البئر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
البئر (توضيح).
البئر: هو
القليب المحفور ، مؤنّث و
مهموز ، يقال: بأرتُ بئراً، أي حفرتها،
قال سبحانه وتعالى: «وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ».
وظاهر اللغوييّن عدم
الفرق بين كونها ذات مادّة
نابعة وعدمها، ولكن
الظاهر من
العرف و
إطلاق الفقهاء في باب
الطهارة اختصاصه بما كان له ماء من قبل نفسه. وأمّا إذا كان ممّا يجمع فيه فاضل
الماء أو غيره فيطلق عليها
الركيّة أو
البالوعة أو
الكنيف أو
الصهريج أو الجّب. وكيف كان، فلا فرق فيها بين ما كانت دائرة أو بائرة قد جفّ ماؤها وتعطّلت، كما في
الآية المباركة .
ولا يخرج
استعمال الفقهاء للكلمة عن معناها اللغوي العرفي.
نعم، يعتبر فيها عدم
التعدّي والجريان، وإلّا كان جارياً عند الفقهاء، ولعلّه كذلك أيضاً عرفاً، قال
المحقّق النجفي : «وهي- كما عن الشهيد-: مجمع ماءٍ نابع (من الأرض) لا يتعدّاها غالباً، ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً. ومن
المعلوم أنّ
المقصود من هذا
التعريف ضبط المعنى العرفي، وإلّا فلا
حقيقة له شرعيّة قطعاً، بل ولا متشرّعيّة، بل ولا لغويّة
تنافي المعنى العرفي».
وقال
الشيخ الأنصاري - بعد ذكر تعريف الشهيد-: «ولا يخلو هذا التعريف عن خدشات، فالأولى وكوله إلى
العرف ».
ثمّ إنّ قيد عدم التعدّي إنّما يكون مراداً لهم في أبواب الطهارة
احترازاً عن الجاري، فماء البئر في هذه الأبواب من أقسام الماء
الساكن و
الواقف ، وأمّا في أبواب
الإحياء فيطلق ويراد بها مطلق المحفور بغرض الإحياء و
وصول الماء، سواء تعدّى منها الماء وجرى أم لا؛ لأنّ
الغرض فيها تحقّق الإحياء وسبب التملّك، ولا فرق فيه بين
جريان الماء وعدمه. ثمّ إنّ هناك بعض القيود- كاشتراط دوام
النبع وعدمه
- تذكر عند بحث الحكم؛ لكونها قيوداً له في الحقيقة دون
الموضوع .
وهي
حفرة في الأرض ينبع منها الماء، بحيث لا يصدق عليها البئر
لظهور مائها، كما صرّح به بعضهم.
وقال
الراغب : «من عين الماء اشتُقّ (ماءٌ معين)، أي ظاهر للعيون».
وهي نوعان: نوع يكون بحكم
الجاري ، وهي ما كان ماؤها جارياً على
الأرض ، كما في قوله تعالى: «فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ».
والآخر غير جار على الأرض، ولكن ينبع بحيث إذا وضع منها ماء نبعت وجبرت ما نقص منها- كالبئر- ويعبّر عنه بالنابع الواقف،
فيبحث عن كونها بحكم
القليل وعدمه.
الماء الراكد أو الواقف يطلق على
المجتمع في حفيرة أو
غدير ونحوهما بغير نبع من الأرض، ومن دون
جريان عليها، كماء
المطر ونحوه إذا اجتمع في موضع، وحكمه غير حكم ماء البئر، بل حكمه يرتبط بقلّته وكثرته و
بالاتّصال بالمادة وعدمه، فهو ينجس بمجرد
الملاقاة إذا كان دون الكرّ إلّاإذا كان متّصلًا بالجاري أو كانت له مادة، ومع
التغير إذا كان كرّاً.
وهي
ثقب في وسط
الدار كما عن بعضهم،
أو بئر ضيّق
الرأس يجري فيه ماء المطر ونحوه كما عن بعض آخر.
فهي بحسب اللغة لا تختص بالمياه النجسة.
ولكن فسّرها
الشهيد الثاني بما «يرمى فيها ماء
النزح ».
