التشريعات الإلهية والمدنية دائماً تكون تابعة للمصالح والمفاسد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
التشريعات الإلهية والمدنية دائماً تكون تابعة للمصالح والمفاسد: في جميع المجتمعات البشرية الجهات التي تتكفل بتشريع
القوانين المدنية تدعي بانّها تاخذ بنظر الاعتبار مراعاة مصلحة المجتمع والناس لا المصالح الشخصیة او الفئویة او الحزبیة، رغم انّ هذا الادّعاء ربّما لا یتمتّع بمصداقیة واقعیة دائماً، ولکن لا توجد ایّ دولة فی العالم تضع القوانین، دون ان تمرّ بالمراحل والخطوات.
ومن الطبیعیّ ان تبرز احیاناً مشاکل غیر متوقّعة، بسبب محدودیّة علم البشر ومعرفتهم، حیث یتمّ السعی لاصلاح هذا الخلل مباشرة باضافة بعض الملاحظات والمواد الی القانون السابق، واذا لم یرتفع الخلل بهذه الاضافات القانونیة، ولم یتحرّک القانون فی خطّ مصالح ذلک المجتمع، فانّه سیتمّ الغاؤه وابطاله.
والسؤال اذن: هل
القوانین الدینیة والاوامر والنواهی الالهیة تنطلق من ذات الموقع وتتحرّک بهذا الاتّجاه؟ ای هل تاخذ بنظر الاعتبار المصالح والمفاسد للانسان والمجتمع البشریّ، رغم انّ المعیار الذی تستند الیه التشریعات الدینیة فی تشخیص المصالح والمفاسد لافراد البشر یتّصل بطبیعة العلم الالهی اللامتناهی الذی لا یحتمل فیه الوقوع فی الخطا والاشتباه؟
وهل یحقّ لنا متابعة فلسفة الاحکام الشرعیة؟ وهل معرفتنا بالحکمة فی هذه الاحکام لها آثار ایجابیة فی تعبئة الافکار والارادات وجعلها تتحرّک فی خط امثتال هذه الاوامر والنواهی فی واقع الحیاة البشریةام لا؟
الجواب: نحن نعتقد بانّ الجواب عن جمیع هذه الاسئلة بالایجاب، فالاوامر والنواهی الالهیّة والقوانین الدینیة تابعة للمصالح والمفاسد من جهة، ومن جهة اخری فنحن نملک الحقّ فی البحث والتحقیق فی هذا المجال، وکذلک فانّ لهذه المعرفة والاطّلاع علی فلسفة الاحکام آثاراً ایجابیة کثیرة تتجلّی فی معقولیة الاحکام الدینیة وخلق الدافع النفسانی لدی الفرد فی التعامل معها من موقع الامتثال والطاعة. ولکنّ العجیب انّ جماعة من العلماء (الاشاعرة) ینکرون جمیع هذه المراحل الثلاث التی تقدّمت آنفاً، وسیاتی شرح ذلک مع الاجوبة الشافیة.
من المتداول فی جمیع المجتمعات البشریة المعاصرة انّ، تجلس مجموعة من الخبراء والعلماء لهذه المجتمعات فی مجالس معیّنة تسمّی «مجالس تشریعیة» وتعمل علی وضع القوانین والمقرّرات لادارة المجتمعات البشریة بما یحقّق لها الرقیّ والتقدّم فی مختلف المجالات، وکلّ هذه المجالس وبدون استثناء تاخذ بنظر الاعتبار المفاسد والمصالح فی کلّ عمل ومنهج یتقرّر وضعه حیّز التنفیذ فی واقع المجتمع، وبعد الاطمئنان من وجود مصالح فی ذلک القانون وعدم وجود مفاسد فیه، او انّ المصالح کانت اکثر من المفاسد فانّهم یقومون باقرار ووضع هذا القانون.
واحیاناً تستغرق عملیة التحقیق فی تفاصیل القانون ایّاماً وشهوراً عدیدة فی اللجان المختصّة للوصول الی النتیجة المطلوبة، ومن ثمَّ ارسال مادّة القانون الی المجالس التشریعیة.
وکلّ هذه المجالس تدّعی انّها تاخذ بنظر الاعتبار مراعاة مصلحة المجتمع والناس لا المصالح الشخصیة او الفئویة او الحزبیة، رغم انّ هذا الادّعاء ربّما لا یتمتّع بمصداقیة واقعیة دائماً، ولکن لا توجد ایّ دولة فی العالم تضع القوانین، دون ان تمرّ بمثل هذه المراحل والخطوات (رغم انّه من الممکن وجود اختلاف فی نوع المجالس وتعیین الافراد فی هذه المجالس، ومعطیات المراحل القانونیة فی البلدان المختلفة).
