مسائل دية الأطراف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
مسائل
دية الأطراف وهنا مسائل ثمان، الاولى:
دية النافذة في الأنف ثلث ديته، فإن صلحت فخمس ديته، ولو كانت في أحد المنخرين إلى الحاجز، فعشر الدية؛ الثانية: في شق الشفتين حتى تبدو الأسنان: ثلث ديتهما، ولو برأ فخمس ديتهما، ولو كانت في إحداهما: فثلث ديتها، ومع البرء فخمس ديتها؛ الثالثة: إذا أنفذت نافذة في شئ من أطراف الرجل فديتها مئة
دينار؛ الرابعة: في إحمرار الوجه بالجناية دينار ونصف، وفي إخضراره ثلاثة دنانير، وفي إسوداده ستة، وقيل: فيه كما في الإخضرار، وقال جماعة منا: وهي البدن على النصف؛ الخامسة: كل عضو له دية مقدرة، ففي شلله: ثلثا ديته، وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته؛ السادسة: دية الشجاج في الرأس والوجه سواء، وفي البدن بنسبة العضو الذي يتفق فيه؛ السابعة: كل ما فيه من الرجل ديته، ففيه من المرأة ديتها، ومن
الذمي ديته، ومن
العبد قيمته، وكل ما فيه من الحر مقدر فهو من المرأة بنسبة ديتها، ومن الذمي كذلك، ومن العبد بنسبة قيمته، لكن الحرة تساوي الحر حتى تبلغ الثلث ثم يرجع إلى النصف،
والحكومة والأرش عبارة عن معنى واحد، ومعناه: أن يقوم سليما أن لو كان عبدا، ومجروحا كذلك، وينسب التفاوت إلى القيمة ويؤخذ من الدية بحسابه؛ الثامنة: من لا ولي له
فالإمام ولي دمه، وله المطالبة بالقود أو الدية، وهل له العفو؟ المروي: لا.
دية النافذة في الأنف بحيث تثقب المنخرين معاً ولا تنسد ثلث ديته بلا خلاف أجده، بل عليه
الإجماع في ظاهر عبارة بعض الأجلّة
، وهو
الحجة.
مضافاً إلى المعتبرة، ومنها كتاب ظريف والرضوي كما حكي
، والخبر: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في النافذة تكون في العضو ثلث الدية دية ذلك العضو»
.
فإن صلحت وانسدّت فخمس الدية مائتا دينار في المشهور بين الأصحاب على الظاهر، المصرّح به في
المختلف.
ومستندهم غير واضح عدا ما قيل من كونه كتاب ظريف
. وهو غريب؛ فإنّ المروي فيه على ما يوجد في الكتب الثلاثة والمختلف وغيره
أنّ فيها خمس دية الروثة مائة دينار، وبه أفتى
الإسكافي والحلّي في
السرائر وعن
الخلاف، وهو الأصحّ؛ لعدم المعارض، مضافاً إلى الأصل.
ولو كانت النافذة في أحد المنخرين خاصّة إلى الحاجز بينهما فعشر الدية مائة دينار، إمّا مطلقاً كما هنا وفي
الشرائع واللمعة وغيرها
، أو بشرط البرء وإلاّ فسدس الدية، كما عليه
الفاضل وعن جماعة كالشيخين
والقاضي والحلّي
والديلمي والحلبي، وغيرهم
، وفي الغنية
، والظاهر أنّه المشهور كما صرّح به في المختلف
.
وحجّتهم على التقديرين غير واضحة عدا ما يحكى من الرضوي
، وفيه العشر بقول مطلق، وهو مع أنّه خلاف المشهور معارض بما في كتاب ظريف من أنّ فيها عشر دية الروثة خمسين ديناراً
، وعليه الإسكافي
أيضاً.
ومنه يظهر ما في جعل المستند للقول بالعشر مطلقا كتاب ظريف، وكذا في نسبة القول بالتفصيل بين البرء فالعشر وعدمه فالسدس إلى العلاّمة خاصّة، مع أنّه رأي جماعة، بل المشهور كما عرفته.