وقال
المحقّق السبزواري : هي «التي يرمى فيها ماء النزح أو غيره من النجاسات».
وفسّرها
الفاضل الأصفهاني ب «التي فيها المياه النجسة»،
فكأنّه
اصطلاح لهم في خصوص ما يجري فيه المياه النجسة، أو تفسير بالفرد
الغالب و
الشائع .
ومن ذلك ما سيأتي عنهم من
البحث عن
تأثّر البئر بالبالوعة وعدمه إذا كان بقربها، وأنّه يتنجّس بها أم لا؟
وهي البئر الأخيرة من
القناة والتي يقال لها: امّ
الآبار ؛ لنشوء الماء منها. وهذه البئر حيث يجري الماء منها في القناة فيكون حكمه حكم الماء الجاري، ولا يجري عليه أكثر ما نذكر هنا من أحكام البئر. نعم، بعض أحكامها- مثل: تملّك البئر ومائها، وحريم البئر- يجري في بئر
العين أيضاً كما سيأتي تفصيله.
تتعلّق بالبئر بأقسامها أحكام
مختلفة من جهات مختلفة، فقد يبحث عن حكم مائها من حيث
الاعتصام وعدمه، وعن كيفيّة
تطهيرها لو تنجّست، وقد يبحث عن كيفيّة تملّكها ومائها بالإحياء، وعن حريمها حينئذٍ، وسوف نتعرّض لتلك الأحكام فيما يلي:
•
البئر (اعتصام مائه)، البحث في اعتصام ماء البئر وعدمه إنّما هو من حيث كونه ماء بئرٍ بما له من المعنى المقابل للجاري والراكد وغيره، قليلًا كان و كثيراً، وأنّ البئريّة والنابعيّة هل لها دخالة في الاعتصام أم لا؟ ولذا حكم بعضهم باعتصامه ولو كان قليلًا، وحكم آخرون
بتنجّسه بمجرّد الملاقاة ولو كان كرّاً كما سيأتي.
•
البئر (تطهير مائه)،
التطهير تارة يطلق ويراد به معناه
المصطلح - أي رفع عَرَض
النجاسة - واخرى يطلق ويراد به رفع
القذارة المعنوية أو المادّية وإن لم يكن نجساً في
الاصطلاح ، ومن
المعلوم أنّ التطهير بالمعنى المصطلح إنّما يبحث عنه بناءً على تغيّر الماء في أحد أوصافه؛ لتنجّسه به قطعاً عند الكلّ، أو
القول بتنجّسه بمجرّد الملاقاة وإن لم يتغيّر على ما مرّ تفصيله، وأمّا مع عدمهما فلا معنى للبحث عن التطهير بالمعنى المصطلح لفرض طهارة الماء، وعليه يكون النزح- وجوباً أو
استحباباً - حكماً تكليفياً محضاً بغرض رفع
الاستقذار العرفي.
بعد أن سمعت الكلام عن
انفعال ماء البئر بالنجاسة وعدمه والأقوال في المسألة، نذكر هنا المنزوحات التي وردت بها النصوص بغضّ
النظر عن كونها للتطهير بناءً على الانفعال أو
للاستحباب و
التنزّه أو للوجوب
التعبّدي ، فقد مرّ الكلام في ذلك. والذي ورد في النصوص تقديرات مختلفة
باختلاف ما يقع في البئر، نشير إليها من خلال نقل عبارات بعض الفقهاء تاركين تفصيلها وما وقع في بعضها من الخلاف إلى المفصّلات.
قال المحقّق الحلّي: «وطريق تطهيره بنزح جميعه إن وقع فيها
مسكر أو فقاع أو منيّ أو أحد
الدماء الثلاثة - على قول مشهور- أو مات فيها بعير أو ثور، وإن تعذّر
استيعاب مائها تراوح عليها أربعة رجال، كلّ اثنين دفعةً يوماً إلى
الليل . وبنزح كرٍّ إن مات فيها دابّة أو حمار أو بقرة. وبنزح سبعين إن مات فيها
إنسان .
