الموصى له
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويشترط وجوده عند
الوصية فلا تصحّ لمعدوم، ولا لمن ظُنّ بقاؤه أو وجوده وقت الوصية فبان ميّتاً في تلك الحالة، أو غير موجود بالمرّة.
(ويشترط وجوده) عند الوصية (فلا تصحّ لمعدوم، ولا لمن ظُنّ بقاؤه) أو وجوده (وقت
الوصية فبان ميّتاً) في تلك الحالة، أو غير موجود بالمرّة، بلا خلاف في شيء من ذلك أجده، وهو ظاهر المسالك وغيره،
بل عليه الإجماع في
نهج الحق والتذكرة؛
وهو الحجّة. مضافاً إلى
الأصل ، و
اختصاص الأدلّة الدالّة على الصحة من الكتاب والسنة مع كونها كالأوّل مجملة بالوصية للموجود حينها بلا شبهة، مع أن الوصية كما عرفت تمليك عين أو منفعة، والمعدوم ليس له
أهليّة التملّك ولا قابليته.
•
الوصية للوارث، (وتصحّ الوصية للوارث، كما تصح للأجنبي) وإن لم تُجِزه الورثة، بإجماعنا المستفيض حكايةً في كلام جماعة، كالإنتصار و
الغنية ونهج الحق والتذكرة والمسالك والروضة وغيرها من كتب الجماعة؛
وهو الحجة.
•
الوصية للحمل، (و) تصحّ الوصية (للحمل بشرط وقوعه حيّاً) بلا خلاف أجده، ويستفاد من ظاهر المختلف وصريح التذكرة،
بل ظاهره عدم الخلاف فيه بين العلماء كافّة. وعلى أصل الحكم بالصحة مع الشرط
الإجماع في التحرير وشرح القواعد للمحقق الثاني؛
وهو العمدة في الحجة، مضافاً إلى التأيّد بإطلاقات الكتاب والسنة.
•
الوصية للذمي، (و) تصحّ أيضاً (للذمّي) الملتزم بشرائط
الذمّة مطلقاً (ولو كان) من الموصي (أجنبيّا) غير ذي
رحم ، على الأقوى، وفاقاً للمفيد والخلاف والحلّي والفاضلين والشهيدين وغيرهما،
•
الوصية للحربي، (ولا تصحّ للحربي) على الأظهر الأشهر، بل لعلّه عليه عامة من تأخّر، إلاّ
الشهيد الثاني وفاقاً لبعض القدماء كالمفيد والحلّي.
•
الوصية لمملوك غير الموصي، (ولا) تصح أيضاً (لمملوك غير الموصي مطلقاً ولو كان مُدَبَّراً أو أُمّ ولد) أو مكاتَباً مشروطاً أو مطلقاً لم يؤدِّ شيئاً، إجماعاً في الجميع، كما في ظاهر
المهذب وصريح التذكرة والتنقيح.
•
الوصية لمكاتب الغير، ومن الصحيحة يستفاد المستند في قوله : (نعم لو أوصى لمُكاتَب) الغير و (قد تحرّر بعضه مضت الوصية في قدر نصيبه من الحريّة) وكذا لو كان بعضه محرّراً من غير جهة الكتابة، وبالإجماع عليه بالخصوص صرّح في
التذكرة .
•
الوصية لعبد الموصي، (وتصحّ لعبد الموصي ومُدَبَّره ومكاتَبه) مطلقاً (و
أُمّ ولده ) بلا خلاف في الظاهر، وصرّح به في التنقيح والمسالك،
بل صرّح بالإجماع في الجميع في المهذب وعن المحقق الثاني،
وحكى التصريح به في الأوّل عن فخر الدين
والصيمري، وفي الأخير الفاضل في التذكرة؛
وهو الحجّة.
(ولو أعتقه عند موته وليس له غيره وعليه دين فإن كان قيمته بقدر
الدين مرّتين صحّ العتق) فيما يخصّه من الثلث بعد الدين، واستسعى في الخمسة الأسداس الباقية، ثلاثة منها للديّان والباقي للورثة (وإلاّ بطل) بلا خلاف ولا إشكال في الأوّل وأصل صحة العتق في الجملة؛ للأُصول السليمة فيه عن المعارض بالكلية.
