الإستحالة (الفقهية)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستحالة (توضيح) .
أصل الحول
تغيره و
انفصاله عن غيره ، والاستحالة تأتي بمعنى تغيّر الشيء عن طبعه ووصفه، و
الخروج عن حالة إلى حالة اخرى، وأيضاً تأتي بمعنى
الامتناع وعدم
الإمكان، واستحالة
الكلام صيرورته محالاً.
الاستحالة تأتي بمعنى
تغيّر الشيء عن طبعه ووصفه،
و
الخروج عن حالة إلى حالة اخرى،
وأيضاً تأتي بمعنى
الامتناع وعدم
الإمكان .
استعمل
الفقهاء والاصوليون هذا اللفظ بمعنى عدم الإمكان، وكذا استعملوه بمعنى
تحول جسمه إلى جسم آخر في باب
الطهارة . وهي- على ما هو
المعروف عندهم- من جملة
المطهّرات .
وقد عرّفوا الاستحالة بهذا المعنى بتعريفاتٍ تختلف إمّا
تعبيراً أو مضموناً، فبعضها هو
نفس المعنى اللغوي أو
قريب منه، وبعضها الآخر أخصّ منه، وإليك أهمّها:
۱- إنّها
تبدّل حقيقة الشيء وصورته النوعيّة إلى صورة اخرى.
وهذا
التعريف نسبه
الشهيد الأوّل -على ما حكي عنه- في حواشيه على
القواعد إلى
الاصوليّين ،
وقد وصفه
الشيخ الأنصاري بأنّه الأنسب بالمعنى العرفي.
۲- إنّها تبدّل
الحقيقة النجسة إلى حقيقة اخرى ليست من النجاسات.
۳- إنّها تبدّل الشيء إلى شيء آخر يعدّ في نظر
العرف متولّداً منه، فيكون الأوّل
منعدماً والثاني حادثاً.
۴- إنّها تبدّل جسمٍ الى جسمٍ آخر مباين للأوّل في صورتهما النوعيّة عرفاً وإن لم تكن بينهما
مغايرة عقلًا.
وتوضيح ذلك: أنّ التبدّل والتحوّل على قسمين:
التبدّل في
الأوصاف الشخصيّة أو الصنفيّة مع
بقاء الشيء على حاله، كتبدّل
الحنطة إلى
الدقيق والدقيق إلى
الخبز و
القطن إلى
الثوب .
ولا يسمّى هذا القسم من التبدّل والتحوّل بالاستحالة، وإنّما يعبّر عنه
بتفرّق الأجزاء وتبدّل الأوصاف.
التبدّل في حقيقة الشيء وصورته النوعيّة بحيث لا ينحفظ معه ذات الشيء كتبدّل
النطفة إلى
حيوان طاهر ، ويسمّى هذا القسم من التبدّل بالاستحالة التي هي إحدى المطهّرات.
ولا يكون
الملاك في تحقّق الاستحالة التبدّل والتحوّل في نظر العقل، بل
الملاك فيه هو التحوّل في نظر العرف، فلا ينحصر مورد الاستحالة فيما يراه العقل والعرف معاً أنّه تحوّل الشيء، بل يكفي في تحقّقها ما يراه العرف تحوّلًا وإن لم يره العقل كذلك.
وهو في
اللغة يأتي بمعنى تحوّل الشيء عن وجهه، من قلَبَه قلباً إذا حوّله عن وجهه،
وعلى هذا فالانقلاب والاستحالة بالمعنى الأوّل بمعنى واحد. وأطلق الفقهاء
الانقلاب في باب الطهارة و
الأطعمة والأشربة، وعنوا به تحوّل
الخمر إلى خلّ أو ما يشمله. وأمّا
صلته بالاستحالة بالمعنى
الفقهي المتقدّم فقد صرّح
المحقّق الخوئي بأنّ الانقلاب من أحد أفراد الاستحالة.
كما هو ظاهر جملة من الفقهاء أيضاً.
وقد أفرده بعضهم وجعله قسماً من أقسام المطهّرات في قبال الاستحالة وبقيّة المطهّرات؛
لاختصاص الانقلاب بما لا يجري في الاستحالة من قبيل طهارة
وعاء الخمر بعد انقلابه خلّاً.
ويظهر من جماعة آخرين
أنّ الانقلاب غير الاستحالة؛ لأنّ الانقلاب ليس إلّا مجرّد تغيير
الاسم والعنوان من دون تحوّل و
تغيير في ذات الشيء وصورته النوعيّة، وهذا بخلاف الاستحالة؛ فإنّ ذات الشيء وصورته النوعيّة تتحوّل عندها.
وقد صرّح
السيّد اليزدي بالفرق بينهما حيث قال: «الانقلاب غير الاستحالة؛ إذ لا تتبدّل فيه الحقيقة النوعيّة بخلافها، ولذا لا تطهر المتنجّسات به».
والتفصيل متروك إلى محلّه.
وهو لغةً بمعنى
التحوّل ، يقال: انتقل إذا تحوّل.
