صلاة الجنازة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ومنها : صلاة
الجنازة ) هي واحدة الجنائز، قيل : هي بالكسر :
الميت بسريره.
وقيل : بالكسر : السرير، وبالفتح : الميت يوضع عليه.
(والنظر) فيها يقع (في) أمور أربعة (من يصلّى عليه، والمصلّي، وكيفيتها، وأحكامها).
فأما الأول : فاعلم أنّه (تجب) هذه (
الصلاة على كلّ
مسلم ) إجماعا كما عن
التذكرة ،
وفي
المنتهى بلا خلاف.
قال ـ كباقي متأخري الأصحاب ـ : إنّ المراد به هو كلّ مظهر للشهادتين ما لم يعتقد خلاف ما علم بالضرورة ثبوته من الدين، كالقادحين في
علي عليه السلام أو أحد الأئمة كالخوارج، أو من غلا فيه
كالنصيريّة والسبأيّة والخطابيّة ، فهؤلاء لا تجب عليهم الصلاة ـ إلى أن قال ـ : وتجب الصلاة على غيرهم.
وظاهره دعوى الإجماع على وجوب الصلاة على المخالفين الذين لم ينكروا شيئا من ضروري الدين، وهو أحد القولين في المسألة وأشهرهما؛ لعموم النبوي المشهور : «صلّوا على من قال : لا إله إلاّ الله».
والخبرين في أحدهما : «صلّ على من مات من أهل
القبلة وحسابه على الله تعالى».
وفي الثاني : «لا تدعوا أحدا من أمتي بغير صلاة».
وضعفهما منجبر بالشهرة العظيمة بين أصحابنا، مع اعتبار ما في سند أوّلهما.
خلافا لجماعة من القدماء، فمنعوا عن الصلاة عليهم جوازا أو وجوبا؛
للنصوص المتواترة بكفرهم
المستلزم لذلك
إجماعا كتابا وسنّةً. وفيه : منع كلّية الكبرى ، مع أنّ المستفاد منها ليس إلاّ إطلاق لفظ
الكفر عليهم ، وهو أعمّ من الحقيقة.
إلاّ أن يقال : إنه ولو مجازا كاف في إثبات هذا الحكم ؛ لكونه أحد وجوه الشبه والعلاقة بين الحقيقي والمجازي.
وهو حسن إن تساوت في التبادر وعدمه. وفيه منع ؛ لاختصاص الخلود بالنار وأمثاله منها بالتبادر.
ولو سلّم فهو معارض بما دلّ على
إسلام مظهري الشهادتين. ولو سلّم فهو مخصّص بما مرّ من النصوص المعتضدة بالشهرة.
لكن يمكن أن يقال : إن التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، لعدم صراحتها في مخالفي الحق ، فيحتمل الاختصاص أو التخصيص بمعتقديه.
وبالجملة : فكما يمكن وقوعها مخصّصة بالعموم السابق كذا يمكن العكس ، بل هو أولى ، لموافقته الأصل. وهو حسن لو لا الشهرة المرجّحة للأول مع ضعف عموم التشبيه بما مرّ.
لكن المسألة بعد محلّ شبهة وإن كان مراعاة المشهور أحوط ؛ لندرة القول بالحرمة ، مع اختصاصها بحق من يعلم بها ، والفرض عدمه هنا ، فتأمل جدا.
هذا مع عدم
التقية ، وأمّا معها فتجب قولا واحدا ولكن لا يدعو له في الرابعة بل عليه ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
( و ) يلحق بالمسلم ( من ) هو ( بحكمه ممّن بلغ ستّ سنين ) فصاعدا من
طفل ، أو
مجنون ، أو لقيط دار الإسلام ، أو الكفر وفيها مسلم صالح
للاستيلاد تغليبا للإسلام.
( ويستوي ) في ذلك ( الذكر والأنثى ،
والحرّ والعبد ) للعموم والإجماع.
وتقييد الوجوب بالستّ هو المشهور، بل عليه عامة المتأخرين كما قيل.