في شقّ الشفتين معاً حتى تبدو الأسنان ولم تبرأ ثلث ديتهما سواء استوعبهما الشقّ أم لا، في ظاهر إطلاق
النص والفتوى ولو برئت الجرحة فخمس ديتهما، ولو كانت الجرحة في إحداهما خاصّة ولم تبرأ فثلث ديتها، ومع البرء فخمس ديتها بلا خلاف أجده إلاّ من الإسكافي، فقال: في العليا ثلث ديتها، وفي السفلى نصف ديتها
، وأطلق. وهو شاذّ، بل على خلافه الإجماع في
الغنية.
ويوافقه كتاب ظريف إلاّ في السفلى إذا لم تبرأ، فقد أوجب في قطعها ثلثي الدية ستّمائة دينار وستّة وستّين ديناراً ثلثي دينار، وفي شقّها إذا لم تبرأ ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثين ديناراً وثلث دينار
.
فجعله مستنداً لتمام ما في العبارة كما فعل ليس في محلّه، بل هو أقرب بالدلالة على ما عليه الإسكافي في السفلى، لكنّه أطلق نصف الدية فيها من دون اشتراط للبرء بخلاف
الرواية فقد اشترطته، فهي في الحقيقة ليست حجة على شيء من القولين.
إذا نفذت نافذة في شيء من أطراف الرجل فديتها مائة دينار كما هنا وفي الشرائع
والإرشاد واللمعة
، ونسبه في شرحها
والمسالك إلى الشيخ وجماعة كما في الأوّل، وأتباعه كما في الثاني
، وفي
القواعد والتحرير إلى القيل، مؤذناً بتوقّفه فيه.
ولعلّ وجهه ما قيل: من أنّه لم نقف على مستنده، وهو مع ذلك يشكل بما لو كانت دية الطرف تقصر عن المائة كالأنملة؛ إذ يلزم زيادة دية النافذة فيها على ديتها، بل على دية أنملتين حيث يشتمل الإصبع على ثلاث
.
وهو حسن، إلاّ أنّ ما ذكره من عدم الوقوف على مستنده غريب؛ للتصريح به في كتاب ظريف
، وما عرضه
ابن فضّال على
أبي الحسن (علیهالسّلام) المروي في الصحيح والموثق بالأخير، وفيه: «قضى أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في دية جراحة الأعضاء» إلى أن قال: «وأفتى في النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شيء من الرجل في أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار»
.
فالأجود الاقتصار في الاستشكال فيه بما ذكره في وجهه، وزيادة أنّ عمومه لا يلائم ما في كتاب ظريف أيضاً من قوله في نافذة الأنف ما مرّ، وفي نافذة الكفّ إن لم تنسدّ فمائة دينار، وفي نافذة الساعدين خمسين ديناراً، وفي نافذة القدم لا تنسدّ خمس
دية الرجل مائتا دينار: «وفي نافذة الخدّ ويرى منها جوف الضم فديتها مائتا دينار، فإن دووي فبرئ والتأم وبه أثر بيّن وشين فاحش فديته خمسون ديناراً، فإن كانت نافذة في الخدّين كليهما فديتها مائة دينار، وذلك نصف دية التي يرى منها الفم، وإن كانت رمية بنصل نشبت بالعظم حتى تنفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون ديناراً جعل منها خمسون ديناراً لموضحتها، وإن كانت ناقبة ولم تنفذ فديتها مائة دينار»
.
ومع ذلك يعارضه
الخبر: «في النافذة تكون في العضو ثلث دية ذلك العضو».
ولكن في سنده ضعف، ورفع اليد عن النص الصحيح المعتضد بعمل هؤلاء الأعاظم الذين لم يُرَ لهم مخالف صريحاً مشكل.
مع إمكان الذبّ عن وجوه الإشكال، فعمّا ذكره القائل بالتزامه، والذبّ عنه بتخصيص العموم بالمائة بما فيه كمال الدية كما حكاه قولاً في
الروضة وغيرها
، أو ما كان ديته زائدة على المائة كما احتمله بعض الأجلّة
.
وعمّا ذكرناه بتخصيصه أيضاً بغير ما تضمنه من النوافذ المزبورة؛ إذ التنافي بينهما وبينه ليس تنافي تضادٍّ، بل عموم وخصوص يجري فيه التخصيص المذكور، لكنّه يتوقّف على وجود قائل به، ولم أره، مع أنّ النص عام كعبائر الجماعة.
وتخصيصهم الحكم بالرجل يقتضي أنّ المرأة ليست كذلك، فيحتمل فيها الرجوع إلى الأصل من
الأرش أو حكم الشجاج بالنسبة وثبوت خمسين ديناراً على النصف كالدية.
