استحباب الفصل بين الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يستحبّ الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة
ركعتين أو خطوة أو قعدة أو
سجدة أو ذكر أو
دعاء أو سكوت، بل أو تكلّم أو غيرها على اختلاف فيما يثبت منها بالنسبة إلى كلّ صلاة.وليس الفصل بواجب قطعاً؛ للأصل، والإطلاقات، وظهور نصوص المقام الآتية، وخبر
ابن مسكان قال: رأيت
أبا عبد اللَّه عليه السلام أذّن وأقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس.
إلّا أنّ بعض الفقهاء ناقش في دلالته على عدم الوجوب باحتمال فصله عليه السلام بشيء آخر غير الجلوس.
فما في موثّق
عمّار سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الرجل ينسى أن يفصل بين الأذان والإقامة...قال: «... وليس له أن يدع ذلك عمداً»
فمحمول على التأكّد أو كراهة
الترك، لا على الوجوب.
إلّا أنّ الفقهاء اختلفوا فيه من جهتين:
الاولى: الفرق بين أذان المغرب وغيرها.
المشهور بين الفقهاء
التفصيل بين أذان المغرب وغيرها،
بل عزاه المحقق
والعلّامة
إلى علمائنا الظاهر في دعوى
الاتّفاق عليه، وإن اختلفوا في
الاقتصار بذكر بعض الفواصل دون بعض، فيفصل بينهما في غير المغرب بركعتين أوغيرها من الفواصل. وأمّا في المغرب اختلفت كلمات الفقهاء في استحباب الفصل بين الأذان والإقامة في المغرب: فمنهم من حصر الفصل بينهما بخطوة أو سكتة أو تسبيحة، ونفى غيرها من الفواصل، كما في
المعتبر،
والتذكرة،
والمنتهى،
والدروس،
وجامع المقاصد،
والمسالك،
والذخيرة،
والغنائم،
وفي
البيان،
- مضافاً إلى هذه الثلاثة- النفس أيضاً. فيقتصر على أقصر الفواصل كخطوة أو سكتة أو تسبيحة، ولا يفصل بينهما بالركعتين
والسجدة.
الجهة الثانية: الفرق بين المؤذّن للفرادى والجماعة.ذهب بعض الفقهاء إلى أنّه لو صلّى منفرداً فالمستحبّ له أن يفصل بين الأذان والإقامة بسجدة أو جلسة أو خطوة وإن كانت السجدة أفضل في غير المغرب.أمّا الركعتان المزبورتان فهل يعتبر فيهما أن تكونا من نوافل الفرائض أم يكفي الفصل بمطلق النافلة؟المشهور بين الفقهاء
استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بركعتين مطلقاً،
كما صرّح به
الفاضل الاصفهاني، حيث قال: ويستحبّ الفصل بصلاة ركعتين من نوافل الفرائض أو غيرها.
ويدلّ عليه إطلاق رواية
سليمان بن جعفر الجعفري، قال: سمعته يقول: «افرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين».
ولكن ذهب بعضهم إلى اعتبار كونهما من نوافل الفرائض خاصّة؛ ولذا قيّدوهما بنافلة الظهرين
أو بها
بالإضافة إلى الصبح.حيث قال- بعد بيان استحبابها مطلقاً في غير المغرب-: «والأفضل الفصل بالركعتين إن كان هناك نافلة كالظهرين والصبح على وجه».
ويدلّ على اختصاصهما بالظهرين ظاهر رواية
رزيق عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال:«من السنّة الجلسة بين الأذان والإقامة...ومن السنّة أن يتنفّل بركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الظهر والعصر».
كما استدلّ للظهرين والصبح برواية
أبي علي الأنماطي عن أبي عبد اللَّه أو أبي الحسن عليهما السلام،
وبصحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام.
وقال المحدّث البحراني: ربّما اشعرت هذه الروايات بأنّ استحباب الفصل بالركعتين مخصوص بهذه الصلوات حيث إنّ قبلها صلاة، وأمّا إطلاق صحيحة
الجعفري فيمكن حمله على هذه الأخبار.وأمّا وجه ما ذهب إليه الأكثر فلعلّه حملهم هذه الروايات على تأكّد الفصل بالركعتين في الظهرين والصبح.
لكن وعلى الرغم من
الاحتمال المذكور وذهاب المشهور إلى الفصل بين الأذان والإقامة بالركعتين في مطلق الفرائض فقد ذهب
السيد الخميني إلى أنّه يأتي بالركعتين رجاءً.
===الفصل بين الأذان والإقامة بواحد من الفواصل أو أكثر===
لم يتعرّض الفقهاء لحكم المسألة عدا صريح بعض المتأخّرين منهم، حيث قال:إنّ ظاهر أكثر العبارات اختصاص الاستحباب بواحد، ولكنّ المستفاد من الأخبار استحباب كلّ من النافلة والسجدة والجلسة والخطوة والسكتة، فلو جمعها أحدٌ كان حسناً.
===الدعاء بالمأثور عند السجدة والجلسة والخطوة===
صرّح بعض الفقهاء باستحباب الدعاء بالمأثور عند بعض الفواصل.
فلو اختار السجدة يستحبّ أن يقول في سجوده: «ربّ سجدت لك خاضعاً خاشعاً ذليلًا»، أو يقول: «لا إله إلّا أنت، ربّي سجدتُ لك خاضعاً خاشعاً». وتدلّ عليه روايتي
بكر بن محمّد وابن أبي عمير عن
أبيه عن أبي عبد اللَّه عليه السلام.
ولو اختار القعدة يستحبّ أن يقول:«اللهم اجعل قلبي بارّاً ورزقي دارّاً وعملي سارّاً واجعل لي عند قبر نبيّك قراراً ومستقرّاً». وكذا يقول بمثلها لو اختار الجلسة، كما وردت به رواية جعفر بن محمّد بن يقطان.
ولو اختار الخطوة يستحبّ أن يقول:«باللَّه أستفتح، وبمحمّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم أستنجح وأتوجّه، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين»، كما جاء في رواية
الرضوي .
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۱۴۲-۱۴۵.