ماء البئر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
و (في نجاسة) ماء (البئر) هي مجمع ماء نابع من
الأرض لا يتعداها غالباً، ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً (بالملاقاة) للنجاسة من دون تغيير.
(قولان) مشهوران (أظهرهما) عند المصنّف تبعا للمشهور بين القدماء، بل المجمع عليه بينهم، كما عن
الانتصار والغنية والسرائر
والمصريّات للمصنف، لكن في الأخيرين عدم الخلاف (التنجيس)، لورود
الأمر بالنزح في وقوع كثير من النجاسات فيها، وهو فرع كونه للوجوب وثبوت التلازم بينه وبين النجاسة. وهما هنا في محل المنع، مضافا إلى وروده فيما ليس بنجس إجماعاً. وللصحاح وغيرها، أقواها الصحيح : عن
البئر يقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب والهرّة فقال : «يجزئك أن تنزح منها دلاء، فإن ذلك يطهّرها إنشاء اللّه».
ويتلوه في القوة الآخر : عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر القطرات من بول أو دم، أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة ونحوها، ما الذي يطهّرها حتى يحلّ الوضوء منها؟ فوقّع عليه السلام بخطّه في كتابي : «ينزح منها دلاء».
وغيرهما ضعيف الدلالة جدّاً.
وهما وإن قويت الدلالة فيهما إلّا أنّ الاكتفاء بنزح الدلاء المطلق للمذكورات فيها مع اختلاف تقاديرها إجماعاً يوهن التمسك بهما. مع كون الثانية ـ مضافا إلى أنها مكاتبة ـ غير صريحة الدلالة، بل ولا ظاهرة، من حيث وقوع لفظ التطهير في كلام الراوي. والتقرير حجة مع عدم
احتمال مانع من الردّ، وهو في المقام ثابت، لاحتمال كون الوجه فيه التقية، بناءً على كون النجاسة مذهبا لأكثر العامة،
ويشهد له كونها مكاتبة. ومع ذلك فهما معارضتان بالأصل ، والعمومات عموما في كل شيء، وخصوصاً في الماء، واختلاف الأخبار في مقادير نزح النجاسات جداً. وعموم ما دلّ على عدم نجاسة الكرّ بالملاقاة منطوقاً أو فحوى قطعياً، لكنه في الجملة.
والصحاح المستفيضة وغيرها :
منها الصحيحان : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلّا أن يتغيّر».
وزيد في أحدهما : «ريحه أو طعمه، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لأنّ له مادة»
وفيهما وجوه من الدلالة. ومنها الصحيح : عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين، أيصلح الوضوء منها؟ قال : «لا بأس».
ومنها الصحيح : «لا يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة بما وقع في البئر، إلّا أن ينتن، فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة»
وفي معناه غيره من المعتبرة.
والمناقشات فيما ذكر ضعيفة جدا لا يلتفت إليها.
فإذا الأظهر القول بالطهارة مطلقاً، وفاقاً لجماعة من القدماء،
وأكثر المتأخرين.
وفي قول : التفصيل بين ما بلغ كراً فالثاني، وما لم يبلغ فالأول للخبر : «إذا كان ماء في الركيّ كرا لم ينجّسه شيء»
والركية البئر، وجمعها ركيّ وركايا
وفي معناه الرضوي،
مضافاً إلى عموم ما دلّ على
اعتبار الكرية في عدم نجاسة الماء. وهو ضعيف لقصور الجميع عن المقاومة لما تقدّم، مضافاً إلى ضعف الأوّلين وعدم عموم في الثالث.
وعلى الثاني فهل النزح الوارد في الأخبار لمحض الملاقاة على
الاستحباب أو الوجوب؟
الأقرب : الأول، وفاقا للأكثر ولما تقدّم من
الاختلاف في مقادير النزح.
ونسب إلى التهذيب : الثاني،
وهو خيرة
المنتهى .
وهو ضعيف.
•
منزوحات البئر، وينزح وجوبا أو استحبابا لموت البعير وهو من
الإبل بمنزلة
الإنسان يشمل الذكر والأنثى والصغير والكبير وكذا للثور وقيل: هو الذكر من البقر،
والأولى اعتبار
إطلاق اسمه عرفاً مع ذلك، فلا يلحق به الصغير منه للشك فيه وكذا
لانصباب الخمر فيها ماؤها أجمع.
•
ماء البئر والبالوعة، ولا ينجس
البئر بالبالوعة ولو تقاربتا
ما لم تتصل نجاستها، لكن يستحب تباعدهما قدر خمس أذرع إن كانت
الأرض صلبة أو كانت البئر فوقها، وإلا فسبع
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۲۹-۵۶.