وعن بعض فتاوي الشهيد أنّ الأُنثى كالذّكر في ذلك، ففي نافذتها مائة دينار أيضاً
.
وهو مناسب للأصل المقرّر من مساواتها للرجل في
دية الأعضاء ما لم يبلغ الثلث أو يتجاوزه، ولكن التقييد بالرجل في النص والفتوى لا يناسبه، فتأمّل.
في احمرار الوجه بالجناية من لطمة وشبهها دينار ونصف، وفي اخضراره بها ثلاثة دنانير بلا خلاف أجده، بل عليه الإجماع عن
الانتصار والخلاف وفي السرائر والغنية وغيرها من كتب الجماعة
، وهو الحجة.
مضافاً إلى الموثقة كالصحيحة: «قضى
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) في اللطمة يسودّ أثرها في الوجه أنّ أرشها ستّة دنانير، فإن لم تسودّ واخضرّت فإنّ أرشها ثلاثة دنانير، فإن احمرّت ولم تخضرّ فإنّ أرشها دينار ونصف»
.
وفيها دلالة على أنّ في اسوداده ستّة دنانير، كما عليه الأكثر ومنهم
الشيخ في الخلاف مدّعياً عليه
الوفاق.
وقيل والقائل
المفيد وجماعة ومنهم السيّدان
مدّعيين عليه الإجماع: أنّ فيه ثلاثة دنانير كما في الاخضرار وهو الأوفق بالأصل، ولكنّ الأوّل أنسب بالاعتبار بعد النص المعتبر المعتضد بعمل الأكثر.
وقال جماعة منّا من غير خلاف بينهم أجده، كما صرّح بعض الأجلّة
، وادعى عليه في الروضة
الشهرة، وعن الانتصار والخلاف وفي الغنية
دعوى الإجماع عليه: وهي أي هذه الجنايات الثلاث في البدن على النصف ممّا في كل منها في الوجه، ففي الاحمرار ثلاثة أرباع الدينار، وفي الاخضرار دينار ونصف، وكذا في الاسوداد أو ثلاثة على الاختلاف.
ونسبه
الماتن هنا وفي الشرائع
إليهم مؤذناً بالتردّد فيه؛ لعدم نصّ بذلك عنده عدا الرواية المتقدمة، وهي خالية عنه كما صرّح به
شيخنا في الروضة
.
وفيه مناقشة؛ فإنّ الخلوّ إنّما هو في
الكافي والتهذيب، وأمّا في الفقيه فمتضمّنة له، ففيه بعد ما مرّ: «وفي البدن نصف ذلك». وظاهر النصّ والفتوى أنّ ذلك يثبت بوجود أثر اللطمة ونحوها في الوجه مثلاً وإن لم يستوعبه ولم تدم فيه.
وربما حكي
قول باشتراط الدوام، وإلاّ فالأرش. وهو ضعيف، مع عدم ظهور قائله.
وهل يخصّ ذلك بوجه الحرّ كما يظهر من الغنية
، أم يعمّه ووجه العبد مثلاً كما يقتضيه إطلاق النصّ والفتوى؟ وجهان، والأصل مع قوة احتمال اختصاصهما بحكم
التبادر بالحرّ يرجّح الأوّل، فيرجع في العبد إلى الحكومة كما في كل لطمة أو وكزة لم تتضمّن التغييرات المزبورة، مع احتمال مراعاة النسبة إلى القيمة.
ومورد النص والفتوى في المسألة الأُولى إنّما هو خصوص الوجه، وعن الخلاف وفي السرائر
أن الرأس كالوجه، ولم أعرف وجهه.
نعم ربما يستأنس له بالخبر: «الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في
الدية؛ لأنّ الوجه من الرأس، وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس»
فتدبّر.
كل عضو له دية مقدّرة ففي شلله أي جعله أشل ثلثا ديته صحيحاً وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته صحيحاً، بلا خلاف أجده في المقامين، بل على الأوّل الإجماع عن الخلاف وفي الغنية
، وكذا على الثاني في ظاهر عبارة بعض الأجلّة
، وهو الحجة.
مضافاً إلى النصوص الواردة بهما ولو في أطراف مخصوصة تقدّم إليها الإشارة، وهو كافٍ بعد ضمّ عدم القائل بالفرق بين
الطائفة.
