الإطالة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الإطالة (توضيح).
وهو
العلو والارتفاع أو
التمدد والوسعة.
الإطالة: من طال بمعنى علا وارتفع، يقال: طالت النخلة، أي ارتفعت
وأطال الشيء، جعله طويلًا. ويأتي أيضاً بمعنى المدّ والوسعة، يقال: أطال اللَّه بقاءه، أي مدّ في عمره ووسّعه.
والطويل: الممتدّ، زماناً كان أو غيره.
ولا يخرج استعمال
الفقهاء عن المعنى اللغوي.
يختلف
حكم الإطالة باختلاف ما تضاف إليه، وهي امور نشير إلى أهمّها فيما يلي مع إحالة تفصيلها إلى محالّها:
•
إطالة الصلاة.
يستحبّ تقصير
الخطبتين في
صلاة الجمعة لئلّا يفوته فضيلة أوّل الوقت؛
لأنّ
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، بل يطوّل
الصلاة وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنّه «من فقه الرجل».
ولو كانت إطالة الخطبة موجبةً لفوات وقت الجمعة لم تجز مع كون
الوجوب تعيينياً ، ولو فعل أثم.
يستحب
السجود وإطالته عند إرادة الخروج من
المسجد الحرام والرجوع إلى
أهله والدعاء في السجود.
ولعلّ المستند فيه صحيحة
معاوية بن عمار عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه لمّا ودّعها وأراد أن يخرج من المسجد الحرام خرّ ساجداً عند باب المسجد طويلًا، ثمّ قام وخرج.
يستحبّ
للحاجّ أو
المعتمر أن يطيل الوقوف على
الصفا بقدر
قراءة سورة البقرة مترسلًا؛ تأسّياً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم،
ولما روي عن الصادق عليه السلام: «من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا
والمروة ».
يستحبّ إطالة الجلوس والمكث في المسجد،
فقد ورد بطريق صحيح عن
أبي جعفر الباقر عليه السلام، أنّه قال: «قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم
لجبرئيل عليه السلام: يا جبرئيل، أيّ البقاع أحبّ إلى
اللَّه عزّوجلّ؟
قال:
المساجد ، وأحبّ أهلها إلى اللَّه أوّلهم دخولًا وآخرهم خروجاً منها».
تستحبّ
عيادة المريض استحباباً مؤكّداً، لكن ينبغي تخفيف العيادة وتعجيل القيام، إلّا أن يكون المريض يحبّ الإطالة عنده؛
لما روي عن
الإمام عليّ عليه السلام: «إنّ من أعظم العوّاد
أجراً عند اللَّه لَمَن إذا عاد أخاه خفّف الجلوس، إلّا أن يكون المريض يحبّ ذلك ويريده ويسأله ذلك».
وفي مرسل
موسى بن قادم عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «تمام العيادة للمريض أن تضع يدك على ذراعه وتعجّل القيام من عنده».
يستحبّ إطالة الجلوس على
المائدة وإطالة مدّة
الأكل ،
فقد روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: «إذا قعدتم مع الإخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس، فإنّه ساعة لا تحتسب من العمر».
وفي
حديث آخر عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: «ما عذّب اللَّه عزّوجلّ قوماً وهم يأكلون، إنّ اللَّه عزّوجلّ أكرم من أن يرزقهم شيئاً ثمّ يعذّبهم عليه حتّى يفرغوا منه».
وفي وصيّة الإمام عليّ عليه السلام
لكميل بن زياد : «يا كميل، إذا أنت أكلت فطوّل أكلك ليستوف من معك، ويرزق منه غيرك».
قال
السيد الجزائري : «والظاهر اختصاصه بصاحب المائدة وإن كان احتمال العموم غير بعيد أيضاً، والأمر بإطالة الجلوس لاينافي النهي عن
إكثار الأكل؛ لعدم الملازمة بينهما».