وعن
المرتضى وفي
المنتهى : الإجماع عليه، ويشعر به عبارة
الدروس ، حيث نسب القولين المخالفين إلى الترك والشذوذ؛
وهو الحجّة.
مضافا إلى الصحيح : متى تجب عليه الصلاة؟ فقال : «إذا عقل الصلاة وكان ابن ستّ سنين».
وقريب منه آخر : عن الصلاة على
الصبي متى يصلّى عليه؟ فقال : «إذا عقل الصلاة» قلت : متى تجب الصلاة عليه؟ قال : «إذا كان ابن ستّ سنين، والصيام إذا أطاقه».
والمراد بالوجوب فيه مطلق الثبوت، والمعنى أنّه : متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا؟ فقال : «إذا كان..» إلى آخره، كما يفهم من الصحيح : في الصبي متى يصلّي؟ فقال : «إذا عقل الصلاة» قلت : متى يعقل الصلاة وتجب؟ فقال : «لستّ سنين».
وأما الصحيح : عن الصبي أيصلّى عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين؟
قال : «إذا عقل الصلاة صلّي عليه»
فلا ينافي ما ذكرنا بعد تعليقه الحكم في الجواب على عقله الصلاة المحدود ببلوغ الستّ فيما مرّ من الأخبار.
خلافا للعماني فاشترط في الوجوب
البلوغ ؛
للأصل، وعدم احتياجه إليها قبله، والموثق : أنّه سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلّى عليه؟ قال : «لا، إنما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم».
وفي الجميع نظر؛ لضعف الأوّل في مقابلة ما مرّ.
ومنع الثاني، وانتقاضه بالصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع أنه
اجتهاد في مقابلة النص المعتبر المعتضد بما مرّ.
وبه يجاب عن الثالث، لعدم مقاومته له؛ مع عدم صراحته واحتماله الحمل على ما يؤول إلى النص، بأن يراد بجري القلم فيه مطلق الخطاب الشرعي، والتمرين خطاب شرعي.
لكنه كما قيل : ربما ينافيه حصر الصلاة في الرجل والمرأة؛ إذ لا يصدقان إلاّ على البالغ.
وفيه نظر : لأن ظهورهما في البالغ ليس بأظهر من ظهور جري القلم في الخطاب التكليفي، فكما جاز صرفه إلى خلاف ظاهره كذا يمكن صرفهما إلى خلاف ظاهرهما بإرادة المعنى الأعم الشامل للصبي، ومع الإمكان يتعيّن جمعا.
مع أنّ ظاهر قوله : «إذا جرى عليهما القلم» كونه شرطا لم يستفد من سابقة، وهو إنما يتم لو أريد منهما المعنى الأعم، وإلاّ لكان تأكيدا لا شرطا، إلاّ على تقدير اشتراط عقل الميت في الصلاة عليه، وهو باطل إجماعا، ومعه لا يبقى للشرطية وجه أصلا إلاّ كونه تأكيدا، وما ذكرناه تأسيس، وهو منه أولى.
وللإسكافي، فلم يشترط شيئا وأوجب الصلاة على الصبي مطلقا بعد أن يكون خرج حيّا مستهلا؛
للنصوص المستفيضة، منها الصحيح : «إذا استهلّ فصلّ عليه».
ونحوه الخبر.
ومنها : الصحيح
وغيره
: «يصلّى عليه على كلّ حال إلاّ أن يسقط لغير تمام».
وهي ـ مع ضعف سند ما عدا الصحيح منها وعدم مقاومتها أجمع لما مضى ـ محمولة على
التقية ، كما صرّح به جماعة،
ويشهد له جملة من المعتبرة، منها الصحيح : مات ابن
لأبي جعفر عليه السلام، فأخبر بموته، فأمر به فغسل ـ إلى أن قال ـ : فقال عليه السلام : «أما إنه لم يكن يصلّى على مثل هذا ـ وكان ابن ثلاث سنين ـ كان
علي عليه السلام يأمر به فيدفن ولا يصلّى عليه، ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله»
ونحوه غيره.