وبنزح خمسين إن وقعت فيها عذرة يابسة فذابت- والمروي أربعون أو خمسون- أو كثير الدم كذبح
الشاة - والمرويّ من ثلاثين إلى أربعين- وبنزح أربعين إن مات فيها
ثعلب أو
أرنب أو
خنزير أو
سنّور أو كلبٌ وشبهه، ولبول الرجل. وبنزح عشرة
للعذرة الجامدة، وقليل الدم كدم
الطير و
الرعاف اليسير - والمروي دلاء يسيرة- وبنزح سبعٍ لموت الطير و
الفأرة إذا تفسّخت أو انتفخت، ولبول الصبّي الذي لم يبلغ، و
لاغتسال الجنب، ولوقوع الكلب وخروجه حيّاً. وبنزح خمسٍ لذرق
الدجاج الجلّال. وبنزح ثلاثٍ لموت الحيّة والفأرة (إذا لم تنفسخ). وبنزح دلوٍ لموت
العصفور وشبهه، ولبول الصبي الذي لم يتغذّ بالطعام. وفي ماء المطر وفيه البول والعذرة وخرء
الكلاب ثلاثون دلواً».
وقريب منه ما في
القواعد ، وزاد فيه
استحباب نزح ثلاث دلاء
للعقرب و
الوزغة .
لا يحكم بنجاسة ماء
المعطن أو
الناضح بمجرّد قربها من البالوعة ما لم يعلم بسراية البالوعة إلى البئر وحصول الملاقاة أو التغيّر، فيحكم عندئذٍ بنجاسته بالملاقاة أو التغيّر على الخلاف السابق. وصرّح به كثير من
الفقهاء ،
ونسبه في
الذخيرة إلى المشهور،
وادّعي عدم وجدان الخلاف فيه،
بل ادّعي
الإجماع منقولًا بل محصّلًا
عليه.
نعم، بناءً على قول من ألحق الظن بالعلم فيحكم
بالتنجّس بالظن أيضاً، كما يستفاد من بعض مواضع
الكافي للحلبي ،
وفي
المعتبر : «إذا تغيّر ماء البئر تغيّراً يصلح أن يكون من البالوعة ففي نجاسته تردّد؛
لاحتمال أن يكون منها وإن بَعُد، و
الأحوط التنجيس ؛ لأنّ سبب النجاسة قد وُجد فلا يحال على غيره»، لكنّه أضرب عن هذا القول بلا
فصل ، وقال: «لكنّ هذا ظاهر لا قاطع، والطهارة في
الأصل متيقّنة فلا تزال بالظن».
وتدلّ عليه- مضافاً إلى الأصل- الأخبار، كرواية
محمّد بن القاسم عن أبي الحسن عليه السلام في البئر يكون بينها وبين
الكنيف خمس أذرع، أقلّ أو أكثر، يتوضّأ منها؟ قال: «ليس يكره من قُرب ولا بُعد، يتوضّأ منها ويغتسل ما لم يتغيّر الماء».
قال: «وبهذه الرواية تحمل الأخبار الاول (الدالّة على مقدار
التباعد بين البئر والبالوعة) على
الاستحباب ، وما تقدّم في
صحيحة الفضلاء
من الدلالة على
التنجيس ... لابدّ من
تأويله ؛ لما علمت من الإجماع على عدم التنجيس بذلك...».
يستحبّ التباعد بين البئر والبالوعة بخمسة أذرع إذا كانت
الأرض صلبة ، أو كانت البئر فوق البالوعة، وإن لم يكن كذلك فسبعٌ، وصرّح بذلك جملة من الفقهاء،
بل نسبه غير واحد منهم إلى المشهور.
نعم، المحكيّ عن
أبي علي الإسكافي اعتبار اثني عشر ذراعاً فيما إذا كانت البالوعة أعلى وكانت الأرض
رخوة ، وإن كانت الأرض صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فسبعٌ.
ويناسبه- كما في
كشف اللثام - رواية
محمّد بن سليمان الديلمي عن
أبيه ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن البئر يكون إلى جنبها الكنيف، فقال لي: «إنّ مجرى
العيون كلّها من
مهبّ الشمال ، فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرّها إذا كان بينهما أذرعٌ، وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقلّ من اثني عشر ذراعاً، وإن كانت تجاهاً بحذاء
القبلة وهما مستويان في مهبّ الشمال فسبعة أذرع».
