محرمات الحائض
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
فلا ينعقد لها
صلاة ولا
صوم ولا
طواف، ولا يرتفع لها
حدث، ويحرم عليها دخول
المساجد إلا اجتيازا عدا المسجدين، ووضع شئ فيها على الأظهر، وقراءة
العزائم، ومس كتابة
القرآن؛ ويحرم على زوجها وطؤها موضع الدم ولا يصح طلاقها مع دخوله بها وحضوره.
فلاتنعقد ولا تصح لها
صلاة ولا
صوم ولا
طواف مع حرمتها عليها بالإجماع والنصوص. ففي
الصحيح: «إذا كانت المرأة طامثاً فلا تحلّ لها الصلاة»
. وفي الخبر في
العلل: «لا صوم لمن لا صلاة له»
. وعلّل به فيه حرمة الأوّلين عليها. وفي
نهج البلاغة جعل العلّة في نقص إيمانهن قعودهن عن الأوّلين
. وفي النبوي خطابا للحائض: «اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي»
. ولا فرق في ذلك بين بقاء أيام الحيض وانقطاعها قبل
الغسل فيما سوى الثاني إجماعا، وفيه أيضاً على قول قوي، وفيه قول آخر بالتفصيل. ولا فرق في
العبادات بين الواجبة والمندوبة؛ لفقد
الطهور المشترط في صحة الأوّلين مطلقاً، والواجب من الأخير إجماعاً، وعلى الأصح في المقابل له منه أيضاً، وعلى غيره أيضا كذلك، لتحريم دخول
المسجد مطلقا عليها.
ولا يرتفع لها
حدث لو تطهرت قبل انقضاء أيامها وإن كان في الفترة أو النقاء بين الدمين الملحق بالحيض، وإن استحب لها
الوضوء في وقت كل صلاة والذكر بقدرها، وقلنا بوجوب
التيمم إن حاضت في أحد المسجدين أو استحبابه إلّا مع مصادفته فقد
الماء على قول فإنّ جميع ذلك تعبّد، ففي الحسن: عن الحائض تطهّر
يوم الجمعة وتذكر اللّه تعالى، فقال (علیهالسّلام): «أمّا الطهر فلا، ولكنها تتوضأ في وقت الصلاة ثمَّ تستقبل
القبلة وتذكر اللّه تعالى»
فتأمل.
ويحرم عليها أيضاً
كالجنب دخول المساجد مطلقاً إلّا اجتيازاً فيما عدا المسجدين الحرامين فيختص
التحريم فيه باللبث، ويعمّه والمستثنى فيهما. كلّ ذلك على الأظهر الأشهر، بل لا خلاف في حرمة اللبث كما عن
التذكرة والمنتهى والمعتبر والتحرير
، مع وقوع التصريح في الأخيرين بالإجماع. ولا ينافيه استثناء
سلّار في الأخير، بناءً على عدم القدح فيه بخروجه، لمعلومية نسبه. وليس في إطلاق كراهة الجواز في المساجد كما في القواعد والشرائع وعن
الخلاف والتذكرة
والإرشاد ونهاية الإحکام، أو إطلاقه من دونها كما عن
الهداية والمقنعة والمبسوط والنهاية
والاقتصاد والمصباح ومختصره
والإصباح، دلالة على المخالفة للمشهور في عدم جواز الجواز في المسجدين، لاحتمال وروده مورد الغالب وهو ما عداهما. وعليه يحمل إطلاق الصحيح: «الحائض
والجنب لا يدخلان المسجد إلّا مجتازين»
لكونه الحكم في المطلق.
وللصحيح: «الحائض والجنب يدخلان
المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه، ولا يقربان
المسجدين الحرامين»
. وهما حجّة على سلّار، مع عدم الوقوف له على دليل سوى الأصل الغير المعارض لهما. كما أنهما حجّة على المانع من الدخول مطلقاً، بناءً على تحريم إدخال
النجاسة في مطلق المسجد مطلقاً ولو مع عدم التلويث، كما عن
الفقيه والمقنع والجمل والعقود والوسيلة. وليس في إطلاقهما دلالة على الجواز ولو مع التلويث لندرته، وغلبة ضده الموجبة لحمله عليه.
وکذا يحرم عليها وضع شيء فيها مطلقاً على الأظهر الأشهر، بل قيل: بلا خلاف إلّا من
سلّار؛ للصحاح. ويجوز لها الأخذ منها مع عدم استلزامه
المحرّم. ويحرم معه؛ لعموم ما تقدّم، إلّا مع الضرورة المبيحة للمحرَّم.
وقراءة إحدى
سور العزائم وكذا أبعاضها بقصدها إن اشتركت، وإلّا فيحرم مطلقاً؛ لما مرّ في الجنب. وعن
المعتبر والمنتهى:
الإجماع عليه
.
ومسّ كتابة
القرآن على الأشهر الأظهر، بل عليه الإجماع كما عن
الخلاف والمنتهى
والتحرير؛ لما مر ثمة. خلافاً
للإسکافي فحكم
بالكراهة للأصل
. وهو ضعيف. وقد تقدم هناك المراد من الكتابة.
وكذا يحرم على زوجها ومن في حكمه وطؤها قبلاً أي: موضع الدم خاصة على الأشهر الأظهر، ومطلقاً على قول يأتي ذكره، عالماً به وبالتحريم، عامداً، إجماعاً ونصوصاً
، بل قيل: إنه من ضروريات
الدين، ولذا حكم بكفر مستحلّه
.
والمراد من العلم هنا المعنى الأعم الشامل لمثل
الظن الحاصل من إخبارهنّ مع عدم
التهمة بلا خلاف بين الطائفة به، لإشعار
الآية: «وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ»
وصراحة المعتبرة كالحسن: «العدّة والحيض إلى النساء إذا ادّعت صدّقت»
. وقيّدت بعدم التهمة، لاستصحاب الإباحة السابقة، وعدم تبادر المتّهمة من المعتبرة، وإشعار بعض المعتبرة: في امرأة ادّعت أنها حائض في شهر واحد ثلاث حيض، فقال: «كلّفوا نسوة من بطانتها أنّ حيضها كان فيما مضى على ما ادّعت، فإن شهدن صدّقت، وإلّا فهي كاذبة»
. ويلحق بأيام الحيض أيام
الاستظهار وجوباً على القول بوجوبه، واستحباباً على تقديره.
والأحوط اعتزالهن فيها إلى انقطاع العشرة مطلقاً ولو على الثاني؛ لاحتمال الحيضية بالانقطاع إليها، لما مرّ، ولكن في بلوغه حدّ
الوجوب كما عن المنتهى
تأمل.
ولا يصح
طلاقها اتفاقاً مع دخوله أي الزوج بها وحضوره أو حكمه من الغيبة التي يجامعها معرفته بحالها وانتفاء الحمل، وإلّا صحّ، كما يأتي في محلّه إن شاء اللّه.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۲۹۰-۲۹۴.