ويستفاد منها عدم
الاستحباب أيضا كما هو ظاهر جماعة.
خلافا للأكثر ـ ومنهم الماتن ـ فقالوا (وتستحب) الصلاة (على من لم يبلغ ذلك) أي الستّ سنين (ممّن ولد حيّا) مستهلا؛ عملا بعموم النصوص المتقدمة
للإسكافي سندا، وفيه ما مضى، إلاّ أن يذبّ عنه بالمسامحة في أدلة السنن
والكراهة ، خروجا عن شبهة الخلاف فتوى ورواية، وليس فيه تشبّه بالعامة بعد الاختلاف في النية، ومعه لا مشابهة ولا بأس به.
(و) أما الثاني : فاعلم أنه يجب أن (يقوم بها) أي بهذه الصلاة كسائر أحكام
الميت (كلّ مكلّف على الكفاية) إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن لم يقم به أحد استحقوا بأسرهم العقاب، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى،
وقد نقل جماعة أيضا الإجماع عليه؛
لأن الغرض إدخالها في الوجود، وهو يحصل
بالوجوب الكفائي .
وربما ينافيه توجه الخطاب في النصوص بأكثر أحكامه إلى
الولي ؛ إذ مقتضاه الوجوب العيني عليه، كذا قيل.
وفيه نظر : فإنّ الخطاب فيها وإن توجه إلى الولي إلاّ أن مقتضاه هنا ليس الوجوب العيني، لوقوع التصريح في جملة منها بجواز أمره غيره بها،
وهو خلاف ما يقتضيه الوجوب العيني من لزوم مباشرة المكلّف للمكلّف به بنفسه، فجواز أمر الغير به دليل على أن المقصود من تخصيص الولي بالخطاب إثبات أولويته به كما فهمه الأصحاب، حيث قالوا مع حكمهم بالوجوب الكفائي.
(وأحقّ الناس بالصلاة على الميت أولاهم
بميراثه ). وإلى مثل هذا نظر جماعة من الأصحاب فقالوا : لا منافاة بين الوجوب كفاية والإناطة برأي بعض المكلّفين، على معنى أنه إن قام بنفسه أو بنصب غيره وقام ذلك الغير سقط عن الغير، وإلاّ سقط اعتباره وانعقدت جماعة وفرادى بغير إذنه.
والحكم بالأحقية المزبورة مقطوع به في كلامهم من غير خلاف بينهم أجده، وبه صرّح جماعة مؤذنين بنقل الإجماع، كما صرّح به في
الخلاف ،
مستدلا عليه بعده كباقي الأصحاب بآية أولي الأرحام.
ويدل عليه أيضا المعتبرة ومنها المرسل كالصحيح،
والرضوي
: «يصلّي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر من يحبّ».
وقصور الأسانيد والدلالة مجبور بفهم الطائفة وعملهم بها كافّة، ولذلك وافق الأصحاب في
الذخيرة بعد أن ضعّف الأدلة عدا الإجماع ـ وفاقا
للمدارك ـ بما عرفته في المعتبرة، وبعدم عموم يشمل مفروض المسألة في الآية الكريمة.
ويمكن الذبّ عنه مع قطع النظر عن الجابر بحجيّة الخبرين المزبورين، لاعتبار سندهما، مع اعتضادهما بغيرهما. وظهور عموم الآية بالاعتبار الذي يثبت به العموم في الإطلاقات؛ ولذا يستدل بها في الأخبار وكلام الأصحاب على إثبات الإمامة وغيرها من دون تزلزل ولا ريبة.
والمعتبرة وإن لم تصرح بكون المراد بالأولى فيها المستحق للميراث إلاّ أنه ربما يفهم من تتبّع النصوص، ألا ترى إلى المرسل : في الرجل يموت وعليه صلاة أو
صيام ، قال : «يقضيه أولى الناس به».