إلّاأنّ هذه
الرواية لم يفتِ بمضمونها المشهور.
قال: «يستحبّ تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع إن كانت الأرض
سهلة ، أو كانت البالوعة فوقها، وإلّا فخمسٌ».(وما في المتن موافق لما حكاه المحقّق النجفي عنه، لكن في بعض النسخ الموجودة العطف بالواو.)
وهذه العبارة على عكس ما عليه المشهور، كما نبّه على ذلك المحقّق النجفي حيث قال: «ولا ريب في مخالفة هذه العبارة للمشهور؛ إذ على ظاهرها تنعكس صور المسألة، فتكون أربعة للسبع وصورتان للخمس، هذا إن جعلنا لفظ (أو) على ظاهرها، وإن قلنا: إنّ المراد منه (الواو) - كما عن بعض
النسخ - كان الخلاف في صورة
التساوي ، فإنّه عليه تكون داخلة في الخمس، وعلى كلام المشهور داخلة في السبع».
وكيف كان، فدليل المشهور الروايات، كمرسلة
قدامة بن أبي زيد الجمّاز عن أبي عبد اللَّه عليه السلام، قال: سألته كم أدنى ما يكون بين البئر- بئر الماء- والبالوعة؟ فقال: «إن كان سهلًا فسبع أذرع، وإن كان جبلًا فخمس أذرع...».
ورواية
الحسن بن رباط عنه عليه السلام أيضاً، قال: سألته عن البالوعة تكون فوق البئر، قال: «إذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع، وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كلّ ناحية، وذلك كثير».
وتفصيل الكلام في صور المسألة وفي كيفية الجمع بين
الإطلاقين في الأخبار متروك إلى محلّه.
لتملّك البئر أو مائها أسباب قهرية و
اختيارية ، فالقهرية
كالإرث ، والاختيارية كشراء البئر أو مائها من مالكها فيما يصحّ بيعه، و
كإحراز مائها في
آنية أو
حوض أو
مصنع ونحوها بقصد
الحيازة والتملّك، فإنّه موجب لحصول الملك بالنسبة للمحرز، وكذا بحفر البئر و
إحيائها ، بشروط مذكورة في محلّها، والمقصود بالذكر هنا هو الأخير؛ لأنّ غيره من أسباب الملك لا خصوصيّة فيها بل أسباب لتملّك كلّ شيء.
فالحفر يفيد ملك البئر ومائها إذا كان بقصد التملّك بناءً على القول بحصول
الملك بالإحياء كما هو
المشهور في كتاب
إحياء الموات ، وأمّا بناءً على عدم الملك- كما هو مذهب
الشيخ الطوسي وبعض المعاصرين
كالشهيد الصدر في الأراضي على ما سيأتي- فإنّما يفيد حقّ
الأولوية . والحفر المملّك هو الحفر الكامل
الواصل إلى الماء، أمّا قبل
الوصول فهو تحجير موجب لحقّ الأولويّة. كلّ ذلك إذا كان الحفر في ملك الحافر أو أرض مباحة كالموات ولم يكن متعلّقاً لحقّ الغير، وإلّا فلا يجوز حفره ولا يوجب ملكاً ولا أولويةً.
قال: «وأمّا الماء، فمن حفر بئراً في ملكه أو مباحٍ لتملّكه فقد اختصّ بها
كالمحجّر ، فإذا بلغ الماء فقد ملك البئر والماء، ولم يجز لغيره
التخطّي إليه، ولو أخذه منه أعاده، ويجوز بيعه
كيلًا و
وزناً ، ولا يجوز بيعه أجمع؛ لتعذّر
تسليمه لاختلاطه بما يستخلف، ولو حفرها لا للتملّك بل
للانتفاع فهو أحقّ بها مدّة مقامه عليها»،
ونحوها عبارة القواعد.
والظاهر من بعض الكلمات أنّه لا خلاف في ذلك كلّه.