مضافاً إلى المعتبرة المستفيضة، منها الصحاح، في أحدها وهو طويل : قلت له : رجل ترك عبداً لم يترك مالاً غيره وقيمة العبد ستمائة ودينه خمسمائة، فأعتقه عند الموت، كيف يصنع فيه؟ قال : «يباع فيأخذ الغرماء خمسمائة ويأخذ الورثة مائة» إلى أن قال : قلت : وإن كان قيمة العبد ستمائة ودينه أربعمائة؟ قال : «كذلك يباع العبد فيأخذ الغرماء أربعمائة، ويأخذ الورثة مائتين، ولا يكون للعبد شيء» قلت : فإن كان قيمة العبد ستمائة ودينه ثلاثمائة؟ قال : فضحك، قال : «ومن هنا أتى أصحابك جعلوا الأشياء شيئاً واحداً لم يعلموا السنة، إذا استوى مال
الغرماء أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء لم يتّهم الرجل على وصيته، وأُجيزت الوصية على وجهها، فالآن يوقف هذا العبد فيكون نصفه للغرماء ويكون ثلثه للورثة ويكون له السدس».
وفي الثاني : رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين، قال : «إن كان قيمة
العبد مثل الذي عليه ومثله جاز عتقه وإلاّ لم يجز»
وفي الثالث : «إذا ملك المملوك سدسه استسعى وأُجيز».
ومنها الموثق : في رجل أعتق مملوكاً له وقد حضره الموت وأشهد له بذلك وقيمته ستمائة درهم، وعليه دين ثلاثمائة درهم ولم يترك شيئاً غيره، قال : «يعتق منه سدسه، لأنه إنما له ثلاثمائة، وله السدس من الجميع».
ويستفاد من صريح الأوّل وظاهر ما عدا الأخير مستند الحكم في الثاني، وحكي عن الشيخين والقاضي،
ومال إليه في الكفاية،
ولا يخلو عن قوة. خلافاً للفاضل والشهيد الثاني،
ونسبه إلى أكثر المتأخرين فكالأوّل؛
التفاتاً إلى الأُصول.
وهو حسن لو قصرت الروايات عن الصحة، أو لم يجوَّز تخصيص العمومات القطعية بالآحاد ولو كانت صحيحة، لكنه خلاف التحقيق، والروايات كما ترى صحيحة عديدة، ما بين صريحة وظاهرة، ورجحان الأُصول بالشهرة فرع ثبوتها، ولم أتحقّقها ولا وقفت على من تصدّى لنقلها عداه في المسالك، بل إنما حكى الخلاف هنا جماعة
عن العلاّمة خاصّة، ولم أقف على من تبعه غيره وبعض ممن سبقه،
فلا مسرح عن القول الأوّل ولا مندوحة.
(وفيه) أي في المقام (وجه آخر) بنفوذ العتق من الأصل وسقوط الدين من رأس للحلّي.
وهو (ضعيف) لما مرّ في ضعف ما سبقه، مع ابتنائه على خروج منجّزات المريض من الأصل، وسيأتي الكلام فيه فيما بعد.
وحيث قد عرفت مخالفة النصوص في المسألة للأُصول المقرّرة يجب
الاقتصار فيها على مواردها الظاهرة، وهو العتق المنجّز لا الوصية، مع تأيّد تلك الأُصول فيها بالصحيح : في الرجل يقول : إن متّ فعبدي حرّ، وعلى الرجل دين، قال : «إن توفّي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد، وإن لم يكن أحاط بثمن العبد استسعى في قضاء دين مولاه وهو حرّ إذا وفاه».
ولعلّه لذا اقتصر في العبارة على بيان الحكم في الصورة الأُولى دون الثانية، مع أنه بهذا التفصيل صرّح في
الشرائع .
وهو قويّ، إلاّ أن ظاهر عبائر الجماعة القائلين بما في العبارة عمومه للصورتين، ويعضده إطلاق
الصحيحة الأخيرة من الصحاح المتقدّمة.
مع قوّة احتمال حمل قوله فيما عداها : أعتقهم عند الموت، على المعنى الأعم من
الإعتاق المنجّز والمعلّق؛ إذ يصدق عليهما الإعتاق بوجهٍ، وإن كان المتبادر إلى الذهن الأوّل بقرينة إطلاق الوصية على الإعتاق المذكور في أواخر الصحيحة الأُولى مرّتين، وسياقها ظاهر غاية الظهور في اتّحاد حكم المنجّز مع الوصية، كما هو المشهور بين متأخّري الطائفة، لكنه يتوقّف على جعل هذه القرينة صارفة عن المعنى الحقيقي إلى المجازيّ الأعم من المنجّز والوصية، وفي تعيّنه إشكال، إذ كما يحتمل جعلها صارفة إلى المجاز الأعم كذا يمكن صرفها إلى المجاز الأخصّ، وهو الوصية خاصة.
