تحول الاستحاضة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الاستحاضة قد تكون على حالة واحدة وهي التي قد تقدّم حكمها بما لها من أقسام. وقد تتحوّل حالاتها وتنقلب من قسم إلى قسم آخر، والتحوّل قد يكون من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة التي تتحوّل إلى الكثيرة أو المتوسّطة، أو المتوسّطة إلى الكثيرة. وقد يكون التحوّل من الأعلى إلى الأدنى كما إذا تحوّلت الكثيرة إلى المتوسّطة أو إلى القليلة، أو تحوّلت المتوسّطة إلى القليلة. فهذه صور ستّة.
ولا يخلو ذلك من إحدى الحالات التالية:
أن يكون التحوّل قبل إتيان شيء من وظائفها، فلا إشكال حينئذٍ في أنّه يجب عليها أن تأتي بأعمال الكثيرة؛ لأنّ القليلة مرتفعة على الفرض، ولا أثر لها بعد تحقّق الكثيرة، فيشملها
إطلاق أدلّة الاستحاضة الكثيرة، فيجب عليها الغسل لكلّ صلاتين فقط على قول، أو مع الوضوء بناءً على المشهور.
ولا يجب عليها حينئذٍ الوضوء للقليلة السابقة؛ لأنّ القليلة وإن كانت سبباً للوضوء إلّا أنّ وجوب الوضوء فيها عند كلّ صلاة يكون معلّقاً على عدم تجاوز الدم وعدم ثقبه، وأمّا مع التجاوز ولو بعد ساعات فوظيفتها
الاغتسال من دون وضوء على قولٍ أو مع الوضوء بناءً على المشهور؛ لأنّ كلّ كثيرة مسبوقة لا محالة بالقلّة؛ لأنّ الطفرة مستحيلة ولو كانت ممكنة فهي غير واقعة، فلا يحتمل أن يكون الوضوء للقليلة واجباً في جميع الاستحاضات الكثيرة ولم يكن هذا إلّا من جهة أنّ وجوب الوضوء للقليلة مقيّد بعدم تجاوز الدم عن الكرسف.
ثمّ إنّه لو توضّأت للقليلة قبل التبدّل فلا يكتفى بهذا الوضوء؛ لأنّ ظاهر أدلّة الكثيرة هو أنّ الكثيرة بنفسها سبب للغسل والوضوء، فلا بدّ من أن تأتي بهما بعد التحوّل والتبدّل. هذا بناءً على المشهور، وأمّا على القول بعدم وجوب الوضوء في الكثيرة فتأتي بالغسل فقط.
أن يكون تحوّل القليلة إلى الكثيرة بعد الصلاة فلا تجب حينئذٍ
إعادة أعمالها؛ لأنّها وقعت صحيحة جامعةً للشرائط، فلا مقتضي للإعادة، وأمّا الحدث الحادث فيترتّب عليه
الأثر بالنسبة إلى الأعمال اللاحقة لا السابقة.
أن يكون التحوّل إلى الكثيرة في أثناء الصلاة ولو في آخر جزء منها، فيجب عليها حينئذٍ
استئناف الصلاة مع ما يجب على المستحاضة بالاستحاضة الكثيرة؛ وذلك لإطلاق أدلّة الاستحاضة الكثيرة، وأمّا ما دلّ على وجوب التوضّي لكلّ صلاة في حقّ المستحاضة فإنّما هو مقيّد بما إذا كانت
الاستحاضة قليلة، فإذا زالت وتبدّلت إلى الكثيرة لا يكفي الوضوء لها ولو كان التبدّل في آخر جزء من الصلاة.
هذا إذا كان الوقت واسعاً للإعادة والاغتسال، وأمّا إذا كان الوقت ضيّقاً فإن كانت متمكّنة من التيمّم والصلاة فوظيفتها التيمّم والصلاة لأجل ضيق الوقت، وإن لم يسع الوقت للغسل ولا للتيمّم فقال بعض الفقهاء: «استمرّت على عملها، لكن عليها القضاء على الأحوط».
ولكن ذهب بعض آخر إلى أنّه يجري عليها حينئذٍ حكم فاقد الطهورين وهو سقوط الصلاة عنها
أداءً ووجوبها قضاءً.
وهي أيضاً قد يكون التبدّل قبل إتيانها بشيء من وظائفها، ومعه يجب عليها أن تأتي بأعمال المتوسّطة لارتفاع القليلة وشمول أدلّة المتوسّطة لها، وقد يكون بعد
الإتيان بأعمالها، فلا يجب عليها الإعادة حينئذٍ، وقد يكون التبدّل في أثناء الصلاة، فيجب عليها أن ترفع اليد عن عملها وتستأنف غسلًا ووضوءً، ولا تكتفي بالوضوء الذي أتت به قبل التبدّل؛ لأنّ مقتضى الأدلّة أنّها بنفسها مقتضية للوضوء، فلا يمكنها
الاكتفاء بالوضوء السابق، ومع ضيق الوقت الكلام هو الكلام في تبدّل القليلة إلى الكثيرة بعينه.
وهي أيضاً قد يكون التبدّل فيها قبل إتيانها بشيء من وظائفها، فيجب عليها حينئذٍ أن تأتي بأعمال الكثيرة؛ لارتفاع المتوسّطة وشمول إطلاق أدلّة الكثيرة لها، وقد يكون بعد الإتيان بأعمالها، فتجب عليها الإعادة حينئذٍ، وأمّا إذا كان التبدّل في أثناء الصلاة فمعه يجب
رفع اليد عن عملها وتستأنف غسلًا ووضوءً بناءً على القول بوجوب الوضوء في الكثيرة، ولا يكتفى بالوضوء والغسل اللذين أتت بهما قبل التبدّل؛ لأنّ إتيانها بهما قبل حدوث الكثيرة لا يجدي في رفع أثرها.
وحينئذٍ تستمرّ المستحاضة على عملها لصلاة واحدة ثمّ تعمل عمل المتوسّطة، فلو تبدّلت الكثيرة متوسّطة قبل الزوال أو بعده قبل صلاة الظهر تعمل للظهر عمل الكثيرة فتتوضّأ وتغتسل وتصلّي، لكن للعصر والعشاءين يكفي الوضوء وإن أخّرت العصر عن الظهر أو العشاء عن المغرب.
قال
السيد اليزدي : «نعم، لو لم تغتسل للظهر عصياناً أو نسياناً يجب عليها للعصر إذا لم يبق إلّا وقتها، وإلّا فيجب إعادة الظهر بعد الغسل، وإن لم تغتسل لها فللمغرب، وإن لم تغتسل لها فللعشاء إذا ضاق الوقت وبقي مقدار إتيان العشاء».
وحينئذٍ فيجب عليها أن تؤدّي لأوّل مرّة عمليّة الطهارة؛ وفقاً لحالتها السابقة لصلاة واحدة، ثمّ تعمل على أساس استحاضتها الحاليّة.
الموسوعة الفقهية، ج۱۱، ص۱۵۴- ۱۵۷.