قاعدة من ملك شيئا ملك الإقرار به
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والمقصود الأصلي من ذكر هذه القاعدة
الانتفاع بها في غير مقام إقرار البالغ الكامل على نفسه؛ إذ يكفي في ذلك المقام ما اجمع عليه نصّاً وفتوىً من نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم، بل لأجل الانتفاع بها في مثل إقرار
الوكيل والولي على الأصيل ونحوها من المقامات التي لا تنفع فيها عمومات الإقرار.
هذه القاعدة ذكرها
الشيخ الأنصاري في رسالة مفردة سمّاها (رسالة في قاعدة من ملك)، وقد ذكر أنّها قضيّة كلّية قد اشتهرت على ألسنة الفقهاء من زمان الشيخ الطوسي إلى زماننا الحاضر، حيث يذكرونها في مقام
الاستدلال بها على ما يتفرّع عليها من الأحكام، وكأنّها بنفسها دليل معتبر أو مضمون دليل معتبر.
والحقّ ما ذكره الشيخ الأنصاري؛ فإنّ أقدم مصدر تعرّض لهذه القاعدة- ولو تلميحاً- كان كتاب
المبسوط للشيخ الطوسي عند حديثه عن نفوذ إقرار العبد مع إذن السيّد لا بدونه،
وقد تردّد هذا الكلام الذي أورده
الشيخ الطوسي في كلمات العلماء بعده دون أن نجد حضوراً قوياً للقاعدة بهذا العنوان في مصادرهم الفقهية، مع استفادتهم منها ضمناً.
والمقصود الأصلي من ذكر هذه القاعدة
الانتفاع بها في غير مقام إقرار البالغ الكامل على نفسه؛ إذ يكفي في ذلك المقام ما اجمع عليه نصّاً وفتوىً من نفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم، بل لأجل الانتفاع بها في مثل إقرار
الوكيل والولي على الأصيل ونحوها من المقامات التي لا تنفع فيها عمومات الإقرار.
والكلام في هذه القاعدة يقع ضمن امور:
يتوقّف بيان المراد من هذه القاعدة على بيان مفرداتها:
فالمراد ب (ملك الشيء) فيها هو السلطنة عليه، وهذه السلطنة:
لابدّ أن تكون فعلية، كما ذكره الشيخ الأنصاري، فلا تشمل ملك الصغير لأمواله التي ليست له السلطنة الفعلية عليها. كما أنّ السلطنة بالوكالة أو
الولاية إنّما هي السلطنة في حدود ما وكّل فيه أو ولّي عليه من التصرّفات، أمّا بعد
انتهاء الوكالة أو الولاية فلا تكون له هذه السلطنة، ومعه فلا يكون مالكاً لذلك الشيء الذي يقرّ في مورده، وهذا معناه أنّ إقرار الوكيل إنّما تجري فيه هذه القاعدة زمان وكالته لا مطلقاً.
نعم، يفهم من بعض الكلمات جريان القاعدة حتى بعد
انقضاء زمان الملك الفعلي.
تشمل هذه السلطنة مطلق أشكال القدرة على التصرّف، سواء كانت بنحو السلطنة المطلقة أو المحدودة،
وسواء بنحو الملك أو
الوكالة أو الولاية، فتشمل إقرار كلّ مالك في ماله، بل الصبي في كل ما يصحّ منه التصرّف فيه، كالإقرار بالوصيّة والوقف والصدقة بناءً على صحّة هذه التصرّفات منه؛ إذ تكون له حينئذٍ السلطنة على هذه التصرّفات وإن كانت محدودة، ويشمل أيضاً إقرار الوكيل فيما وكّل فيه في زمان وكالته، وهو الزمان الذي له سلطنة فعليّة فيه، دون ما إذا كان خارجاً عن حدّ ما وكّل فيه أو بعد انقضائه أو عزله؛ إذ حينئذٍ لا سلطنة له في ذلك كما قلنا، فلا يصحّ إقراره فيه.
