• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إحرام الخنثى

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



لا إشكال في صحّة إحرام الخنثى ، وأنّها إذا أحرمت لزمها الإتيان بالوظائف المشتركة بين الرجال و النساء ، إنّما الكلام في المختصّ من الوظائف بأحدهما، فهل يلحق في ذلك بأحدهما، أو يلزمها الاحتياط بأن تأتي بكلا التكليفين- كالحلق و التقصير معاً- وتجتنب عن جميع المحرّمات على الطرفين- كستر الوجه وستر الرأس- أو هي بالخيار في فعل الحلق أو التقصير، وكذا يجوز لها ستر الوجه أو الرأس دون الجمع بينهما؟




اختلف الفقهاء في ذلك على أقوال:
۱- ذهب بعضهم إلى أنّ الخنثى تتخيّر بين الإتيان بوظيفة الرجل أو المرأة ، ويجوز لها ارتكاب المحظورات المختصّة بكلّ منهما منفردة.
قال العلّامة في لبس المخيط : « الخنثى المشكل لا يلزمه اجتناب المخيط؛ لعدم تيقّن الذكورية الموجب لذلك، و الأصل البراءة ».
وقال في تغطية الرأس والوجه: «الخنثى المشكل يجوز له تغطية رأسه؛ لعدم تيقّن الذكورية المقتضية لذلك ولا كفارة ، خلافاً لبعض الجمهور ؛ عملًا بالأصل... وكذا له أن يغطّي وجهه؛ لعدم تيقّن الانوثية . ولو جمع بينهما لزمته الفدية ... لعدم خروجه عن كونه ذكراً أو انثى».
۲- واختار الشهيد لزوم اجتنابه عن المخيط مع اختياره قول العلّامة في التغطية، قال: «الخنثى تجتنب المخيط و الحرير ، وفدية المخيط شاة ولو اضطرّ، ولا فدية على الخنثى إلّا أن تجمع بين المخيط وتغطية الوجه».
وقال أيضاً: «الخنثى تغطّي ما شاءت من الرأس أو الوجه ولا كفّارة، ولو جمعت بينهما كفّرت».
ومال إليه الشهيد الثاني في حكم اللبس، حيث قال في لبس الحرير : «هل يلحق الخنثى في ذلك بالرجل أو بالمرأة؟ نظر، من تعارض الأصل و الاحتياط ، بل الإشكال في أصل جواز لبسه لها».
وذهب في ستر الوجه والرأس إلى ما اختاره العلّامة والشهيد.
۳- ويظهر من بعضهم- كالمحقّق النجفي- عكس ذلك، فقد ناقش في لزوم الاحتياط في لبس الحرير، وقوّى جانب الأصل؛ نظراً إلى أنّ الاحتياط ما لم يكن واجباً للمقدّمة لا يعارض الأصل.
۴- المسألة عند المتأخّرين من فقهائنا مبنيّة على تحقيق كون الخنثى شقّاً ثالثاً، ليس ذكراً ولا انثى، أو كونها أحدهما واقعاً لكن لا تعلم الخصوصية فيها.
فعلى الأوّل يمكن القول بعدم ثبوت شي‏ء من التكاليف والمحظورات الثابتة على الرجل أو المرأة بعنوانه. نعم، ما يثبت على كلّ مكلّف محرم بحسب لسان دليله، وخرج منه الانثى أو الرجل يثبت في حقّها أيضاً، تمسّكاً بعموم العام؛ لعدم شمول المخصِّص له بحسب الفرض.
وأمّا على الثاني- والذي هو الصحيح في حقيقة الخنثى عند الفقهاء - فسوف يتشكّل علم إجمالي للخنثى بوجوب‏ تكاليف الانثى أو الرجل عليها في الحجّ أو الإحرام، وهذا علم إجمالي منجّز؛ لأنّه دائر بين متباينين وإن كان بلحاظ كلّ تكليف وحده يكون شكّاً في التكليف، فتتساقط الاصول المؤمّنة في طرفيه، ويثبت عليها الاحتياط، كما في سائر موارد العلم الإجمالي، فيجب عليها ترك كلّ ما يحرم على الرجل حال الإحرام، وفعل كلّ ما يجب عليه، وكذلك ترك كلّ ما يحرم على المرأة، وفعل كلّ ما يجب عليها حال الإحرام، إلّا أنّه يستثنى من ذلك موردان:
المورد الأوّل:
أن يثبت حكم إلزامي على كلّ محرم، ثمّ يخرج بالتخصيص منه عنوان المرأة أو الرجل، سواء ثبت فيه حكم آخر إلزامي أو رفع عنه ذلك الحكم الإلزامي العام، كما إذا ثبت وجوب كشف الرأس على المحرم- مثلًا- حال الإحرام إلّا المرأة، فهل يجب عليها ستر رأسها أو لا يجب عليها كشف الرأس حال الإحرام؟
فإنّه في مثل ذلك يكون استصحاب عدم كون الخنثى امرأة- بناءً على جريان الاستصحاب في العدم الأزلي ، أي قبل وجود الموضوع- مثبتاً لوجوب كشف الرأس عليها حال الإحرام، ولا يعارض باستصحاب عدم كونها رجلًا؛ لأنّ الحكم الإلزامي بكشف الرأس ليس موضوعه الرجل لكي ينفى بذلك، بل كلّ مكلّف ليس امرأة، وهذا قد احرز بالاستصحاب، فيثبت وجوب كشف الرأس عليها. ولو فرض حرمة كشف الرأس على المرأة حال الإحرام كان الاستصحاب المذكور نافياً لها أيضاً في حق الخنثى. وبذلك ينحلّ العلم الإجمالي بوجوب الستر والكشف عليها انحلالًا حكميّاً، كما هو مقرّر في محلّه من الأصول .
