التيمم بالتراب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
في بيان ما يتيمم به، وهو التراب الخالص دون ما سواه.
(في) بيان (ما يتيمم به، وهو التراب الخالص دون ما سواه) عند الحلبيين والمرتضى
والإسكافي ،
فلم يجوّزوا
التيمم بغيره مطلقا، وهو ظاهر من منع عن استعمال الحجر حالة
الاختيار كالنهاية والمقنعة
والسرائر والوسيلة والمراسم والجامع،
بل هو مذهب الأكثر كما يوجد في كلام جماعة ولم نعثر عليه إلّا في شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني، وهو مخطوط.وهو نص كثير من
أهل اللغة ، كالصحاح والمجمل والمفصّل والمقاييس،
والديوان وشمس العلوم ونظام الغريب والزينة لأبي حاتم، وحكي عن
الأصمعي وأبي عبيدة.
وربما ظهر من القاموس وصاحب الكنز الميل إليه،
لتقديمهما تفسير الصعيد به على التفسير بمجرد الأرض، فتأمل.
وهو ظاهر
الآية ، بناء على ظهور عود الضمير المجرور بمن إلى الصعيد، (.. فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ)..
ولا ينافيه
إرجاعه في الصحيح إلى التيمم،
لظهور أنّ المراد به ما يتيمم به فله أيضا ظهور في ذلك، كالصحيح : «إذا لم يجد الرجل طهوراًفليمسح من الأرض»
لظهور تبعيضية الجار.
وهو ظاهر أخبار اشتراط العلوق وغيرها ممّا فيه ذكر التراب كالصحيح : «إنّ الله عزّ وجلّ جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا».
والصحيح : «إذا كانت ظاهر الأرض مبتلّة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر إلى أجف موضع تجده فتيمم».
ونحوه الصحيح الآخر.
وفي الخبر : عن الرجل لا يصيب الماء والتراب أيتيمم بالطين؟ قال : «نعم».
وفي آخر : «إنّ ربّ الماء ربّ التراب».
ولا يعارضها الأخبار المعلّقة فيها التيمم على الأرض كالصحيح : «إنّ ربّ الماء هو ربّ الأرض».
بتفاوت يسير.
والصحيح : «فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض».
إذ غايتها
الإطلاق المنصرف إلى التراب، لا إلى الحجر ونحوه، لندرته.
ونحو هذا الجواب يجري في كلام كثير ممّن فسّر الصعيد بوجه الأرض، كالعين والمحيط والأساس والمفردات للراغب
والسامي والخلاص، والزجاج مع دعواه عدم الخلاف بين أهل اللغة في ذلك.
وهذه الدعوى مؤيدة له، إذ لو حمل مراده على مطلق وجه الأرض ولو خلي عن التراب لكان مخالفا لكثير من اللغويين كما عرفت، ويبعد غاية البعد عدم وقوفه على كلامهم، أو عدم
اعتباره لهم، فسقط حجج أكثر
المتأخرين على أنه وجه الأرض مطلقا.هذا مضافا إلى أنه بعد تسليم عدم رجحان ما ذكرنا فلا أقلّ من
المساواة لما ذكروه، وهو يوجب التردد والشبهة في معنى الصعيد، وتوقيفية العبادة ووجوب
الاقتصار فيها على ما يحصل به
البراءة اليقينية يقتضي المصير إلى الأوّل بالضرورة، ورجحان ما ذكروه عليه بعد ما تقرر فاسد بالبديهة.
نعم : سيأتي ما يؤيد مختارهم من الأخبار المنجبر قصورها بالشهرة العظيمة بينهم، حتى أنه ادعى
الطبرسي في المجمع
الإجماع عليه في جواز التيمم بالحجر.
ولا يخلو عن قوة. ويحمل أخبار التراب على الغالب بعين ما حمل عليه أخبار الأرض، مضافا إلى عدم
استفادة المنع عن غيره منها، فتأمل.ويؤيده حكاية الإجماع في
المختلف على جواز التيمم بالحجر عند
الاضطرار ،
ولو لا دخوله في الصعيد لكان هو وغيره ممّا لا يجوز التيمم بهسواءً.لكن الأحوط عدم
الاكتفاء بأمثال هذه الظنون في مقام تحصيل البراءة اليقينية.
وأمّا ما يقال ـ بناء على ترجيح التفسير بالتراب ـ في توجيه جواز التيمم بالحجر بأنه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته
استمساكا .
فبعد تسليم صدق التراب على نحوه مدفوع بعدم
تبادره من إطلاق التراب حيث ما يوجد. مع أنّ مقتضى أخبار العلوق اعتبار التراب بالمعنى المتبادر دون نحو الحجر، لعدم علوق فيه.مضافا إلى جريان نحو هذا التوجيه في المعادن ولم يقولوا بجواز التيمم به معلّلين العدم بالخروج عن اسم الأرض فضلا عن التراب. وشهادة العرف بالخروج عن الترابية هنا جارية في نحو الأحجار،
وإنكاره مكابرة.
وكيف كان : فلا خلاف في المنع عن
التيمم بغير الأرض (من) الأشياء (المنسحقة) الخارجة عن الاسم (كالأشنان والدقيق) بل حكى عليه
الإجماع منّا جماعة.
وليس في الخبر : عن الدقيق يتوضأ به؟ فقال : «لا بأس بأن يتوضأ به وينتفع به»
ـ مع قصور سنده ـ دلالة على الجواز بالأخير، لقوة احتمال التوضؤ فيه
التنظيف والتطهير من الدرن، كما صرّح به الشيخ.
(والمعادن) كلّها (كالكحل والزرنيخ) وعليه الإجماع في
المنتهى ،
لعدم صدق الأرض عليه.خلافا للمعاني فجوّزه بها، معلّلا بخروجها منها.
وهو ضعيف، إذ المعتبر صدق
الاسم لا الخروج من المسمى. ولا دليل على
اعتباره مطلقا سوى مفهوم الخبر المعلّل منع التيمم بالرماد بأنه لا يخرج من الأرض.
ونحوه المروي في نوادر
الراوندي بسنده فيه عن
علي عليه السلام مثله.
وهما مع قصور سندهما وعدم جابر لهما في المقام يمكن أن يراد بالخروج فيها الخروج الخاص الذي يصدق معه الاسم لا مطلقا، كيف لا؟! والرماد خارج عنها بهذا المعنى قطعاً.
ويدل على العدم في الرماد ـ مضافا إلى الخبرين ـ الإجماع المحكي في المنتهى.
ومورده كالخبر رماد الشجر. وفي إلحاق رماد الأرض به تردد، أقربه اعتبار الاسم فيه وفي العدم كما عن الفاضل في التذكرة.
وعنه في
النهاية إطلاق
الإلحاق .
وفيه نظر.
رياض المسائل، ج۲، ص۱۴-۱۸.