آنية الخمر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هي ما كانت ظرفاً للخمر ومن
المسائل التي يبحث عنها في الفقه هي
حكم استعمالها وإمكان
تطهيرها.
وهي ما كانت
ظرفاً للخمر، وحيث انّ المعروف
نجاسة الخمر بأنواعه كافّة، فلا يجوز استعمالها إلّا بعد غسلها وتطهيرها.
وقد تقدّم عدد الغسلات
اللازمة في تطهير الآنية
الملاقية مع الخمر. (المطهرات)
والبحث هنا عن آنية الخمر من حيث إمكان تطهيرها أم لا.
ومن حيث جواز استعمالها في الأكل والشرب حتى بعد التطهير وعدم
جوازه أو
كراهته.
والمشهور إمكان تطهيرها وجواز استعمالها بعد التطهير.
وكيفية تطهير الجسم الذي تنفذ فيه النجاسة يراجع فيه بحث «المطهرات».
ومن يقول بطهارة
المسكر مطلقاً
أو ما لم يتخذ من
العصير العنبي لا يرى محذوراً من ناحية النجاسة، كما هو واضح.
ونسب إلى
ابن الجنيد والشيخ في
النهاية وابن البرّاج في
المهذب القول بعدم جواز استعمال غير الصلب من آنية الخمر مطلقاً، والدليل هو:
عدم إمكان تطهيره عندهم؛ لما في الخمر من الحدّة والنفوذ.
واجيب
:
۱- انّ الخمر ليس أسرع من
الماء نفوذاً.
۲- انّ الأجزاء الخمرية غالباً تستهلك متى دخلت في المسامّ خصوصاً إذا جفّ الاناء، وهي ليست مانعة من حصول طهارة ظاهر الذي يراد استعماله؛ إذ لا سراية. نعم ينجس ما فيه حينئذٍ لو خرجت تلك الأجزاء الخمرية إلى الخارج.
۳- إطلاق ما دلّ على حصول
الطهارة بالغسل بالماء وترك الاستفصال في
الروايات الآتية.
النهي الوارد في بعض الروايات:
كصحيح محمّد بن مسلم قال: «وسألته عن الظروف؟ فقال: نهى
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن
الدباء والمزفّت. وزدتم أنتم
الحنتم يعني الغضار، والمزفّت يعني الزفت الذي يكون في الزق ويصب في الخوابي ليكون أجود للخمر قال: وسألته عن
الجرار الخضر والرصاص؟ فقال: لا بأس بها».
وخبر
أبي الربيع الشامي عن
الصادق عليه السلام قال: «نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن كلّ مسكر، فكلّ مسكر
حرام. قلت:
فالظروف التي يصنع فيها منه؟ فقال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء والمزفّت والحنتم
والنقير، قلت: وما ذلك؟ قال:
الدباء: القرع، والمزفّت: الدنان، والحنتم: جرار خضر، والنقير: خشب كان أهل
الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها».
وخبر
جراح المدائني عنه عليه السلام «أنّه منع ممّا يسكر من
الشراب كلّه ومنع النقير ونبيذ الدباء».
وفي قبال ذلك روايات عديدة دلّت على جواز استعمال ظروف الخمر بعد غسلها، من قبيل:
موثّق
عمار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: «سألته عن الدَنّ يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه خلّ أو ماء كامخ أو
زيتون؟ قال: إذا غسل فلا بأس. وعن
الإبريق وغيره يكون فيه خمر، أ يصلح أن يكون فيه ماء؟ قال: إذا غسل فلا بأس. وقال: في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر. قال: تغسله ثلاث مرّات».
وموثقه الآخر: «عن
الكوز والاناء يكون
قذراً كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟ قال: يغسل ثلاث مرّات».
بل وخبر
حفص الأعور: «قلت للصادق عليه السلام: «إنّي آخذ
الركوة، فيقال: إنّه إذا جعل فيها الخمر وغسلت، ثمّ جعل فيها
البختج كان أطيب له، فنأخذ الركوة فنجعل فيها الخمر فنخضخضه ثمّ نصبّه، فنجعل فيها البختج؟ قال: لا بأس به».
وخبره الآخر: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام:
الدنّ يكون فيه الخمر ثمّ يجفّف، يجعل فيه
الخلّ؟ قال: نعم».
إذ المراد يجفّف ويغسل.
والموثق عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أيضاً:
«عن الاناء يشرب فيه
النبيذ؟ فقال: تغسله سبع مرات، وكذلك
الكلب».
والمشهور حملوا الروايات الناهية على الكراهة أو إرادة النهي عن الانتباذ فيها مخافة الاختمار، لا مطلق استعمالها.
قال
المحقق النجفي: «والأخبار لا تصلح لاثبات الكراهة فضلًا عن المنع؛ إذ هي- بعد الاغضاء عن سند بعضها والاجمال بل الاشكال في متن الآخر وقصورها عن تقييد غيرها- ظاهرة في إرادة النهي عن الانتباذ فيها مخافة الاختمار، باعتبار ما في الاناء من
الدهنيّة أو النبيذ السابق المتغيّر، لا مطلق استعمالها، كما يشهد لذلك النهي فيها عن المزفّت أي المطلي بالزفت وهو القير وعن الحنتم وهي كما قيل الجرار الخضر المدهونة ممّا عرفت أنّه لا إشكال في قابليّته للتطهير وجواز استعماله، فعلم إرادة بيان خصوصية للانتباذ خوفاً عليه من الاختمار ولو لتشرّب الاناء الذي لا يمنع من قبول التطهير لكنه قد يؤثّر الاختمار بل قد تؤثّر الرائحة ونحوها.
إلّا أنّه مع ذلك كلّه لا بأس بالقول بالكراهة تخلّصاً من شبهة
الخلاف بل
والاحتمال في الأخبار واستظهاراً في
الاحتياط ونحو ذلك ممّا يكتفى به فيها
للتسامح، واللَّه أعلم».
هذا، وقد قال
الشيخ الصدوق: «ولا تصلّ في بيت فيه خمر محصور في آنية، وقد روي فيه رخصة».
وظاهره حرمة الصلاة، قال
المحقق السبزواري: «... ومنع الصدوق من
الصلاة في بيت فيه خمر محروز في آنية، مع أنّه حكم بطهارة الخمر. ولا بُعد فيه بعد ورود
النص».
إلّا أنّ المتأخرين استبعدوا ذلك وحملوه على الكراهة.
يراجع تفصيله في «مكان المصلّي».
الموسوعة الفقهية ج۱، ص۴۷۸-۴۸۳.