الإذن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإذن (توضيح).
هو
الإعلام بإِجازة الشيء والرخصة فيه وفي
الشرع فكٌّ الْحَجْر وإطلاق
التصرف لمن كان ممنوعاً منه شرعاً .
من معاني الإذن في اللغة
إطلاق الفعل
والإباحة ، فيقال: أذنت له في الشيء إذا أبحتَه له، وأطلقتَ له فعله.وقال
ابن الكمال : «هو فكّ
الحجر وإطلاق التصرّف لمن كان ممنوعاً شرعاً».
ولم يخرج الفقهاء في استعمالهم للإذن عن معناه اللغوي، قال
الوحيد البهبهاني :«الإذن هو
الرخصة ، والرخصة رفع المانع من طرف الآذن».
وقال
السيّد المراغي : «الإذن عبارة عن رخصة
المالك ومن بحكمه في التصرّف
وإثبات اليد».
الإجازة معناها
الإمضاء ، ويقال: أجاز له
البيع إذا أمضاه وجعله جائزاً.
فالإجازة كالإذن تدلّ على
الموافقة والرخصة، إلّا أنّ الإذن يكون رخصة قبل صدور الفعل، والإجازة تكون بعده.
المستفاد من كلمات الفقهاء أنّ
الرضا أمر باطني قد يعبّر عنه بطيب النفس،
ويعلم باللفظ كالإذن،
ولكن يفترق عنه بأنّه يتحقّق ممّن ليس له تعلّق بموضوع
العقد - بل مطلق التصرّف- ولا من شأنه
الوفاء به، والإذن لا يصحّ من ذلك، بل لا بدّ من صدوره ممّن له العقد، ووظيفته الوفاء به، ومن شأنه أن يصدر منه.
وهي
التخيير بين الفعل والترك دون رجحان أحد الطرفين،
فهي وصف للفعل أو
الترك وتتولّد عن الإذن، وتنشأ منه، وقد تستعمل أيضاً بمعنى الإذن. ويتعرّض الاصوليّون لذلك مفصّلًا عند البحث عن الحكم وأقسامه.
من معاني الأمر لغة،
الطلب .
وفي الاصطلاح: طلب الفعل من العالي أو المستعلي
حسب اختلاف المباني فيه- وعليه فكلّ أمر يتضمّن الإذن بالضرورة.
والفرق بينهما: أنّ الأمر بمعنى الطلب، فيدلّ على لزوم الفعل أو رجحانه، بخلاف الإذن، فإنّه يدلّ على مجرّد الرخصة في الفعل.نعم، قد يراد من الأمر مجرّد الإذن، كما لو قال الرجل للغير: زوّجنيها، فإنّ ذلك منه ليس إلّا إذناً في العقد، وكذا الأمر
والاستدعاء في
إيقاع المعاملة بحسب
العرف ليسا إلّا الإذن فيها.
وهو لغة جعل الشيء
حلالًا للغير،
وعند الفقهاء يكون خاصّاً بتحليل مالك
الأمة أمته للغير، وهو مردّد عند الفقهاء بين العقد ومجرّد الإذن في تصرّف الأمة، وعلى كل حال هو أخص من الإذن فإنّه يعمّ سائر الموارد.
وهو لغة
جعل الشيء إلى غيره،
وعند الفقهاء أيضاً تصيير الأمر إلى غيره وجعله
الحاكم فيه،
وهو الأعمّ من التوكيل؛ لأنّ
الوكالة تفويض الأمر إلى الغير على وجه،
قال
الشيخ الأنصاري :الإذن في تصرّف الغير إمّا أن يكون على وجه
الاستنابة كالوكيل، وإمّا أن يكون على وجه التفويض
والتولية كتولّي الأوقاف.
وقد لا يكون الإذن إلّا تنفيذاً للتصرّف أو رضاً به من دون توكيل ولا تولية نظير الإجازة بعد وقوع العقد من غير المأذون، فالإذن أعمّ من
التفويض .
