• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

حقيقة الإبراء

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ولتفصيل أكثر انظر الإبراء (توضيح).
وهو إسقاط حق له الذي في ذمة المديون بلا عوض .




اختلف في حقيقة الإبراء من حيث إنّه إسقاط أم تمليك وأنّه عقد أم إيقاع وأنّه يحتاج إلى القبول أم لا.
وفيما يلي نتعرّض إلى هذه الجهات:

۱.۱ - الإبراء إسقاط أم تمليك


المعروف بين فقهائنا أنّ الإبراء إسقاط لا تمليك حيث قال العلّامة الحلّي في القواعد «يحتمل في الإبراء عدم رجوعه؛ لأنّه إسقاط لا تمليك» وقال في التذكرة «انّ الإبراء محض إسقاط كالاعتاق أو هو تمليك للمديون ما في ذمته ثمّ إذا ملكه يسقط. وفيه قولان إن قلنا: إنّه إسقاط صحّ الإبراء عن المجهول كما ذهبنا نحن إليه» وقال الشهيد الثاني في الروضة «لأنّ الإبراء إسقاط لا تمليك» وقال في المسالك «اختلف الأصحاب في اشتراط القبول في الإبراء مطلقاً فذهب الأكثر إلى عدمه للأصل، ولأنّه إسقاط لا نقل شي‌ء إلى الملك» وقال الفاضل الهندي في كشف اللثام «لأنّ الإبراء إسقاط وانّه مباين للتمليك» وقال السيد علي الطباطبائي في الرياض «لأنّ الإبراء إسقاط لا تمليك» وقال السيّد عبد اللَّه الجزائري في التحفة السنية «إلّا في الإبراء... لأنّه إسقاط حق لا نقل ملك..»،
[۷] التحفة السنية، ج۱، ص۲۱۵، مخطوط.
بل لم نعثر على من اعتبره‌ تمليكاً، فالمسألة إجماعية.
نعم، عدّه الشهيد الأوّل في قواعده من جملة الامور المردّدة بين أمرين حيث قال: «ومن المتردّد بين أصلين الإبراء، هل هو إسقاط أم تمليك؟ ويتفرّع عليه احتياجه إلى القبول وعدمه... وتولّي المبرأ العقد عن المبرئ بوكالته جائز على الإسقاط ، وعلى التمليك يبنى على جواز تولّي الطرفين. والإبراء عن المجهول يصحُّ على الإسقاط، ويبطل على التمليك...
ولو كان له على جماعة دين فقال أبرأت أحدكم فعلى التمليك لا يصح قطعاً، وعلى الإسقاط يمكن الصحة ويطالب بالبيان».
وردّه السيّد اليزدي بقوله: «إن كان مراد الشهيد أنّ حقيقة الإبراء يحتمل أن يكون تمليكاً فهو فاسد في معنى غير التمليك قطعاً فلا وجه للترديد، وإن أراد أنّ ما بيد العرف في مقام الإبراء غير معلوم أنّه إسقاط حتى يكون إبراءً حقيقة أو تمليك فلا وجه له أيضاً؛ إذ ما بيدهم في مقام الإبراء ليس إلّا الإسقاط».
لكن الظاهر أنّ مقصود الشهيد إشارة إلى المباني الفقهية في المسألة ولو كانت لفقهاء أهل السنّة كما ترشد إلى ذلك كلمات فقهائنا في الموارد التي ذكرها الشهيد في عبارته المتقدّمة.
قال العلّامة الحلّي : «الإبراء عندنا من المجهول يصحُّ؛ لأنّه إسقاط عمّا في الذمة، بل هو أولى من ضمان المجهول؛ لأنّ الضمان التزام والإبراء إسقاط.
والخلاف المذكور للشافعية في ضمان المجهول آتٍ لهم في الإبراء، وذكروا للخلاف في الإبراء مأخذين أحدهما الخلاف في صحّة شرط البراءة من العيوب... والثاني أنّ الإبراء محض إسقاط كالاعتاق أو هو تمليك للمديون ما في ذمّته. ثمّ إذا ملكه يسقط، وفيه قولان:
إن قلنا: إنّه إسقاط صحّ الإبراء عن المجهول كما ذهبنا نحن إليه وبه قال أبو حنيفة ومالك ، وإن قلنا: تمليك لم يصح وهو ظاهر مذهب الشافعي».
وقد استدلّ المشهور على كونه إسقاطاً لا تمليكاً بأنّه لو كان تمليكاً لاحتاج إلى القبول؛ لأنّه تصرّف في شأن الغير وسلطانه فيحتاج إلى رضاه وقبوله مع أنّه ليس كذلك عرفاً ولا شرعاً.
كما أنّ موارد الإبراء بناءً على صدقه في غير الديون والأموال الذمية أيضاً لا يناسب افتراض كونه تمليكاً، والسيرة والارتكاز العرفي والشرعي يشهدان على ذلك.