وهذا معناه أنّه لا يراد من السلطنة وملكية الشيء هنا السلطنة المطلقة والملكية المطلقة غير المقيّدة بقيد، وهذا ما يفهم من كلمات الفقهاء في هذه القاعدة.
كما أنّ المراد من (مِلكِ الإقرار) أيضاً هو المعنى المناسب لملكيّة نفس الشيء، فإن كانت
السلطنة على نفس الشيء مطلقة- كما في سلطنة المالك والولي القهري كالأب، حيث لا يصحّ لغيره مزاحمته في سلطنته- فملكيّة إقراره أيضاً مطلقة، فالأب بالنسبة إلى البنت الرشيدة- بناءً على ثبوت الولاية له عليها- إذا أقرّ بما يرتبط بولايته عليها، فليس لها مزاحمته في ذلك الإقرار، كما ليس لها مزاحمته في أصل الفعل.
وكذلك
الأب بالنسبة إلى الطفل، فإذا قامت البيّنة بعد بلوغ الطفل على أنّ الأب أقرّ بتصرّف في الطفل أو في ماله عند صغره، فليس للطفل ردّه ومزاحمته بعد بلوغه.
وإن كانت السلطنة غير مطلقة، بمعنى نفوذ التصرّف لولا مزاحمة الغير- كما في الوكيل بناءً على
إمكان مزاحمة المالك للوكيل وردّ تصرّفه- فيكون ملك الإقرار أيضاً مناسباً لهذا المعنى.
وأمّا المراد بالإقرار فهو إمّا معناه اللغوي، وهو
إثبات الشيء وجعله قارّاً، سواء أثبته على نفسه أو على غيره. وإمّا معناه الظاهر عند الفقهاء، وهو
الإخبار بحقٍّ لازم على المخبر، فيختصّ حينئذٍ بما أثبته على نفسه، ويخرج منه دعوى الوكيل أو الولي حقّاً على موكّله والمولّى عليه، أو شهادته لغيره عليهما، وبناءً على هذا المعنى تساوي هذه القاعدة حديث الإقرار.
وهذا المعنى وإن كان أوفق بظاهر الإقرار في كلمات المتكلّمين بالقضيّة المذكورة إلّا أنّه خلاف صريح
استنادهم إليها في موارد دعوى الوكيل والولي والعبد المأذون على غيرهم، فلابدّ من
إرادة المعنى اللغوي.
نعم، لا يختصّ الإقرار بأمر وجودي، بل يكون بالعدم أيضاً كما صرّح به بعض الفقهاء.
ذكر
السيّد الخوئي أنّ هذه القاعدة تختصّ بالامور الاعتبارية- كالبيع والنكاح والطلاق- ولا تشمل الامور التكوينية، فلو أقرّ بنجاسة ما يملكه من ثياب لم يكن يمكن الأخذ بقوله من هذه القاعدة، وإنّما من مدرك آخر.
وهذا ما يظهر من
السيّد الشهيد الصدر من حصر القاعدة في
إطار التصرّفات المعاملية التي يتصوّر فيها نفوذ وصحّة و
بطلان ، لا مطلقاً.
وحينئذٍ يكون معنى القاعدة: أنّ من له سلطنة فعليّة على شيء- أيّ تصرّف كان- كالوكيل فيما وكّل فيه والولي فيما ولّي عليه، يجوز له الإقرار بما يرتبط بحدود سلطنته وصلاحيّاته، فللولي الإقرار بما يرتبط بولايته وتصرّفاته بالنسبة إلى المولّى عليه، فيقرّ بأنّه باع ملكه أو اشترى له دابّة أو آجر داره ونحو ذلك، ومثله الوكيل، فيجوز له الإقرار بتصرّفه في حدود صلاحيّاته ووكالته.