فقد أطلق فيه الأولى ولم يبيّن المراد به، مع أنّ متنه بعينه مروي في الصحيح سؤالا وجوابا إلى قوله : «أولى الناس به» مبدّلا لفظة «به» فيه «بميراثه»
فظهر شيوع إطلاق الأولى به على الأولى بميراثه.
مضافا إلى صحيحة
يزيد الكناسي المشهورة الواردة بتفصيل الأولى من ذوي الأرحام بقوله : «ابنك أولى بك من (ابن ابنك) وابن ابنك أولى بك من أخيك»
فقد أطلق فيه الأولوية مع أنّ المراد بها بحسب الميراث قطعا.
وبالجملة : فلا إشكال فيما ذكره الأصحاب.
وإطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق في أحقية الأولى بالميراث بالصلاة بين ما لو أوصى الميت بها إلى غيره أم لا، ولعلّه المشهور، بل عزاه في
المختلف إلى علمائنا
مؤذنا بدعوى الإجماع عليه.
خلافا
للإسكافي في الأول فقدّم الغير؛
لحجج غير ناهضة، عدا عموم الآية بالنهي عن تبديل
الوصية ،
ولكنه معارض بعموم الآية والمعتبرة المتقدمة. والترجيح معها؛ للشهرة، وإن كان تقديم الموصى إليه أحوط للورثة.
واعلم أنّ المراد بأحقّية الأولى بالميراث أنه أولى بها ممّن لا يرث كالطبقة الثانية مع وجود أحد من الأولى.
وأمّا الطبقة الواحدة في نفسها فتفصيلها ما ذكره الأصحاب بقولهم : والأب أولى من الابن بلا خلاف، بل قيل : اتفاقا.
قيل : لاختصاصه بالشفقة، فيكون دعاؤه أقرب إلى الإجابة.
والولد وإن نزل أولى من الجدّ على المشهور، خلافا للإسكافي فجعله أولى منه ومن الأب.
وهو ضعيف؛ لكون الولد أولى بالإرث.
قيل : والجدّ للأب أولى من الأخ، والأخ من الأبوين أولى ممّن يتقرب بأحدهما، والأخ للأب أولى من الأخ للأم، والعمّ أولى من الخال، والعمّ للأبوين أولى من العمّ لأحدهما، كما أنّ العمّ للأب أولى من العمّ للام، وكذا القول في الخال، والمعتق من ضامن الجريرة، وهو من الحاكم، فإذا فقد الجميع فوليه الحاكم، ثمَّ عدول المسلمين.
وهذا الترتيب بعضه مبني على أولوية الميراث، وبعضه ـ وهو أفراد الطبقة الواحدة على غيرها ـ على كثرة الشفقة كالأب بالنسبة إلى الابن، أو التولد كالجدّ بالنسبة إلى الأخ، أو كثرة النصيب كالعمّ بالنسبة إلى الخال. والعمل بهذا الوضع هو المشهور.
(والزوج) مع وجوده (أولى بالمرأة من الأخ) بل مطلق الأقارب، بالنص،
والإجماع . وما يخالفه بإثبات أولوية الأخ عليه من الصحيح وغيره
شاذّ لا عمل عليه، فليطرح أو يحمل على التقية كما ذكره
شيخ الطائفة وغيره.
وظاهر الأصل واختصاص المستند بالزوج اختصاص الحكم به دون الزوجة كما صرّح به جماعة.
وفيه قول بإلحاقها به (نقله
الشهيد الثاني عن بعض الأصحاب في روض الجنان ووجهه شمول اسم الزوج لهما لغة)؛
لوجه تخريجي يدفعه ما عرفته.
قيل : ولا فرق بين الدائمة والمتمتع بها، ولا بين الحرّة والمملوكة؛ لإطلاق النص.
وهو حسن، إلاّ في المتمتع بها؛ فإنّ إطلاق الزوج بالإضافة إلى المتمتع بها حقيقة لا يخلو عن مناقشة.