مع أنّ في الخبر الوارد في الأصابع صحيحة وشلاّء: «وكلّ ما كان من شلل فهو على الثلث من دية الصحاح»
وهو عام في الثاني بناءً على أنّ العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.
نعم في كتاب ظريف وما عرضه يونس على مولانا
الرضا (علیهالسّلام): وشلل اليدين ألف دينار، والرجلين ألف دينار
. وهو شاذّ، كالقوي الوارد بالدية في ذكر العنّين
وإن حكي القول به عن
الصدوق والإسكافي
.
ونحوهما في الشذوذ الصحيح: «في الإصبع عُشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلّت» الخبر
.
دية الشجاج في الرأس والوجه سواء بلا خلاف؛ للإطلاقات إن قلنا بعدم اختصاصها بالرأس كما هو المشهور؛ وللمعتبرين، أحدهما القوي: «الموضحة في الوجه والرأس سواء»
.
وفي الثاني: «الموضحة والشجاج في الرأس والوجه سواء في الدية؛ لأنّ الوجه من الرأس»
وهو صريح في العموم منطوقاً ومفهوماً، وبه تجبر أخصّية مورد الأوّل، مضافاً إلى عدم القول بالفصل.
وأمّا
الخبر: «في السمحاق، وهي التي دون الموضحة خمسمائة درهم، وفيها إذا كانت في الوجه ضعف الدية على قدر الشين»
ففيه مع شذوذه ضعف بالإرسال، وعدم مقاومة لما مرّ من الأخبار المعتضدة أو المنجبرة بعمل
الأصحاب.
ودية شبيهها من الجراح في البدن بنسبة دية العضو الذي يتفق فيه الجراحة من دية الرأس وهي دية النفس، ففي حارصة اليد مثلاً نصف بعير أو خمسة دنانير، وفي حارصة إحدى أنملتي الإبهام عشر بعير أو نصف دينار، بلا خلاف أجده، ولم أجد دليلاً على هذه الكلّيّة بعده.
نعم في الخبر المتقدم: «وليست الجراحات في الجسد كما هي في الرأس».
وفي
الموثق: «في الجروح في الأصابع إذا أوضح العظم نصف عشر
دية الإصبع»
.
وهما مع قصور سندهما، بل ضعف الأوّل لا يفيدان تمام المدّعى، إلاّ أن يجبر جميع ذلك
بالإجماع المركّب.
مضافاً إلى اعتبار سند الموثق، لكنّه روي في التهذيب كما مرّ، وفي الكافي «عشر دية الإصبع»
بإسقاط لفظ النصف، وعليه فيلحق بالشواذ.
واعلم أنّ كتاب ظريف تضمّن تفاصيل
ديات الجراح في البدن موافقاً للقوم في بعضها ومخالفاً لهم في آخر منها، ولذا لا يمكن الاستدلال به لهم هنا.
كلّ ما كان فيه حال كونه من الرجل الحرّ ديته كاملة كالنفس واليدين والرجلين والعقل ونحو ذلك ففيه أي في ذلك الشيء إذا كان من المرأة ديتها نصف ديته.
وفي ذلك إذا كان من
الذمّي ديته ثمانمائة درهم ومن الذمّية ديتها.
وفيه إذا كان من
العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحرّ فيردّ إليها، ومن
الأمة قيمتها ما لم تتجاوز دية الحرّة، بلا خلاف في شيء من ذلك، وقد تقدّم التحقيق فيها في الشرط الأوّل من شرائط
القصاص، وفي النظر الأوّل من كتاب الديات.
وكلّ ما كان فيه حال كونه من الرجل الحرّ مقدّر مخصوص كإحدى اليدين والرجلين والأُذنين ونحو ذلك من الأطراف التي يجب في الجناية عليها نصف الدية أو ثلثاها أو ثلثها أو عشرها أو نحو ذلك من المقادير، وكالحارصة والدامية والموضحة ونحوها من الشجاج والجراح التي يجب فيها المقدّر من دياتها السابقة مفصّلة.
فهو إذا كان من المرأة فيه ديته بنسبة ديتها فما فيه من الرجل نصف ديته مثلاً ففيه من المرأة نصف ديتها، وما كان فيه منه ثلثا ديته أو ثلثها أو عشرها أو نحو ذلك ففيه من المرأة مثل ذلك لكن بنسبة ديتها.