ومن الطبیعیّ ان تبرز احیاناً مشاکل غیر متوقّعة، بسبب محدودیّة علم البشر ومعرفتهم، حیث یتمّ السعی لاصلاح هذا الخلل مباشرة باضافة بعض الملاحظات والمواد الی القانون السابق، واذا لم یرتفع الخلل بهذه الاضافات القانونیة، ولم یتحرّک القانون فی خطّ مصالح ذلک المجتمع، فانّه سیتمّ الغاؤه وابطاله.
والسؤال اذن: هل القوانین الدینیة والاوامر والنواهی الالهیة تنطلق من ذات الموقع وتتحرّک بهذا الاتّجاه؟ ای هل تاخذ بنظر الاعتبار المصالح والمفاسد للانسان والمجتمع البشریّ، رغم انّ المعیار الذی تستند الیه التشریعات الدینیة فی تشخیص المصالح والمفاسد لافراد البشر یتّصل بطبیعة العلم الالهی اللامتناهی الذی لا یحتمل فیه الوقوع فی الخطا والاشتباه؟
وهل یحقّ لنا متابعة فلسفة الاحکام الشرعیة؟ وهل معرفتنا بالحکمة فی هذه الاحکام لها آثار ایجابیة فی تعبئة الافکار والارادات وجعلها تتحرّک فی خط امثتال هذه الاوامر والنواهی فی واقع الحیاة البشریةام لا؟
نحن نعتقد بانّ الجواب عن جمیع هذه الاسئلة بالایجاب، فالاوامر والنواهی الالهیّة والقوانین الدینیة تابعة للمصالح والمفاسد من جهة، ومن جهة اخری فنحن نملک الحقّ فی البحث والتحقیق فی هذا المجال، وکذلک فانّ لهذه المعرفة والاطّلاع علی فلسفة الاحکام آثاراً ایجابیة کثیرة تتجلّی فی معقولیة الاحکام الدینیة وخلق الدافع النفسانی لدی الفرد فی التعامل معها من موقع الامتثال والطاعة. ولکنّ العجیب انّ جماعة من العلماء (الاشاعرة) ینکرون جمیع هذه المراحل الثلاث التی تقدّمت آنفاً، وسیاتی شرح ذلک مع الاجوبة الشافیة.: وتوضیح ذلک:
انّ احد اهم البحوث والموضوعات المطروحة فی علم الکلام، وکذلک فی علم اصول الفقه، مسالة (فلسفة الاحکام) بمعنی هل الافعال الالهیّة فی عالم التکوین وکذلک الاحکام والمقرّرات والقوانین السماویة فی عالم التشریع، تنطلق من غایات واهداف معیّنةام لا؟
وهذا البحث لا یختصّ بعصرنا الحاضر، بل انّ الانسان منذ ان وضع قدمه فی هذا العالم، تحرّک فی هذا الخطّ بدافع البحث عن الحقیقة، وبدافع الرغبة فی الاطّلاع علی الغایة من الخلقة وتحصیل الجواب عن الاسئلة التالیة:
ا) من این جئتُ؟
ب) ولماذا جئتُ؟
ج) والی این اذهبُ؟ قال الامام علیّ علیه السلام: «رَحِم اللَّه امِرءاً علم من این وفی این والی این»
انّ الاشخاص الذین یعتقدون بعدم وجود عالم ما وراء الطبیعة، ویتصوّرون انّ عالم الخلقة لا غایة له ولا هدف، لا یملکون اجوبة مقنعة عن الاسئلة المذکورة، ولکنّ التیّار الفکریّ للالهیین یملک اجابات واضحة فیما یتعلّق بهذه الاسئلة وعلامات الاستفهام.
وهکذا الحال فیما یتّصل بالاحکام والتعالیم الالهیة، فکلّ انسان ربّما یتساءل فی نفسه: لماذا یجب ان نصلّی؟ او نحجّ الی بیت اللَّه الحرام؟ ولماذا حرّم الاسلام الربا، وما هی الحکمة فی حرمة لحم الخنزیر؟ ولماذا ورد تحریم استعمال آنیة الذهب والفضة؟ وعشرات الاسئلة من هذا القبیل.ومن اجل استجلاء تفاصیل «هذه المسالة»
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «التشريعات الإلهية والمدنية دائماً تكون تابعة للمصالح والمفاسد» ج۱، ص۳۶۳-۳۶۵.