واستعمله الفقهاء في باب الطهارة وعدّوه من جملة المطهّرات، وهو عندهم عبارة عن حلول
النجس في محلّ آخر قد حكم
الشارع بطهارته عند
إضافته إلى ذلك المحلّ على نحوٍ يعدّ جزءاً منه عرفاً من دون سلب عنوانه السابق، كانتقال دم
الإنسان إلى القمّل والبقّ ونحوهما مع بقاء عنوان الدميّة قبل
الانتقال وبعده، أمّا قبله فلكونه جزءاً من
بدن الإنسان، وأمّا بعده فهو وإن صار جزءاً من البقّ عرفاً إلّا أنّه لم يستحل ليكون جزءاً منه حقيقةً وإلّا كان من الاستحالة؛
ولذلك عدّوه من المطهّرات. ويظهر من ذلك وجه الفرق بين الاستحالة والانتقال.
وهو بمعنى
هلاك الشيء وفنائه. واستعمله الفقهاء في باب الطهارة بمعنى تفرّق أجزاء الشيء وانعدامها حيث قالوا: إنّ النجس إذا تفرّقت أجزاؤه طهر، كما لو تفرّقت أجزاء الدم في الماء الكرّ حتى استهلكت فيه. ويمكن أن يقال: إنّ وجه ذلك أنّه لا يكون هناك شيء بعد
الاستهلاك ليكون محكوماً بالنجاسة أو الطهارة، وعلى هذا فانتفاء الحكمين من باب القضيّة السالبة بانتفاء الموضوع.
والضابط في الاستهلاك- كما في الاستحالة- هو نظر العرف لا العقل.
والفرق بين الاستهلاك والاستحالة هو أنّ الاستهلاك
انعدام الشيء عرفاً بحيث لا يبقى له
أثر ظاهر وإن كان موجوداً واقعاً، وأمّا الاستحالة فإنّها تحوّل حقيقة الشيء إلى حقيقة اخرى لا انعدامها، ففي الاستحالة تتحوّل صورة الشيء النوعيّة إلى صورة اخرى، إلّا أنّ الصورة الجنسيّة أو ذات الشيء باقية في الاستحالة، وأمّا في الاستهلاك فلا يبقى شيء أصلًا.
والتفصيل موكول إلى محلّه.
•
الاستحالة (مطهريتها ) ، عدّ كثير من الفقهاء الاستحالة من جملة المطهّرات من دون فرق في ذلك بين استحالة
الأعيان النجسة وبين استحالة الأشياء المتنجّسة، فالنطفة- مثلًا- تطهر إذا استحالت حيواناً طاهراً، وكذا
الخشب المتنجّس يطهر إذا استحال رماداً.
•
الاستحالة (تطبيقاتها) ، ذكر الفقهاء
تطبيقات للاستحالة، نشير إلى جملة منها:۱-استحالة
النطفة حيوانا، ۲-استحالة
الكلب أو الخنزير ملحا، ۳-استحالة
النجس أو
المتنجس إلى
الرماد أو
الدخان ، ۴-استحالة النجس أو المتنجس
بخارا ، ۵-استحالة
الخشب المتنجس فحما، ۶-استحالة
الطين المتنجّس خزفا أو آجرا.
•
الاستحالة (الشك فيها)، الشك في الاستحالة قد يكون بنحو
الشبهة المفهوميّة، كما إذا صارت
العذرة فحماً فشكّ في أنّ عنوان العذرة هل يصدق على
الفحم الذي تبدّلت إليه العذرة أو لا؟ وقد يكون بنحو الشبهة الموضوعيّة وقد يكون الشكّ بنحو الشبهة الموضوعيّة كما إذا علم أنّ تبدّل
الكلب ملحاً يكون استحالة له، ولكن قد يشكّ في أنّ هذا الكلب هل تبدّل إلى الملحيّة أو هو باقٍ على الكلبيّة.
استعمل
الفقهاء الاستحالة بمعنى عدم إمكان
الوقوع ، وقد يتعلّق به بعض الأحكام، ومن ذلك ما قالوا: من أنّ
اليمين و
النذر لا ينعقدان إذا كان
المتعلّق أمراً مستحيلًا، إمّا عقلًا كالجمع بين النقيضين، أو عادةً كالصعود إلى
السماء .
واستعمل
الاصوليّون الاستحالة بهذا المعنى أيضاً، ومن ذلك ما اشير إليه في كلماتهم في حكم
التكليف بالمستحيل أي غير المقدور، وقد ذهب الاصوليون من
الإمامية إلى عدم جوازه.
قال
العلّامة الحلّي : «تكليف ما لا يطاق قبيح بالضرورة، واللَّه تعالى لا يفعل لحكمته، فاستحال منه وقوع
التكليف بالمحال».
وهذه المسألة من مسائل
علم الكلام ، وهي مبنى لجملة من المسائل الاصوليّة.
وقد يكون نفس التكليف مستحيلًا لا من جهة استحالة أو عدم مقدوريّة متعلّقه، بل لأنّ نفس التكليف و
الجعل مستحيل من قبيل ما يقال: من استحالة أخذ
العلم بالحكم في موضوع شخص الحكم أو استحالة
اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ الاستحالة في أمثال ذلك هي في ذات التكليف؛ للزوم
التناقض أو
التضاد أو محذور آخر في نفس التكليف.
وتفصيل ذلك في المباحث الاصولية.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۱۷۶-۱۹۷.