نعم، قد يظهر من تحريم الشيخ منع الغير من فاضل ماء البئر لشربه وشرب ماشيته عدمُ
حصول الملك به.
واستدلّ
له بقول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رواية
ابن عبّاس : «
الناس شركاء في ثلاث: النار والماء والكلأ».
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في رواية اخرى: «من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ منعه اللَّه فضل
رحمته يوم
القيامة ».
ثمّ اشكل عليها بضعف السند، مضافاً إلى كونها أعمّ من المدّعى.
ولكن اجيب عن ضعف
السند بوجود هذه المضامين في أخبار الخاصة،
أيضاً بأسناد معتبرة،
فالصحيح في الجواب إمّا ادّعاء ظهور هذه
الأخبار في المنع من مباح الماء وبيعه على وجه
التغلّب ، أو حملها على
الكراهية .
نعم، يستفاد من
الشهيد الصدر أنّ الملكية للبئر ومائها إنّما تثبت بالنسبة للماء المتجدّد والمتحقّق في البئر من حيث كونه لوناً من ألوان
الحيازة ، وأمّا المادة الموجودة قبل الحفر في
الطبيعة فلا يملكها
الإنسان بالحفر، وليس له منع الغير منه، حيث قال: «وأمّا القسم الثاني من المصادر الطبيعية للماء- وهو ما كان مكنوزاً و
مستتراً في
باطن الأرض- فلا يختص به أحد ما لم يعمل للوصول إليه، و
الحفر لأجل كشفه، فإذا كشفه إنسان بالعمل والحفر أصبح له حقٌ في العين المكتشفة يجيز له الاستفادة منها ويمنع الآخرين من
مزاحمته ؛ لأنّه هو الذي خلق بعمله فرصة الانتفاع بتلك العين، فمن حقّه أن ينتفع بهذه
الفرصة ، وليس للآخر ممّن لم يشاركه جهده في خلقها أن يزاحمه في
الاستفادة منها؛ ولذلك يصبح أولى بالعين من غيره ويملك ما يتجدّد من مائها؛ لأنّه لون من ألوان الحيازة، ولكنّه لا يملك نفس العين الموجودة في أعماق الطبيعة قبل عمله؛ ولذا كان يجب عليه إذا أشبع حاجته من الماء
بذل الزائد للآخرين، ولا يجوز له أن يطالبهم بمال عوضاً عن شربهم وسقي حيواناتهم؛ لأنّ المادّة لا تزال من
المشتركات العامّة...».
وقال في موضع آخر: «من حفر بئراً حتى وصل إلى الماء كان أحقّ بمائها بقدر حاجته لشربه وشرب
ماشيته وسقي زرعه، فإذا فضل بعد ذلك وجب عليه بذله بلا عوض لمن احتاج إليه، كما نصّ على ذلك
الشيخ الطوسي ...».
وقال في
الملاحق : «ما مرّ في هذا
الكتاب من أنّ الفرد إذا استنبط عيناً بالحفر لا يملكها كان يقوم على
أساس وجه يخالف الرأي
المشهور القائل بأنّه يملكها ويختص بها
اختصاصاً ملكياً لا حقّياً فحسب. وهذا الرأي المشهور يجب
الأخذ به إذا تمّ
إجماع تعبّدي عليه، وإذا لم يتم إجماع كذلك
فبالإمكان فقهياً المناقشة في الأدلّة التي سيقت لإثباته (أي
إثبات ملكية الماء)».
ثمّ ذكر الأدلّة وناقشها جميعاً.
وتفصيل ذلك متروك إلى محلّه.
•
البئر (حريمه)، من مسلّمات
الفقه ثبوت
الحريم لكلّ مُحياة في موات إذا لم يكن متعلّقاً لحقّ آخر، ومنها: البئر المحياة بالحفر، سواء كان الحفر للشرب- كما في
المعطن - أو للزرع كما في
الناضح . وقد وقع الخلاف بينهم في أنّ الحريم هل يملكه
العامر كنفس
المعمور أو أنّه يصير أولى به وأحقّ؟
المنسوب إلى
الأشهر حصول الملك.
الموسوعة الفقهية، ج۲۰، ص۱۱-۳۳.