ولمزيد من
استجلاء معنى هذه القاعدة من الضروري التمييز بينها وبين قواعد اخرى ذات صلة وثيقة بها، وذلك على الشكل التالي:
اتّضح بما ذكر الفرق بين القاعدتين، وهو أنّ مورد قاعدة (الإقرار) هو الإقرار على النفس، أي إذا كان الإقرار بضرر المقرّ فقط، ومورد قاعدة (من ملك) هو الأعم، أي سواء كان الإقرار بضرر المقرّ أو بضرر غيره ممّن له سلطنة على ماله أو نفسه. وعليه، تتّفق القاعدتان فيما لو كان الإقرار بضرر المقرّ كإقرار المالك على نفسه، فإنّه تشمله قاعدة الإقرار وقاعدة (من ملك) معاً، ولذلك لم يكن هذا المورد محلّاً للبحث والاستدلال في هذه القاعدة؛ لأنّه مستدلّ عليه بنفس قاعدة الإقرار.
وهذا يعني أنّه ينبغي أن يستدلّ بهذه القاعدة على الموارد التي لا تشملها قاعدة الإقرار، مثل إقرار الوكيل والوصي والمأذون شرعاً من قبل المالك فيما يرجع على الغير وصاحب الحقّ بضرر
فهناك تكون الحاجة إلى هذه القاعدة لتوسيع نطاق قاعدة الإقرار، على حدّ تعبير السيّد محمّد باقر الصدر.
لا ريب في تقدّم أدلّة هذه القاعدة- بناء على قيام الدليل عليها- على الأدلّة الدالّة على عدم نفوذ عبارات الصبي وتصرّفاته، وأيضاً تقدّمها على الأدلّة الدالّة على عدم نفوذ الإقرار في حقّ الغير واحتياجه إلى البيّنة.
قال الشيخ الأنصاري: «لابدّ أن يعلم أنّ المدرك لها لابدّ أن يكون جامعاً لوجه
اعتبار قول الصبي فيما له أن يفعل حتى يحكم على أدلّة عدم اعتبار كلام الصبي في
الإنشاء والإخبار الحاكمة على حديث الإقرار، و(أيضاً جامعاً لوجه) اعتبار إقرار الوكيل والولي على الأصيل حتى يحكم على أدلّة عدم سماع إقرار المقرّ على غيره؛ لكونها دعوى محتاجة إلى البيّنة، لا إقراراً على النفس».
وحينئذٍ من اللازم البحث عن أدلّة هذه القاعدة ومدى دلالتها ليحكم بتقدّمها عليها بمقدار دلالتها، لا أكثر.
استدلّ على هذه القاعدة- بعد
الإجماع الذي توقّف فيه بعضهم
- بما يلي:
حيث لا يبعد قيام
السيرة العقلائية والمتشرعية على هذه القاعدة، كما صرّح بذلك جماعة.
قال
السيّد الحكيم : «الظاهر أنّ هذه القاعدة كما هي معقد إجماع قولي، معقد إجماع عملي وسيرة المتشرعة، بل الظاهر أنّها قاعدة عقلائية أيضاً».
وينجم عن كون مدرك هذه القاعدة هو السيرة أنّها ستكون دليلًا لبّياً يقتصر فيه على القدر المتيقّن، فلا
إطلاق في هذه القاعدة، بل لعلّها عقلائياً تكون بنكتة
الاستيمان نفسه.
وذلك أنّ الشارع إذا ائتمن شخصاً على فعل بأمره بذلك الفعل- كالولي بالنسبة إلى تصرّفاته في أموال الصغير- أو ائتمنه المالك على فعل- كالوكيل- لزم قبول قوله في الإخبار عن أنحاء تصرّفه فيه، وعدم جواز
اتّهامه .
ويناقش بأنّ هذا الوجه لا يشمل مثل
إقرار الصبي ، حيث لم يجعله الشارع أميناً على ما في يده ولا أمره بالتصرّف فيه، ولذا قال الشيخ الأنصاري في مقام ردّه: «والحاصل: أنّ بين هذه القاعدة وقاعدة
الائتمان عموماً من وجه».