الإذن هو الترخيص ممّن بيده الأمر بالتصرّف في ماله أو حقّه، ورفع المنع عنه.
قال السيّد المراغي: إنّ «الإذن عبارة عن رخصة المالك ومن بحكمه في التصرّف وإثبات اليد».
وقال
المحقّق الأصفهاني : «الإذن حقيقته الترخيص
وإرخاء العنان، أو
إظهار الرضا به».
وهذه الرخصة قد تبرز
بإنشاء الترخيص أو الإباحة فيسمّى إذناً ويكون إيقاعاً، وقد تبرز
بإبراز الرضا وطيب النفس فلا يحتاج إلى مفهوم إنشائي أصلًا، وعلى هذا الأساس لا يتوقّف على
القبول ؛ لأنّه تحت سلطان صاحب الحقّ فقط، بل لو ردّ المأذون الإذن صحّ له التصرّف أيضاً، فلا يترتّب عليه آثار العقود،
ولا يتّصف بالصحّة
والبطلان ؛ لأنّه إمّا موجود أو معدوم.
ولذلك قال
الشهيد الثاني : «إنّ من أذن لغيره في تناول طعامه أو أخذ شيء من ماله فلم يقبل ذلك لا يبطل الإذن له، بل يجوز له التصرّف بعد ذلك؛ لأنّ المسوّغ- وهو إذن المالك- موجود، والقبول إذا لم يكن شرطاً في الإباحة لم يكن ردّها مانعاً».
هذا كلّه في حقيقة الإذن المجرّد.
وأمّا الإذن العقدي، كما في العقود الإذنيّة-
كالوكالة والوديعة والعارية ونحوها- فاختلف الفقهاء في ماهيّتها، فذكر بعضهم أنّها عقود في اصطلاح الفقهاء، لا بالمعنى اللغوي والعرفي؛ لأنّ معنى العقد لغة وعرفاً هو ما يكون فيه
التزام وإلزام، وليست العقود الإذنيّة كذلك، وإنّما سمّيت عقوداً؛ لأنّها ترتبط بشخصين، وتتحقّق بفعلهما، ففيها
إيجاب وقبول، لا لأنّ فيها عهداً والتزاماً.
فحقيقة هذه العقود
التوافق بين الطرفين على مضمون إذني، أي روحه الإذن، ولكن مع خصوصيّات تتوقّف على التوافق وقبول الآخر له من قبل صيرورة الطرف نائباً عن المالك في التصرّف، كما في عقد الوكالة، من دون التزام وتعهّد بانتقال حقّ من أحدهما للآخر.ويترتّب على ذلك بعض الآثار، من قبيل عدم شمول خطاب: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»،
فلا تكون العقود الإذنيّة لازمة، بل جائزة على القاعدة، وعدم بطلان التعليق فيها، وكذا عدم ترتّب أحكام المقبوض بالعقد الفاسد من لزوم ردّه، إلى غير ذلك.
