كيفية الطواف
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(والنظر في مقدمة الطواف وكيفيّته وأحكامه)، وأمّا الكيفية: فواجبها
النية ، والبدأة والختم بالحجر الأسود، و
الطواف على اليسار، و
إدخال الحجر في الطواف، والطواف سبعا، والطواف بين
المقام والبيت.
( وأمّا الكيفية : فواجبها
النية ) و
استدامة حكمها إلى الفراغ كما في غيره من العبادات. والأظهر
الاكتفاء فيها بقصد الفعل المتعين طاعةً لله عزّ وجلّ ، وإن كان الأحوط التعرض للوجه من وجوب أو ندب ، وكون الحج إسلامياً أو غيره، تمتعاً أو غيره. وفي
الدروس : ظاهر بعض القدماء أن
نية الإحرام كافية عن خصوصيات نيّات الأفعال.
وما ذكرناه أظهر وأحوط.
(والبدأة بالحجر) الأسود (والختم به) بالإجماع كما في كلام جماعة؛
والمعتبرة، ففي الصحيح : «من اختصر في الحِجر الطواف فليعد طوافه من الحَجر الأسود إلى الحَجر الأسود».
وحيث تجب البدأة بالحَجر فلو ابتدأ من غيره لم يعتّد بما فعله حتى ينتهي إلى
الحجر الأسود ، فيكون منه
ابتداء طوافه إن جدّد النية عنده أو استصحبها فعلاً. والظاهر الاكتفاء في تحقق البدأة بالحَجر بما يصدق عليه ذلك عرفاً. واعتبر العلاّمة ومن تأخّر عنه
جعل أوّل جزء من الحَجر محاذياً لأوّل جزء من مقاديم بدنه بحيث يمرّ عليه بعد النية بجميع بدنه علماً أو ظنّاً. وهو أحوط وإن كان في تعيّنه نظر.
ومعنى الختم به
إكمال الشوط السابع إليه بحيث يصدق الختم به عرفاً. خلافاً لمن مرّ، فاعتبروا محاذاة الحَجر في آخر شوط كما ابتدأ به أوّلاً ليكمل الشوط من غير زيادة ولا نقصان. والكلام فيه كما مرّ، بل قيل : إنّ الظاهر الاكتفاء بتجاوزه بنية أنّ ما زاد على الشوط لا يكون جزءاً من الطواف، بل الظاهر عدم
بطلان الطواف بمثل هذه الزيادة وإن قصد كونها من الطواف.
(و
الطواف على اليسار) بالإجماع كما في كلام جماعة؛
للتأسي، مع حديث : «خذوا عنّي مناسككم».
والمراد به جعل البيت على يساره حال الطواف، فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه أو استدبره جهلاً أو سهواً أو عمداً ولو بخطوة لم يصحّ، ووجب عليه
الإعادة . ولا يقدح في جعله على اليسار
الانحراف اليسير إلى جهة اليمين بحيث لا ينافي صدق الطواف على اليسار عرفاً قطعاً.
(وإدخال الحِجر) أي
حِجر إسماعيل عليه السلام (في الطواف) بالإجماع كما في الغنية وغيرها وعن الخلاف.
والصحاح، منها زيادةً على ما مرّ الصحيح : قلت رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحِجر، قال : «يعيد ذلك
الشوط ».
والصحيح : في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحِجر، قال : «يقضي ما اختصر من طوافه».
قيل : وزاد في
التذكرة والمنتهى أنه من البيت، فلو مشى فيه لم يكن طاف بالبيت.
وفي التذكرة : إنّ قريشاً لمّا بنت البيت قصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته، فتركوا من جانب الحِجر بعض البيت، قال : روت عائشة أن
النبي صلي الله عليه و آله وسلم قال : «ستة أذرع من الحِجر من البيت».
وحكى في موضع آخر عن الشافعي أن ستة أذرع منه من البيت، وعن بعض أصحابه أن ستة أذرع أو سبعة منه من البيت وأنهم بنوا
الأمر فيه على التقريب.
وظاهره فيه وفي المنتهى أن جميعه من البيت.
وفي الدروس : إنه المشهور.
وجميع ذلك يخالف الصحيح، وفيه بعد أن سئل عنه : أمن البيت هو أو فيه شيء من البيت؟ فقال : «لا ولا قلامة ظفر، ولكن إسماعيل دفن امّه فيه فكره أن توطأ، فجعل عليه حجراً، وفيه قبور أنبياء».
أقول : وبمعناه أخبار أُخر.
وعلى الجملة فلو مشى على حائطه أو طاف بينه وبين
البيت لم يصحّ شوطه الذي فعل فيه ذلك ووجب عليه الإعادة.
وهل الواجب إعادة ذلك الشوط خاصة، أو إعادة الطواف رأساً؟ الأصحّ : الأوّل، وفاقاً لجمع؛
للصحيح المتقدم قريباً. ولا ينافيه الصحيح المتقدم سابقاً : «من اختصر في الحِجر الطواف فليعد طوافه»
لاحتمال التقييد بالشوط الذي وقع فيه الخلل، أو
الاختصار في جميع الأشواط. ولا يكفي
إتمام الشوط من موضع سلوك الحِجر، بل تجب البدأة من الحجر الأسود؛ للأمر به فيما مرّ من الصحيح، مضافاً إلى أنه المتبادر من إعادة الشوط.
(وأن يطوف سبعاً) بالإجماع كما في كلام جماعة،
والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر، بل لعلّها متواترة.
(و) أن (يكون) طوافه (بين
المقام والبيت) مراعياً قدر ما بينهما من جميع الجهات مطلقاً على المشهور، بل قيل : كاد أن يكون إجماعاً.
وفي الغنية
الإجماع عليه صريحاً.
للخبر : عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفاً بالبيت، قال : «كان الناس على عهد
رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم يطوفون بالبيت والمقام، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت، فكان الحدّ موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين نواحي البيت، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفاً بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنه طاف في غير حدّ، ولا طواف له».
وفي سنده جهالة و
إضمار ، إلاّ أنه لا محيص عنه، لانجباره بالشهرة ونقل الإجماع.
خلافاً للإسكافي، فجوّزه خارج المقام مع الضرورة؛
للموثق كالصحيح : عن الطواف خلف المقام، قال : «ما أُحبّ ذلك، وما أرى به بأساً، فلا تفعله إلاّ أن لا تجد منه بدّاً».
قيل : وقد يظهر من
المختلف والتذكرة والمنتهى الميل إليه.
وفي دلالة الرواية عليه مناقشة، بل ظاهرها الدلالة على الجواز مطلقاً ولو اختياراً، لكن مع
الكراهة وأنها ترتفع بالضرورة، ورواها الصدوق في الفقيه، وظاهره
الإفتاء بها، فيكون قولاً آخر في المسألة.
رياض المسائل، ج۷، ص۱۴- ۱۹.