدّ من إرجاعها إمّا إلى توافق ضمني وتراضٍ على التمليك فيكون عقداً، أو إلى مجرّد رفع المالك يده عن ماله وإباحته لتملّك المباح له وأخذه للمال بالحيازة. فكأنّه إعراض نسبي عن المال وبلحاظ المباح له لا مطلقاً، فلا يكون عقداً بل إيقاع وإعراض، أو مجرّد رضا وطيب نفس لو قلنا بكفايته في التملّك بالأخذ والحيازة.
ومنها- موارد إباحة التصرّفات والانتفاعات المتوقّفة على الملك كما في تحليل بضع أمته للغير- بناءً على أنّ جواز الوطء متوقّف على الزوجيّة أو ملك يمين- فإنّهم أيضاً بحثوا في أنّ مثل هذا التحليل الثابت مشروعيته في الفقه هل يكون عقداً أو إيقاعاً أو أنّه إباحة محضة؟ فمن جعله عقداً أو إيقاعاً اشترط فيه الصيغة، ومن جعله إباحة محضة لم يشترط ذلك.
قال السيّد المرتضى: «يجوز للرجل أن يبيح مملوكته لغيره على معنى أنّه يعقد عليها عقد النكاح الذي فيه معنى الإباحة، ولا يقتضي ذلك أنّ النكاح ينعقد بلفظ الإباحة». وقال الشيخ الطوسي- في تحليل الجواري-: «من أجازه اختلفوا، فمنهم من قال: هو عقد والتحليل عبارة عنه، ومنهم من قال: هو تمليك منفعة مع بقاء الأصل، وهو الذي يقوى في نفسي، ويجري ذلك مجرى إسكان الدار وإعمارها، ولأجل هذا يحتاج إلى أن تكون المدّة معلومة». وقال ابن إدريس: «تحليل الإنسان جاريته لغيره من غير عقد فهو جائز، وبه تواترت الأخبار، وهو الأظهر بين الطائفة، والعمل عليه والفتوى به. (ومذهب السيّد المرتضى أنّه‌) عقد والإباحة والتحليل عبارة عنه، ومذهب الباقين الأكثر على أنّه تمليك منفعة مع بقاء الأصل.. وهو الذي يقوى في نفسي وبه افتي، ويجري ذلك مجرى إسكان الدار وإباحة منافع الحيوان».
وقال فخر المحقّقين: «الأقوى عندي أنّ التحليل أو الإباحة لا بدّ معها من القبول؛ لانحصار الإباحة في التمليك والعقد، ومع كونه عقداً لا بدّ معه من القبول، ومع كونه تمليكاً يحتمل اشتراط القبول ويحتمل عدمه فمع القبول يصحّ قطعاً، ومع عدمه في صحّته شكّ، والنكاح مبنيّ على الاحتياط التامّ». وقال المحقّق الكركي: «لمّا كان حلّ الفروج منحصراً في العقد والملك بنصّ القرآن كما قدّمناه، وكان القول بحلّ الأمة بالتحليل هو القول المعتبر عند الأصحاب، بل هو مذهب الأصحاب وجب أن لا يكون خارجاً عن الأمرين... والأصحّ أنّه تمليك منفعة وأنّ تعيين المدّة غير شرط». وقال الشهيد الثاني: «تباح الأمة لغير مالكها بالتحليل من المالك لمن يجوز له التزويج بها.. وحلّ الأمة بذلك هو المشهور بين الأصحاب، بل كاد يكون إجماعاً، وأخبارهم الصحيحة به مستفيضة، ولا بدّ له من صيغة دالّة عليه مثل أحللت لك وطأها». وقال السيّد محمّد العاملي: «لا خلاف بين الأصحاب في اعتبار الصيغة في التحليل؛ لأنّ الفروج لا تحلّ بمجرّد التراضي».
لكن بعض الفقهاء وخصوصاً المتأخّرين أنكروا احتياج الإباحة والتحليل للوطء إلى صيغة أصلًا، فيكفي فيها كلّ ما يدلّ على الرضا وطيب النفس كسائر المباحات. قال المحقّق الخراساني: «وأمّا الوطء فلا بأس بالقول بجوازه للمباح له؛ بدعوى‌ أنّه تحليل، وأنّ اعتبار لفظ خاصّ فيه دعوى بلا دليل». وقال السيّد الحكيم: «التحقيق أنّ التحليل ليس عقد النكاح- كما عن المرتضى- ولا تمليك منفعة- كما عن المشهور- ولا تمليك انتفاع- كما قد يظهر من عبارة جامع المقاصد- بل هو إباحة وإذن في الانتفاع دلّ الدليل القطعي عليه، فوجب القول به، ويكون الدليل مخصّصاً لقوله تعالى: «وَ الَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى‌ أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ...» ».
ومنها- الإباحة على وجه الضمان أو الإباحة المضمونة حيث توهّم فيها أيضاً العقديّة بقرينة المقابلة بالضمان، خصوصاً إذا كان الضمان متّفقاً عليه بينهما. ومنها- الإباحة المشروطة أو المعوّضة، كما إذا أباح له سكنى داره في قبال أن يبيح له ركوب دابّته مثلًا، أو في قبال أن يملكه الدابّة. حيث وقع البحث أيضاً في رجوعه إلى التراضي والتعاقد أو لا؟ راجع تفصيل ذلك مصطلح (إباحة معوّضة).