وخالف في ذلك
السيّد الخميني ، فقال:«أمّا التفصيل بين العقود الإذنيّة وغيرها (في الأحكام) فلا وجه له، بل لا معنى معقول للعقود الإذنيّة؛ لأنّ عقد الوكالة- مثلًا- عقد، من حكمه العقلائي جواز
الإتيان بما اوكل أمره إليه، لا أنّه نفس الإذن في الإتيان، بل الإذن في التصرّف أو الإتيان في عقد الوكالة لغو لا معنى له، فالموكّل لا يوقع إلّا الوكالة، وليس معنى الوكالة الإذن في التصرّف فإنّه إيقاع لا يحتاج إلى القبول، ولا يترتّب عليه آثارها، فالوكالة أمر اعتباري لا يعتبره العقلاء إلّا بعد القبول، بخلاف الإذن، فالمأذون لو ردّ الإذن يكون مأذوناً ما دام الإذن باقياً، والوكيل لو لم يقبل الوكالة أو ردّ الإيجاب لا يكون وكيلًا، ولا يترتّب على فعله الآثار، فلو ردّ الوكالة ثمّ فعل ما أوكله إليه لا بعنوان قبول الوكالة لا يكون نافذاً، بخلاف المأذون»
وهذا
الإشكال إنّما يرد فيما إذا كان مقصود
المحقّق النائيني أنّ العقود الإذنيّة ليست إلّا محض الإذن المجرّد بدون زيادة عليه، مع أنّه ليس مقصوده ذلك، بل حاقّ مقصوده أنّ روح هذه العقود الإذنية هي الإذن من قبل المالك بتصرّف معيّن على وجه مخصوص، وليس فيها التزام وتعهّد بشيء ومن هنا لا يكون واجب الوفاء.وعليه فقد يكون الإذن في العقد الإذني بنحو وخصوصية بحاجة إلى التوافق والقبول من الطرف الآخر، من قبيل أن يكون مفوّضاً ونائباً عن المالك في الوكالة، أو يكون أميناً ومستودعاً للمال في الوديعة، وهكذا.
وتلك الخصوصية تنتفي بالردّ، فلا يتحقّق مضمون العقد الإذني، ولا تترتّب عليه آثاره، بل قد لا تترتّب آثار الإذن والرضا المجرّد أيضاً؛ لأنّ الذي انشئ إنّما هو الإذن الخاصّ المقيّد لا المطلق، والمفروض أنّ ذلك الإذن المخصوص كان قائماً بالاثنين، وقد ردّه الآخر ولم يقبله.وكذا ذهب
المحقّق الكركي - في مسألة
عزل المستودع نفسه- إلى أنّه لو قلنا بأنّ الوديعة مجرّد إذن يلغو العزل، كما لو أذن له في تناول طعامه فردّ الإذن، فإنّ له الأكل بالإذن السابق. وأمّا على القول بأنّها عقد فيرتفع العقد، ويبقى المال أمانة يجب ردّه وإن لم يطلبه المالك.
•
الإذن (أقسامه)،
الإذن من حيث المضمون تارة يكون في التصرّفات التكوينيّة ، كإذن المالك للغير في أكل طعامه.
•
الإذن (أركانه)،أركان
الإذن نفس أركان العقود
والإيقاعات ؛ لأنّه إنشاء ترخيص، وهو تارةً يكون مجرّد
الرخصة والإباحة ، ويسمّى
ابتدائيّاً ، واخرى يكون في ضمن عقدٍ، ويسمّى بالعقد الإذني، والأوّل إيقاع، والثاني عقد.
•
الإذن (من له حق الإذن)،لمّا كان تأسيس
النظام الاجتماعي والفردي والمحافظة عليه من الأهداف التي يتوخّاها
الشارع المقدّس فلا بدّ لأجل تحقيق هذا الهدف من تشريع كلّ ما يكون له دخل في المحافظة على هذا النظام، ومن ذلك
الإذن فيما يتعلّق بمصالح الناس، إمّا بنصّ منه أو اجتهاد من الفقيه.
لإعلان الإذن طرق كثيرة وهي كما يلي:
وهو قد يكون صريحاً في الإذن، إمّا
بالمطابقة ، كقوله: تصرّفْ في مالي ما شئت، أو كُلْ من طعامي، أو اجلس في داري،
وإمّا بالتضمّن، كما لو أذن في التصرّف في مجموع امورٍ كلّ منها جزء منه، فإنّ الأجزاء مأذون فيها بالتضمّن حينئذٍ، فالمدلول التضمّني داخل في الصريح.