وبهذا يظهر خروج تلك الصحيحة في المسألة الأُولى عن الحجيّة؛ لاحتمال ورودها في الوصية خاصّة وتصير بذلك نصّاً في مفروض المسألة. ويمكن الذبّ عنه باتفاق الطائفة قديماً وحديثاً موافقاً ومخالفاً على عدم احتمالهم لهذا
الاحتمال فيها وإن اختلفوا في فهم الحقيقي منها خاصّة، كما يفهم من الشهيد الثاني،
أو الأعمّ منه ومن الوصية، كما هو ظاهر هؤلاء الجماعة، وهو الظاهر بعد ذلك، لضعف الأوّل بلا شبهة. وكيف كان، يستفاد من الرواية التعدية إلى الوصية، فلا يخلو عن قوة. مع أن ظواهر الصحاح على تقدير اختصاصها بالعتق المنجّز تشمل الوصية
بالأولوية ؛ فإن
بطلان العتق المنجّز على تقدير قصور القيمة عن ضِعف الدين مع قوّة المنجّز لكونه تصرّفاً من المالك في ماله والخلاف في نفوذه من الأصل وعدمه، يقتضي بطلانه في الأضعف وهو الوصية بطريق أولى.
وأما الصحيحة المعارضة فغايتها
الإطلاق المحتمل للتقييد بالروايات السابقة، بأن تحمل على كون الدين نصف القيمة، بناءً على ما عرفت من عموم بعضها بل جميعها للحكم في الوصية. مع احتماله الحمل على التقية؛ لأن الإطلاق مذهب العامة في تلك الأزمنة، كما يستفاد من سياق الصحيحة الأُولى، وإلى احتمال هذا الحمل أشار خالي
العلاّمة المجلسي طاب رمسه في حاشيته المنسوبة إليه على هذه الرواية.
•
الوصية لأم ولده، لو أوصى لأُمّ ولده صحّ وهل تعتق من الوصية؟ أو من نصيب الولد؟ قولان : فإن أُعتِقَت من نصيب الولد كان لها الوصية وفي رواية تعتق من الثلث ولها الوصية.
(وإطلاق الوصية) لجماعة (يقتضي التسوية) بينهم في النصيب منها، ذكوراً كانوا أم إناثاً أم مختلفين، ورثة كانوا أم غيرهم. (و) لا إشكال في شيء من ذلك ولا خلاف، كما في المسالك وغيره،
إلاّ (في الوصية لأخواله وأعمامه) فإن فيه (رواية بالتفصيل)
للأخوال الثلث، وللأعمام الثلثان (كالميراث) ذهب إليه الطوسي والقاضي،
_القاضي حكاه عنه في المختلف_
ورواه عن
مولانا الباقر عليه السلام الإسكافي،
ولعلّه لهذا نسب هذا القول إليه في المهذب وغيره.
وفيه مناقشة؛ فإن مجرّد الرواية أعم من الفتوى بلا شبهة. ونسبه في المسالك
بعد الشيخ إلى جماعة، ولم أقف عليهم عدا القاضي، ولكنّه أعرف بالنسبة.
(و) كيف كان (الأشبه التسوية) وفاقاً للحلّي
وعامة متأخّري الطائفة، وربما
يستشعر من الفاضل في التذكرة أن عليه إجماع
الإماميّة ، فإنّه قال فيما إذا أوصى لأقاربه وكان له عمّان وخالان : إن الوصية عندنا وعند أبي يوسف ومحمد تكون أرباعاً، وكذا قال فيما إذا أوصى لهم وخلف عمّاً وعمّة وخالاً وخالة.
ونحوه عبارة الماتن في الشرائع
حيث عزى الرواية إلى المهجورية. والحجة بعده
استواء نسبة الوصية إليهم، مع انتفاء ما يدلّ على التفضيل في كلام الموصي، فلا فرق فيه بين الذكر والأُنثى، ولا بين
الأخوال والأعمام وغيرهم. واختلافهم في
استحقاق الإرث خارج بدليل من خارج، فلا يقاس عليه ما يقتضي التسوية بمجرّده.
