الاستيفاء(زمانه ومكانه)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاستيفاء(توضيح) .
يختلف زمان
الاستيفاء ومكانه باختلاف موارده، فزمان استيفاء حقوق الناس المالية في المعاوضات- مثلًا- يتعيّن باتّفاق الطرفين، فإن كان حالّاً استوفي كذلك، وإن كان مؤجّلًا استوفي بعد
حلول أجله،
إلّاإذا كان من عليه الحق ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة.
وقد يتعيّن
الأجل من قبل
الشارع كالأجل المضروب لأقساط
الدية بتوزيعها على مراحل.
ومكان استيفاء هذه الحقوق هو مكان
العقد إذا كان حالّاً، وكذا إذا كان مؤجّلًا ولم يُعيّن مكان للاستيفاء؛
لانصرافه إلى محلّ العقد، بخلاف ما لو كان مكانه معيّناً في العقد، فإنّه يكون بحسب
الاتّفاق .
ولو كانت الحقوق المالية التي في
ذمّة الغير غصبيّة فالأشهر جواز
مطالبة صاحب المال به في أيّ مكان يختاره حتى مع
ارتفاع قيمته في ذلك المكان؛
لأنّ يده عدوانية، فلا يتعيّن المكان
باختياره .
لكن هناك من اختار عدم جواز المطالبة بالمثل في غير مكان
الغصب ؛ لعدم تحقّق المثلية في
التعدّي في قوله تعالى:«فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ»،
فلابدّ من أخذ
القيمة بدلًا من المثل كي لا يزيد التعدّي على التعدّي المسموح به في
الآية الشريفة .
وأمّا زمان استيفاء الحدود فبعد صدور
الحكم إلّافي المرأة الحامل، فإنّ زمان استيفاء الحدّ فيها بعد وضع حملها، بل بعد مدّة
الرضاعة إذا لم يكن للطفل مرضعة.
ويراعى في استيفاء الحدود حرارة الجوّ وبرودته المفرطين
توقّياً من
هلاك المحدود بسبب
اجتماع الجلد والهواء؛
للنصوص التي منها: ما عن
الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «... إذا كان في
البرد ضرب في حرّ
النهار ، وإذا كان في الحرّ ضرب في برد النهار».
وظاهرها- كما هو ظاهر
الفتاوى - وجوب مراعاة ذلك، فلو اقيم على غير الوجه المذكور ضمن.
ويجوز استيفاء الحدود في كلّ مكان غير
الحرم ؛
لقوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً»
إلّاإذا كانت
الجناية في الحرم فيقام الحدّ فيه حينئذٍ. وألحق به بعضهم حرم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومشاهد الأئمّة عليهم السلام.
ويكره استيفاؤها في
المساجد ؛
لقول الإمام الصادق عليه السلام: «جنّبوا مساجدكم
البيع والشراء، والمجانين، والصبيان، والأحكام، والضالّة، والحدود، ورفع الصوت».
وكذا يكره استيفاؤها في أرض العدوّ إذا كانت دون
القتل ، وخيف لحوق المحدود بالعدوّ،
بل ظاهر جماعة وصريح آخرين الحرمة؛
لقول جعفر عن
أبيه عن
علي عليهم السلام: «لا اقيم على رجل حدّاً بأرض العدوّ حتى يخرج منها، مخافة أن تحمله الحميّة فيلحق بالعدوّ».
وزمان استيفاء
القصاص بعد
الترافع إلى الحاكم
والإذن منه على القول بتوقّفه على إذنه، وإلّا فلا كما هو مذهب الأكثر،
ويؤخّر استيفاؤه في الحرّ والبرد أيضاً فيما دون
النفس إلى أن يعتدل الجوّ،
بل يجب ذلك إذا خيف
السراية ؛
إرفاقاً بالجاني،
وتنظّر بعضهم في ذلك إذا لم يرضَ المجنيّ عليه بالتأخير.
ولا يراعى ذلك في قصاص النفس.
ولابدّ من تأخير استيفاء قصاص النفس في الحامل
حتى لو كان حملها بعد ثبوت العقوبة أو كان الحمل مملوكاً أو من حرام،
وكذا الحكم إذا كان القصاص فيما دون النفس.
أمّا بعد الوضع فإن توقّفت حياة
الطفل على
إرضاعها إيّاه مدّة فلابدّ من تأخير القصاص إلى تلك المدّة؛ لوجوب حفظ النفس المحترمة من
التلف ،
وإلّا فلا،
وإن أمكن القول باستحبابه حتى مع عدم توقّف حياة الطفل على إرضاعها؛
لموافقة لبن الامّ لطبع
الولد .
والمشهور جواز القصاص فيما دون النفس قبل
اندمال جراح المجنيّ عليه،
وإن كان التأخير أولى؛
لاحتمال السراية الموجبة لتغيير الحكم.
وإنّما لا يجب؛
لإطلاق قوله تعالى: «وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ»،
وحكي عن
الشيخ في
المبسوط القول بوجوبه؛
لما رواه إسحاق بن عمّار عن جعفر عليه السلام: «أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول: لا يقضى في شيء من الجراحات حتى تبرأ».
وأمّا زمان استيفاء حقوق اللَّه المالية
كالخمس والزكاة والكفّارات فنفس زمان وجوب
أدائها ،
فلو وجب أداؤها فوراً كان استيفاؤها فوريّاً، ولو لم يكن كذلك وكان من عليه الحقّ في سعة من أدائها فلمن له الحقّ الاستيفاء بعد
إرادة المكلّف أداءها.
وأمّا مكان استيفاء حقوق اللَّه المالية فهو يختلف باختلاف مكان أدائها، ومكانها في الزكاة كلّ مكان يمكن أداؤها فيه، والأفضل بلد المال لا بلد المالك. ولو نقلت الزكاة الواجبة من بلدها ضمن مع التلف.
وأمّا مكان الخمس فبلد المستحقّ، ولا يحمل إلى بلد آخر، فلو حمل مع وجود المستحقّ ضمن مع التلف
إلّاإذا أذن
الفقيه بذلك.
الموسوعة الفقهية، ج۱۲، ص۳۸۷-۳۹۰.