۱.۲ - الإبراء عقد أو إيقاع


المعروف عدم كونه عقداً بل إيقاع، قال السيّد عبد اللَّه الجزائري : «الإبراء..
لا يشترط فيه القبول قطعاً؛ لأنّه إسقاط حق لا نقل ملك، فهو إيقاع لا عقد»؛
[۱۱] التحفة السنية (مخطوط)، ج۱، ص۲۱۵.
لكونه إسقاطاً محضاً، فلا يشترط فيه القبول ولا سائر شروط صحة العقد.
ومن قال بأنّه تمليك قد يجعله عقداً ومحتاجاً إلى القبول، وقد تقدم عدم صحته وأنّه ليس تمليكاً.
نعم، وقع البحث عندهم في موارد وتطبيقات يقع الإبراء فيها بألفاظ اخرى كالهبة والصلح فهل هي من العقود وتحتاج إلى القبول أم لا؟ وهذا ما سيأتي البحث عنه فيما يأتي.
عدم احتياج الإبراء إلى القبول: وهذا هو المشهور بل عليه الأكثر.

۱.۲.۱ - أقوال العلماء


وقد استدلّوا عليه بأنّه إسقاط، وهو لا يحتاج إلى القبول وبأدلّة اخرى حيث قال المحقق الحلي «ولا يشترط في الإبراء القبول على الأصح» وقال ابن سعيد «فإن وهبه ما في ذمته صحّ وكان إبراء، ولا يفتقر إلى قبول المبرأ، ولا رجوع فيه» وقال العلّامة في التذكرة «الإبراء عندنا إسقاط محض ولا يعتبر فيه رضى المبرأ ولا أثر لرده» وقال في موضع آخر «وهل يشترط القبول؟ الأقرب عندي عدم الاشتراط» وقال في التحرير «ولا يفتقر الإبراء إلى القبول» وقال في الإرشاد «ولو وهب الدين لمن عليه فهو إبراء ولا يفتقر إلى القبول» وقال في المختلف «لأنّ ذلك إسقاط حق، فلا يفتقر إلى القبول» وقال ولده فخر المحقّقين «إذ الإبراء لا أثر للقبول فيه، فلا معنى لإيجابه» وقال الشهيد الأوّل «ولا يشترط في الإبراء القبول» وقال المحقّق الكركي «الأصح عدم الاشتراط (عدم اشتراط القبول‌)، ولا يضر كونه هبة» وقال الشهيد الثاني «اختلف الأصحاب في اشتراط القبول في الإبراء مطلقاً، فذهب الأكثر إلى عدمه؛ للأصل، ولأنّه إسقاط لا نقل شي‌ء إلى الملك... واحتج له بقوله تعالى: «فَنَظِرَةٌ إِلى‌ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ» حيث اعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول، وبقوله تعالى: «وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى‌ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا»... وهذا أقوى وأشهر» وقال في الروضة «ولا يشترط في الإبراء- وهو إسقاط ما في ذمّة الغير من الحق- القبول؛ لأنّه إسقاط حق لا نقل ملك...» وفي موضع آخر قال «والظاهر أنّ هذه الهبة إسقاط بمنزلة الإبراء، فلا يفتقر إلى القبول» وقال الفيض الكاشاني «وفي اشتراط القبول فيه قولان: أظهرهما وعليه الأكثر العدم؛ للأصل، ولأنّه إسقاط لا نقل شي‌ء إلى الملك فهو بمنزلة تحرير العبد، وللآية.. حيث اكتفى فيها بمجرد العفو، ولا دخل للقبول في مسمّاه قطعاً، وقد ثبت الاكتفاء بمجرده في المهر وفي سقوط الحدود والجنايات الموجبة للقصاص، وهو في معنى الإبراء».
[۱۲] الشرائع، ج۲، ص۲۲۹.
[۱۹] الايضاح، ج۳، ص۶۰۴.
[۲۰] اللمعة، ج۹، ص۱۳۸.
[۲۵] مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۶۱.

والقائل باحتياجه إلى القبول تارة يقول به على أساس أنّه تمليك لما في ذمّة الغير إليه فيحتاج إلى قبوله. وقد عرفت عدم صحة ذلك، وأنّ المشهور بل لا خلاف عند فقهائنا في أنّ الإبراء ليس تمليكاً.
واخرى يدّعى احتياجه إلى القبول ولو لم يكن عقداً ولا تمليكاً؛ لأنّ فيه المنّة على المبرأ فلا يمكن أن يجبر عليها فيفتقر إلى قبوله كالهبة، وهذا هو ظاهر الشيخ الطوسي حيث قال: «وهل من شرط صحة الإبراء قبول المبرأ أم لا؟ قال قوم من شرط صحته قبوله ولا يصح حتى يقبل وما لم يقبل فالحق ثابت بحاله، وهو الذي يقوى في نفسي؛ لأنّ في إبرائه إيّاه من الحق الذي عليه منّة عليه ولا يجبر على قبول المنّة، فاذا لم نعتبر قبوله أجبرناه على ذلك كما نقول في هبة العين له أنّها لا تصح إلّا إذا قبل. وقال قوم: إنّه يصح شاء من عليه الحق أو أبى... وهذا أيضاً ظاهر قوي».
[۲۶] المبسوط، ج۳، ص۳۱۴.