ثمّ قال: «اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ كون الأجزاء مدلولًا تضمّنياً للمجموع المركّب لا يستلزم دلالة لفظ (تصرّف) أو (افعل) أو نحو ذلك من الألفاظ الدالّة على الإذن عليه بالتضمّن؛ إذ الإذن على المجموع المركّب ليس مركّباً من إذن الأبعاض.وقد يكون الإذن بالفحوى، وهو الإذن المستفاد من اللفظ، لكن بدلالة الالتزام العقلي أو العرفي أو العادي، بحيث يفهم المأذون من ذلك الرخصة، كما في
الضيافة ، فإنّ الرخصة فيها تدلّ على الرخصة في
الصلاة في بيت المضيف بالالتزام. ونظائر ذلك كثيرة في مسائل
الفقه .
ولا حصر في اللفظ، بل يمكن التعبير عن الإذن بكلّ لفظ يدلّ عليه بإطلاقه ومفهومه وهيئته،
كالإباحة المطلقة ،
والأمر بالشيء.
وقد يكون الإذن
بالكتابة والإشارة،
كما لو رهن إنسان شيئاً، ثمّ خرس، فإن كان يحسن الإشارة أو الكتابة، فأشار أو كتب بالإذن في
القبض ، كان جائزاً، وقام ذلك منه مقام الكلام.
والظاهر أنّهما تحت
الصريح والفحوى ، بمعنى أنّهما قائمان مقام اللفظ، فإن كانت دلالتهما على الإذن بأصل المدلول والمنطوق فهما داخلان في الصريح، وإلّا فهما داخلان في الفحوى.
ونسب إلى بعض القول بأنّ الإذن الصريح والفحوى يختصّان بدلالة اللفظ، فلا يشملان ما وقع بالإشارة أو الكتابة؛ فإنّهما ليستا من أفراد اللفظ.
ولكن اورد عليه بأنّ اللازم من ذلك دخولهما تحت شاهد الحال، مع أنّ تعريفهم لا يشمل ذلك.
ولا فرق في دلالتهما على الإذن بين قدرة المشير أو الكاتب على التلفّظ، أو عجزه عنه لخرس، أو
اعتقال لسان، أو نحو ذلك.
والمراد به القرينة الحاليّة الدالّة على الرضا بالتصرّف، كالصداقة والقرابة ونحو ذلك. وبعبارة اخرى: رابطة توجب ملاحظتها
الاطّلاع على رضا المالك به وعدم منعه عنه، ومن ذلك المصادقة أو القرابة بين شخصين الدالّة على إذن كلّ منهما في أكل الآخر من بيته- مثلًا-.
وقد يعتبر
السكوت إذناً في بعض التصرّفات. والأصل عدم
استفادة الإذن من السكوت فيما سكت عنه ولا في غيره؛ لأنّ السكوت بنفسه لا يدلّ على الرضا.ولكن خرج عن هذه القاعدة سكوت البكر عند
النكاح ، فيقنع من البكر سكوتها عند عرض النكاح عليها، وهو المشهور بين الفقهاء،
بل الظاهر أنّه لا خلاف فيه.
قال
الشيخ الطوسي : «يكفي في إذنها ( البكر) أن يعرض عليها التزويج، فإذا سكتت كان ذلك رضىً منها».
وفي
الغنية أيضاً: «إذنها صماتها».
ويدلّ على كفاية سكوت البكر صحيح
ابن أبي نصر ، قال: قال أبو الحسن عليه السلام في المرأة البكر: «إذنها صماتها، والثيّب أمرها إليها».
وكذا خبر
داود بن سرحان عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في رجل يريد أن يزوّج
اخته ، قال عليه السلام: «يؤامرها، فإن سكتت فهو
إقرارها ، وإن أبت لم يزوّجها».
قال
المحقق النجفي بعد ذكر الرواية: «والمناقشة فيها بأنّها في الإذن السابقة والمناط غير منقّح، يدفعها أوّلًا: أنّه لا خلاف في عدم الفرق بينهما، بل يمكن دعوى الإجماع عليه.وثانياً: إطلاق الصحيح الأوّل الذي لا فرق فيه بينهما».