والرواية كما عرفت شاذّة فلا عبرة بها، وإن كانت صحيحة وفي الكتب الثلاثة مروية؛ فإن الأصل المعتضد بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً، بل لعلّها الآن إجماع في الحقيقة، مع ظهوره من عبارة الماتن والتذكرة أقوى منها بمراتب عديدة. وأولى منها بالهجر وعدم الحجيّة ما ورد في بعض النصوص القاصرة سنداً بالضعف والمكاتبة : من قسمة الوصية بين أولاد الذكور و
الإناث على كتاب الله سبحانه،
مع أنّها غير صريحة في الوصيّة، بل ولا ظاهرة، مع عدم نقل قائل بها من الطائفة، وتصريح المسالك وغيره بعدم الخلاف فيه، كما مرّ إليه
الإشارة ، فلتطرح كسابقتها، أو تُؤولا بما يؤول إلى الأصل : من كون الوصية لهم على كتاب الله تعالى، أو نحو ذلك من القرائن المعتبرة.
ثم إن كلّ ذا (ما لم ينصّ) الموصي (على التفضيل) وأمّا معه فيتبع كيف كان بلا خلاف، ولو كان المفضّل أُنثى أو خالاً وقلنا بمفضوليّته مع العم؛ اقتصاراً فيها على المتيقّن من النص وهو صورة الإطلاق، فيرجع في غيره إلى الأصل الدالّ على وجوب إنفاذ الوصيّة على وجهها من الكتاب والسنة، وظواهر النصوص، منها الصحيح : رجل أوصى بثلث ماله لمواليه ولموالياته، الذكر والأُنثى فيه سواء، أو للذكر مثل حظّ الأُنثيين من الوصية؟ فوقّع عليه السلام : «جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى به».
وربما
يستشعر من هذه الرواية صحة ما حكم به المشهور في المسألة السابقة، فتأمّل.
(وإذا مات الموصى له قبل الموصي انتقل ما كان) للموصى له من الوصية (إلى ورثته) دون ورثة الموصي (ما لم يرجع الموصي) فيها (على الأشهر) الأظهر. للصحيح : «من أوصى لأحدٍ شاهداً أو غائباً فتوفّي الموصى له قبل
الموصي فالوصية لوارث الذي اوصي له، إلاّ أن يرجع في وصيته قبل موته».
وكذلك إذا مات بعده قبل القبول؛ لفحواه، وللخبرين، أحدهما الحسن، بل الصحيح كما قيل
: عن رجل اوصي له بوصية فمات قبل أن يقبضها، ولم يترك عقباً، فقال : «اطلب له وارثاً أو مولى نعمة فادفعها إليه»
الحديث. وقريب منه الثاني.
وظاهر التذكرة
عدم الخلاف في هذه الصورة، حيث إنّه نقله في الصورة الأُولى واستدل للحكم فيها بثبوته هنا، وهو
مشعر بل ظاهر في
الاتفاق على ثبوت الحكم هنا، إلاّ أنّ ظاهر المسالك وغيره
تحقق الخلاف فيها أيضاً.
وكيف كان، الأشهر الأقوى ثبوت الحكم فيهما؛ لصحة الرواية الأُولى بناءً على كون
إبراهيم بن هاشم ثقة كمحمد بن قيس الراوي لها، بقرينة رواية عاصم بن حميد عنه وكون مرويّة من قضايا
الأمير عليه السلام ، وقد تقدّم الإشارة إلى هذا التحقيق عن قريب،
فتوهّم المسالك
الاشتراك ثمة وهنا غير سديد، كتوهمه عدم جبر قصورها على تقديره بعمل العلماء، كما حُقّق في الأُصول مستقصى.
وما أبعد ما بين هذا وبين ما يختلج بالبال وفاقاً لشيخنا في
الذكرى من حجية الشهرة بنفسها حيث لم نجد لها مستنداً ولا معارضاً أقوى، وبيّنت الوجه فيه في رسالة مفردة في
الإجماع مستقصى، وعلى تقدير التنزّل فلا أقلّ من كونه جابراً. ومنه يظهر انجبار قصور الروايتين الأخيرتين على تقديره بها؛ مضافاً إلى انجبارهما كالأُولى بأظهر الاحتمالين الآتيين في الخبرين الآتي ذكرهما. خلافاً للإسكافي
والفاضل في جملة من كتبه،
فأبطلا الوصية لوجه اعتباري غير معارض للنصّ الجليّ. وللصحيح والموثق : فمات الموصى له قبل الموصي، قال : «ليس بشيء».
