الأزلام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي
سهام صغيرة كان أهل
الجاهلية يقترعون بها.
الأزلام جمع زلم- بفتح
الزاء وضمّها مع فتح اللام،
كجَمَل وصُرَد- وهي قداح- أي
سهام- لا
ريش لها ولا
نصل، كان
العرب يستقسمون بها في
الجاهلية.
وهي الأكثر في
كتب اللغة- أنّهم كانوا يستقسمون بها في امور
حياتهم، يكتبون على بعضها: افعل، وعلى بعضها:لا تفعل.
وقيل: على بعضها: أمرني ربّي، وعلى بعضها: نهاني ربّي، وبعضها غفل ولم يكتب عليه شيء، وتوضع في
وعاء، فإذا أراد أحدهم
سفراً أو
نكاحاً أخرج قدحاً، فإن خرج ما فيه
الأمر مضى لقصده، وإن خرج ما فيه
النهي كفّ، وإذا خرج ما ليس عليه شيء أعاد.
وقيل: إنّها كانت توضع في
الكعبة يقوم بها سدنة البيت، وربما كان مع
الرجل زلمان وضعهما في
قرابه، فإذا أراد
الاستقسام أخرج أحدهما.
أنّهم كانوا يستقسمون بها
لحم الجزور، حيث كان يجتمع العشرة من الرجال، فيشترون
بعيراً فيما بينهم وينحرونه ويقسّمونه عشرة أجزاء، وقيل:ثمانية وعشرين جزءاً، وكان لهم عشرة قداح معروفة بينهم لها أسماء، سبعة منها لها أسهم، وثلاثة لا أنصباء لها، فيجعلونها في خريطة ويضعونها على يد من يثقون به، فيحرّكها ويدخل يده ويخرج باسم كلّ رجل قدحاً، فمن خرج قدح من
الأقداح التي لا أنصباء لها لم يأخذ شيئاً، والزم بأداء ثلث قيمة البعير، فلا يزال يخرج واحداً بعد واحد حتى يأخذ أصحاب الأنصباء السبعة أنصباءَهم، ويغرم الثلاثة الذين لا أنصباء لهم
قيمة البعير.
وقيل: إنّ هذا
المعنى هو
المراد بالأزلام في
المشهور ودلالة
الرواية عن
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
والذي يظهر من ذلك أن الأزلام منها ما هو مخصّص للاستقسام بها في
الامور الحياتية، ومنها ما هو مخصّص لاستقسام لحم الجزور.
هذا كلّه في اللغة، وليس للأزلام
اصطلاح فقهي خاص وإنّما ترد بنفس معناها اللغوي.
لا
إشكال في
حرمة الاستقسام بالأزلام، وقد نصّ
القرآن الكريم على ذلك، قال تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ».
وقال تعالى: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ».
هذا، مضافاً إلى الروايات.
وقد ذكر بعضهم
أنّه على المعنى الأوّل يكون نوعاً من
التفؤّل والتكهّن غير المأذون به من اللَّه عزّ وجلّ، وعلى المعنى الثاني
قماراً منهياً عنه.
صرّح
الفاضل المقداد بحرمة
اقتناء الأزلام، بل يجب
إتلافها وإخراجها عن صورتها.
ولم يتعرّض بقية
الفقهاء لحكم الأزلام من هذه
الجهة بالخصوص، وإنّما تعرّضوا لآلات القمار أو
آلات الحرام بحيث يكون
المقصود منه الحرام،
فإن عدّت الأزلام منها- كما هو
الصحيح، خصوصاً على الثاني- واعدّت لذلك، حرم
بيعها وشراؤها واقتناؤها ووجب إتلافها.
وجاء في تفسير
علي بن إبراهيم عن
أبي الجارود عن
أبي جعفر عليه السلام في قوله سبحانه وتعالى: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ»، قال: «... وأمّا الأزلام فالأقداح التي كانت تستقسم بها
المشركون من العرب في الجاهلية، كلّ هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشيء من هذا حرام من اللَّه محرّم، وهو
رجس من عمل
الشيطان...».
لا شكّ في
طهارة الأزلام؛ لأنّ المادّة التي تصنع منها إمّا
حديد أو
نحاس أو
خشب أو
حصاة أو
حجارة، ولا إشكال في طهارة الجميع،
وصنعها على
هيئة خاصّة لا توجب نجاستها.
من هنا نجد الفقهاء عند تعرّضهم
للآية الكريمة: «إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ» في مقام
الاستدلال على
نجاسة الخمر يذهبون إلى أنّ المراد بالرجس هنا ليس النجس المصطلح؛ لعدم
الشكّ في طهارة المذكورات عدا الخمر.
الموسوعة الفقهية ج۱۰، ص۳۱۶-۳۱۸.