وخالفهم
ابن إدريس ، وقال: «والذي يقوى في نفسي أنّه لا بدّ من نطقها... لأنّه لا ولاية لأحد بعد
البلوغ عليها بحال».
وهذا يوافق مذهبه من عدم العمل بأخبار الآحاد.
وأمّا الثيّب فتكلّف النطق، إلّا مع اقتران سكوتها بقرائن تدلّ على رضاها قطعاً.
ثمّ إنّ الفقهاء اختلفوا في حدود كاشفيّة السكوت عن الإذن وحجّيته على أقوال.
إذا اجتمع
الأولياء ممّن له حقّ الإذن في تزويج المرأة- مثلًا-
كالأب والجدّ ، واختلفا في
الاختيار قدّم اختيار الجدّ.وإن عقد كلّ واحد منهما على رجل حكم بعقد السابق، سواء كان الأب هو السابق بالعقد، أو الجدّ، فإن اتّفقا في حال واحد قدّم عقد الجدّ.
وتدلّ عليه صحيحة
هشام بن سالم ومحمّد بن حكيم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «إذا زوّج الأب والجدّ كان التزويج للأوّل، فإن كانا جميعاً في حال واحدة فالجدّ أولى».
وكذا صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال: «إذا زوّج الرجل ابنة
ابنه فهو جائز على ابنه، ولابنه أيضاً أن يزوّجها»، فقلت: فإن هوى أبوها رجلًا وجدّها رجلًا، فقال: «الجدّ أولى بنكاحها».
وغير ذلك من الروايات.
ولو عقد وكيلا الأب والجدّ، أو وكيلا المرأة أحدهما على زيد، والآخر على عمرو، ففيه خمسة أحوال:
الاولى: أن يسبق أحد النكاحين بعينه من غير إشكال، فهو الصحيح
بلا خلاف فيه؛ لعموم أدلّة الصحّة وإطلاقاتها التي لا تشمل اللاحق لفوات شرط الصحّة، وهو كونها خليّة.
الثانية: أن يعلم وقوع النكاحين دفعة واحدة، فيبطلان معاً؛ لعدم
إمكان الجمع بينهما، وتقديم أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجّح.
الثالثة: إذا لم يعلم السبق ولا المعيّة، وشكّ فيهما، فيبطلان أيضاً كالحالة السابقة؛ لعدم العلم بتحقّق عقد صحيح، والأصل عدم تأثير واحد منهما.
هذا مع عدم العلم بتاريخ أحدهما، وإلّا فيتعيّن الحكم بصحّة المعلوم؛
لاستصحاب كونها خليّة إلى ما بعده الذي هو شرط صحّته،
كما تقرّر ذلك في الصورة الآتية.ولكن ذهب
العلّامة في هذا
الفرض إلى أنّ الأقوى أنّه يجبرهما
السلطان على أن يطلّق كلّ واحد منهما طلقة، فإن امتنعا فرّق بينهما.
الرابعة: إذا علم السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق، وحينئذٍ فإن علم تاريخ أحدهما حكم بعض بصحّته دون الآخر؛
لجريان أصالة عدم سبق الآخر عليه الموجب لكونها خليّة يصحّ تزويجها، وعدم جريان ذلك في الآخر المجهول التاريخ؛ لعدم جريان الأصل في مجهول التاريخ.
وحكم بعض آخر ببطلانهما معاً، بناءً على جريان الأصل في كلا الطرفين، بلا فرق في ذلك بين معلوم التاريخ ومجهوله.
وذهب العلّامة في هذه الحالة إلى أنّ الحكم فيه كما إذا احتمل السبق والمعيّة.
الخامسة: إذا سبق واحد معيّن، ثمّ اشتبه واشكل الأمر توقّف الحال إلى أن يظهر ويتبيّن، ولا يجوز لواحد منهما وطؤها، ولا
لأجنبيّ أن يزوّجها.