تطبيقات الإباحة،يترتب على الإباحة تطبيقات متعددة في العبادة و..



طرق معرفة الإباحة،طرق معرفة الإباحة متنوّعة ومختلفة بالنسبة إلى الإباحة الشرعية والمالكية و..



آثار الإباحة،يترتب على الإباحة آثار بمعاني مختلفة.



انتهاء الإباحة،تنتهي الإباحة بانتهاء السبب الموجب لها.


 
۱. لسان العرب، ج۱، ص۵۳۴.
۲. المصباح المنير، ص۶۵.
۳. المحكم، ج۴، ص۲۳.
۴. ترتيب العين، ص۹۸.
۵. معجم مقاييس اللغة، ج۱، ص۳۱۵.
۶. المصباح المنير، ص۶۵.
۷. الجمهرة، ج۲، ص۱۰۱۸.    
۸. الصحاح، ج۱، ص۳۵۷.    
۹. الكلّيات، ص۳۴.
۱۰. المجمل، ص۸۸.
۱۱. القاموس المحيط، ج۱، ص۲۱۶.    
۱۲. الكلّيات، ص۳۴.
۱۳. تاج العروس، ج۲، ص۱۳۶.
۱۴. المحكم، ج۴، ص۲۳.
۱۵. المجمل، ص۸۸.
۱۶. المصباح المنير، ص۶۵.
۱۷. ترتيب العين، ص۹۸.
۱۸. معجم مقاييس اللغة، ج۱، ص۳۱۵.
۱۹. محيط المحيط، ص۶۰.
۲۰. تاج العروس، ج۲، ص۱۲۷.
۲۱. فروق اللغات (مخطوط مع كتاب السامي في الأسامي)، ص۱۳۸.
۲۲. المائدة/السورة۵، الآية۵.    
۲۳. الروضة البهية، ج۳، ص۲۲۰.    
۲۴. نضد القواعد الفقهية، ص۹.    
۲۵. عوائد الأيّام، ص۱۲۸.    
۲۶. إيضاح الفوائد، ج۴، ص۵۱.    
۲۷. دروس في علم الأصول، ج۱، ص۵۴.    
۲۸. دروس في علم الأصول، ج۱، ص۱۴۷.    
۲۹. نهاية الأفكار، ج۱، ص۲۱۰.    
۳۰. عوائد الأيّام، ص۱۲۷.    
۳۱. الحدائق الناضرة، ج۷، ص۱۶۲.    
۳۲. ذخيرة المعاد، ج۲، ص۲۶۹.    
۳۳. الروضة البهيّة، ج۵، ص۳۳۴.    
۳۴. كشف اللثام، ج۲، ص۶۷، (حجري).
۳۵. الكافي في الفقه، ص۳۲۲.
۳۶. الحاشية على كفاية الأصول (البروجردي)، ج۱، ص۵۳۱.
۳۷. ذخيرة المعاد، ج۳، ص۵۶۰.    
۳۸. التنقيح في شرح العروة (طهارة)، ج۵، ص۵۲۵.    
۳۹. الأنعام/سورة ۶، الآية ۱۴۵.    
۴۰. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۹.    
۴۱. الوسائل، ج۶، ص۲۸۹، ب ۱۹ من القنوت، ح ۳.    
۴۲. الحدائق الناضرة، ج۱، ص۴۷.
۴۳. مسالك الأفهام، ج۵، ص۲۴۳.
۴۴. منية الطالب، ج۱، ص۸۹.    
۴۵. مباني العروة الوثقى (المضاربة)، ج۳، ص۳۹.    
۴۶. تذكرة الفقهاء، ج۲، ص۱۱۴.    
۴۷. مسالك الافهام، ج۱، ص۲۶۳.
۴۸. الانتصار، ج۱، ص۲۸۱.    
۴۹. المبسوط، ج۴، ص۲۴۶.    
۵۰. السرائر، ج۲، ص۶۷۲.    
۵۱. إيضاح الفوائد، ج۲، ص۵۲۷.    
۵۲. جامع المقاصد، ج۱۳، ص۱۸۵.    
۵۳. الروضة البهيّة، ج۵، ص۳۳۴.    
۵۴. نهاية المرام، ج۱، ص۳۱۶.    
۵۵. حاشية المكاسب (الآخوند)، ج۱، ص۱۹.    
۵۶. المؤمنون/سورة ۲۳، الآية ۵- ۶.    
۵۷. مستمسك العروة الوثقى، ج۱۴، ص۳۴۲.    




الموسوعة الفقهية ج۲، ص۸۳-۱۴۴.    



جعبه ابزار