آراء في توقف الاجتهاد الفقهي على علم الفلسفة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
آراء في توقف الاجتهاد الفقهي على علم الفلسفة: الفلسفة عبارة عن مجموعة مسائل تبحث عن
الاحکام الکلّیة للوجود، بدون ان تلاحظ الخصوصیات الطبیعیة او الریاضیة فیها، واحد خصائص علم الاصول فی العصر الحاضر هو الاستفادة فی مجال بحوثه من القواعد الفلسفیة لتبیین او اثباب القواعد الاصولیة، بحیث انّ بعض مباحث الاصول تجلّی فیها الاستیحاء والاستمداد من القواعد الفلسفیة بوضوح،هل یمکن ان تکون الفلسفة من العلوم التی تعتبر مقدّمة للاجتهاد؟
فهناک ظهرت آراء مختلفة:
فبعض یرون انّ ذهن
الفقیه یجب ان یکون منزّهاً عن المباحث الفلسفیة لضمان سلامة عملیة
الاجتهاد.
وذهب جمع آخر الی انّ الاجتهاد لا یحتاج الی معرفة الفلسفة، ولکنّ معرفتها لا تخلّ بعملیة الاجتهاد.
ویری بعض آخر انّ
الاجتهاد العقلی یتوقّف علی معرفة
القواعد الفلسفیة والمنطقیة.
وفی هذا البین سلک جماعة من العلماء طریقاً وسطاً وذکروا طریقة مناسبة للاستفادة من القواعد الفلسفیة فی هذا الشان، ف
العلّامة الطباطبائی رحمه الله ابتکر مسالة عدم الخلط بین القضایا الحقیقیة والقضایا الاعتباریة وفصل بینهما، وکذلک
الامام الخمینی رحمه الله، من جملة السالکین فی هذا الطریق الوسط..
ظهرت آراء متعددة في هذا المجال منها:
۲. علم الفلسفة: الفلسفة عبارة عن مجموعة مسائل تبحث عن
الاحکام الکلّیة للوجود، بدون ان تلاحظ الخصوصیات الطبیعیة او الریاضیة فیها.
واحد خصائص علم الاصول فی العصر الحاضر هو الاستفادة فی مجال بحوثه من القواعد الفلسفیة لتبیین او اثباب القواعد الاصولیة، بحیث انّ بعض مباحث الاصول تجلّی فیها الاستیحاء والاستمداد من القواعد الفلسفیة بوضوح.
هل یمکن ان تکون الفلسفة من العلوم التی تعتبر مقدّمة للاجتهاد؟
هناک آراء مختلفة، فبعض یرون انّ ذهن الفقیه یجب ان یکون منزّهاً عن المباحث الفلسفیة لضمان سلامة عملیة
الاجتهاد، کما یقول المرحوم الملّا النراقی: «قیل یشترط ان لا یکون مستانساً بطریق
الحکمة والریاضی ونحوهما».
وذهب جمع آخر الی انّ الاجتهاد لا یحتاج الی معرفة الفلسفة، ولکنّ معرفتها لا تخلّ بعملیة
الاجتهاد بل ربّما تؤثّر ایجابیاً فی فهم وتعمیق عملیة الاستدلال.
ویری بعض آخر انّ الاجتهاد العقلی یتوقّف علی معرفة القواعد الفلسفیة والمنطقیة.
وفی هذا البین سلک جماعة من العلماء طریقاً وسطاً وذکروا طریقة مناسبة للاستفادة من القواعد الفلسفیة فی هذا الشان، ف
العلّامة الطباطبائی رحمه الله ابتکر مسالة عدم الخلط بین القضایا الحقیقیة والقضایا الاعتباریة وفصل بینهما،
وکذلک
الامام الخمینی رحمه الله، من جملة السالکین فی هذا الطریق الوسط.
ولا شکّ فی انّ خلط المسائل الفلسفیة التی تبحث عن «الحقائق» بالقواعد الاصولیة التی تبحث عن «
الامور الاعتباریة» یثیر فی کثیر من الموارد مشاکل وتعقیدات مهمّة، نستعرض علی سبیل المثال الموارد التالیة:
۱. انّ احد القواعد
الفلسفیة التی یستفاد منها فی الاصول، قاعدة: «التضادّ بین
الاحکام الشرعیّة».