فقد استظهر الشيخ الأنصاري من نفس دليل جواز التصرّف أنّ من يملك شيئاً يملك الإقرار به، حيث قال: «يمكن أن يكون الوجه في القضية المذكورة ظهوراً اعتبره الشارع، وبيانه: أنّ من يملك
إحداث تصرّف فهو غير متّهم في الإخبار عنه حين القدرة عليه، والظاهر صدقه ووقوع المقرّ به وإن كان هذا الظهور متفاوت الأفراد قوّة وضعفاً بحسب قدرة المقرّ فعلًا على إنشاء المقرّ به من دون توقّف على مقدّمات غير حاصلة وقت الإقرار- كما في قول الزوج: (رجعت) (بعد وقوع الطلاق) قاصداً به الإخبار مع قدرته عليه بقصد الإنشاء- وعدم قدرته؛ لفوات بعض المقدّمات، لكنّه قادر على تحصيل المقدّمات وفعلها في الزمان المتأخّر- إلى أن قال-: ولو تأمّلت هذا الظهور- ولو في أضعف أفراده- وجدته أقوى من ظهور حال
المسلم في صحّة فعله، بمعنى مطابقته للواقع».
ثمّ أيّد هذا
الاستظهار ببعض المؤيّدات فقال: «هذا، ولكن الظهور المذكور لا حجّية فيه بنفسه حتى يقدّم على مقابله من الاصول والقواعد المقرّرة، بل يحتاج إلى قيام دليل عليه أو
استنباطه من أدلّة بعض القواعد الاخر».
ثمّ إنّ هذا الوجه وإن جعله الشيخ وجهاً مستقلّاً عمّا قبله إلّاأنّ رجوعهما إلى أمر واحد قريب. هذا، وذكر بعض الفقهاء هنا دليلًا آخر، وهو: ثبوت الملازمة بين السلطنة على ثبوت الشيء والسلطنة على إثباته، بمعنى أنّ القدرة على
إيجاد الشيء واقعاً ملازم للقدرة على
إيصاله إلى مرتبة
الإظهار و
الإثبات ، فلو كانت له السلطنة على بيع داره أو وقفه أو هبته أو غير ذلك من التصرّفات فله السلطنة على إثبات هذا العمل في مقام الإثبات والدلالة أيضاً.
ولعلّه مراد بعض المعاصرين من ادّعاء
استقرار بناء العقلاء على ذلك، وتوضيحه بالدلالة الالتزاميّة الحاصلة من التسلّط على نفس الشيء.
وفي مقابل القول بثبوت هذه القاعدة لما تقدّم من أدلّة- كلّاً أو بعضاً- ذهب بعض الفقهاء إلى إنكارها، وهذا ما يظهر من
السيّد الخميني ، حيث أنكر وجود بناء عقلائي عليها، إلى جانب عدم وجود نصوص تثبتها، معتبراً أنّ تسالم الفقهاء على الأخذ بقول الوكيل وإقراره في البيوع لا يحرز أنّه لأجل بنائهم على هذه القاعدة بالخصوص.
تقدّم أنّ الشيخ الأنصاري ادّعى أنّ هذه القاعدة قد اشتهرت على ألسنة الفقهاء من زمان الشيخ الطوسي إلى زماننا هذا، ومن أبرز أمثلتها وتطبيقاتها ما جاء- كما سبق- في مجال الوكيل والولي وأمثالهما، ونذكر بعض التطبيقات المذكورة في كلامهم، وهي:
قال الشيخ الطوسي في مسألة العبد المأذون في التجارة: «إن أقرّ بما يوجب مالًا نظر، فإن كان لا يتعلّق بما اذن له فيه من التجارة... فإنّه لا يقبل... وإن كان يتعلّق بالتجارة- مثل: ثمن المبيع و
أرش المعيب وما أشبه ذلك- فإنّه يقبل إقراره؛ لأنّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به».
وكذلك ذكره
المحقّق الحلّي وغيره.
ونقل
ابن إدريس ذلك عن الشيخ الطوسي ولم يعلّق عليه،
مع أنّ دأبه- فيما ينقله عن الشيخ ولا يرتضيه- الردّ عليه.
