الميراث في المتعة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا يثبت بالمتعة
ميراث بين الزوج والزوجة المتمتع بها؛ نعم، لو شرطا الميراث بينهما لزم ويتوارثان.
لا يثبت بالمتعة ميراث بينهما مطلقاً، اشترط الثبوت أو العدم أم لا، كما عن
الحلبي والحلّي والعلاّمة في أحد قوليه وولده والمحقّق
الشيخ عليّ ، ونُسِبَ إلى أكثر المتأخّرين
.
للأصل، ولأنّ
الإرث حكم شرعيّ يتوقّف ثبوته على توظيف
الشارع، ولم يثبت، بل الثابت خلافه، ففي الخبر المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته، ومن لا يروي إلاّ عن
ثقة في سنده: «من حدودها يعني
المتعة إلاّ ترثك ولا ترثها»
وبمعناه أخبار كثيرة: منها
الحسن: «ليس بينهما ميراث، اشترطا أو لم يشترطا»
.
ومنها
المرسل كالحسن المرويّ عن كتاب
الحسين بن سعيد أو
ابن بكير في حديث في المتعة، قال: «فإن حدث به حدث لم يكن لها ميراث»
.
ومنها
الرضوي: «والوجه الثاني:
نكاح بغير شهود ولا ميراث، وهو نكاح المتعة بشروطها» إلى آخره
.
وبالجملة: الأخبار النافية للإرث عن المتعة كثيرة
، بل قيل
متواترة، إلاّ أنّ دلالتها على العموم لصورة اشتراط الميراث غير واضحة، حتى الحسن الأول المتقدّم؛ لاحتمال كون متعلّق الاشتراط هو النفي لا الإثبات المؤيَّد إرادته بتعارف اشتراطه دونه في نكاح الانقطاع في الزمن السابق، كما يفصح عنه المستفيضة المتضمّنة لعدّ اشتراطه في شروط المتعة المذكورة في متن العبارة المنعقد بها عقد المتعة
، وقد صرّح بذلك بعض الأجلّة
وإن كان من دون ملاحظة ما ذكر بعيداً عن سياق عبارة
الرواية، ولكن لا محيص عن بعد وجود الأدلّة الآتية على ثبوت التوارث بالاشتراط البتّة، وبها يُخَصّ
الأصل والقاعدة المتقدّمتان.
نعم، ما مرّ معها صريح في ردّ القول بالعكس وأنّها كالدائم، كما عن
القاضي وغيره
؛ ومستنده من عموم آيات التوريث وأخباره بعد تسليمه بما مرّ مخصَّص.
و منه يظهر الجواب عمّا قال به
المرتضى من أنّه يثبت التوريث لهما ما لم يشترطا السقوط
مستنداً إلى الجمع بين ما مرّ من أدلّة إطلاق الثبوت والعدم.
وهو مع عدم موافقته للأصل الذي صار إليه غير ممكن المصير إليه، لكون التعارض بين المثبِت على تقدير عمومه والنافي تعارض العموم والخصوص المطلق، ومقتضى الأصل المسلّم عنده أيضاً حمل الأول على الثاني، وهو يوجب نفي التوارث هنا مطلقاً، خرج منه ما إذا اشترط كما يأتي فيبقى الباقي.
وقوله يلازم اطراح الأخبار النافية للموارثة، أو تخصيصها بصورة اشتراط انتفائها من دون مخصِّص، وكلاهما كما ترى، وجعله: «المؤمنون عند شروطهم» حَسَنٌ حيث يستفاد منه الثبوت مع عدم الاشتراط، وليس كذلك.
فانحصر الأمر في اطراح الروايات، والتمسّك بذيل الآيات، وتخصيصها بما مرّ في صورة اشتراط الانتفاء، وهو لا يلائم طريقتنا، ولذا لَزِمَنا المصيرُ إلى ما قدّمناه.
نعم، في
الموثّق: في الرجل يتزوّج
المرأة متعة «إنّهما يتوارثان إذا لم يشترطا»
.