يكره
للمتخلّي إطالة الجلوس على الخلاء؛
وذلك لما روي عن
محمد بن مسلم ، أنّه قال: سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول: «طول الجلوس على الخلاء يورث
البواسير ».
عدّ بعض الفقهاء من آداب
التجارة ملازمة الغريم في التقاضي بإطالة الجلوس مع
السكوت ،
فقد روي في كيفيّة التقاضي من الغريم أنّه قال رجل
لأبي عبداللَّه عليه السلام: إنّ لي على بعض الحسينيّين مالًا وقد أعياني أخذه، وقد جرى بيني وبينه كلام، ولا آمن أن يجري بيني وبينه في ذلك ما أغتمّ له، فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «ليس هذا طريق التقاضي، ولكن إذا أتيته أطل الجلوس وألزم السكوت».
ونهي عن التشدّد في استقضاء الدين، وعدّ ذلك من سوء الحساب.
يكره للرجل إطالة
شعر رأسه، بل يستحبّ
حلقه ؛
لما ورد عن
علي بن يقطين عن أبيه عن
أبي الحسن الأوّل عليه السلام: قال: سمعته يقول: «إنّ الشعر على الرأس إذا طال ضعف البصر، وذهب بضوء نوره».
وما رواه
ابن سنان ، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما تقول في إطالة الشعر؟
فقال: «كان أصحاب
محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مشعرين، يعني: الطمّ».
والظاهر أنّ المراد من الطمّ فيه: الجزّ، فيدلّ على عدم مرجوحية الإطالة مع الجزّ.
تكره إطالة
اللحية أكثر من قبضة، بل يستحبّ تخفيفها حتى تبلغ مقدار قبضة؛
لما ورد عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: «مازاد من اللحية عن القبضة فهو في النار».
وما ورد عنه عليه السلام أنّه قال: «تقبض بيدك على اللحية وتجزّ ما فضل».
تكره إطالة
الشارب وشعر
الإبط والعانة ونحوها، بل يستحبّ
إزالته ،
فقد ورد عن
جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام: عن
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «لا يطوّلّ أحدكم شاربه ولاعانته ولا شعر إبطيه، فإنّ
الشيطان يتّخذها مخبئاً يستتر بها».
وغيرذلك من الروايات.
واستحباب الإزالة في هذه عام يشمل الذكر والانثى.
تكره إطالة
الأظفار للرجال، ويستحبّ تقليمها لهم.
ويدلّ على
الكراهة ما روي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام أنّه قال: «إنّ أستر وأخفى ما يسلّط الشيطان من
ابن آدم أن صار يسكن تحت الأظافير».
وأمّا النساء فلهنّ أن يتركن منها شيئاً؛ لأنّه أزين لهنّ.
فقد ورد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم للرجال: قصّوا أظافيركم، وللنساء: اتركن من أظفاركنّ؛ فإنّه أزين لكنّ».
ذكر بعض
الفقهاء أنّه يستحبّ
التواضع في الملابس وتقصير الثوب، بل يكره
إسباله والاختيال والتبختر به؛
لما ورد عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في الرجل يجرّ ثيابه، قال: «إنّي لأكره أن يتشبّه بالنهار».
وما رواه
عبد الرحمن بن عثمان قال: قال أبو الحسن عليه السلام: «إنّ اللَّه عزّوجلّ قال لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلم: «وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»،
وكانت ثيابه طاهرة، وإنّما أمره
بالتشمير ».
وعن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قوله تعالى: «وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ»،
قال: «معناه ثيابك فقصّر».
ولعلّ حكم إطالة الثياب ملحق بالتشبّه بالمترفين لا أنّه مكروه بعنوانه.
تكره إطالة البناء في حدّ ذاتها مع قطع النظر عن العناوين الثانوية، وقد ورد في ذمّها
روايات ، جاء في بعضها: إنّه ينادى فاعلها يوم
القيامة : «أين تريد يا
فاسق » أو «يا أفسق الفاسقين».