توضیح ذلک : انّ بعض علماء الاصول ذهبوا الی انّ الاحکام الشرعیة هی امور وجودیة ومتضادّة مع بعضها، وعلی هذا الاساس قالوا: لا یجوز اجتماع الامر والنهی
فی مورد واحد، وکذلک فانّ الوجوب والحرمة، وهما حکمان مستفادان من الامر والنهی، متضادّان. وبما انّه قد ثبت فی
المنطق والفلسفة انّ اجتماع الضدّین فی موضوع واحد ممتنع، اذن فاجتماع الامر والنهی علی موضوع واحد ممتنع ایضاً.
ولکن الحقّ انّ
الاحکام الشرعیّة امور اعتباریة، والنسبة المذکورة انّما تجری فقط فی الامور الحقیقیة والتکوینیة، و
القواعد الفلسفیة انّما تجری فی الامور التکوینیة لا فی القضایا الاعتباریة.
۲. ومن الموارد الاصولیة التی تستوحی من القواعد الفلسفیة، هی انّ بعض العلماء ذهبوا الی انّ العلاقة بین «الموضوع» و «الحکم» هی من قبیل العلاقة بین «العرض» و «المعروض». ای قالوا: انّ الحکم بمنزلة العرض و الموضوع بمنزلة المعروض ، وبالتالی فانّ احکام العرض والمعروض تجری فی هذا المورد ایضاً.
کما ذهب آخرون الی انّ العلاقة بینهما من قبیل العلاقة بین العلّة والمعلول، بمعنی انّ الموضوع بمنزلة العلّة، والحکم بمنزلة المعلول، وبالتالی تجری احکام العلّة والمعلول المختصّة بالامور الحقیقیة والتکوینیة، فی مورد الحکم والموضوع. وهذا المورد یواجه الاشکال السابق ایضاً.
۳. قاعدة «
الواحد لا یصدر منه الّا الواحد» وکما هو معلوم فانّ هذه القاعدة فلسفیة وتتعلّق بالواحد البسیط والحقیقی، ولا ترتبط بالمسائل والامور الاعتباریة، ولکن مع هذا فانّ بعض علماء الاصول تمسّکوا بهذه القاعدة لاثبات بعض القواعد والمسائل الاصولیة التی تدخل فی دائرة الاعتباریات. مثلًا، هل یجب ان یکون لکلّ علم موضوع واحدام لا؟ ذهب البعض الی لزوم ذلک، واستدلّوا بانّ لکلّ عمل غرض واحد، والغرض الواحد یجب ان یصدر من موضوع واحد، وذلک بدلیل قاعدة «الواحد...» .
وطبقاً لهذه القاعدة فانّه لابدّ ان یکون هناک قدر جامع بین جمیع موضوعات ومسائل العلم الواحد، وهذا القدر المشترک یمثّل موضوع ذلک العلم، فان لم یکن هناک قدر جامع، فیلزم منه انّ «الواحد» یصدر من «الکثیر».
فی حین انّ هذه القاعدة، کما تقدّمت الاشارة الیها، ترتبط بالامور التکوینیة والحقیقیة ولا علاقة لها بالامور الاعتباریة. ومعلوم انّ جمع سلسلة من المسائل تحت عنوان «علم واحد» هو عمل اعتباری.
النتیجة: انّ القواعد الفلسفیة المذکورة وقواعد اخری فی الفلسفة امتزجت اخیراً بعلم الاصول، ولعلّه لهذا السبب یجب علی الفقیه والمجتهد، من اجل اجتناب الخلط بین البحوث الفلسفیة والبحوث الاصولیة وبالتالی اجراء احکام الامور التکوینیة فی مورد الامور الاعتباریة، ان یکون مطّلعاً علی مقدار من الفلسفة وقواعدها کیما یتمکّن من اجتناب الوقوع فی الخطا المحتمل والخلط بین بحوث العلمین.
وبعبارة اخری، انّ تعلّم الفلسفة لیس ضروریاً علی اساس کونه مقدّمة للاستنباط والاجتهاد، ولکن من اجل التفکیک بین البحوث واجتناب الخلط بین الامور التکوینیة والامور الاعتباریة التی وقع فیها الاصولیون فی الآونة الاخیرة.
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «الاجتهاد الشرعي وتوقفه على أنواع العلوم الادبية والعقلية والنقلية» ج۱، ص۲۸۲-۳۰۲.