وهما مع ضعفهما عن المكافأة لما مضى، نظراً إلى تعدّده واشتهاره بين علمائنا، كما سلّمه الفاضل
وكافّة أصحابنا، دونهما قاصرا الدلالة جدّاً، لأنهما كما يحتملان أن الوصية حينئذٍ لا يعتدّ بها بمعنى بطلانها كذا يحتمل
إرادة أن الموت ليس بشيء ينقض الوصية، بل ربما كان الثاني أنسب بأُسلوب الكلام وتذكير الضمير المستتر في الفعل، وبه يندفع التنافي بين الروايات، فيكون أولى. وعلى تقدير التنزّل بتسليم تساوي الاحتمالين يكفي في الردّ
إجمالهما .
ثم على تقدير ظهورهما في الاحتمال الأوّل بل وصراحتهما فيه يحتملان الحمل على
التقية ؛ لأنّه مذهب أكثر العامة ومنهم أصحاب الرأي وهم أصحاب أبي حنيفة، كما حكاه في التذكرة
وتبعه في الحكاية بعض الأجلّة،
فما هذا شأنه كيف يعترض به الأخبار السابقة مع ما هي عليه من المرجحات القوية المذكورة سابقاً وربما يجمع بينهما بحمل هذين على صورة رجوع الموصي كما أفصحت عنه الصحيحة السابقة، ذكره في الكتابين شيخ الطائفة.
أو على دلالة القرينة بإرادة الموصي خصوص الموصى له، وبهذا الجمع أفتى جماعة.
ولعله غير بعيد، لا للجمع، لعدم شاهد عليه ولا قرينة، بل للزوم الاقتصار فيما خالف الأصل الدالّ على عدم
الانتقال إلى غير من اوصي له على القدر المتيقّن من النصوص المتقدمة، وليس بحكم التبادر إلاّ غير هذه الصورة الذي لم يقصد الموصي فيه خصوصية الموصى له.
وفي
الدروس عن الماتن القول بالفرق بين صورتي موته في حياة الموصي فالبطلان، وبعد وفاته فالصحة. وقد ظهر لك ما فيه من المناقشة. ثم إن كان موته قبل موت الموصي لم يدخل العين في ملكه، وإن كان بعده ففي دخوله وجهان مبنيان على أن القبول هل هو كاشف عن سبق الملك من حين الموت، أم ناقل له من حينه، أم الملك يحصل للموصى له متزلزلاً ويستقر بالقبول؟ أوجه، بل وأقوال تأتي. وتظهر الفائدة فيما لو كان الموصى به ينعتق على الموصى له الميت إذا ملكه. واعلم أن كل ذا إنما هو إذا خلف الموصى له وارثاً خاصاً.
(ولو لم يخلف وارثا) كذلك (رجعت) الوصية (إلى ورثة الموصي) وفاقاً للمعظم كما في الدروس،
وللأكثر كما في التنقيح،
بل لعلّه عليه عامة المتأخّرين؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل المتقدم على
القدر المتيقن من النص، وليس إلاّ الانتقال إلى الوارث الخاص؛ لأنه المتبادر.
خلافاً للحلي،
فألحق به
الإمام ، وهو شاذّ، كالحسن أو الصحيح : عن رجل اوصي له بوصية فمات قبل أن يقبضها، ولم يترك عقباً؟ قال : «اطلب له وارثاً أو مولى نعمة فادفعها إليه» قلت : فإن لم أعلم له وليّاً؟ قال : «اجهد على أن تقدر له على وليٍّ، فإن لم تجد وعلم الله تعالى منك الجدّ فتصدّق بها».
ويحتمل الحمل على ما يرجع به إلى كل من القولين.
(وإذا قال : أعطوا فلاناً) كذا ولم يعيّن عليه مصرفاً (دفع إليه يصنع به ما شاء) بلا خلاف؛ لأن الوصية بمنزلة التمليك فتقتضي تسلّط الموصى له تسلّط المالك. ولا كذلك لو عيّن المصرف، فإنّه يتعيّن عليه؛ لما دلّ على وجوب
إنفاذ الوصية على وجهها من الكتاب والسنة.
•
الوصية للأقرباء،وإذا أوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه وقيل لمن يتقرّب إليه بآخِرِ
أبٍ في
الإسلام ولو أوصى لأهل بيته دخل الآباء والأولاد ولعشيرة والجيران والسبيل و
البرّ والفقراء كما مرّ في الوقف.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۲۷۷- ۳۱۲.