نعم، إذا فرض تنجّز حرمة كشف الرأس على الخنثى من غير ناحية الإحرام- كعنوان وجوب الستر على الأجنبي - وقع التزاحم لا محالة بين تلك الحرمة المنجّزة مع وجوب الكشف الثابت حال الإحرام عليها بالاستصحاب المذكور- ولو لعدم إمكان أن تحجّ الخنثى بلا وجود أجنبي- فيقدّم ما هو الأهم منهما أو بغير ذلك من مرجّحات باب التزاحم.
المورد الثاني:
موارد الدوران بين المحذورين ، أي إذا كان التكليف لكلٍّ من‏ المرأة المحرمة والرجل المحرم عكس الآخر، كما إذا كانت صرورة ، فإنّه إذا كانت رجلًا وجب عليها الحلق وحرم عليها التقصير قبله، وإذا كانت امرأة وجب عليها التقصير وحرم عليها الحلق، فيكون كلّ من الحلق والتقصير حال الإحرام وقبل الخروج منه دائراً بين محذورين في حقّها، وليس الحكم بالحلق ثابتاً على كلّ محرم خرج منه عنوان المرأة لكي يمكن إحراز ذلك باستصحاب عدم كونها امرأة المتقدّم شرحه.
وتفصيل البحث فيه: أنّه تارة يكون المورد من موارد جواز التقصير على الرجل أيضاً، كما في غير الصرورة أو حتّى الصرورة بناءً على القول بالتخيير في حقّه أيضاً، واخرى يكون من موارد تعيّن الحلق على الرجل، فعلى التقدير الأوّل يكون المورد من موارد الدوران بين التعيين و التخيير ، حيث إنّ الخنثى إذا كانت امرأة تعيّن عليها التقصير، وإذا كانت رجلًا كانت مخيّرة بينه وبين الحلق. والأصحّ الأقوى جريان الأصل المؤمّن عن التعيين في مورد الدوران بين التخيير والتعيين على ما حقّق في محلّه من الاصول.
إلّا أنّه في خصوص المقام يتعيّن على الخنثى التقصير؛ وذلك لوجهين:
۱- العلم الإجمالي الدائر بين المتباينين المتقدّم شرحه؛ لأنّ تعيّن التقصير أحد وظائف الانثى، فيتنجّز بذلك العلم الإجمالي، وإن شئت قلت: العلم الإجمالي بحرمة التظليل - مثلًا- أو حرمة لبس المخيط أو وجوب التقصير عليها منجِّز لكلا طرفيه، فيجب عليها الاحتياط بترك التظليل والمخيط وفعل التقصير.
۲- استصحاب بقاء الإحرام وعدم الخروج منه بالحلق؛ لاحتمال كونها انثى، فلا تخرج من إحرامها إلّا بالتقصير.
وقد يتمسّك بقاعدة الاشتغال ، وأنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، ولا يقطع به إلّا بالتقصير.
وفيه: أنّ موضوع قاعدة الاشتغال ما إذا كان الشكّ في الامتثال ، بينما المقام من موارد الشكّ في موضوع التكليف، وأنّ الخنثى هل تكون انثى فيجب عليها التقصير، أو رجلًا فيجب عليها أحدهما تخييراً؟ فهو من موارد دوران التكليف بين التعيين والتخيير بنحو الشبهة الموضوعية ، لا الشكّ في الامتثال.
وعلى التقدير الثاني- أي ما إذا كان اللازم خصوص الحلق إذا كانت الخنثى رجلًا- فإذا لم نقل بحرمة التقصير على الرجل قبل الحلق، وكذلك الحلق على المرأة قبل التقصير والخروج عن الإحرام، فالمورد من موارد العلم الإجمالي الدائر بين المتباينين، فيجب عليها الاحتياط بالجمع بين التقصير والحلق، ويجوز لها تقديم أيّهما شاءت.
وإن قلنا بحرمة ذلك- كما هو المشهور- دار أمر كلّ من التقصير والحلق بين الوجوب والحرمة، وهو من الدوران بين المحذورين- كما أشرنا آنفاً- ولكن حيث إنّها تعلم بوجوب أحدهما عليها أيضاً، وعدم خروجها عن إحرامها إلّا بذلك، فلا يجوز لها تركهما معاً، بل يجب فعلهما معاً، امتثالًا لهذا العلم الإجمالي، مضافاً إلى استصحاب بقاء الإحرام بعد فعل أحدهما، وعدم اليقين بالخروج عنه إلّا بذلك.
لا يقال: كما تعلم بوجوب أحدهما عليها تعلم بحرمة الآخر عليها، فيكون من قبيل موارد العلم بأنّ أحد الفعلين حرام والآخر واجب مع الاشتباه بينهما، فإنّه يحكم فيه بوجوب فعل أحدهما وترك الآخر، ولا يجوز فعلهما معاً أو تركهما معاً؛ لكونهما مخالفة قطعية، بخلاف فعل أحدهما وترك الآخر، فإنّه مخالفة و موافقة احتمالية، وهي متعيّنة عقلًا في قبال المخالفة القطعية على ما حقّق في محلّه من الاصول.
فإنّه يقال: هذا إنّما يصحّ إذا كان أحدهما واجباً والآخر محرّماً على كلّ حال، وليس المقام منه، فإنّه إذا كان التقصير واجباً لم يكن الحلق محرّماً مطلقاً، بل إذا وقع قبل التقصير، وكذلك العكس، وهذا يعني أنّه بعد فعل أحدهما لا يكون فعل الآخر طرفاً للعلم الإجمالي بالحرمة؛ لأنّه ليس هو المحرّم، وإنّما المحرّم فعله قبل الأوّل.
وإن شئت قلت: ليس فعلهما مخالفة قطعية للحرمة، بل مخالفة احتمالية؛ إذ لو كان ما فعله أوّلًا هو الواجب لم يكن فعل الثاني بعده محرّماً، وهذا واضح.
[۱۱] المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۳۲۲- ۳۲۳.