ثمَّ إنّ إطلاق النص والعبارة يقتضي عدم الفرق بين الزوج الحرّ والعبد، لكن في
المنتهى : إنّ الحرّ أولى من
العبد وإن كان قريبا والحرّ بعيدا، قال : لأنّ العبد لا
ولاية له على نفسه ففي غيره أولى، ولا نعلم فيه خلافا.
قيل : ولعلّ الزوج مستثنى عن الحكم المزبور؛ للنص.
وفيه : أنه عام أيضا يمكن تخصيصه بالحرّ، لما ذكره في المنتهى.
وبالجملة : التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه، يمكن تخصيص كلّ بالآخر، ففي الترجيح نظر.
وذكر الأصحاب من غير خلاف يعرف أن الذكر من الأولياء أولى من الأنثى، ونفى عنه الخلاف في المنتهى،
وأطلق كغيره.
وقيّده جماعة
بما إذا اجتمعا في طبقة واحدة، أو كان الذكر أقرب طبقة أو درجة، وإلاّ فالأنثى أولى؛ للصحيح : المرأة تؤم النساء؟ قال : «لا، إلاّ على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها».
(ولا) يجوز أن (يؤم) أحد ولو كان وليا (إلاّ من) اجتمع (فيه شرائط الإمامة) حتى العدالة (وإلاّ) يجتمع فيه شرائط الإمامة (استناب) إن كان وليا، بلا خلاف أجده، وفي المنتهى : إنه اتّفاق علمائنا؛
وهو الحجّة، المؤيدة بإطلاق ما دلّ على اعتبارها في إمام الجماعة، وإن كان في أخذه حجة من دونه مناقشة أشار إلى وجهها في
الذخيرة فقال : لعموم النص، وعدم كونها صلاة حقيقة، فلا يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة الحقيقة.
ويجوز للوليّ
الاستنابة مطلقا (أي مع الصلاحية أيضا)؛ إذ لا مانع منه، مع تصريح النصوص السابقة به. ولو وجد الأكمل استحب استنابته؛ لأن كماله قد يكون سببا لاستجابة دعائه. ويحتمل ترجيح الولي؛ لاختصاصه بمزيد الرقة التي هي مظنة الإجابة.
(ويستحب) للولي (تقديم
الهاشمي ) للرضوي.
ولا خلاف أجده إلاّ من المفيد فأوجبه.
قيل : فإن أراد به إمام الأصل فهو حقّ، وإلاّ فهو ممنوع، بل الأولى للولي التقديم، أمّا الوجوب فلا، لعموم
الآية .
أقول : وللمعتبرة المتقدمة أيضا، مع سلامتها عن المعارض بالكلية، عدا رواية غير معلومة الصحة : «قدّموا قريشا ولا تقدّموهم»
مع أنها أعم من المدّعى.
وبها استدل الماتن في
المعتبر على الاستحباب ،
وردّه في
الذكرى بما ذكرنا.
وهو حسن إن قصد بالاستدلال إثبات الوجوب، وأما الاستحباب ـ كما هو المفروض ـ فيتسامح في أدلته بما لا يتسامح في غيره على الأشهر الأقوى، سيّما مع انجبار الضعف بما ذكر بالفتوى، فيمكن الاستدلال بها مطلقا.
(ومع وجود الإمام) أي إمام الأصل وحضوره (فهو أولى بالتقديم) قطعا؛ وللخبرين المتفقين على كونه أولى، وإن اختلفا في الدلالة على توقفه على إذن الولي كما هو ظاهر أحدهما،
وعن
المبسوط وفي المنتهى،
مدّعيا في ظاهر كلامه الإجماع عليه؛ أو العدم كما هو ظاهر إطلاق الثاني منهما،
وعن
الحلبي وفي الذكرى.
ولقد أحسن جماعة من الأصحاب فقالوا : إنّ البحث في ذلك تكلّف مستغنى عنه.
(و) يجوز أن (تؤم المرأة النساء) إمّا مطلقا كما هنا وفي كثير من العبائر، أو بشرط عدم الرجال كما في
السرائر ،
ولعلّه وارد مورد الغالب فلا عبرة بمفهومه، ولا خلاف فيه هنا أجده، وبه صرّح في الذخيرة؛
للصحيحة المتقدّمة.