ومن الذمّي والذمّية كذلك أي بنسبة ديتهما ومن العبد والأمة بنسبة قيمته ما بلا خلاف في شيء من ذلك أجده، بل عليه الإجماع في الغنية
.
والنصوص به مع ذلك مضافاً إلى الاعتبار مستفيضة، منها
القوي: «جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن»
.
ومنها في رجل شجّ عبداً موضحة، قال: «عليه نصف عشر قيمته»
.
ومنها: «يلزم مولى العبد قصاص جراحة عبده من قيمة ديته على حساب ذلك يصير
أرش الجراحة، وإذا جرح الحرّ العبد فقيمة جراحته من حساب قيمته»
إلى غير ذلك من
النصوص.
وفي
الصحيح: عن رجل مسلم فقأ عين
نصراني؟ فقال: «دية عين الذمّي أربعمائة درهم»
.
وفي آخر: «جراحات النساء على النصف من جراحات الرجال في كل شيء»
ونحوه النصوص المستفيضة المتقدّمة في البحثين المتقدم إليهما الإشارة.
لكن فيها الدلالة على أنّ الحرّة تساوي الحرّ في
ديات الأطراف والجراح حتى تبلغ الثلث، ثم ترجع إلى النصف وعليها عمل الأصحاب كافّة، وإن اختلفوا كاختلافها من وجه آخر، وينافي ذلك عموم الصحيحة المزبورة، لكنّها قابلة للتخصيص بتلك المستفيضة بحملها على ما إذا زاد عن ثلث الدية.
وهذه النصوص وإن لم تف بتمام ما في العبارة من المطلوب لكن يتمّم بالإجماع المركّب وعدم قائل بالفرق بين مواردها وغيرها.
واحترز بقوله: فيما فيه مقدّر، عمّا لا تقدير فيه، فإنّ فيه
الحكومة مطلقاً، بلا خلاف أجده، ويشهد له كثير من المعتبرة، منها الصحيح: «وما كان جروحاً دون الاصطلام
فيحكم به ذوا عدل منكم» الخبر
.
وفي آخر: «إنّ عندنا الجامعة» قلت: وما الجامعة؟ قال: «صحيفة فيها كل
حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش» وضرب بيده إليّ فقال: «أتأذن يا أبا محمد؟» فقلت: جعلت فداك، إنّما أنا لك فاصنع ما شئت، فغمزني بيده وقال: «حتى أرش هذا»
.
والحكومة والأرش في اصطلاح
الفقهاء عبارة عن معنى واحد وهو تفاوت ما بين الصحة والعيب.
ومعناه في نحو العبد واضح، لكن لا يتجاوز بقيمته عن دية الحرّ كما مرّ غير مرّة، وينقص من قيمته حال العيب أيضاً بتلك النسبة، فلو تجاوز دية الحرّ بقدر الربع مثلاً وردّ إليها بإسقاطه فليسقط مثله من قيمته حال العيب أيضاً، ويراعى التفاوت بين القيمتين ويؤخذ، فتأمّل.
وفي الحرّ أن يقوّم سليماً من نقص تلك الجناية إن كان عبداً ويقوّم مجروحاً كذلك أي بفرض كونه عبداً وينسب التفاوت بين قيمتي حال الصحة والعيب إلى القيمة الأُولى ويؤخذ من الدية بحسابه أي التفاوت من النصف والثلث والعشر ونحو ذلك، فلو قوّم عبداً صحيحاً بعشرة ومعيباً بتسعة وجب للجناية عشر دية الحرّ، ويجعل العبد أصلاً له في ذلك، كما أنّ الحرّ أصل له في المقدّر.
من قتل ولا وليّ له،
فالإمام (علیهالسّلام) وليّ دمه، وله المطالبة
بالقود في
العمد أو الدية في
شبهه والخطأ، بلا خلاف، فتوًى وروايةً واعتباراً.
وهل له العفو عنهما؟ المروي في الصحيح: لا
، وهو المشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعاً كما في
الإيضاح والمسالك والروضة
وشرح الشرائع للصيمري، وهو كذلك؛ لعدم مخالف فيه عدا الحلّي
، وهو شاذّ.
وتحقيق المسألة مضى في كتاب
الإرث في المسألة الثالثة من مسائل بحث مانعية القتل عن الإرث، فلا نعيده، مع أنّ البحث قليل الفائدة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۵۲۱-۵۳۵.