سنن الأذان والإقامة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والسنة أي المستحب فيه أي
الأذان بالمعنى الأعم الشامل للإقامة الوقوف على فصوله بترك
الإعراب من أواخرها.
(والسنة) أي المستحب (فيه) أي
الأذان بالمعنى الأعم الشامل للإقامة (الوقوف على فصوله) بترك
الإعراب من أواخرها، إجماعا، على الظاهر، المحكي عن المعتبر والتذكرة وفي الخلاف و
روض الجنان والمنتهى،
وغيرها،
للنص بأنهما : «مجزومان»
وفي آخر : «موقوفان».
وفي الصحيح «الأذان جزم
بإفصاح الألف والهاء، و
الإقامة حدر».
-الحدر :
الإسراع من غير تأن وترتيل ـ
وجعله الحلبي من شروطهما كما حكي،
وهو ظاهر النصوص، إلاّ أنه محمول على
الاستحباب ، للأصل المعتضد بالشهرة و
الإجماع المنقول.
وأن يكون (متأنّيا في الأذان)
بإطالة الوقوف على أواخر الفصول (حادرا في الإقامة) أي : مسرعا فيها بتقصير الوقوف على كل فصل، لا تركه، لكراهة إعرابهما لما مضى، بلا خلاف يعرف، كما عن
التذكرة وفي المنتهى،
للصحيح المتقدم بأن «الإقامة حدر» ونحوه آخر،
وفي الخبر : «الأذان ترتيل، والإقامة حدر».
(والفصل بينهما) أي بين
الأذان والإقامة (بركعتين، أو جلسة، أو سجدة، أو خطوة، خلا المغرب، فإنه لا يفصل بين أذانيها إلاّ بخطوة، أو سكتة، أو تسبيحة) على المشهور بين الأصحاب، بل عن المعتبر والتذكرة وفي
المنتهى وغيره
الإجماع عليه، والمعتبرة به ـ مع ذلك ـ مستفيضة، ففي الصحيح : «افرق بين الأذان والإقامة بجلوس، أو ركعتين».
وهذه الرواية مطلقة كالفتاوى باستحباب الفصل بالركعتين ولو كانتا من غير الرواتب وفي وقت الفرائض، لكن ظاهر جملة من النصوص التخصيص بالرواتب في أوقاتها، كما عن بعض،
ففي الصحيح : «القعود بين الأذان والإقامة في الصلوات كلها إذا لم يكن قبل الإقامة صلاة يصليها».
وفي آخر في حديث أذان الصبح قال : «السنّة أن ينادى مع طلوع الفجر، ولا يكون بين الأذان والإقامة إلاّ الركعتان».
وفي الخبر : «يؤذّن للظهر على ستّ ركعات، ويؤذّن للعصر على ستّ ركعات».
وفي آخر مروي عن
دعائم الإسلام ، عن
مولانا الباقر عليه السلام ، قال : «ولا بدّ من فصل بين الأذان والإقامة بصلاة أو بغير ذلك، وأقلّ ما يجزي في
صلاة المغرب التي لا صلاة قبلها أن يجلس بعد الأذان جلسة يمسّ فيها
الأرض بيده».
ويستفاد منها علة سقوط الفصل بالركعتين في المغرب بين الأذانين، ولا يبعد أن يكون ذلك مراد الأصحاب أيضا، كما يرشد إليه
استثناؤهم المغرب ـ كالروايات ـ مع
احتمال إحالتهم له على الوضوح من الخارج، من حرمة النافلة في وقت الفريضة، فهو أحوط، حتى أنه لا يصلى من الراتبة بينهما إذا خرج وقتها، وفي الخبر : «لا بدّ من قعود بين الأذان والإقامة».
وإطلاقه ـ كأكثر الأخبار المتقدمة، وصريح بعضها ـ استحباب الفصل بالجلوس بينهما مطلقا، حتى في المغرب، كما عن
النهاية والحلي،
لكنهما قيّداه بالخفيف والسريع. ويعضدها ـ زيادة على ذلك ـ الخبر : «من جلس فيما بين أذان المغرب والإقامة كان كالمتشحّط بدمه في سبيل الله تعالى».
والمروي عن مجالس الشيخ : قال : سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول : «من السنة الجلسة بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب وصلاة العشاء، ليس بين الأذان والإقامة سبحة، ومن السنة أن يتنفّل بركعتين بين الأذان والإقامة في صلاة الظهر والعصر»
فتأمّل. والمروي عن فلاح السائل للسيد الزاهد العابد المجاهد
رضي الدين بن طاوس - رضي الله عنه -عن - الحسن بن - معاوية بن وهب، عن أبيه، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وقت المغرب، فإذا هو قد أذّن وجلس، فسمعته يدعو
الحديث.
وظاهره ـ كإطلاق البواقي ـ يدفع التقييد بالخفيف كما ذكراه، ولعلّهما أخذاه من مراعاة ما دلّ على ضيق وقت المغرب، ولا بأس به. بل الأحوط ترك الجلوس مطلقا، للمرسل : «بين كل أذانين قعدة إلاّ المغرب، فإنّ بينهما نفسا»
ولعلّ المراد به
السكتة . وضعف السند مجبور بالشهرة، وما عرفته من الإجماعات المحكية، وبذلك يترجّح على الأخبار المزبورة. مع أن الصريح منها غير واضحة الأسانيد، ومعتبرتها مطلقة قابلة للتقييد، ومع ذلك فهي بإطلاقها شاذّة غير معروفة القائل، لما عرفت من تقييد النهاية و
السرائر بما ليس فيها. مع أن ظاهر الحلّي تخصيص استحباب الجلسة وباقي الأمور المتقدمة بالمفرد دون الجامع، فاستحب له الفصل بالركعتين.
وذكر جماعة عدم وقوفهم على نصّ يدل على استحباب الخطوة والسجود، وإنما نسبوه إلى الأصحاب،
مشعرين بدعوى الإجماع، مع أنه روي في
فلاح السائل : عن الصادق عليه السلام قال : «كان
أمير المؤمنين عليه السلام يقول لأصحابه : من سجد بين الأذان والإقامة فقال في سجوده : ربّ لك سجدت خاضعا خاشعا ذليلا يقول الله تعالى : ملائكتي، وعزّتي وجلالي لأجعلنّ محبته في قلوب عبادي المؤمنين، وهيبته في قلوب المنافقين».
وروي فيه أيضا عنه عليه السلام أنه : «من أذّن ثمَّ سجد فقال : لا إله إلاّ أنت، ربّي سجدت لك خاضعا خاشعا غفر الله تعالى ذنوبه».
وفي الرضوي : «وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعله، فإنّ فيه فضلا كثيرا، وإنما ذلك على
الإمام ، وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى، ثمَّ يقول : بالله أستفتح..»
وذكر الدعاء. وفي الموثق : «إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فأذّن وأقم، وافصل بين الأذان والإقامة بقعود، أو بكلام، أو بتسبيح» قال : وسألته : وكم الذي يجزي بين الأذان والإقامة من القول؟ قال : «الحمد لله».
وفي الصحيح : رأيت أبا عبد الله عليه السلام أذّن وأقام من غير أن يفصل بينهما بجلوس.
ويستفاد منه كون الفصل به للاستحباب، كما فهمه الأصحاب مما مر من الأخبار الظاهرة في الوجوب.
رياض المسائل، ج۳، ص۸۸- ۹۳.