(و) هي المستند أيضا فيما ذكروه من غير خلاف من أنها (تقف في وسطهنّ ولا تبرز) ولا تخرج عن الصف، ففيها بعد ما مرّ إليه الإشارة : «تقوم وسطهن معهنّ في الصف فتكبّر ويكبّرن».
(وكذا
العاري إذا صلّى بالعراة) كما يأتي في بحث الجماعة إن شاء الله تعالى.
وظاهر العبارة عدم اعتبار الجلوس هنا كما يعتبر في اليومية، وبه صرّح جماعة؛
ولعلّ الفارق إنما هو النص الوارد باعتباره فيها دون المقام، لا ما قيل من احتياجها إلى
الركوع والسجود،
لأن الواجب
الإيماء .
(ولا) يجوز أن (يؤمّ من لم يأذن له الوليّ) سواء كان بشرائط الإمامة أم لا، إجماعا؛ لما مضى.
ولو امتنع من الصلاة والإذن ففي الذكرى : الأقرب جواز الجماعة، لإطباق الناس على صلاة الجنازة جماعة على عهد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الآن، وهو يدلّ على شدة
الاهتمام ، فلا يزول هذا المهمّ بترك إذنه، نعم لو كان هناك حاكم شرعي كان الأقرب اعتبار إذنه، لعموم ولايته في المناصب الشرعية.
وربما يفهم منه ومن العبارة وغيرها اختصاص اعتبار إذن الولي بالجماعة، ونسبه في
روض الجنان إلى الأصحاب كافة فقال : واعلم أن ظاهر الأصحاب أنّ إذن الولي إنما يتوقف عليه الجماعة، لا أصل الصلاة، لوجوبها على الكفاية، فلا يناط برأي أحد من المكلّفين، فلو صلّوا فرادى بغير إذن أجزأ.
وتبعه في النسبة في الذخيرة،
لكن علّل الحكم بما ذكره في المدارك لنفي البأس عن المصير إليه من قوله : قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق إن تمَّ، وحملا للصلاة في قوله : «يصلّي على الجنازة أولى الناس بها» على الجماعة، لأنه المتبادر.
ولكن لم يذكر الاقتصار على موضع الوفاق، بناء منه على ثبوت الأولوية بالنصوص ولو بمعونة فهم الأصحاب.
•
كيفية صلاة الجنازة، و هي خمس تكبيرات أوّلها
تكبيرة الإحرام بنية القربة ثم يكبّر ويتشهد الشهادتين، ثمَّ يكبّر ويصلّي على
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ يكبّر ويدعو للمؤمنين وفي الرابعة يدعو
للميت ، وينصرف بالخامسة مستغفرا.
•
سنن صلاة الجنازة، يبحث هنا في سنن صلاة الجنازة عن حكم وقوف الإمام عندما كان
الميت رجل أو مرأة وحكم اجتماع الرجل والمرأة وأيضا اجتماعهما مع طفل والمأموم عليه أن يقف وراء
الإمام ولو كان واحدا وكون المصلي متطهرا حافيا وأن على المصلي أن يرفع اليدين للتكبيرات
والدعاء للميت في الرابعة إن كان مؤمنا وعليه إن كان
منافقا والدعاء بدعاء
المستضعفين إن كان الميت مستضعفا وكيفية الدعاء لمجهول الحال وكيفية الدعاء للطفل وإيقاع الصلاة في المواضع المعتادة
وكراهة الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين.
•
أحكام صلاة الجنازة، (و) أما (أحكامها) فهي (أربعة) : الأول حكم من أدرك بعض التكبيرات مع الإمام والثاني حكم
دفن الميت بغير صلاة والثالث جواز صلاة الجنازة في الأوقات المكروهة والرابع لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة على الأخرى.
رياض المسائل، ج۴، ص۳۱-۷۸.