ولا يمكنه الاستناد إليه على أصله، وكذا على غيره؛ لعدم مكافأته لما مرّ من الأخبار الكثيرة، المعتضدة بالشهرة التي كادت تكون إجماعاً، ولما سيأتي من الصحيحين المصرّحين بخلافه من عدم الثبوت إلاّ مع الاشتراط.
نعم، ربما أشعرت المستفيضة بذكر اشتراط نفي الميراث في
صيغة عقد المتعة بالتوارث بدون الذكر، وإلاّ لَلَغا عن الفائدة، لكنّها قاصرة
السند، ومع ذلك كالموثّقة غير واضحة المكافأة للنصوص السابقة؛ مع احتمال الذكر فيها لتأكيد ما يستفاد من
العقد؛ تنبيهاً للنسوة بنفي التوارث الثابت في الدوام في المتعة؛ لئلاّ يغتررن بثبوته فيها فيتمتّعن، ولذا أنّ بعض تلك النصوص كالرضوي وغيره صرّح بنفي التوارث هنا على الإطلاق ومع ذلك اشترط فيهما الانتفاء، مع أنّهما كغيرهما اشترط فيهما ما لو لا الاشتراط كان كصورة الاشتراط، كاشتراط العزل ونحوه، كالعدّة، فافهم.
وبالجملة: القول بإطلاق التوارث ضعيف جدّاً.
نعم، لو شرطا الميراث بينهما لزم ويتوارثان. لعموم: «المؤمنون عند شروطهم»
.
وللصحيحين، في أحدهما: «إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما»
.
ونحوه في الثاني بزيادة التعبير عن المفهوم بالمنطوق
، ونحوه الصحيح الآخر المرويّ في
قرب الإسناد؛ وبهما يُخَصّ كلّ من عمومي التوارث وعدمه.
وإليه ذهب كثير من
الأصحاب ، حتى كاد أن يكون مشهوراً بينهم، وصرّح به الماتن في
الشرائع، وبه يضعّف إسناد
الشهرة إلى القول الأول، فلا وجه لترجيح أدلّته بها على أدلّة هذا القول، وعلى تقدير صحّته ففي ترجيح
الظنّ الحاصل منه على الحاصل من
فتوى المعظم مع قوّة أدلّتهم، ورجحانه في حدّ ذاته على أدلّة القول الأول تأمّلٌ واضح.
فإذاً القول بهذا الأخير أقرب.
وليس في الخبر الأول للقول بنفي التوارث مطلقاً دلالةٌ عليه من حيث ظهوره في كون النفي حدّا من حدود العقد، المستلزم كون اشتراطه الثبوت معه اشتراطاً لما ينافي مقتضي العقد فيبطل لاحتمال أنّ المراد مقتضاه ذلك من دون اشتراط الخلاف، وأمّا معه فلا. وحاصله: أنّ ذلك مقتضى العقد بنفسه من دون شرط نفي التوارث، وذلك لا ينافي ثبوته بالاشتراط، مع قيام الدليل عليه.
هذا، وربما يقال: إنّ المستفاد من الخبر: عدم اقتضاء العقد
الإرث، لا اقتضاؤه العدم. وفيه نظر.
ثم إنّ شَرَطاه لهما فعلى ما شرطاه؛ أو لأحدهما خاصّة احتمل كونه كذلك؛ عملاً بالشرط، وبإطلاق الصحيحين سيّما الأخير وبطلانه؛ لمخالفته لمقتضاه؛ لأنّ الزوجيّة إن اقتضت الإرث وانتفت موانعه ثبت من الجانبين وإلاّ انتفى منهما.
والأوّل أقوى، والتوجيه في الثاني استبعادٌ محض، مدفوعٌ بوجود النظير، كإرث
مسلم من
الكافر دون العكس، وولد الملاعن المقرّ به بعده منه دون العكس؛ مع أنّ ذلك مبنيّ على كون الإرث ناشئاً من الزوجيّة، وفيه منع؛ لاحتمال مجيئه من الاشتراط خاصّة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۱، ص۳۴۳-۳۴۹.