وقال أيضاً: «لا بأس هنا القول بالقرعة، فمن وقعت له القرعة أمر الآخر بالطلاق، ثمّ تجدّد القارع النكاح إن اختارت».وحكم بعض الفقهاء
بالقرعة ؛ مدّعياً بأنّها أوفق بالقواعد؛
لعموم ما دلّ على أنّ القرعة لكلّ أمر مشكل.
وتجري تلك الأحوال فيما إذا زوّجها الأخوان بإذنها، فإن تقدّم عقد أحدهما كان
العقد له، وبطل المتأخّر؛ لمصادقته محلّاً مشغولًا، وإن اتّفقا في حالة واحدة بطلا؛ لتدافعهما. وتقديم أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجّح.
وذهب
الشيخ - في كتابي الأخبار
- وابن حمزة
إلى تقديم عقد الأكبر مع
الاتّفاق ، إلّا أن يدخل بها الآخر؛
استناداً إلى خبر وليد بيّاع الأسفاط.
وهو: سئل أبو عبد اللَّه عليه السلام وأنا عنده عن جارية كان لها أخوان زوّجها الأكبر بالكوفة، وزوّجها الأصغر بأرض اخرى، قال: «الأوّل بها أولى إلّا أن يكون الآخر قد دخل بها، فهي امرأته، ونكاحه جائز».وردّ ذلك بأنّه تحكّم؛ لعدم المرجّح، وضعف
الخبر سنداً، مع احتمال حمله على كون العقد منهما فضولًا.
وقد يحصل
التعارض في
الوصيّة ، كما لو أوصى إلى اثنين، فإن أطلق أو شرط اجتماعهما لم يجز لأحدهما أن ينفرد عن صاحبه بشيء من التصرّف، من دون خلاف في ذلك.فلو تشاحّ الوصيّان لم يمض ما ينفرد به كلّ واحد منهما عن صاحبه، بل يجبرهما الحاكم على
الاجتماع ، فإن تعاسرا على وجه يتعذّر جمعهما جاز له
الاستبدال بهما.
نعم، لو كان ما ينفرد به ممّا لا بدّ منه- مثل كسوة
اليتيم وأكله
وإصلاح العقار وشراء كفن
الميّت ونحو ذلك ممّا لا يمكن تأخيره إلى وقت الاتّفاق- فيمضي على المشهور بين الفقهاء.
ولكن أطلق بعضهم عدم جواز الانفراد بالتصرّف الشامل لجميع ذلك.
ونسب ذلك أيضاً إلى بعض آخر في الإيضاح
وقد يحصل التعارض؛ لعدم إمكان
الامتثال ، كما لو استأجر اثنان واحداً ليحجّ عنهما في عام واحد، وحينئذٍ فلو استأجراه لعام صحّ الأسبق، ولو اقترن العقدان وزمان
الإيقاع بطلا.
•
الإذن (أثره)،تترتب على الإذن آثار متعددة،يأتي مواردها بالتفصيل: أهمها: ۱-الأثر التكليفي ۲-الأثر الوضعي
•
الإذن (اشتراط الضمان فيه)،
الإذن بنفسه لا يرفع
الضمان ، نظراً إلى ماهيّة الرخصة في التصرّف، وهي أعمّ من كونه مع ضمان أو بدونه؛ فإنّ الإذن كثيراً ما يتحقّق مع وجود الضمان، كما في المقبوض بالسوم، والمقبوض بالعقد الفاسد.
•
الإذن (انتهاءه)،
الإذن إذا كان من الشارع فالأصل فيه بقاؤه بعد صدوره،
والشك في المانع غير مضرّ؛ لأنّ المانع لا يشترط العلم بانتفائه في تأثير المقتضي، وإلّا لم يمكن التمسّك بشيء من العلل الشرعيّة؛ إذ لا يقطع بنفي موانع تأثيرها بحسب الواقع وهو معلوم
البطلان .