وعدّ
كاشف الغطاء من مكروهات المسكن: رفع بناء البيوت فوق سبعة أذرع، ورخّص في الثمانية، فإذا زاد على ذلك نودي: أين تريد يا أفسق الفاسقين.
نعم، هو جائز وإن كان مانعاً من
الشمس والقمر والهواء إذا لم يكن في الإطالة
ضرر على الغير؛ لأن لأرباب الأملاك
التصرّف في أملاكهم كيف شاؤا كما صرّح بذلك بعض الفقهاء.
وأمّا لو كان فيه ضرر على الغير فهو أمر آخر.
ثمّ إنّ هناك موارد يعرض فيها حكم معيّن على إطالة البناء، وهي كما يلي:
يكره رفع البناء فوق
الكعبة على
المشهور ؛
لما فيه من التعظيم لبيت اللَّه تعالى، ولقول
أبي جعفر عليه السلام في
صحيح محمد بن مسلم : «ولا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة».
ونسب إلى بعض الفقهاء
الحرمة ؛ لاستلزامه
الإهانة لها.
ونوقش فيه بأنّ الأصل عدم الحرمة، والصحيح المتقدّم يدلّ على الكراهة.
والبناء يشمل الدار وغيرها حتّى حيطان
المسجد .
وذكر بعض الفقهاء أنّ المراد أن يكون ارتفاعه أكثر من ارتفاع الكعبة، فلا يكره البناء على الجبال حولها، مع احتماله.
يكره تعلية المساجد، بل يبنى وسطاً؛ لأنّ فيه تشريفاً على عورات المجاورين، وهو منهيّ عنه، ولأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان مسجده قدر قامة، واتّباعه أولى،
ولأخبار
النهي عن رفع البناء أزيد من سبعة أذرع أو ثمانية، وأنّ الزائد مسكن
الجنّ والشياطين.
وربما يناقش في أنّ بناء مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الطريقة لا يدلّ على الاستحباب فضلًا عن
الوجوب ؛ لكونه حدثاً واحداً غير متكرّر في فعله صلى الله عليه وآله وسلم.
نصّ أكثر الفقهاء على كراهة تطويل
المنارة زيادة عن سطح المسجد؛ لئلا يشرف
المؤذّن على الجيران.
ولما رواه
السكوني عن
جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام: «أنّ
علياً عليه السلام مرّ على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثمّ قال: لا ترفع المنارة إلّا مع سطح المسجد».
والذي يفهم من بعض التعليلات أنّ المسألة مرتبطة بإشراف المؤذّن على الجيران، فإذا انعدم موضوع هذه القضية لم يعد في رفع المئذنة محذور، مما يدلّ على أنّ تطويل المنارة ليس مكروهاً أو محرماً في حدّ نفسه.
ويفهم من الرواية المتقدّمة أنّ المطلوب تساوي سطح المسجد مع المنارة، ولعلّ ذلك له علاقة
باحترام المسجد نفسه، أو مؤشر على ضرورة عدم إطالة الاثنين لأجل قضية الجيران.
ذكر بعض الفقهاء أنّه لا يجوز
للذمي أن يطيل بناءه المستحدث على بناء
المسلمين من مجاوريه
بلا خلاف فيه ظاهراً، بل عليه
الإجماع ؛
لقوله تعالى: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ»،
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «
الاسلام يعلو ولا يُعلى عليه»،
ولأنّ في ذلك علوّ رتبة على المسلمين وأهل الذمّة ممنوعون من ذلك، ولهذا منعوا من صدور المجالس،
ولأنّه يشتمل على اطّلاعهم على عورات المسلمين، وعلى استكثارهم وازديادهم عليهم.
ولا يلزم أن يكون أقصر من بناء مسلمي أهل البلد كلّهم، وإنّما يلزمه أن يقصره عن بناء محلّته.
فلو كان أهل الذمة في موضع منفرد- كطرف بلدة منقطع عن العمارات- فلا منع من رفع البناء.