ومن هنا حكم جملة من الفقهاء في المقام بأنّ الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم يكن ملبّداً أو معقوصاً ، وإلّا جمع بين التقصير والحلق، و الأحوط تقديم التقصير على الحلق.
[۱۴] مناسك الحجّ (التبريزي)، ج۱، ص۲۰۱، م ۴۰۶.

والوجه في الاحتياط بتقديم التقصير على الحلق أشدّية حرمة الحلق على المرأة قبل التقصير من حرمة التقصير على الرجل- إذا كان قد وجب عليه الحلق- قبل الحلق.
[۱۶] المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۳۲۳.

بل قد يقال: حيث إنّ في الحلق تقصير الشعر وزيادة، فقد لا يستفاد حرمته- بالنسبة للشعر لا الظفر - قبل الحلق وبعد انتهاء الأعمال الواجبة قبله، وعندئذ ينبغي أن يقال بوجوب تقديم التقصير على الحلق بنحو الفتوى لا الاحتياط، حيث يعلم إجمالًا إمّا بوجوب الحلق على الخنثى، أو وجوب التقصير وحرمة الحلق قبله، فتكون حرمة الحلق قبل التقصير طرفاً لهذا العلم الإجمالي المنجّز، فتجب موافقته القطعية بالتقصير أوّلًا، ثمّ الحلق.


 
۱. المنتهى، ج۲، ص۷۸۳.    
۲. التذكرة، ج۷، ص۳۰۳.    
۳. المنتهى، ج۲، ص۷۹۱.    
۴. التحرير، ج۲، ص۳۲.    
۵. الدروس، ج۱، ص۳۷۶.    
۶. الدروس، ج۱، ص۳۸۰.    
۷. المسالك، ج۲، ص۲۳۷.    
۸. المسالك، ج۲، ص۲۶۴.    
۹. جواهر الكلام، ج۱۸، ص۲۴۵.    
۱۰. الحجّ (الگلبايگاني)، ج۲، ص۱۰۷- ۱۰۸.    
۱۱. المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۳۲۲- ۳۲۳.
۱۲. مناسك الحجّ (الخوئي)، ج۱، ص۱۷۴-۱۷۵، م ۴۰۶.    
۱۳. مناسك الحجّ (السيستاني)، ج۱، ص۲۰۶، م ۴۰۶.    
۱۴. مناسك الحجّ (التبريزي)، ج۱، ص۲۰۱، م ۴۰۶.
۱۵. مناسك الحجّ (الوحيد الخراساني)، ج۱، ص۱۷۱- ۱۷۲، م ۴۰۳.    
۱۶. المعتمد في شرح المناسك، ج۵، ص۳۲۳.




الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۲۶۷-۲۷۲.    



جعبه ابزار