تقدّم أنّ الإذن يبطل بالرجوع، ولكن يقع البحث في أنّه هل يجوز للآذن أن يرجع عن إذنه متى شاء؟ يختلف هذا باختلاف الموارد، وذلك ما يمكن بحثه في مقامين:
إذا رجع الآذن عن إذنه للغير في الدخول في ملكه أو بالصلاة فيه، ثمّ أمره بالخروج، فإن كان الرجوع عن الإذن قبل التلبّس بما يحرم معه قطع الصلاة فلا ريب في أنّ له ذلك، فيحرم التصرّف بعده لفقدان الإذن.
وأمّا إن كان بعد التلبّس بالصلاة ففي المسألة وجوه وأقوال، القول الأوّل: عدم جواز الرجوع مطلقاً، من دون فرق بين أن يكون أذن له بدخول ملكه، أو بإيقاع الصلاة فيه، وهذا مستفاد من كلمات المحقّق النجفي في جواهر الكلام.
وأمّا رجوع الآذن عن إذنه في غير الصلاة من
العبادات التي يجب
إتمامها بعد
الشروع فيها،
كالحجّ والاعتكاف إذا أذن فيها المولى أو الزوج للعبد أو الزوجة، فإنّه تارةً يكون قبل الشروع، واخرى بعده، فإن كان قبله جاز
الرجوع ، وكذا لو أذن من له ولاية في ذلك، ثمّ رجع عن إذنه قبل التلبّس بالإحرام، أو قبل وجوب الاعتكاف عليه بنذرٍ أو مضيّ يومين، فإنّه يجوز له ذلك.
وإن كان الرجوع بعد التلبّس
بالإحرام ، أو وجوب الاعتكاف فليس له الرجوع، وهذا هو المعروف بين الفقهاء.
يجوز الرجوع عن الإذن في العقود الجائزة، كالعارية والوكالة والشركة ونحوها، من دون خلافٍ في ذلك، إلّا ما خرج بالدليل،
كإعارة الأرض
للدفن ، فإنّه لا يجوز الرجوع فيها بعد الدفن.
وأيضاً يجوز للآذن أن يرجع عن إذنه في التصرّف إذا وقع في محلّه، سواء كان الإذن به في نفس العقود الجائزة، أم وقع مجرّداً عن ذلك، فيجوز للمعير أن يرجع عن إذنه بالبناء، أو
الغرس ، أو
الزرع متى شاء، ولكن عليه
الأرش من حيث الإذن؛ للجمع بين الحقّين.
وكذا يجوز لكلّ واحد من الراهن والمرتهن أن يرجع عن إذنه في بيع
الرهن قبل العقد وبعده قبل
القبض .
وكذا يجوز لمالك الجدار أن يرجع عن إذنه للجار في وضع خشبه، أو البناء على جداره قبل
الوضع ، وأمّا بعده ففيه أقوال. القول الأوّل: عدم جواز الرجوع بعد الوضع؛ لأنّ المقصود بوضعها التأبيد والبقاء، وهو اختيار الشيخ في
المبسوط،
والمحقق في الشرائع،
وإن ذهب الأخير بحسن الرجوع مع الضمان.
هذا كلّه إذا لم يكن الإذن فيما ذكر بعنوان ملزم كالشرط والصلح، بل يكون مجرّد الإذن والرخصة، وإلّا فلا يجوز له الرجوع عن الإذن، كما صرّح به
الإمام الخميني .
ثمّ إنّ المراد من جواز الرجوع هو أنّ المأذون لا يجوز له
الاشتغال بالعمل بعده ومع الاشتغال يبطل العمل. كما أنّ المراد من عدم جواز الرجوع عدم ترتّب الأثر على الرجوع.
•
الإذن (التنازع فيه)،التنازع في
الإذن قد يكون في أصله، بأن يدّعيه أحدهما وينكره الآخر.وقد يكون
التنازع في مقدار المأذون فيه مع
الاتّفاق في أصله.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۲۷۲-۳۳۵.