وقال الشيخ الطوسي أيضاً- بالنسبة إلى إقرار المسلم قبل أسر الحربي بأنّه آمن مشركاً حربيّاً-: «وإن أقرّ مسلم بأنّه آمن مشركاً قبل منه، وأمّا بعد الأسر فلا يصحّ
الأمان من آحاد المسلمين...فإن أقرّ مسلم أنّه كان آمن هذا
الأسير قبل الأسر لم يقبل منه؛ لأنّه لا يملك عقد الأمان في هذا الحال، فلا يملك الإقرار به».
وبه قال المحقّق الحلّي.
وقال
العلّامة الحلّي : «ولو أقرّ المسلم بأمان المشرك، فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان صحّ إقراره، وقبل منه إجماعاً».
وقال
المحقّق النجفي : «لو أقرّ المسلم أنّه أذمّ لمشرك، فإن كان في وقت يصحّ منه إنشاء الأمان قبل إجماعاً- كما في المنتهى- لقاعدة (من ملك شيئاً ملك الإقرار به)، وإلّا فلا؛ لأنّه لا يملكه حينئذٍ حتى يملك الإقرار به».
وقال
فخر المحقّقين في مسألة إقرار السيّد على العبد بحدٍّ أو غيره من العقوبات كالتعزير وضرب اليد في
الاستمناء باليد: «لا ينفذ على العبد إذا لم يقرّ العبد؛ لأنّه إقرار بما يتعلّق ببدنه أو بما يؤلمه، وهو لا يملك منه ذلك، وهذه المسألة إجماعيّة بيننا».
وعلّق المحقّق الثاني على كلام العلّامة في وصيّة الصبي: «(ولو جوّزنا وصيّته في المعروف جوّزنا إقراره بها) : لأنّ كلّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به، وقد سبق أنّا لا نجوّز ذلك».
أي لا نجوّز منه الوصيّة بالمعروف، وبالطبع لا يجوز إقراره أيضاً، ولكن هذا منه
إنكار للصغرى لا الكبرى المبحوث عنها هنا.
وقال
السيّد العاملي معلّقاً على كلام العلّامة في هذه المسألة: «(وكلّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به) :... فإنّها مسلّمة مطّردة، فمن جوّز وصيّة الصبي بالمعروف جوّز إقراره بها؛ لأنّه لمّا ملك الوصيّة ملك الإقرار بها».
ذكر
السيّد بحر العلوم أنّه لو اختلف المتعاطيان في حصول سبب اللزوم، ففي تقدّم قول مدّعي اللزوم أو الجواز نظر، ينشأ من أنّ مدّعي اللزوم يدّعي أمراً حادثاً يقتضي
الأصل عدمه، ومن أنّه ملك التصرّف فيملك الإقرار به؛ لأنّ من ملك شيئاً ملك الإقرار به، وهو الأقرب؛ لحكومة قاعدة (من ملك) على
استصحاب جواز الرجوع.
ذكر
السيّد اليزدي أنّه لو ادّعت الزوجة أنّ زوجها طلّقها وأنكر، مع عدم البيّنة لها، قدّم قول الزوج مع اليمين، وإن انعكس بأن ادّعى الزوج أنّه طلّقها وأنكرت الزوجة، يحتمل تقديم قوله؛ لأنّ الطلاق من فعله وأمره بيده، ولقاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به، ولأنّه أمين من قبل اللَّه تعالى، فيكون كسائر الامناء من الوكيل والولي في تقديم قوله.
ذكر
السيّد الحكيم في القاعدة المشهورة بين الفقهاء من قبول قول من لا يعرف المقول إلّامن قبله، أنّ هذه القاعدة تقتضيها قاعدة من ملك، وتكون من أدلّتها.
يظهر من كلمات السيّد الشهيد الصدر أنّ هناك احتمالًا في أن يكون مدرك قاعدة حجّية إخبار ذي اليد هو قاعدة من ملك، وأنّ هذا من مواردها وتطبيقاتها، إلّاأنّه يناقش في ذلك ببحث مفصّل.
وذكر السيّد الخوئي أنّه لو اختلف المالك والعامل في المساقاة في مقدار
الأجرة قدّم قول المالك؛ لقاعدة (من ملك). وناقشه في ذلك بعض الفقهاء المعاصرين.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۱۲۲- ۱۲۸.