وكذا البناء الذي يعاد بعد انهدامه حكمه حكم المحدث ابتداء، لا يجوز له أن يعلو به على بناء المسلمين.
والظاهر أنّ المنع من ذلك إنّما هو لحقّ
الدين لا لمحض الجار، فلا ينفع فيها رضى الجار بعلوّه عليه، بحيث يسقط مع رضاه.
وهل يعتبر في العلوّ وعدمه نفس البناء أو مجرّد الهواء؟ قطع الشهيد بالأوّل،
ونفى عنه البعد الشهيد الثاني.
والذي يظهر من الفقهاء أنّهم طبقوا في مسألة البناء
قاعدة نفي السبيل ، أو حفظ عورات المسلمين، مع أنّ هناك مجالًا للنقاش في دلالة تلك القاعدة على ما ذكر؛ لأنّه لا يصدق أنّ
للكافر سبيلًا على المسلم بارتفاع داره مطلقاً، كما لا يصبح الإسلام معلوّاً عليه بارتفاع بناء ذمّي على مسلم، وأمّا قضية العورات فهناك طرقٌ عديدة- كما في هذا الزمان- للحيلولة دون اطّلاع الجار على ما في داخل منزل جاره.
وربّما لهذا نفى بعض الفقهاء هذه الأحكام في الذمي ما لم يشرط
الحاكم الإسلامي ذلك عليهم في ضمن الذمة إذا رأى
مصلحةً في ذلك.
ذكر بعض الفقهاء أنّ كثرة
الكلام وإطالته في حدّ نفسه مذموم، وإذا استلزم
إزعاج الغير
وإيذاءه يكون محرّماً عقلًا وشرعاً؛
فقد ورد أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كان أوجز الناس كلاماً وبذاك جاءه
جبرئيل وكان مع الإيجاز يجمع كلّ ما أراد، وكان يتكلّم بجوامع الكلم لا فضول ولا تقصير، كلام يتبع بعضه بعضاً؛
ولما ورد عن
الأئمّة الأطهار عليهم السلام في ذلك:
منها: ما رواه
ابن القدّاح عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «قال
لقمان لابنه: يا بنيّ إن كنت زعمت أنّ الكلام من
فضّة فإنّ السكوت من
ذهب ».
ومنها: ما رواه
عمرو بن جميع عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كان
المسيح عليه السلام يقول: لا تكثروا الكلام في غير ذكر اللَّه، فإنّ الذين يكثرون الكلام في غير ذكر اللَّه قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون».
إذا لم تكن هناك حاجة لإطالة مدّة
المحاكمة كما لو كانت المعطيات متوفرة ولا توجد أيّ عوائق أمام إصدار
القاضي حكمه، لزم الحكم، ولا يجوز التأخير مع
الإضرار بالطرفين أو بأحدهما، بل حتى من دون الإضرار إذا استلزم إعاقة عمل القضاء عامةً في البلد، لما فيه من الإضرار النوعي.
وأمّا إذا احتاجت المحاكمة إلى مدّة لكي تستقصى المعطيات وتدرس
الشهادات وتقوم الجهات المعنية كالطب الشرعي والقانوني أو أجهزة الأمن بمتابعة حيثيات القضية فإنّ إطالة المحاكمة تكون أمراً
جائزاً بل واجباً إذا توقف تحصيل عناصر الحكم على ذلك.
وقد تستحبّ كما في حالة ترغيب الأطراف
بالصلح ، فقد ذكر بعض الفقهاء أنّه يستحبّ للقاضي أن يرغّب الخصمين في الصلح ولو كان ذلك موجباً لإطالة مدّة المحاكمة.
هذا، وهناك موارد اخرى للإطالة ذكرها الفقهاء في أبواب
الفقه ، نشير إليها إجمالًا في ما يلي، مع إحالة تفصيلها إلى محلّه:
۱- إطالة مجلس
عقد البيع وأثره في
خيار المجلس .
۲- إطالة السكوت بين المستثنى منه والمستثنى في
الإقرار .
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۹-۲۴.