اشتراط ذكر الجنس والوصف في السلم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(الأوّل : ذكر الجنس) والمراد به هنا الحقيقة النوعية، كالشعير والحنطة، (والوصف) الرافع للجهالة، الفارق بين أصناف ذلك النوع، بعبارات معلومة عند المتعاقدين، ظاهرة الدلالة في العرف واللغة. وليس المراد مطلق الوصف، بل الذي يختلف لأجله الثمن اختلافاً ظاهراً لا يتسامح بمثله في السلم عادة، فلا يقدح
الاختلاف اليسير
المتسامح به فيه غير المؤدّي إليه. والمرجع في الأوصاف إلى العرف، وربما كان العامي أعرف بها من الفقيه وحظّه منها
الإجمال .
والمعتبر من الوصف ما يتناوله
الاسم المزيل لاختلاف أثمان الأفراد الداخلة في المعيّن ولا يبلغ فيه الغاية، فإن بلغها وأفضى إلى عزّة الوجود بطل، بلا خلاف يظهر. قيل : لأنّ عقد
السلف مبني على
الغرر ؛ لأنّه بيع ما ليس بمرئي، فإذا كان عزيز الوجود كان مع الغرر مؤدّياً إلى
التنازع والفسخ، فكان منافياً للمطلوب من السلف.
والأصل في هذا الشرط بعد
الإجماع أدلّة نفي الغرر، والنصوص الآتية في تضاعيف الفصل.
(فلا يصحّ)
السلم (فيما لا يضبطه الوصف كاللحم) نيّه ومشويّه (والخبز) بأنواعه (والجلود) بلا خلاف في الأوّلين، بل عليه الإجماع في
الغنية وكذا في السرائر والتذكرة وفي الخلاف الإجماع في اللحم خاصة منه رحمه الله؛
لما مرّ.
مع التصريح بالمنع عن الأوّل في الخبر : عن السلف في اللحم، قال : «لا تقربنّه، فإنّه يعطيك مرّة السمين، ومرّة التاوي -التاوي : الهالك. ،
ومرّة المهزول، واشتر معاينةً يداً بيد» وعن السلف في روايا الماء، فقال : «لا تقربها، فإنّه يعطيك مرّة ناقصة، ومرّة كاملة، ولكن اشتره معاينةً وهو أسلم لك وله».
وقصور السند منجبر بالعمل، إلاّ أنّ ظاهره التعليل بغير ما في العبارة وفتوى الجماعة.
ولكن يدفعه عدم الدلالة على حصر العلّة المجامع للتعليل أيضاً بما في العبارة.وعلى المشهور في الأخير، وفاقاً للحلّي؛
لتعذّر الضبط بالوصف، وعدم
إفادة الوزن الوصف المعتبر، لأنّ أهمّ أوصافها المختلف باختلافه أثمانها
السمك والغلظ، ولا يحصل به. خلافاً
للطوسي والقاضي
حكاه في المختلف عن القاضي في الكامل،
فيصح؛
لإمكان الضبط بالمشاهدة، وللخبرين، في أحدهما : قلت : إنّي رجل قصّاب، أبيع المسوك قبل أن أذبح الغنم؟ فقال : «ليس به بأس، ولكن انسبها غنم أرض كذا وكذا»
المَسْك : الجلد..
وفي الثاني : رجل اشترى الجلود من القصّاب فيعطيه كل يوم شيئاً معلوماً، فقال : لا بأس».
وفيهما ضعف سنداً، وفي الأخير دلالةً أيضاً؛ لعدم
الإشعار فيه ببيع السلف، ولا بالبيع قبل الذبح، فيحتمل أن يبيعها مشاهدةً ويدفع إليه كلّ يوم قدراً معلوماً،
فالاستناد إليهما سيّما الثاني ضعيف جدّاً، كالاستناد إلى الأوّل، للخروج عن السلم بناءً على أنّ المبيع فيه
أمر في الذمّة مؤجّل إلى مدّة، وهو معيّن بالمشاهدة على ما ذكره.
قيل : ويمكن الجمع بمشاهدة جملة يدخل المُسلَم فيه في ضمنها من غير تعيين، وهو غير مخرج عن وضعه، كاشتراطه من غلّة قرية معيّنة لا تخيس -خاسَ البيعُ والطعام. كأنَّه كسَدَ حتى فَسَد.
عادةً، وحينئذٍ فتكفي مشاهدة الحيوان عن
الإمعان في الوصف قال به
الشهيد الثاني في الروضة، عطف على التعذّر..
وهو حسن، ولكن المشهور المنع مطلقاً.ونحو المذكورات الجواهر مطلقاً، واللآلي الكبار؛ لتعذّر ضبطها على وجه يرفع بسببه اختلاف الثمن، وتفاوت الثمن فيها تفاوتاً باعتبارات لو ذكرت لأدّت إلى عسر وجودها الموجب
للبطلان كما مضى، وبدونها لا يحصل العلم بوصفها.
أمّا اللآلي الصغار التي لا تشتمل على أوصاف كثيرة تختلف باختلافها القيمة فيجوز مع ضبط ما يعتبر فيها من الوزن والعدد مع بعض الصفات. وضابطها كلّ ما يباع بالوزن ولا يلاحظ فيه الأوصاف الكثيرة عرفاً. وتحديد بعض إيّاه بما يطلب للتداوي دون التزيّن، أو ما يكون وزنه سدس دينار،
رجوع إلى ما لا دليل عليه. وكذا القول في بعض الجواهر التي لا يتفاوت الثمن باعتبارها تفاوتاً بيّناً كبعض العقيق، على ما في
الدروس وغيره.
(ويجوز في
الأمتعة والحيوان) كلّه، صامتاً كان أم ناطقاً (والحبوب) والفواكه والطيب ونحو ذلك (و) بالجملة (كلّ ما يمكن ضبطه) بالوصف الموصف أي : سابقاً. بلا خلاف يعرف، بل على الثاني الإجماع في الغنية؛
للأصل، والعمومات، والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، ففي الصحيح وغيره : «لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض».
ونحوهما الموثق كالصحيح : عن السلم وهو السلف في الحرير والمتاع الذي يصنع في البلد الذي أنت به؟ قال : «نعم إذا كان إلى أجل معلوم».
وفي الصحيح والموثق كالصحيح : «لا بأس بالسلم في الحيوان إذا وصفت أسنانها».
وفي الصحيح : «إنّ
أبا جعفر عليه السلام لم يكن يرى بأساً بالسلم في الحيوان بشيء معلوم إلى أجل معلوم».
وفيه : عن السلف في الطعام بكيل معلوم إلى أجل معلوم، قال : «لا بأس به».
والنصوص بذلك كثيرة تمرّ بك في المباحث الآتية.
رياض المسائل، ج۹، ص۱۱۶-۱۲۰.