وناقش فيه أكثر الفقهاء بعد الشيخ الطوسي بأنّ إسقاط المرء حق نفسه باختياره ومن غير طلب المدين واستدعائه لا منّة فيه.
ويمكن توضيح هذا الاستدلال وتحليله بنحو أكمل بأنّ الميزان في الاحتياج إلى القبول بالتصرف في شأن الغير وارادته لا بوجود المنّة وعدمه، فاذا كان المضمون المعاملي متضمناً للتصرّف فيما يرجع أمره إلى ارادة الغير وسلطنته احتيج إلى القبول ولو لم يكن فيه منّة، وإذا لم يكن كذلك بل كان راجعاً إلى سلطنة المتصرّف وحقّه محضاً لم يحتج إلى قبول الغير؛ لعدم دخله فيه ولو كان فيه منّة عليه- كما في العتق- واحتياج الهبة إلى القبول لكونها تمليكاً وهو- كما تقدمت الاشارة إليه- تصرف في شأن الغير وسلطانه.
هذا كلّه، مضافاً إلى الارتكاز والسيرة العرفية والمتشرعية القاضيتين بعدم احتياج الإبراء وإسقاط الحقوق الشخصية عن ذمّة الغير إلى القبول.
وقد استند المشهور مضافاً إلى ما تقدم ببعض الأدلّة اللفظية المتمثلة في بعض الآيات والروايات:
فمن الآيات قوله تعالى: «إلّا أن يعفون...» وقوله تعالى: «فَنَظِرَةٌ إِلى‌ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ...» وقوله تعالى: «وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى‌ أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا»» حيث اكتفي في هذه الآيات في سقوط الحق بمجرد العفو والصدقة المراد بهما الإبراء هنا ولم يذكر القبول، فدلّ على عدم اعتباره.
ويمكن المناقشة في هذا الاستدلال : بأنّ الآيات ليست في مقام بيان ما يتحقق به العفو والصدقة ليمكن أن يستفاد من السكوت عن ذكر القبول فيها نفي اشتراطه فيهما.
ومن الروايات استدل بما ورد في تحليل الميت أو الغائب عن الدين وأنّ له بكل درهم عشرة دراهم.
ويمكن أن يلاحظ عليه- مضافاً إلى ورودها في التحليل لا الإبراء- أنّها لا تدل على سقوط الذمة حتى إذا لم يرد المبرأ له ذلك لوروده فيمن يطلب التمليك ولعدم كونه في مقام بيان ما يتحقق به التحليل.


 
۱. القواعد، ج۳، ص۸۶.    
۲. التذكرة، ج۲، ص۹۱حجري.    
۳. الروضة، ج۵، ص۳۵۹.    
۴. المسالك، ج۶، ص۱۵.    
۵. كشف اللثام، ج۷، ص۴۷۲.    
۶. الرياض، ج۷، ص۱۶۸.    
۷. التحفة السنية، ج۱، ص۲۱۵، مخطوط.
۸. القواعد والفوائد، ج۱، ص۲۹۱.    
۹. حاشية المكاسب (اليزدي)، ج۱، ص۵۸.    
۱۰. التذكرة، ج۲، ص۹۱.    
۱۱. التحفة السنية (مخطوط)، ج۱، ص۲۱۵.
۱۲. الشرائع، ج۲، ص۲۲۹.
۱۳. الجامع للشرائع، ج۱، ص۳۶۵.    
۱۴. التذكرة، ج۲، ص۹۱، حجري.    
۱۵. التذكرة، ج۲، ص۱۷۸حجري.    
۱۶. التحرير، ج۳، ص۹.    
۱۷. الإرشاد، ج۱، ص۴۵۰.    
۱۸. المختلف، ج۶، ص۲۷۷.    
۱۹. الايضاح، ج۳، ص۶۰۴.
۲۰. اللمعة، ج۹، ص۱۳۸.
۲۱. جامع المقاصد، ج۹، ص۱۳۸.    
۲۲. المسالك، ج۶، ص۱۵- ۱۷.    
۲۳. الروضة، ج۳، ص۱۹۳.    
۲۴. الروضة، ج۵، ص۲۸۵.    
۲۵. مفاتيح الشرائع، ج۳، ص۱۶۱.
۲۶. المبسوط، ج۳، ص۳۱۴.
۲۷. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۳۷.    
۲۸. البقرة/سورة ۲، الآية ۲۸۰.    
۲۹. الوسائل، ج۱۶، ص۳۲۲، ب ۱۳، فعل المعروف، ح ۱ و۲.    
۳۰. الوسائل، ج۱۸، ص۳۶۳، ب ۲۳ من الدين والقرض.    




الموسوعة الفقهية، ج۲، ص۳۱۴-۳۱۸.    



جعبه ابزار